|
الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا} أي: ذكرانًا وإناثًا، لطفًا منه ورحمة: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ} أي: من أحد، وإنما سمي معمرًا لما يئول إليه؛ أي: وما يمدّ في عمر أحد: {وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} وهو علمه تعالى الذي سبق، ببلوغ أصله إليه: {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي: الحفظ والزيادة أو النقص سهل؛ لشمول علمه وعموم قدرته.لطيفة:الضمير في: عمره، للمعمر قبله. باعتبار الأصل المحوّل عنه؛ لأن الأصل: وما يعمر من أحد كما ذكرنا، أو هو على التسامح المعروف فيه، ثقة في تأويله بأفهام السامعين، كقولهم: له علي درهم ونصفه؛ أي: نصف درهم آخر. أو للمنقوص من عمره لا للمعمر، كما في الوجه السابق، وهو وإن لم يصرح به في حكم المذكور، كما قيل: وبضدها تتبين الأشياء. فيعود الضمير على ما علم من السياق. وقد أطال بعضهم الكلام في ذلك، ومحصله، كما ذكره الشهاب، أنه اختلف في معنى: {مُّعَمَّرٍ} فقيل: المزاد عمره؛ بدليل ما يقابله من قوله: {يُنقَصُ} الخ. وقيل: من يجعل له عمر. وهل هو واحد أو شخصان؟ فعلى الثاني هو شخص واحد. قالوا مثلًا: يكتب عمره مائة ثم يكتب تحته مضى يوم، مضى يومان، وهكذا. فكتابة الأصل هي التعمير، والكتابة بعد ذلك هو النقص. كما قيل:
والضمير في: عمره، حينئذ راجع إلى المذكور، والمعمر هو الذي جعل الله له عمرًا طال أو قصر، وعلى القول الأول هو شخصان. والمعمر الذي يزيد في عمره. والضمير حينئذ راجع إلى معمر آخر؛ إذ لا يكون المزيد من عمره منقوصًا من عمره. وهذا قول الفرّاء، وبعض النحويين، وهو استخدام، أو شبيه به. انتهى.ثم أشار تعالى لآيات أخرى من آيات قدرته ووحدانيته، بقوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ} أي: شديد العذوبة: {سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} أي: قوي الملوحة: {وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} يعني السمك: {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} أي: زينة تتحلّون بها. كما قال تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} أي: تمخر الماء وتشقه بجريها: {لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} أي: بالتنقل فيها: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى} يعني مدة دوره، أو منتهاه، أو يوم القيامة: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ} أي: فأنّى يستأهلون العبادة. والقطمير: لفافة النواة، وهو مثلٌ في القلة والحقارة.{إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ} لأنهم جماد: {وَلَوْ سَمِعُوا} أي: على الفرض: {مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} أي: لعدم قدرتهم على النفع: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} أي: يقرون ببطلانه، وأن لا أمرَ لهم فيه: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} أي: لا يخبرك بالأمر مخبر، مثل خبير عظيم أخبرك به، وهو الحق سبحانه؛ فإنه الخبير بكنه الأمور دون سائر المخبرين. والمراد تحقيق ما أخبر به من حال آلهتهم، ونفي ما يدعون لهم من الإلهية. اهـ.
|