الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: التنبيه والإشراف **
تزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ميمونة على ما وصفنا وتزوج حمزة بن عبد المطلب سلمى فولدت له أمة الله وقيل أمامة وتزوج العباس بن عبد المطلب لبابة الكبرى وتكنى أم الفضل فولدت له الفضل لا عقب له وعبد الله أبا الخلفاء من بني العباس وعبيد الله ومعبداً لهما عقب وقثم وعبد الرحمن لا عقب لهما وأم حبيب. ولم يكن أخوة لأم وأب أشرف منهم ولا أبعد قبوراً مات الفضل بالشأم في طاعون عمواس وعبد الرحمن ومعبد بإفريقية وقثم بسمرقند وعبد الله بالطائف وعبيد الله بالمدينة. وتزوج جعفر بن أبي طالب أسماء فولدت له عبد الله وعوناً ومحمداً ثم تزوجها أبو بكر فولدت له محمداً ثم تزوجها علي بن أبي طالب فولدت له يحيى وعوناً لا عقب لهما وتزوج الوليد بن المغيرة المخزومي لبابة الصغرى فولدت له خالد بن الوليد وباقي البنات عند أزواج شتى ليس لهم من السابقة في الدين والشرف في النسب ما لهؤلاء.
في ذي الحجة إلى بني السلم فأصيب أصحابه ونجا مكلوماً ثم سربة عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي في ذي الحجة إلى الغابة فقتل رفاعة ابن زيد ثم سرية محيصة بن مسعود إلى ناحية فدك. إلى إضم في ذي الحجة أيضاً وكان فيهم أبو قتادة ومحلم بن جثامة فقتل محلم عامر بن الأضبط الأشجعي لشيء كان بينهما في الجاهلية وقيل بل قتله بعد أن حيان بتحية الإسلام فقيل إن فيه نزل "
ذكر السنة الثامنة من الهجرة سنة الفتح ثم سرية غالب بن عبد الله الليثي في صفر إلى بني الملوح بكديد بين عسفان وقديد. ثم سرية أيضاً في صفر إلى مصاب أصحاب يسير بفدك وفي هذا الشهر قدم عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص ابن كعب بن لؤي بن غالب وخالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي مهاجرين. ثم سرية شجاع بن وهب الأسدي في شهر ربيع الأول إلى بني عامر بالسي من ناحية ركبة مما تلي تربة وركبة وراء معدن بني سليم من المدينة على خمس ليال. ثم سرية كعب بن عمير الغفاري في هذا الشهر إلى ذات أطلاح وهي وراء وادي القرى بني تبوك واذرعات من بلاد دمشق من أرض الشأم فقتل أصحابه جميعاً وتحامل إلى المدينة جريحاً. ثم سرية زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة الأنصاري من بني الحارث بن الخزرج في جمادى الأولى لغزو الروم إلى مؤتة من ناحية البلقاء من أعمال دمشق من الشأم لقتل شرحبيل بن عمرو الغساني الحارث بن عمير الأزدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى صاحب بصرى ولم يقتل للنبي صلّى الله عليه وسلّم غيره وكانوا في نحو من ثلاثة آلاف فلقيهم جموع الروم في مائة ألف أنفذهم هرقل للقائهم وهو يومئذ مقيم بأنطاكية وعلى الروم تيادوقس البطريق وعلى متنصرة العرب من غسان وقضاعة وغيرهم شرحبيل بن عمرو الغساني فقتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب بعد أن عرقب فرسه وهو أول فرس عرقبت في الإسلام وجرح نيفاً وتسعين جراحة كلها في مقادمه وعبد الله ابن رواحة ورجع خالد بن الوليد بالناس. ثم سرية عمرو بن العاص في جمادى الآخرة إلى ذات السلاسل وراء وادي القرى بينها وبين المدينة عشرة أيام فلقيه جموع الروم ومتنصرة العرب فاستمد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأمده بسرية فيها أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم وكان لعمرو في هذه السرية أفعال أنكرت عليه منها صلاته بالناس جنباً ومنعه إيقاد النار مع حاجتهم إليها لشدة القر وكثرة الجراح وغير ذلك وبلغ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ما فعل فأجازه لما ذكر فيه من المصلحة للجيش. ثم سرية أبي عبيدة بن الجراح في رجب إلى أرض جهينة بناحية البحر بينها وبين المدينة خمس ليال. ثم سرية أبي قتادة النعمان بن ربعي الأنصاري ثم الخزرجي في شعبان إلى خضرة أرض محارب بنجد. ثم سرية أبي قتادة أيضاً في هذا الشهر إلى بطن إضم بين ذي خشب وذي المروة بينها وبين المدينة ثلاث برد ثم غزوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة وهي غزوة الفتح سار إليها لثلاث ليال خلون من شهر رمضان في عشرة آلاف من المسلمين فدخلها وكان استخلف على المدينة أبا رهم الغفاري. قال المسعودي: وتنوزع في دخوله أصلحاً كان أم عنوة فقال أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي من الأوازع من حمير في آخرين من أهل الشأم وأهل العراق وغيرهم من أهل فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة عنوة فخلى بين المهاجرين وأرضهم ودورهم بمكة ولم يجعلها فيئاً واحتجوا بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم " ألا إن الله حبس الفيل عن مكة وسلط عليهم رسوله والمؤمنين ألا إنها لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي " وبقوله " أترون أوباش قريش أنى لقيتموهم فاحصدوهم حصداً " وأمره بقتل ابن خطل وعبد الله بن سعد بن أبي سرح ومقيس بن حبابة وغيرهم وغير ذلك من الحجاج فقال أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي وموافقته: لم يدخلها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عنوة وإنما دخلها صلحاً وقد تقدم لهم أمان بقوله من دخل داره فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ودليل قول الله عز وجل: " وقد روي أن هذه الآية نزلت في غزوة الحديبية كذلك حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري عن بشر بن معاذ عن يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة وذهب أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي من ذي أصبح بن مالك من حمير وغيره من أهل المدينة إلى مثل ذلك فإنهم لما أمنوا على أنفسهم كانت أموالهم تبعاً لهم وقال آخرون منهم أبو عبيد القاسم بن سلام افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة ومن على أهلها فردها عليهم ولم يقسمها ولا جعل فيئاً وغير ذلك من الحجاج وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقتل عدة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤي وكان أخا عثمان بن عفان لأمه وأحد من كتب الوحي فارتد مشركاً ولحق بمكة فلما أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقتله أخفاه عثمان ثم أتى به النبي صلّى الله عليه وسلّم سائلاً فيه فصمت النبي صلّى الله عليه وسلّم طويلاً ثم قال " نعم " فلما انصرف به عثمان قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمن حضره من أصحابه " أما والله لقد صمت ليقوم أليه بعضكم فيضرب عنقه " فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت يا رسول الله فقال " إن النبي لا يقتل بالإشارة " ومنهم عبد الله بن خطل من تيم بن غالب بن فهر بن مالك وقيل إن اسمه هلال بن خطلن وابن خطل هو عبد الله وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمره مصدقاً وكان معه رجل من الأنصار وغلام له فقتل الغلام لخلاف كان منه عليه وارتد مشركاً وكانت له قينتان تغنيان بهجاء النبي صلّى الله عليه وسلّم فأمر بقتلهما معه ومقيس بن حبابة من بني كلب بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر وكان قتل رجلاً من الأنصار قتل أخاً له خطأ وكان رجع إلى مكة مرتداً وعكرمة ابن أبي جهل المخزومي والحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد بن قصي وكان ممن يؤذيه بمكة فقتله علي بن أبي طالب عليه السلام وسارة مولاة كانت لبني عبد المطلب وكانت ممن يؤذيه بمكة أيضاً وبث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم السرايا حول مكة وكان أولها سرية خالد بن الوليد في شهر رمضان إلى نخلة اليمانية لهدم العزى فهدمها.
في شهر رمضان إلى سواع برها فهدمه. ثم سرية سعد بن زيد الأشهلي من الأوس في هذا الشهر إلى مناة بالمشلل فهدمه. ثم سرية خالد بن سعيد بن العاص إلى عرنة. ثم سرية هشام بن العاص إلى يلملم. ثم سرية الطفيل بن عمرو الدوسي في شوال إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة الدوسي فهدمه. ثم سرية خالد بن الوليد إلى بني خزيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة وكانوا أسف مكة على ليلة منها نحو يلملم بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم داعياً ولم يأمره بالقتال فقتلهم بالغميصاء فوادهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ثم غزوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هوازن وهي غزوة حنين قال المسعودي: وحنين واد إلى جانب ذي المجاز بينه وبين مكة ثلاث ليال وكان خروجه صلّى الله عليه وسلّم في اثني عشر ألفاً من أهل مكة والخيل مائتا فرس وقيل أكثر من ذلك وطلب صلّى الله عليه وسلّم من صفوان بن أمية عارية أدراعاً كانت عنده وصفوان يومئذ مشرك قد استأجل النبي صلّى الله عليه وسلّم بإسلامه شهرين فقال أغصباً يا محمد فقال " بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك " فأعطاه مائة درع مما يصلحها من السلاح على ما في هذا الخبر من اختلاف الألفاظ واضطراب الأسانيد وتنازع الناس في العارية مضمنة هي كما قال الشافعي وغيره اشترط ذلك المعير أم لم يشترط وهو وقول يعزى إلى ابن عباس وأبي هريرة وغيرهما أم غير مضمنة كما قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت وصاحباه وسفيان الثوري وأهل الطاهر ويعزى ذلك إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وعبد الله بن مسعود أم تكون مضمنة إذا اشترط ضمانها كما قال قتادة وغيره أو كما قال مالك ما كان من ذلك ظاهراً مثل الرقيق وغيره من الحيوان أو الربع فلم يبعد ذلك لم يكن ضامناً وما كان من العروض والحلي وغيره ذلك فهو ضامن إلا أن يصيبه أمر من أمر الله تعالى يعذر به أو يقوم له بينة فلا يضمن وغير ذلك من الأقاويل مع اتفاق الجميع على أن المستعير لا يملك العارية واتفاقهم على أن له الشيء المستعار فيما أذن له مالكه أن يستعمله فيه واتفاقهم على أن المستعير إذا أتلف الشيء المستعار أن عليه ضمانه فلقي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هوازن بأوطاس عليهم مالك بن عوف النصري نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة ابن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار ودريد بن الصمة الجشمي جشم بن بكر ابن هوازن وكان أحد فرسان العرب وشجعانهم وهو يومئذ شيخ كبير ضرير قيل قد جاوز المائتي سنة ليس فيه إلا التيمن برأيه وكان من حضر ذلك اليوم من هوازن نصر وجشم أبناء معاوية بن بكر بن هوازن وسعد بن بكر بن هوازن ونفر من بني هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ولم يحضرها أحد من بني نمير ولد عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر ابن هوازن ولا من كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ولا من ولد كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وهم عقيل والحريش وقشير وجعدة وعبد الله وحبيب بنو كعب فهزمهم الله وغنم رسوله أموالهم وذراريهم وقتل دريد بن الصمة يومئذ في نوح من مائة وخمسين رجلاً من هوازن وهرب مالك بن عوف.
ثم غزوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في رجب تبوك مما يلي دمشق من أرض الشأم وبين تبوك والمدينة تسعون فرسخاً وذلك مسيرة اثنتي عشرة ليلة وكان معه في هذه الغزاة ثلاثون ألفاً الخيل عشرة آلاف والإبل اثنا عشر ألف بعي ويسمي جيش العسرة لأنهم أمروا بالخروج لما طابت الثمار واشتد الحر وطاب لهم الظلال شق عليهم الخروج لبعد المسافة وعسرة من الماء وعسرة من النفقة والظهر وحث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأغنياء على النفقة والحملان فصار إلى تبوك فأقام بها بضع عشرة ليلة وقيل عشرين يصلي ركعتين ركعتين وعاد إلى المدينة وكان استخلف عليها علي بن أبي طالب وقد ذهب قوم إلى أنه استخلف عليها أبا رهم الغفاري وعلى أهله علي بن أبي طالب وقيل بل استخلف عليها بن أم مكتوم وقيل محمد بن مسلمة وقيل سباع ابن عرفطة وتخلف عبد الله بن أبي معسكراً في الموضع المعروف بالجرف في قطعة من الجيش وفي هذه الغزاة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب لما خلفه بالمدينة ولم يخلفه قبلها وقد رأى كراهية علي لذلك " أفلا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " والأشهر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استخلف علياً على المدينة ليكون مع من ذكرنا من المتخلفين وقد ذكرنا السبب الذي له ومن أجله خلفه وسبب تخلف عبد الله ابن أبي فيما ذكرنا في كتاب الاستذكار لما جرى في سالف الأعصار الذي كتابنا هذا تال له وفيها كانت قصة الثلاثة الذين خلفوا فأنزل الله عز و جل " وتوفيت أم كلثوم ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شعبان وفي ذي القعدة من هذه السنة كانت وفاة عبد الله بن أبي مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن الحبلي وهو سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج بن حارثة وأم أبيه سلول امرأة من خزاعة بها تعرف وكان أحد المنافقين وقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة مهاجراً والتاج ينظم له ليملك وسن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في هذه السنة فرائض الصدقات وأوجب في الغلات مما سقي سيحاً أو سقته السماء العشر وما سقي بالنواضح نصف العشر على ما في ذلك من التنازع بين فقهاء الأمصار في الوسق والحصر وغير ذلك. ثم وجه عليه الصلاة والسلام أبا بكر الصديق رضي الله عنه في ذي الحجة ليحج بالناس ونزلت عليه سورة براءة فبعث بسبع آيات من صدرها مع علي بن أبي طالب وأمره أن يقوم بها على الناس بمنى إذا اجتمعوا وقال " أذن في الناس أنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهد فهو له إلى مدته وأجل الناس أربعة أشهر من يوم تنادى ليرجع كل قوم إلى مأمنهم ثم لا عهد لمشرك ولا ذمة " وحمل علياً على ناقة العضباء على ما في هذا الخبر من التنازع والتأول بين فرق أهل الصلاة وأصحاب النص من الشيعة وأصحاب الاختيار من المعتزلة والخوارج والمرجئة وفقهاء الأمصار وغيرهم من الحشوية والنابتة فحج المسلمون وحج المشركون على منازلهم من الشرك وقام علي بمنى على ما أمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم تمض سنة حتى دخلت العرب في الإسلام وكانوا أكثر من مائة ألف وتعايروا بالشرك بينهم والمقام عليه.
|