الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: وقال البزار أيضًا: حدثنا محمد بن المثنى حدثني عمرو بن عاصم: حدثنا همام، عن قتادة، عن مورق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرها الشيطان، وأقرب ما تكون بروحه ربها وهي في قعر بيتها» رواه الترمذي عن بندار، عن عمرو بن عاصم به نحوه. اهـ. منه.وقد ذكر هذا الحديث صاحب مجمع الزوائد. وقال رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثقون، وهذا الحديث يعتضد بجميع ما ذكرنا من الأدلة، وما جاء فيه من كون المرأة عورة: يدل على الحجاب للزوم ستر كل ما يصدق عليه اسم العورة.ومما يؤيد ذلك: ما ذكر الهيثمي أيضًا في مجمع الزوائد عن ابن مسعود: قال إنما النساء عورة، وأن المرأة لتخرج من بيتها وما بها من بأس، فيستشرفها الشيطان، فيقول: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال: أين تريدين؟ فتقول: أعود مريضًا أو أشهد جنازة أو أصلي في مسجد، وما عبدت امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها. ثم قال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات. اه منه. ومثله له حكم الرفع إذ لا مجال للرأي فيه.ومن الأدلة على ذلك الأحاديث التي قدمناها، الدالة على أن صلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المساجد. كما أوضحناه في سورة النور في الكلام على قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال} [النور: 36] الآية. والأحاديث بمثل ذلك كثيرة جدًا. وفيما ذكرنا كفاية لمن يريد الحق.فقد ذكرنا الآيات القرآنية الدالة على ذلك، والأحاديث الصحيحة الدالة على الحجاب، وبينا أن من أصرحها في ذلك آية النور مع تفسير الصحابة لها، وهي قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] فقد أوضحنا غير بعيد تفسير الصحابة لها، والنبي صلى الله عليه وسلم موجود بينهم ينزل عليه الوحي، بأن المراد بها يدخل فيه ستر الوجه وتغطيته عن الرجال، وأن ستر المرأة وجهها عمل بالقرآن كما قالته عائشة رضي الله عنها.وإذا علمت أن هذا القدر من الأدلة على عموم الحجاب يكفي المنصف، فسنذكر لك أجوبة أهل العلم، عما استدل به الذين قالوا بجواز إبداء المرأة وجهها ويديها، بحضرة الأجانب.فمن الأحاديث التي استدلوا بها على ذلك حديث خالد بن دريك عن عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وعليها ثياب رقاق فأعرف عنها، وقال: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت الحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه» وهذا الحديث يجاب عنه بأنه ضعيف من جهتين.الأولى: هي كونه مرسلًا، لأن خالد بن دريك لم يسمع من عائشة، كما قاله أبو داود، وأبو حاتم الرازي كما قدمناه في سورة النور.الجهة الثانية: أن في إسناده سعيد بن بشير الأزدي مولاهم، قال فيه في التقريب: ضعيف، مع أنه مردود بما ذكرنا من الأدلة على عموم الحجاب، ومع أنه لو قدر ثبوته قد يحمل على أنه كان قبل الأمر بالحجاب.ومن الأحاديث التي استدلوا بها على ذلك حديث جابر الثابت في الصحيح قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان، ولا إقامة، ثم قام مُتَوَكّئًا على بلال فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس، وذكَّرهم ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذَكَّرَهُنَّ فقال: «تصدقن فإن أكثركن حَطبُ جهنم» فقامت امرأة من سِطَةِ النساء سفْعاءُ الخَدَّيْن فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: «لأنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ، وتكْفُرْنَ العَشيرَ. قال فجعلنَ يتصدَّقْنَ من حُليهنَّ يُلْقين في ثوب بلال من أٌقْرِطهِنَّ وخواتمِهنَّ». اهـ.هذا لفظ مسلم في صحيحه. قالوا: وقول جابر في هذا الحديث: سفعاء الخدين يدل على أنها كانت كاشفة عن وجهها، إذ لو كانت محتجبة لما رأى خديها، ولما علم بأنها سفعاء الخدين. وأجيب عن حديث جابر هذا: بأنه ليس فيه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عن وجهها، وأقرها على ذلك، بل غاية ما يفيده الحديث أ، جابرًا رأى وجهها، وذلك لا يستلزم كشفها عنه قصدًا، وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد، فيراه بعض الناس في تلك الحال كما قال نابغة ذبيان:
فعلى المحتج بحديث جابر المذكور، أن يثبت أنه صلى الله عليه وسلم رآها سافرة، وأقرها على ذلك، ولا سبيل له إلى إثبات ذلك. وقد روى القصة المذكورة غير جابر، فلم يذكر كشف المرأة المذكورة عن وجهها، وقد ذكر مسلم في صحيحه ممن رواها غير جابر أبا سعيد الخدري، وابن عباس، وابن عمر، وذكره غيره عن غيرهم. ولم يقل أحد ممن روى القصة غير جابر أنه رأى خدي تلك المرأة السفعاء الخدين، وبذلك تعلم أنه لا دليل على السفور في حديث جابر المذكور. وقد قال النووي في شرح حديث جابر هذا عند مسلم وقوله: فقامت امرأة من سطة النساء. هكذا هو في النسخ سطة بكر السين، وفتح الطاء المخففة. وفي بعض النسخ: واسطة النساء. قال القاضي معناه: من خيارهن، والوسط العدل والخيار قال: وزعم حذاق شيوخنا أن هذا الحرف مغير في كتاب مسلم، وأن صوابه من سفلة النساء، وكذا رواه ابن أبي شيبة في مسنده، والنسائي في سننه، وفي رواية لابن أبي شيبة: امرأة ليست من علية النساء، وهذا ضد التفسير الأول ويعضده قوله بعده: سفعاء الخدين هذا كلام القاضي، وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول، بل هي صحيحه، وليس المراد بها من خيار النساء كما فسره به هو، بل المراد: امرأة من وسط النساء جالسة في وسطهن.قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: يقال: وسطت القوم أسطهم وسطا وسطة أي توسطتهم. اه منه. وهذا التفسير. الأخير هو الصحيح، فليس في حديث جابر ثناء البتة على سفعاء الخدين المذكورة، ويحتمل أن جابرًا ذكر سفعة خديها ليشير إلى أنها ليست ممن شأنها الافتتان بها، لأن سفعة الخدين قبح في النساء. قال النووي: سفعاء الخدين: أي فيها تغير وسواد. وقال الجوهري في صحاحه: والسفعة في الوجه: سواد في خدي المرأة الشاحبة، ويقال للحمامة سفعاء لما في عنقها من السفعة، قال حميد بن ثور: قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: السفعة في الخدين من المعاني المشهورة في كلام العرب: أنها سواد وتغير في الوجه، من مرض أو مصيبة أو سفر شديد. ومن ذلك قول متمم بن نويرة التميمي يبكي أخاه مالكًا: ومعلوم أن من السفعة ما هو طبيعي كما في الصقور، فقد يكون في خدي الصقر سواد طبيعي، ومنه قول زهير بن أبي سلمى: والمقصود: أن السفعة في الخدين إشارة إلى قبح الوجهن وبعض أهل العلم يقول: إن قبيحة الوجة التي لا يرغب فيها الرجال لقبحها، لها حكم القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا.ومن الأحاديث التي استدلوا بها على ذلك، حديث ابن عباس الذي قدمناه قال: أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس رضي الله عنهما، يوم النحر خلفه على عجز راحلته، وكان الفضل رجلًا وضيئًا فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم، والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها، وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم، والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها، فقال: يا رسول الله: إن فريضة الله في الحج على عباده، أدركت أبي شيخًا كبيرًا. الحديث، قالوا: فالإخبار عن الخثعمية بأنها وضيئة يفهم منه أنها كانت كاشفة عن وجهها.وأجيب عن ذلك أيضًا من وجهين:الأول: الجواب بأنه ليس في شيء من روايات الحديث، التصريح بأنها كانت كاشفة عن وجهها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عنه، وأقرها على ذلك بل غاية ما في الحديث أنها كانت وضيئة، وفي بعض روايات الحديث: أنها حسناء ومعرفة كونها وضيئة أو حسناء لا يستلزم أنها كانت كاشفة عن وجهها، وأنه صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك، بل قد ينكشف عنها خمارها من غير قصد، فيراها بعض الرجال من غير قصد كشفها عن وجهها كما أوضحناه في رؤية جابر سفعاء الخدين. ويحتمل أن يكون يعرف حسنها قبل ذلك الوقت لجواز أن يكون قد رآها قبل ذلك وعرفها. ومما يوضح هذا أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي روى عنه هذا الحديث لم يكن حاضرًا وقت نظر أخيه إلى المرأة، ونظرها إليه لما قدمنا من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدمه بالليل من مزدلفة إلى منى في ضعفه أهله، ومعلوم أنه إنما روى الحديث المذكور من طريق أخيه الفضل، وهو لم يقل له: إنها كانت كاشفة عن وجهها، واطلاع الفضل على أنها وضيئة حسناء لا يستلزم السفور قصدًا لاحتمال أن يكون رأى وجهها، وعرف حسنه من أجل انكشاف خمارها من غير قصد منها، واحتمال أنه رآها قبل ذلك وعرف حسنها.فإن قيل: قوله إنها وضيئة، وترتيبه على ذلك بالفاء، قوله: فطفق الفضل ينظر إليها. وقوله: وأعجبه حسنها، فيه الدلالة الظاهرة على أنه كان يرى وجهها، وينظر إليه لإعجابه بحسنه.فالجواب: أن تلك القرائن لاتستلزم استلزامًا لا ينفك أنها كانت كاشفة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رآها كذلك، وأقرها لما ذكرنا من أنواع الاحتمال، مع أن جمال المرأة قد يعرف، وينظر إليها لجمالها وهي مختمرة وذلك لحسن قدها وقوامها، وقد تعرف وضاءتها وحسنها من رؤية بنانها فقط كما هو معلوم، ولذلك فسر ابن مسعود {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] بالملاءة فوق الثياب كما تقدم. ومما يوضح أن الحسن يعرف من تحت الثياب قول الشاعر: فقد بالغ في حسن قوامها، مع أن العادة كونه مستورًا بالثياب لا منكشفًا.الوجه الثاني: أن المرأة محرمة وإحرام المرأة في وجهها وكفيها، فعليها كشف وجهها إن لم يكن هناك رجال أجانب ينظرون إليها، وعليها سترة من الرجال في الإحرام، كما هو معروف عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ن وغيرهن ولم يقل أحد أن هذه المرأة الخثعمية نظر إليها أحد غير الفضل بن عباس رضي الله عنهما، والفضل منعه النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وبذلك يعلم أنها محرمة لم ينظر إليها أحد فكشفها عن وجهها إذا لإحرامها لا لجواز السفور.فإن قيل: كونها مع الحجاج مظنة أن ينظر الرجال وجهها إن كانت سافرة لأن الغالب أن المرأة السافرة وسط الحجيج، لا تخلو ممن ينظر إلى وجهها من الرجال.فالجواب: أن الغالب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الورع وعدم النظر إلى النساء، فلا مانع عقلًا ولا شرعًا، ولا عادة من كونها لم ينظر إليها أحد منهم، ولو نظر إليها لحكى كما حكى نظر الفضل إليها، ويفهم من صرف النبي صلى الله عليه وسلم بصر الفضل عنها، أنه لا سبيل إلى ترك الأجانب ينظرون إلى الشابة، وهي سافرة كما ترى، وقد دلت الأدلة المتقدمة على أنها يلزمها حجب جميع بدنها عنهم.وبالجملة، فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانبن مع أن الوجه هو أصل الجمال، والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم مثير للغريزة البشرية وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي. ألم تسمع بعضهم يقول: أترضى أيها الإنسان أن تسمح له بهذه النظرة إلى نسائك وبناتك وأخواتك ولقد صدق من قال: مسألة تتعلق بهذه الآية الكريمة- أعني آية الحجاب هذه:اعلم أنه لا يجوز للرجل الأجنبي أن يصافح امرأة أجنبية منه، ولا يجوز له أن يمس شيء من بدنه شيئًا من بدنها.والدليل على ذلك أمور:الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال: «إني لا أصافح النساء» الحديث. والله يقول: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] فيلزمنا ألا نصافح النساء اقتداء به صلى الله عليه وسلم، والحديث المذكور قد قدمناه موضحًا في سورة الحج في الكلام على النهي: عن لبس المعصفر. مطلقًا في الإحرام، وغيره للرجال. وفي سورة الأحزاب في آية الحجاب هذه.وكونه صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء وقت البيعة دليل واضح على أن الرجل لا يصافح المرأة، ولا يلمس شيء من بدنه شيئًا من بدنها، لأن أخف أنواع اللمس المصافحة، فإذا امتنع منها صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة، دل ذلك على أنها لا تجوز، وليس لأحد مخالفته صلى الله عليه وسلم، لأنه هو المشرع لأمته بأقواله وأفعاله وتقريره.الأمر الثاني: هو ما قدمنا من أن المرأة كلها عورة يجب عليها أن تحتجب، وإنما أمر بغض البصر خوف الوقوع في الفتنة، ولا شك أن مس البدن للبدن، أقوى في إثارة الغريزة، وأقوى داعيًا إلى الفتنة من النظر بالعين، وكل منصف يعلم صحة ذلك.الأمر الثالث: أن ذلك ذريعة إلى التلذذ بالأجنبية، لقلة تقوى الله في هذا الزمان وضياع الأمانة، وعدم التورع عن الريبة، وقد أخبرنا مرارًا أن بعض الأزواج من العوام، يقبل أخت امرأته بوضع الفم على الفم ويسمون ذلك التقبيل الحرام بالإجماع سلامًا، فيقولون سلم عليها يعنون قبلها، فالحق الذي لا شك فيه التباعد عن جميع الفتن والريب، وأسبابها ومن أكبرها لمس الرجل شيئًا من بدن الأجنبية، والذريعة إلى الحرام يجب سدها كما أوضحناه في غير هذا الموضع، وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود:سد الذرائع إلى المحرم حتم كفتحها إلى المنحتم. اهـ. .قال الشعراوي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ}.الحق- سبحانه وتعالى- وزَّع الأمر بين رسول الله وبين أمته، فكما قال للرسول في أول السورة {يا أيها النبي اتق الله} [الأحزاب: 1] أمر أمته بذكْره وطاعته، وكما تكلَّم عن أمر يتعلَّق برسول الله تكلَّم كذلك عن أمر يتعلق بأمته في قوله: {يا أيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49].بعد ذلك لرسول الله: {يا أيها النبي إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45] ليُبيِّن عموم نَفْعه لأمته، فجازاه عن الأمة بأن يُصلُّوا عليه، وأنْ يتأدبوا حين دخولهم بيته صلى الله عليه وسلم، فقال هنا: {يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] لأن التكليف لابد أن يكون لمن آمن بالله. وقلنا: إن الحق سبحانه رب وإله، ومعنى رب أنه سبحانه خلق وربَّي وأنعم وتفضَّل، والخَلْق والتربية والإنعام والتفضُّل ليس خاصًا بالمؤمنين، بل لكل مَن استدعاه الله لوجود من مؤمنين وكافرين.
|