الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر المحيط في تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)
.تفسير الآيات (45- 60): {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)}لما بيِّن تعالى جهل المعترضين على دلائل الصانع وفساد طريقتهم ذكر أنواعاً من الدلائل الواضحة التي تدل على قدرته التامة لعلهم يتدبرونها ويؤمنون بمن هذه قدرته وتصرفه في عالمه، فبدأ بحال الظل في زيادته ونقصانه وتغيره من حال إلى حال وأن ذلك جار على مشيئته. وتقدم الكلام على {ألم تر} في البقرة في قصة الذي حاجّ إبراهيم. والمعنى {ألم تر إلى} صنع {ربك} وقدرته. و{كيف} سؤال عن حال في موضع نصب بمد. والجملة في موضع متعلق {ألم تر} لأن {تر} معلقة والجملة الاستفهامية التي هي معلق عنها فعل القلب ليس باقي على حقيقة الاستفهام. فالمعنى ألم تر إلى مدّ ربك الظل.وقال الجمهور: {الظل} هنا من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس مثل ظل الجنة ظل ممدود لا شمس فيه ولا ظلمة. واعترض بأنه في غير النهار بل في بقايا الليل ولا يسمى ظلاً. وقيل: {الظل} الليل لا ظل الأرض وهو يغمر الدنيا كلها. وقيل: من غيبوبة الشمس إلى طلوعها وهذا هو القول الذي قبله ولكن أورده كذا. وقيل: ظلال الأشياء كلها كقوله {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله} وقال أبو عبيدة: {الظل} بالغداة والفيء بالعشي. وقال ابن السكيت: {الظل} ما نسخته الشمس والفيء ما نسخ الشمس. وقيل: ما لم تكن عليه الشمس ظل وما كانت عليه فزالت فيء.{ولو شاء لجعله ساكناً} قال ابن عباس وقتادة وابن زيد: كظل الجنة الذي لا شمس تذهبه. وقال مجاهد: لا تصيبه ولا تزول. وقال الحسن: {لو شاء} لتركه ظلاً كما هو. وقيل: لأدامه أبداً بمنع طلوع الشمس بعد غيبوبتها، فلما طلعت الشمس دلت على زوال الظل وبدا فيه النقصان فبطلوع الشمس يبدو النقصان في الظل، وبغروبها تبدو الزيادة في الظل فبالشمس استدل أهل الأرض على الظل وزيادته ونقصه، وكلما علت الشمس نقص الظل، وكلما دنت للغروب زاد وهو قوله {ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً} يعني في وقت علو الشمس بالنهار ينقص الظل نقصاناً يسيراً بعد يسير وكذلك زيادته بعد نصف النهار يزيد يسيراً بعد يسير حتى يعم الأرض. كلها فأما زوال الظل كله فإنما يكون في البلدان المتوسطة في وقت.وقال الزمخشري: ومعنى {مد الظل} أن جعله يمتد وينبسط فينتفع به الناس. {ولو شاء لجعله ساكناً} أي لاصقاً بأصل كل مظل من جبل وبناء وشجر وغير منبسط فلم ينتفع به أحد، سمي انبساط الظل وامتداده تحركاً منه وعدم ذلك سكوناً ومعنى كون الشمس دليلاً أن الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها في مسيرها على أحوال الظل من كونه ثابتاً في مكان وزائلاً ومتسعاً ومتقلصاً فيبنون حاجتهم إلى الظل واستغناءهم عنه على حسب ذلك.وقبضه إليه أن ينسخه بظل الشمس {يسيراً} أي على مهل وفي هذا القبض اليسير شيئاً بعد شيء من المنافع ما لا يعد ولا يحصى، ولو قبض دفعة لتعطلت أكثر مرافق الناس بالظل والشمس جميعاً فإن قلت: ثم في هذين الموضعين كيف موقعها؟ قلت: موقعها البيان تفاضل الأمور الثلاثة كأن الثاني أعظم من الأول، والثالث أعظم من الثاني تشبيهاً لتباعد ما بينهما في الفضل بتباعد ما بين الحوادث في الوقت. ووجه آخر وهو أنه بنى الظل حين بنى السماء كالقبة المضروبة ودحا الأرض تحتها فألقت القبة ظلها على الأرض لعدم النير.{ولو شاء الله لجعله ساكناً} مستقراً على تلك الحالة ثم خلق الشمس وجعله على ذلك الظل سلطها عليه وجعلها دليلاً متبوعاً لهم كما يتبع الدليل في الطريق فهو يزيد بها وينقص ويمتد ويقلص، ثم نسخه بها قبضه قبضاً سهلاً يسيراً غير عسير، ويحتمل أن يريد قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهي الأجرام التي تلقي الظل فيكون قد ذكر إعدامه بإعدام أسبابه، كما ذكر إنشاءه بإنشاء أسبابه وقوله {قبضناه إلينا} يدل عليه وكذلك قوله {يسيراً} كما قال {ذلك حشر علينا يسير} انتهى وقوله: سمى انبساط الظل وامتداده تحركاً منه لم يسم الله ذلك إنما قال كيف مد الظل وقوله: ويحتمل أن يريد قبضه عند قيامه الساعة فهذا يبعد احتماله لأنه إنما ذكر آثار صنعته وقدرته لتشاهد ثم قال {مد الظل} وعطف عليه ماضياً مثله فيبعد أن يكون التقدير ثم قبضه عند قيام الساعة مع ظهور كونه ماضياً مستداماً أمثاله.وقال ابن عطية: {ولو شاء لجعله ساكناً} أي ثابتاً غير متحرك ولا منسوخ، لكنه جعل الشمس ونسخها إياه بطردها له من موضع إلى موضع دليلاً عليه مبيناً لوجوده ولوجه العبرة فيه. وحكى الطبري: أنه لولا الشمس لم يعلم أن الظل شيء إذ الأشياء إنما تعرف بأضدادها. وقال ابن عباس: {يسيراً} معجلاً. وقال مجاهد لطيفاً أي شيئاً بعد شيء، ويحتمل أن يريد سهلاً قريب التناول. وقال أبو عبد الله الرازي: أكثر الناس في تأويل هذه الآية ويرفع الكلام فيها إلى وجهين.الأول: أن الظل لا ضوء خالص ولا ظلمة خالصة، وهو ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وكذلك الكيفيات الحاصلة داخل السقف وأبنية الجدارات، وهي أطيب الأحوال لأن الظلمة الخالصة يكرهها الطبع وينفر عنها الحس والضوء الخالص يحير الحس البصري ويحدث السخونة القوية وهي مؤذية، ولهذا قيل في الجنة {وظل ممدود} والناظر إلى الجسم الملون كأنه يشاهد بالظل شيئاً سوى الجسم وسوى اللون والظل ليس أمراً ثالثاً ولا معرفة به إلاّ إذا طلعت الشمس ووقع ضوءها على الجسم ثم مال عرف للظل وجود وماهية، ولولاها ما عرف لأن الأشياء تدرك بأضدادها، فظهر للعقل أن الظل كيفية زائدة على الجسم واللون ولذلك قال {ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً} أي جعلنا الظل أولاً بما فيه من المنافع واللذات، ثم هدينا العقول إلى معرفة وجوده بأن أطلعنا الشمس فكانت دليلاً على وجود الظل.{ثم قبضناه} أي أزلناه لا دفعة بل {يسيراً} يسيراً كلما ازداد ارتفاع الشمس ازداد نقصان الظل من جانب المغرب، ولما كانت الحركات المكانية لا توجد دفعة بل يسيراً يسيراً كان زوال الأظلال كذلك.والثاني: أنه لما خلق السماء والأرض وقع السماء على الأرض فجعل الشمس دليلاً لأنه بحسب حركات الأضواء تتحرك الأظلال فهما متعاقبان متلازمان لا واسطة بينهما، فبمقدار ما يزداد أحدهما ينقص الآخر، فكما أن المهتدي يقتدي بالهادي والدليل ويلازمه فكذلك الأظلال ملازمة للأضواء، ولذلك جعل الشمس دليلاً عليه انتهى. ملخصاً وهو مأخوذ من كلام الزمخشري، ومحسن بعض تحسين. والآية في غاية الظهور ولا تحتاج إلى هذا التكثير.وقال أيضاً: {الظل} ليس عدماً محضاً بل هو أضواء مخلوطة بظلام، فهو أمر وجودي وفي تحقيقه دقيق يرجع فيه إلى الكتب العقلية انتهى. والآية في غاية الوضوح ولا تحتاج إلى هذا التكثير وقد تركت أشياء من كلام المفسرين مما لا تمس إليه الحاجة. {جعل الليل لباساً} تشبيهاً بالثوب الذي يغطي البدن ويستره من حيث الليل يستر الأشياء. والسبات: ضرب من الإغماء يعتري اليقظان مرضاً فشبه النوم به، والسبت الإقامة في المكان فكان السبات سكوناً تاماً والنشور هنا الإحياء شبه اليقظة به ليتطابق الإحياء مع الإماتة اللذين يتضمنهما النوم والسبات انتهى. ومن كلام ابن عطية وقال غيره: السبات الراحة جعل {النوم سباتاً} أي سبب راحة.وقال الزمخشري: السبات الموت وهو كقوله {وهو الذي يتوفاكم بالليل} فإن قلت: هلا فسرته بالراحة؟ قلت: النشور في مقابلته يأباه انتهى. ولا يأباه إلاّ لو تعين تفسير النشور بالحياة. وقال أبو مسلم {نشوراً} هو بمعنى الانتشار والحركة. وقال ابن عطية: ويحتمل أن يريد بالنشور وقت انتشار وتفرق لطلب المعاش وابتغاء فضل الله. و{النهار نشوراً} وما قبله من باب ليل نائم ونهار صائم، وهذه الآية مع دلالتها على قدرة الخالق فيها إظهار لنعمته على خلقه، لأن الاحتجاب بستر الليل كم فيه لكثير من الناس فوائد دينية ودنيوية. وقال الشاعر:والنوم واليقظة وشبههما بالموت والحياة أي عبرة فيهما لمن اعتبر. وعن لقمان أنه قال لابنه: يا بني كما تنام فتوقظ فكذلك تموت فتنشر.وتقدم الخلاف في قراءة الريح بالإفراد والجمع في البقرة. قال ابن عطية: وقراءة الجمع أوجه لأن عرف الريح متى وردت في القرآن مفردة فإنما هي للعذاب، ومتى كانت للمطر والرحمة فإنما هي رياح لأن ريح المطر تتشعب وتتداءب وتتفرّق وتأتي لينة ومن هاهنا وههنا وشيئاً اثر شيء، وريح العذاب خرجت لاتتداءب وإنما تأتي جسداً واحداً.ألا ترى أنها تحطم ما تجد وتهدمه. قال الرماني: جمعت رياح الرحمة لأنها ثلاثة لواقح: الجنوب، والصبا، والشمال. وأفردت ريح العذاب لأنها واحدة لا تلقح وهي الدبور. قال أي ابن عطية: يرد هذا قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: إذا هبت الريح: «اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» انتهى. ولا يسوغ أن يقال: هذه القراءة أوجه لأنه كلاً من القراءتين متواتر والألف واللام في الريح للجنس فتعم، وما ذكر من أن قول الرماني يرده الحديث فلا يظهر لأنه يجوز أن يريد بقوله عليه السلام: «رياحاً» الثلاثة اللواقح وبقوله «ولا تجعلها ريحاً» الدبور. فيكون ما قاله الرماني مطابقاً للحديث على هذا المفهوم.وتقدم الخلاف في قراءة {نشراً} وفي مدلوله في الأعراف {بين يدي رحمته} استعارة حسنة أي قدام المطر لأنه يجيء معلماً به. والطهور فعول إما للمبالغة كنؤوم فهو معدول عن طاهر، وإما أن يكون اسماً لما يتطهر به كالسحور والفطور، وإما مصدر لتطهر جاء على غير المصدر حكاه سيبويه. والظاهر في قوله {ماء طهوراً} أن يكون للمبالغة في طهارته وجهة المبالغة كونه لم يشبه شيء بخلاف ما نبع من الأرض ونحوه فإنه تشوبه أجزاء أرضية من مقره أو ممره أو مما يطرح فيه، ويجوز أن يوصف بالاسم وبالمصدر. وقال ثعلب: هو ما كان طاهراً في نفسه مطهراً لغيره، فإن كان ما قاله شرحاً لمبالغته في الطهارة كان سديداً ويعضده {وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به} وإلاّ ففعول لا يكون بمعنى مفعل، ومن استعمال طهور للمبالغة قوله تعالى {وسقاهم ربهم شراباً طهوراً} وقال الشاعر: وقرأ عيسى وأبو جعفر {ميِّتاً} بالتشديد ووصف بلده بصفة المذكر لأن البلدة تكون في معنى البلد في قوله {فسقناه إلى بلد ميت} ورجح الجمهور التخفيف لأنه يماثل فعلاً من المصادر، فكما وصف المذكر والمؤنث بالمصدر فكذلك بما أشبهه بخلاف المشدد فإنه يماثل فاعلاً من حيث قبوله للثاء إلاّ فيما خص المؤنث نحو طامث. وقرأ عبد الله وأبو حيوة وابن أبي عبلة والأعمش وعاصم وأبو عمرو في رواية عنهما {ونَسقيه} بفتح النون ورويت عن عمر بن الخطاب. وقرأ يحيى بن الحارث الذماري {وأناسي} بتخفيف الياء. ورويت عن الكسائي {وأناسي} جمع إنسان في مذهب سيبويه. وجمع أنسي في مذهب الفراء والمبرد والزجاج، والقياس أناسيه كما قالوا في مهلبي مهالبة. وحكي أناسين في جمع إنسان كسرحان وسراحين، ووصف الماء بالطهارة وعلل إنزاله بالإحياء والسقي لأنه لما كان الأناسي من جملة ما أنزل له الماء وصف بالطهور وإكراماً له وتتميماً للنعمة عليه، والتعليل يقتضي أن الطهارة شرط في صحة ذلك كما تقول: حملني الأمير على فرس جواد لأصيد عليه الوحش.وقدم إحياء الأرض وسقي الأنعام على سقي الأناسي لأن حياتهم بحياة أرضهم وحياة أنعامهم، فقدم ما هو السبب في ذلك ولأنهم إذا وجدوا ما يسقي أرضهم ومواشيهم وجدوا سقياهم. ونكر الأنعام والأناسي ووصفا بالكثرة لأن كثيراً منهم لا يعيشهم إلا ما أنزل الله من المطر، وكذلك {لنحيي به بلدة ميتاً} يريد بعض بلاد هؤلاء المتباعدين عن مظانّ الماء بخلاف سكان المدن فإنهم قريبون من الأودية والأنهار والعيون فهم غنيون غالباً عن سقي ماء المطر، وخص الأنعام من بين ما خلق من الحيوان الشارب لأن الطيور والوحش تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب بخلاف الأنعام فإنها قنية الأناسي ومنافعهم متعلقة بها فكان الإنعام عليهم بسقي أنعامهم كالإنعام بسقيهم.والضمير في {صرفناه} عائد على الماء المنزل من السماء، أي جعلنا إنزال الماء تذكرة بأن يصرفه عن بعض المواضع إلى بعض وهو في كل عام بمقدار واحد قاله الجمهور منهم ابن مسعود وابن عباس ومجاهد، فعلى هذا التأويل {إلا كفوراً} هو قولهم بالأنواء والكواكب قاله عكرمة. وقيل {كفوراً} على الإطلاق لما تركوا التذكر. وقال ابن عباس أيضاً: عائد على القرآن وإن لم يتقدم له ذكر لوضوح الأمر ويعضده {وجاهدهم به} لتوافق الضمائر، وعلى أنه للمطر يكون به للقرآن. وقال أبو مسلم: راجع إلى المطر والرياح والسحاب وسائر ما ذكر فيه من الأدلة. وقال الزمخشري: صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وفي سائر الكتب والصحف التي أنزلت على الرسل، وهو ذكر إنشاء السحاب وإنزال المطر ليتفكروا ويعتبروا ويعرفوا حق النعمة فيه ويشكروا، فأبى أكثرهم إلا كفران النعمة وجحودها وقلة الأكتراث بها. وقيل: صرّفنا المطر بينهم في البلدان المختلفة والأوقات المتغايرة وعلى الصفات المتفاوتة من وابل وطل وجود ورذاذ وديمة ورهام فأبوا إلا الكفور. وأن يقولوا مطرنا بنوء كذا ولا يذكروا رحمته وصنعته. وعن ابن عباس: ما من عام أقل مطراً من عام، ولكن الله قسم ذلك بين عباده على ما يشاء وتلا هذه الآية. ويروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره في كل عام لأنه لا يختلف، ولكن يختلف في البلاد وينتزع من هاهنا جواب في تنكير البلدة والأنعام والأناسي كأنه قال: ليحيي به بعض البلاد الميتة، ونسقيه بعض الأنعام والأناسي وذلك البعض كثير انتهى. وقرأ عكرمة {صرَفناه} بتخفيف الراء.{ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً} لما علم تعالى ما كابده الرسول من أذى قومه أعلمه أنه تعالى لو أراد لبعث في كل قرية نذيراً فيخفف عنك الأمر ولكنه أعظم أجرك وأجلك إذ جعل إنذارك عاماً للناس كلهم، وخصك بذلك ليكثر ثوابك لأنه على كثرة المجاهدة يكون الثواب، وليجمع لك حسنات من آمن بك إذ أنت مؤسسها.{فلا تطع الكافرين} يعني كفار قريش فإنهم كانوا استمعوا إليه ورغبوا أن يرجع إلى دين آبائهم ويملكونه عليهم ويجمعون له مالاً عظيماً فنهاه تعالى عن طاعتهم حتى يظهر لهم أنه لا رغبة له في شيء من ذلك، لكن رغبته في الدعاء إلى الله والإيمان به. {وجاهدهم به} أي القرآن أو بالإسلام أو بالسيف أو بترك طاعتهم و{جهاداً} مصدر وصف بكبيراً لأنه يلزمه عليه السلام مجاهدة جميع العالم فهو جهاد كبير.و{مرج} خلط بينهما أو أفاض أحدهما في الآخر أو أجراهما أقوال، والظاهر أنه يراد بالبحرين الماء الكثير العذب والماء الكثير الملح. وقيل: بحران معينان. فقيل: بحر فارس، وبحر الروم. وقيل: بحر السماء وبحر الأرض يلتقيان في كل عام قاله ابن عباس. وقال مجاهد: مياه الأنهار الواقعة في البحر الأجاج وهذا قريب من القول الأول. قال ابن عطية: والمقصد بالآية التنبيه على قدرة الله وإتقان خلقه للأشياء في أن بث في الأرض مياهاً عذبة كثيرة من الأنهار والعيون والآبار وجعلها خلال الأجاج، وجعل الأجاج خلالها فترى البحر قد اكتنفته المياه العذبة في ضفتيه ويلقى الماء البحر في الجزائر ونحوها قد اكتنفه الماء الأجاج، والبرزخ والحجر ما حجز بينهما من الأرض والسد قاله الحسن. ويتمشى هذا على قول من قال أن {مرج} بمعنى أجرى. وقيل: البرزخ البلاد والقفار فلا يختلفان إلاّ بزوال الحاجز يوم القيامة. قال الأكثرون: الحاجز مانع من قدرة الله. قال الزجاج: فهما مختلطان في مرائي العين منفصلان بقدرة الله، وسواد البصرة ينحدر الماء العذب منه في دجلة نحو البحر، ويأتي المد من البحر فيلتقيان من غير اختلاط فماء البحر إلى الخضرة الشديدة، وماء دجلة إلى الحمرة، فالمستقي يغرف من ماء دجلة عندنا لا يخالطه شيء ونيل مصر في فيضه يشق البحر المالح شقاً بحيث يبقى نهراً جارياً أحمر في وسط المالح ليستقي الناس منه، وترى المياه قطعاً في وسط البحر المالح فيقولون: هذا ماء ثلج فيسقون منه من وسط البحر.وقرأ طلحة وقتيبة عن الكسائي {ملح} بفتح الميم وكسر اللام وكذا في فاطر. قال أبو حاتم وهذا منكر في القراءة. وقال أبو الفتح أراد مالحاً وحذف الألف كما حذفت من برد أي بارد. وقال أبو الفضل الرازي في كتاب اللوامح: هي لغة شاذة قليلة. وقيل: أراد مالح فقصره بحذف الألف فالمالح جائز في صفة الماء لأن الماء يوجد في الضفيان بأن يكون مملوحاً من جهة غيره، ومالحاً لغيره وإن كان من صفته أن يقال: ماء ملح موصوف بالمصدر أي ماء ذو ملح، فالوصف بذلك مثل حلف ونضو من الصفات.قال الزمخشري: فإن قلت: {حجراً محجوراً} ما معناه؟ قلت: هي الكلمة التي يقولها المتعوذ وقد فسرناها وهي هاهنا واقعة على سبيل المجاز، كان كل واحد من البحرين متعوذ من صاحبه ويقول له {حجراً محجوراً} كما قال {لا يبغيان} أي لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة، فانتفاء البغي ثم كالتعوذ هاهنا جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه فهو يتعوذ منه وهي من أحسن الاستعارات وأشهدها على البلاغة انتهى.والظاهر أن {حجراً محجوراً} معطوف على {برزخاً} عطف المفعول على المفعول وكذا أعربه الحوفي، وعلى ما ذكره الزمخشري يكون ذلك على إضمار القول المجازي أي، ويقولان أي كل واحد منهما لصاحبه {حجراً محجوراً}.والظاهر عموم البشر وهم بنو آدم والبشر ينطلق على الواحد والجمع. وقيل: المراد بالنسب آدم وبالصهر حواء. وقيل: النسب البنون والصهر البنات و{من الماء} إما النطفة، وإما أنه أصل خلقة كل حي، والنسب والصهر يعمان كل قربى بين آدميين، فالنسب أن يجتمع مع آخر في أب وأم قرب ذلك أو بعد، والصهر هو نواشج المناكحة. وقال عليّ بن أبي طالب النسب ما لا يحل نكاحه والصهر قرابة الرضاع. وعن طاوس: الرضاعة من الصهر. وعن عليّ: الصهر ما يحل نكاحه والنسب ما لا يحل نكاحه. وقال الضحاك: الصهر قرابة الرضاع. وقال ابن سيرين: نزلت في النبيّ صلى الله عليه وسلم وعليّ لأنه جمعه معه نسب وصهر. قال ابن عطية: فاجتماعهما وكادة حرمة إلى يوم القيامة. {وكان ربك قديراً} حيث خلق من النطفة الواحدة بشراً نوعين ذكراً وأنثى.ولما ذكر دلائل قدرته وما امتن به على عباده من غرائب مصنوعاته ثبت بذلك أنه المستحق للعبادة لنفعه وضره بين فساد عقول المشركين حيث يعبدون الأصنام. والظاهر أن {الكافر} اسم جنس فيعم. وقيل: هو أبو جهل والآية نزلت فيه. وقال عكرمة {الكافر} هنا إبليس والظهير والمظاهر كالمعين والمعاون قاله مجاهد والحسن وابن زيد، وفعيل بمعنى مفاعل كثير والمعنى أن {الكافر} يعاون الشيطان على ربه بالعداوة والشريك. وقيل: معناه وكان الذي يفعل هذا الفعل وهو عبادة ما لا ينفع ولا يضر على ربه هيناً مهيناً من قولهم: ظهرت به إذا خلفته خلف ظهرك لا يلتفت إليه، وهذا نحو قوله {أولئك لا خلاق لهم} الآية قاله الطبري. وقيل: {على ربه} أي معيناً على أولياء الله. وقيل: معيناً للمشركين على أن لا يوحد الله.{وما أرسلناك إلاّ مبشراً ونذيراً} سلّي نبيه بذلك أي لا تهتم بهم ولا تذهب نفسك عليهم حسرات، وإنما أنت رسول تبشر المؤمنين بالجنة وتنذر الكفرة بالنار، ولست بمطلوب بإيمانهم أجمعين. ثم أمره تعالى أن يحتج عليهم مزيلاً لوجوه التهم بقوله {قل لا أسألكم عليه من أجر} أي لا أطلب مالاً ولا نفعاً يختص بي.والضمير في {عليه} عائد على التبشير والإنذار، أو على القرآن، أو على إبلاغ الرسالة أقوال. والظاهر في {إلاّ من شاء} أنه استثناء منقطع وقاله الجمهور. فعلى هذا قيل بعباده {لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً} فليفعل. وقيل: لكن من أنفق في سبيل الله ومجاهدة أعدائه فهو مسؤولي. وقيل: هو متصل على حذف مضاف تقديره: إلاّ أجر من اتخذ إلى ربه سبيلاً أي إلاّ أجر من آمن أي الأجر الحاصل لي على دعائه إلى الإيمان وقبوله، لأنه تعالى يأجرني على ذلك. وقيل: إلاّ أجر من آمن من يعني بالأجرة الإنفاق في سبيل الله أي لا أسألكم أجراً إلاّ الإنفاق في سبيل الله، فجعل الإنفاق أجراً.ولما أخبر أنه فطم نفسه عن سؤالهم شيئاً أمره تعالى تفويض أمره إليه وثقته به واعتماده عليه فهو المتكفل بنصره وإظهار دينه. ووصف تعالى نفسه بالصفة التي تقتضي التوكل في قوله {الحي الذي لا يموت} لأن هذا المعنى يختص به تعالى دون كل حي كما قال {كل شيء هالك إلاّ وجهه} وقرأ بعض السلف هذه الآية فقال: لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق، ثم أمره بتنزيهه وتمجيده مقروناً بالثناء عليه لأن التنزيه محله اعتقاد القلب والمدح محله اللسان الموافق للأعتقاد. وفي الحديث: «من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر. وهي الكلمتان الخفيفتان على اللسان الثقيلتان في الميزان». {وكفى به بذنوب عباده خبيراً} أراد أنه ليس إليه من أمور عباده شيء آمنوا أم كفروا، وأنه خبير بأحوالهم كاف في جزاء أعمالهم. وفي هذه الجملة تسلية للرسول ووعيد للكافر. وفي بعض الأخبار كفى بك ظَفراً أن يكون عدوك عاصياً وهي كلمة يراد بها المبالغة تقول: كفى بالعلم جمالاً. وكفى بالأدب مالاً، أي حسبك لا تحتاج معه إلى غيره لأنه خبير بأحوالهم قادر على مكافأتهم.ولما أمره بالتوكل والتسبيح وذكر صفة الحياة الدائمة ذكر ما دل على القدرة التامة وهو إيجاد هذا العالم. وتقدم الكلام في نظير هذا الكلام واحتمل {الذي} أن يكون صفة للحي الذي لا يموت. ويتعين على قراءة زيد بن عليّ {الرحمن} بالجر وأما على قراءة الجمهور {الرحمن} بالرفع فإنه يحتمل أن يكون {الذي} صفة للحي و{الرحمن} خبر مبتدأ محذوف. ويحتمل أن يكون {الذي} مبتدأ و{الرحمن} خبره. وأن يكون {الذي} خبر مبتدأ محذوف، و{الرحمن} صفة له. أو يكون {الذي} منصوباً على إضمار أعني ويجوز على مذهب الأخفش أن يكون {الرحمن} مبتدأ. و{فاسأل} خبره تخريجه على حد قول الشاعر: وجوزوا أيضاً في {الرحمن} أن يكون بدلاً من الضمير المستكن في {استوى}.والظاهر تعلق به بقوله {فاسال} وبقاء الباء غير مضمنة معنى عن. و{خبيراً} من صفات الله كما تقول: لقيت بزيد أسداً ولقيت بزيد البحر، تريد أنه هو الأسد شجاعة، والبحر كرماً. والمعنى أنه تعالى اللطيف العالم الخبير والمعنى {فاسأل} الله الخبير بالأشياء العالم بحقائقها. وقال ابن عطية: و{خبيراً} على هذا منصوب إما بوقوع السؤال، وإما على الحال المؤكدة. كما قال {وهو الحق مصدقاً} وليست هذه الحال منتقلة إذا الصفة العلية لا تتغير انتهى. وبني هذا الإعراب على أنه كما تقول: لو لقيت فلاناً للقيت به البحر كرماً أي لقيت منه. والمعنى {فاسأل الله} عن كل أمر وكونه منصوباً على الحال المؤكدة على هذا التقدير لا يصح إنما يصح أن يكون مفعولاً به، ويجوز أن تكون الباء بمعنى عن، أي {فاسأل} عنه {خبيراً} كما قال الشاعر: وهو قول الأخفش والزجاج. ويكون {خبيراً} ليس من صفات الله هنا، كأنه قيل: اسأل عن الرحمن الخبراء جبريل والعلماء وأهل الكتب المنزلة، وإن جعلت {به} متعلقاً بخبيراً كان المعنى {فاسأل} عن الله الخبراء به. وقال الكلبي معناه {فاسأل} خبيراً به و{به} يعود إلى ما ذكر من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش، وذلك الخبير هو الله تعالى لأنه لا دليل في العقل على كيفية خلق ذلك فلا يعلمها إلاّ الله. وعن ابن عباس: الخبير جبريل وقدم لرؤوس الآي.وقال الزمخشري: الباء في {به} صلة سل كقوله {سأل سائل بعذاب} كما يكون عن صلته في نحو {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} أو صلة {خبيراً} به فتجعل {خبيراً} مفعولاً أي، فسل عنه رجلاً عارفاً يخبرك برحمته، أو فسل رجلاً خبيراً به وبرحمته، أو فسل بسؤاله خبيراً. كقولك، رأيت به أسداً أي رأيت برؤيته، والمعنى إن سألته وجدته خبيراً بجعله حالاً عن به تريد فسل عنه عالماً بكل شيء.وقيل: {الرحمن} اسم من أسماء الله مذكور في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه. فقيل: فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب حتى يعرف من ينكره ومن ثم كانوا يقولون: ما نعرف الرحمن إلاّ الذي في اليمامة يعنون مسيلمة، وكان يقال له رحمن اليمامة انتهى.{وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن} وكانت قريش لا تعرف هذا في أسماء الله غالطت قريش بذلك فقالت: إن محمداً يأمرنا بعبادة رحمن اليمامة نزلت {وإذا قيل لهم} و{ما} سؤال عن المجهول، فيجوز أن يكون سؤالاً عن المسمى به لأنهم ما كانوا يعرفونه بهذا الاسم، ويجوز أن يكون سؤالاً عن معناه لأنه لم يكن مستعملاً في كلامهم كما يستعمل الرحيم والرحوم والراحم، أو لأنهم أنكروا إطلاقه على الله قاله الزمخشري. والذي يظهر أنهم لما قيل لهم {اسجدوا للرحمن} فذكرت الصفة المقتضية للمبالغة في الرحمة والكلمة عربية لا ينكر وضعها، أظهروا التجاهل بهذه الصفة التي لله مغالطة منهم ووقاحة فقالوا: {وما الرحمن} وهم عارفون به وبصفته الرحمانية، وهذا كما قال فروعون{وما رب العالمين} حين قال له موسى: {إني رسول من رب العالمين} على سبيل المناكرة وهو عالم برب العالمين. كما قال موسى {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلاّ رب السموات والأرض بصائر} فكذلك كفار قريش استفهموا عن {الرحمن} استفهام من يجهله وهم عالمون به، فعلى قول من قال: لم يكونوا يعرفون {الرحمن} إلاّ مسيلمة وعلى قول من قال: من لا يعرفون الرحمن إلاّ مسيلمة. فالمعنى أنسجد لمسيلمة وعلى قول من قال: لا يعرفون {الرحمن} بالكلية فالمعنى {أنسجد لما تأمرنا} من غير علم ببيانه. والقائل {اسجدوا} الرسول أو الله على لسان رسوله.وقرأ ابن مسعود والأسود بن يزيد وحمزة والكسائي يأمر بالياء من تحت أي يأمرنا محمد، والكناية عنه أو المسمى {الرحمن} ولا نعرفه. وقرأ باقي السبعة بالتاء خطاباً للرسول. ومفعول {تأمرنا} الثاني محذوف لدلالة الكلام عليه تقديره يأمرنا سجوده نحو قولهم: أمرتك الخير.{وزادهم} أي هذا القول وهو الأمر بالسجود للرحمن {زادهم} ضلالاً يختص به مع ضلالهم السابق، وكان حقه أن يكون باعثاً على فعلي السجود والقبول. وقال الضحاك: سجد أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وعثمان بن مظعون وعمرو ابن غلسة، فرآهم المشركون فأخذوا في ناحية المسجد يستهزئون، فهذا المراد بقوله {وزادهم نفوراً} ومعنى {نفوراً} فراراً.
|