فصل: (الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا):

مساءً 9 :38
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
29
الإثنين
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي إذَا صَالَحَ شَارِبَ الْخَمْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالًا وَيَعْفُوَ عَنْهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَيَرُدُّ الْمَالَ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا حَتَّى وَجَبَ اللِّعَانُ ثُمَّ صَالَحَهَا عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ لَا تُطَالِبَهُ بِاللِّعَانِ كَانَ بَاطِلًا وَعَفْوُهَا بَعْدَ الرَّفْعِ بَاطِلٌ وَقِيلَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةِ رَجُلٍ فَعَلِمَ الزَّوْجُ وَأَرَادَ حَدَّهُمَا فَصَالَحَاهُ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ عَلَى أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمَا كَانَ بَاطِلًا لَا يَجِبُ الْمَالُ، وَعَفْوُهُ بَاطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمَزْنِيُّ بِهَا هِيَ الَّتِي صَالَحَتْهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَخَذَتْهَا مِنْهُ أَوْ دَفَعَتْهَا إلَيْهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ بِمَالِهِ الَّذِي دَفَعَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ بَلْ يُفَوِّضُ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِينَ وَسَبِيلُ الْقَاضِي أَنْ لَا يُبَادِرَ فِي الْقَضَاءِ بَلْ يَرُدُّ الْخُصُومَ إلَى الصُّلْحِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إذَا كَانَ يَرْجُو الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمْ بِأَنْ كَانُوا يَمِيلُونَ إلَى الصُّلْحِ وَلَا يَطْلُبُونَ الْقَضَاءَ لَا مَحَالَةَ فَأَمَّا إذَا طَلَبُوا الْقَضَاءَ لَا مَحَالَةَ لَهُ وَأَبَوْا الصُّلْحُ إنْ كَانَ وَجْهُ الْقَضَاءِ مُلْتَبِسًا غَيْرَ مُسْتَبِينٍ لِلْقَاضِي أَنْ يَرُدَّهُمْ إلَى الصُّلْحِ وَأَمَّا إذَا كَانَ وَجْهُ الْقَضَاءِ مُسْتَبِّينَا فَإِنْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ يَقْضِي بَيْنَهُمْ وَلَا يَرُدُّهُمْ إلَى الصُّلْحِ حِينَ أَبَوْا وَإِنْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ أَهْلِ قَبِيلَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ الْمَحَارِمِ يَرُدُّهُمْ إلَى الصُّلْحِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَإِنْ أَبَوْا الصُّلْحَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّعْوَى فِي الْغَنَمِ عَلَى نِصْفِ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّ لِلْمَطْلُوبِ الْأَوْلَادَ كُلَّهَا سَنَةً لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ الْأَوْلَادَ كُلَّهَا لِلطَّالِبِ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى صُوفِهَا عَلَى أَنْ يُجَزَّ مِنْ سَاعَتِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا يَجُوزُ إذَا صَالَحَ عَلَى صُوفِهَا وَإِنْ صَالَحَ عَلَى صُوفِ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الصُّلْحِ الْفَاسِدِ.
وَلَوْ صَالَحَ عَلَى اللَّبَنِ الَّذِي فِي ضَرْعِهِ أَوْ عَلَى الْوَلَدِ الَّذِي فِي بَطْنِهِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ ادَّعَى دَعْوَى فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَخَاتِيمَ دَقِيقٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ عَلَى أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ حَيَّةٍ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الصُّلْحِ الْفَاسِدِ.
لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى إنْسَانٍ مَالًا أَوْ حَقًّا فِي شَيْءٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى مَالٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالُ وَذَلِكَ الْحَقُّ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقُّ اسْتِرْدَادِ ذَلِكَ الْمَالِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
إذَا قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ مَا صَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ بَدَلَ الصُّلْحِ إنِّي كُنْت مُبْطِلًا فِي الدَّعْوَى كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ مَالًا وَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ بَانَ الْحَقُّ عَلَى إنْسَانٍ آخَرَ يَرُدُّ الْبَدَلَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ لَهُ خَمْسِينَ دِينَارًا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَعَلَيْهِ خَمْسُونَ دِينَارًا قَرْضًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِمَالِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الشَّرِكَةِ وَيَصِحُّ فِي حِصَّةِ الْقَرْضِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالَ الشَّرِكَةِ ثُمَّ اصْطَلَحَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ فِي حِصَّةِ الْقَرْضِ وَالشَّرِكَةِ جَمِيعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الْمَطْلُوبُ إذَا قَضَى وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ ثُمَّ صَالَحَهُ بِمَالٍ جَازَ الصُّلْحُ فِي الظَّاهِرِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَحِلُّ لِلطَّالِبِ أَخْذُ مَالِ الصُّلْحِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّ فُلَانًا تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَقَبَضَهَا وَقَالَ فُلَانٌ وَهَبْتُهَا لَك وَأَنَّا أُرِيدُ الرُّجُوعَ فِيهَا فَاصْطَلَحَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الدَّارَ بِصَدَقَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا يَسْتَطِيعُ الرُّجُوعَ فِيهَا بَعْدَ الصُّلْحِ وَكَذَلِكَ وَإِذَا جَحَدَ رَبُّ الدَّارِ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَأَرَادَ أَخْذَ دَارِهِ فَصَالَحَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ عَلَى ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ بِمَا ادَّعَى مِنْ الصَّدَقَةِ جَازَ وَإِذَا اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الدَّارُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ فِي يَدَيْ رَجُلٍ عَبْدٌ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَقَبَضَهُ وَجَحَدَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ ذَلِكَ وَافْتَدَى مِنْهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ عَبْدًا بِثَوْبٍ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ بَرِئَ مِنْ دَعْوَاهُ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
صَالَحَ عَنْ الْعَشَرَةِ بِالْخَمْسَةِ ثُمَّ نَقَضَا الصُّلْحَ لَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَدْفَعْ وَضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ وَطَلَب الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فَصَالَحَ الضَّامِنُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ قَالَ هُوَ جَائِزٌ وَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ الَّذِي قَبَضَ وَالْعَبْدُ لِلضَّامِنِ، قَالَ أَلَا يَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدَهُ هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الَّذِي الْعَبْدُ فِي يَدَيْهِ فَصَالَحَهُ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى إنْ رَدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ فَالْعَبْدُ لَهُ وَالثَّمَنُ لِلَّذِي قَبَضَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ صَالَحَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدٍ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَقَبَضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي الصُّلْحِ.
لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفٌ فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَيْهِ نِصْفَهَا مِنْ جِهَةِ الصُّلْحِ بِلَا تَلَفُّظٍ بِالصُّلْحِ ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِرْدَادَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ عَرْضًا لَا يَمْلِكُ الِاسْتِرْدَادَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَالٍ.
الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا صَالَحَ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يُبَرِّئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَهَلْ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِيهِ رِوَايَتَانِ تَسْقُطُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ):

(وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ بَابًا):

.(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا):

أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْعَمَلِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً وَلَوْ شَرَطَ كُلَّهُ لِلْمُضَارِبِ كَانَ قَرْضًا هَكَذَا فِي الْكَافِي.
فَلَوْ قَبَضَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ أَوْ هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ مَا قَبَضَهُ الْمُضَارِبُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ كَانَ الرِّبْحُ لِلْمُضَارِبِ وَالْوَضِيعَةُ وَالْهَالِكُ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَأَمَّا) (رُكْنُهَا) فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَذَلِكَ بِأَلْفَاظٍ تَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ لَفْظِ الْمُضَارَبَةِ وَالْمُقَارَضَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَمَا يُؤَدِّي مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْمَالِ خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ أَوْ أَطْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ بَيْنَنَا عَلَى كَذَا مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمَعْلُومَةِ وَكَذَا إذَا قَالَ مُقَارَضَةً أَوْ مُعَامَلَةً وَيَقُولُ الْمُضَارِبُ أَخَذْت أَوْ رَضِيت أَوْ قَبِلْت أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ يَتِمُّ الرُّكْنُ بَيْنَهُمَا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ فَاعْمَلْ بِالنِّصْفِ أَوْ بِالثُّلُثِ أَوْ بِالْعُشْرِ أَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ وَابْتَعْ بِهِ مَتَاعًا فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَلَكَ النِّصْفُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا أَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ عَلَى النِّصْفِ أَوْ بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا جَازَتْ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ اعْمَلْ بِهِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَهُوَ بَيْنَنَا جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ خُذْ الْأَلْفَ تَشْتَرِي بِهِ هَرَوِيًّا بِالنِّصْفِ أَوْ قَالَ تَشْتَرِي بِهِ رَقِيقًا فَهَذَا فَاسِدٌ وَمَا اشْتَرَى بِهِ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا اشْتَرَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَى إلَّا بِأَمْرِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْمَالِكِ فَإِنْ تَلِفَ مَا بَاعَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَتِهِ حِينَ بَاعَ وَالثَّمَنُ الَّذِي بَاعَ بِهِ لِلْمُضَارِبِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَإِذَا أَجَازَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَ الْمُضَارِبِ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ نَفَذَ بَيْعُهُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ قَائِمٌ أَمْ هَالِكٌ، وَالثَّمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ طَيِّبٌ لَا يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ كَانَ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنْ عَلِمَ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ فَإِذَا بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ كَانَ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا لِلْقِيمَةِ يَوْمَ بَاعَهُ وَالثَّمَنُ لَهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ فِيهِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ مُضَارَبَةً وَاشْتَرِ بِهِ هَرَوِيًّا بِالنِّصْفِ أَوْ قَالَ رَقِيقًا بِالنِّصْفِ هَلْ يَجُوزُ مُضَارَبَةً أَمْ لَا؟ لَا رِوَايَةَ لَهَا فِي الْكُتُبِ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيّ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَجُوزَ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَأَمَّا شَرَائِطُهَا الصَّحِيحَةُ فَكَثِيرَةٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
(مِنْهَا) أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ فُلُوسًا رَائِجَةً حَتَّى إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ لَمْ تَجُزْ الْمُضَارَبَةُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فُلُوسًا رَائِجَةً لَا تَجُوزُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَجُوزُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْكُبْرَى.
وَلَا تَجُوزُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْرُوبَةً فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْكُبْرَى فِي الْمُضَارَبَةِ بِالتِّبْرِ رِوَايَتَانِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَرُوجُ التَّبَرُّعُ رَوَاجَ الْأَثْمَانِ تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمَبْسُوطِ وَالْبَدَائِعِ.
وَتَجُوزُ بِالدَّرَاهِمِ النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَلَا تَجُوزُ بِالسَّتُّوقَةِ فَإِنْ كَانَتْ السَّتُّوقَةُ تَرُوجُ فَهِيَ كَالْفُلُوسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَرَضًا أَوْ عَبْدًا فَقَالَ بِعْهُ وَاقْبِضْ ثَمَنَهُ وَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً فَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَتَصَرَّفَ فِيهَا جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَمِلَ بِهَا فَهِيَ مُضَارَبَةٌ جَائِزَةٌ فِي الْمِائَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ بَاعَهُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ خُذْ عَبْدِي مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ رَأْسَ مَالِي قِيمَتُهُ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا نَسِيئَةً ثُمَّ بِعْهُ وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ مُضَارَبَةً فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ بِنَقْدٍ ثُمَّ عَمِلَ مُضَارَبَةً جَازَ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَا يَقَعَانِ فِي الْمُنَازَعَةِ فِي الثَّانِي وَالْعِلْمُ بِهِ إمَّا بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِالْإِشَارَةِ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ دَرَاهِمَ مُضَارَبَةً لَا يَدْرِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَا وَزْنُهَا فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَسْمِيَةُ رَأْسِ الْمَالِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَقَدْ وُجِدَتْ الْإِشَارَةُ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَقْتَ الْعَقْدِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا قَوْلَ الْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا لَا دَيْنًا فَالْمُضَارَبَةُ بِالدُّيُونِ لَا تَجُوزُ حَتَّى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَمَرَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا مُضَارَبَةً لَا تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فَلَوْ اشْتَرَى الْمَدْيُونُ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَاعَ وَرَبِحَ أَوْ خَسِرَ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ وَالْخُسْرَانُ عَلَيْهِ وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا مَا بَاعَ وَاشْتَرَى يَكُونُ جَائِزًا عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ فَالرِّبْحُ لَهُ وَالْخُسْرَانُ عَلَيْهِ وَكَانَ الْمَدْيُونُ بَرِيئًا عَنْ الدَّيْنِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى ثَالِثٍ فَقَالَ لَهُ اقْبِضْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ فَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً جَازَ كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَقَالَ الْآخَرُ اقْبِضْ دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ وَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً فَقَبَضَ بَعْضَهُ وَعَمِلَ فِيهِ جَازَ وَلَوْ قَالَ اقْبِضْ دَيْنِي مِنْ فُلَانٍ فَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً أَوْ ثُمَّ اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً فَقَبَضَ بَعْضَهُ وَعَمِلَ فِيهِ لَا تَجُوزُ وَكَذَا إذَا قَالَ اقْبِضْ دَيْنِي لِتَعْمَلَ بِهِ مُضَارَبَةً أَوْ تَعْمَلَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَبْضِعِ اعْمَلْ بِمَا فِي يَدِك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ لَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ ادْفَعْ الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَيْك إلَى فُلَانٍ لِيَشْتَرِيَ فُلَانٌ كَذَا وَيَبِيعَ عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ فَدَفَعَ صَحَّ ذَلِكَ مُضَارَبَةً كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُسَلَّمًا إلَى الْمُضَارِبِ لَا يَدَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ فَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَعْمَلَ رَبُّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ عَاقِدًا أَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ إذَا دَفَعَا مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَا عَمَلَ الصَّغِيرِ كَذَا فِي الْكَافِي.
ثُمَّ أَجَّرَ مِثْلَ الْمُضَارِبِ فِي عَمَلِهِ عَلَى الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ يُؤَدِّيَانِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الِابْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ مَالًا مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ شَرِيكِهِ مَعَ الْمُضَارِبِ لَا تَصِحُّ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْعَاقِدُ مَالِكًا وَشَرَطَ عَمَلَهُ مَعَ الْمُضَارِبِ فَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً بِنَفْسِهِ كَالْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ إذَا دَفَعَ مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ نَفْسِهِ مَعَ الْمُضَارِبِ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ وَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً فَشَرَطَ عَمَلَ نَفْسِهِ مَعَ الْمُضَارِبِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَالْمَأْذُونِ يَدْفَعُ مَالًا مُضَارَبَةً وَيَشْتَرِطُ عَمَلَهُ مَعَ الْمُضَارِبِ وَإِنْ شَرَطَ الْمَأْذُونُ عَمَلَ مَوْلَاهُ مَعَ الْمُضَارِبِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيَدْفَعَ مَالَهُ مُضَارَبَةً فَدَفَعَ الْوَكِيلُ وَشَرَطَ عَمَلَ نَفْسِهِ مَعَ الْمُضَارِبِ وَشَيْئًا مَعْلُومًا لِنَفْسِهِ مِنْ الرِّبْحِ كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمُكَاتَبُ إذَا دَفَعَ مَالَهُ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ مَوْلَاهُ مَعَهُ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ فَإِنْ اشْتَرَيَا بَعْدَ ذَلِكَ وَبَاعَا وَرَبِحَا فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا أَجْرَ لِلْمُضَارِبِ فِي عَمَلِهِ وَلَوْ كَانَا اشْتَرَيَا بِالْمَالِ جَارِيَةً ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَبَاعَا الْجَارِيَةَ بِغُلَامٍ ثُمَّ بَاعَا الْغُلَامَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَسْتَوْفِي مِنْهَا رَأْسَ مَالِهِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً فَقَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك كَانَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً فَإِنْ دَفَعَهُ وَاشْتَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّانِي أَوْ شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الثَّانِي كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ الثَّانِيَةُ فَاسِدَةً وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْمَالِ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى وَلَا أَجْرَ لِرَبِّ الْمَالِ وَإِنْ عَمِلَ رَبُّ الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلِلْآخَرِ أَجْرُ الْمِثْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ مَعْلُومًا عَلَى وَجْهٍ لَا تَنْقَطِعُ بِهِ الشَّرِكَةُ فِي الرِّبْحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنَّ لَك مِنْ الرِّبْحِ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ شَرَطَ مَعَ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ شُرِطَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحُ نِصْفِ الْمَالِ أَوْ رِبْحُ ثُلُثِ الْمَالِ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ جَائِزَةً وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا رِبْحُ مِائَةِ دِرْهَمٍ لَا بِعَيْنِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جَازَ وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا رِبْحُ هَذِهِ الْمِائَةِ بِعَيْنِهَا أَوْ رِبْحُ هَذَا النِّصْفِ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمَالِ فَسَدَتْ وَإِذَا اُشْتُرِطَ لِأَحَدِهِمَا نِصْفُ الرِّبْحِ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ ثُلُثُ الرِّبْحِ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لِلْمُضَارِبِ مَشْرُوطًا مِنْ الرِّبْحِ لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ شَيْئًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ الرِّبْحِ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَأَمَّا الشُّرُوطُ) الْفَاسِدَةُ فَمِنْهَا مَا تُبْطِلُ الْمُضَارَبَةَ وَمِنْهَا مَا لَا تُبْطِلُهَا بِنَفْسِهَا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ لَك ثُلُثُ الرِّبْحِ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَمِلْت فِيهِ لِلْمُضَارَبَةِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
فَإِنْ عَمِلَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَرَبِحَ فَالرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَا أَجْرَ لِلْمُضَارِبِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْأَجْرَ لِعَبْدٍ لَهُ يَعْمَلُ مَعَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَوْ لِبَيْتٍ يَشْتَرِي فِيهِ وَيَبِيعُ فَالرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَا أَجْرَ لِعَبْدِ الْمُضَارِبِ وَلَا لِبَيْتِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ الْأَجْرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ مُكَاتَبَ الْمُضَارِبِ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلِلَّذِي عَمِلَ بِالْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ مِنْ هَؤُلَاءِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى مَا اشْتَرَطَا وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَعْمَلَ عَبْدُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ عَلَى أَنَّ لِلْعَبْدِ أَجْرَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ مَا عَمِلَ مَعَهُ فَهَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَلَوْ كَانَ عَبْدُ رَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَاشْتَرَطَ لَهُ أَجْرَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ لِابْنِهِ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ رَبُّ الْمَالِ أَرْضَهُ إلَيْهِ لِيَزْرَعَهَا سَنَةً أَوْ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ دَارِهِ سَنَةً فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ أَرْضًا لَهُ لِيَزْرَعَهَا رَبُّ الْمَالِ سَنَةً أَوْ يَدْفَعَ دَارِهِ لِيَسْكُنَهَا سَنَةً فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَبِيعَ الْمُضَارِبُ فِي دَارِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ دَارِ الْمُضَارِبِ كَانَ جَائِزًا وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَسْكُنَ الْمُضَارِبُ دَارَ رَبِّ الْمَالِ أَوْ دَارَ الْمُضَارِبِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي كِتَابِهِ كُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةَ الرِّبْحِ أَوْ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ يُوجِبُ فَسَادَ الْمُضَارَبَةِ وَمَا لَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ فَسَادَهَا نَحْوَ أَنْ يَشْرُطَا أَنْ تَكُونَ الْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَإِنَّهُ أَوَّلًا أَمِينٌ وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَكِيلٌ وَإِذَا رَبِحَ فَهُوَ شَرِيكٌ وَإِذَا فَسَدَتْ فَهُوَ أَجِيرٌ وَإِذَا خَالَفَ فَهُوَ غَاصِبٌ وَإِنْ أَذِنَ بَعْدَهُ وَلَوْ شُرِطَ الرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً وَلَوْ شُرِطَ كُلُّهُ لِلْمُضَارِبِ كَانَ قَرْضًا هَكَذَا فِي الْكَافِي.
الْمُضَارِبُ إذَا عَمِلَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ وَرَبِحَ يَكُونُ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ الْمُضَارِبُ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
هَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَلَمْ يَرْبَحْ الْمُضَارِبُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ عِنْدَ الْمُضَارِبِ لَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْمُضَارَبَةِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الرِّبْحِ فِيهَا نَصًّا وَمَا لَا يَجُوزُ وَمَا يَجُوزُ مِنْ الشُّرُوطِ فِيهَا وَمَا لَا يَجُوزُ):

لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَنَا جَازَ وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الرِّبْحِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ ذَلِكَ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّرِكَةِ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَكَذَلِكَ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ اعْمَلْ بِهِ بِشَرِكَتِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَهَذِهِ مُضَارَبَةٌ جَائِزَةٌ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ شِرْكًا وَالشَّرِيكُ وَالشَّرِكَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمَنْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى مِثْلِ مَا شَرَطَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ مِنْ الرِّبْحِ فَإِنْ عَلِمَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ بِمَا شَرَطَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ مِنْ الرِّبْحِ تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا لَا تَجُوزُ وَكَذَا إذَا عَلِمَ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَ الْآخَرُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُضَارِبُ رَبَّ الْمَالِ مَا شَاءَ مِنْ الرِّبْحِ فَهَذِهِ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَ الرِّبْحِ أَوْ سُدُسَهُ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَ الرِّبْحِ أَوْ سُدُسَهُ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ شَرَطَ لَهُ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ نِصْفَ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِجَانِبِ رَبِّ الْمَالِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَلِلْمُضَارِبِ مَا شُرِطَ لَهُ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُضَارِبِ شَيْئًا فَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ وَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ الْبَاقِي بَعْدَ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ وَلَك ثُلُثَهُ كَانَ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا شُرِطَ فِي الْمُضَارَبَةِ بَعْضُ الرِّبْحِ لِغَيْرِ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ فَإِنْ شُرِطَ عَمَلُ الْأَجْنَبِيِّ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ وَيَصِيرُ رَبُّ الْمَالِ دَافِعَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى رَجُلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَمَلَ الْأَجْنَبِيِّ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ غَيْرُ جَائِزٍ وَيُجْعَلُ الْمَشْرُوطُ لِلْأَجْنَبِيِّ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ فَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِعَبْدِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ لِعَبْدِ الْمُضَارِبِ فَإِنْ شُرِطَ عَمَلُ الْعَبْدِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَمَلُ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ صَحَّ الشَّرْطُ سَوَاءٌ كَانَ عَبْدَ الْمُضَارِبِ أَوْ عَبْدَ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ عَبْدَ الْمُضَارِبِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ وَيَكُونُ هَذَا الْمَشْرُوطُ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ وَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ الشَّرْطُ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدَ رَبِّ الْمَالِ فَالْمَشْرُوطُ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِبَعْضِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُضَارِبِ لَهُ أَوْ شَهَادَةُ رَبِّ الْمَالِ لَهُ نَحْوَ الِابْنِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُكَاتَبِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْمُضَارِبِ أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِ رَبِّ الْمَالِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَكُونُ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِلْحَجِّ أَوْ فِي الرِّقَابِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ رَأْسُ مَالٍ، وَلَا عَمَلَ لَهُمْ فَصَارَ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ فَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ وَثُلُثَهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَثُلُثَهُ لِمَنْ شَاءَ الْمُضَارِبُ فَالثُّلُثَانِ مِنْ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ ثُلُثُ الرِّبْحِ لِمَنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ فَهُوَ وَالْمَسْكُوتُ عَنْهُ سَوَاءٌ فَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ دَفَعَ رَجُلَانِ أَلْفًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَ رِبْحِهَا وَثُلُثَ الْبَاقِي لِأَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَيْنِ لِلْآخَرِ فَعَمِلَ الْمُضَارِبُ وَرَبِحَ فَثُلُثُهُ لِلْمُضَارِبِ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُضَارِبُ أَنَّ لَهُ الثُّلُثَ، ثُلُثَاهُ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثُ مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ يَصِحُّ وَمَا بَقِيَ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْمَالِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ لِمَنْ شَرَطَ مِنْ حِصَّتِهِ الثُّلُثَيْنِ وَسَبْعَةٌ لِلْآخَرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ دَفَعَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَا لَهُمَا نِصْفُ الرِّبْحِ بَيْنَكُمَا لِفُلَانٍ مِنْهُ الثُّلُثَانِ ثُلُثَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ صَاحِبَيْ الْمَالِ وَثُلُثُ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ وَلِفُلَانٍ الْآخَرِ مِنْهُ الثُّلُثُ ثُلُثَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ صَاحِبَيْ الْمَالِ وَهُوَ الَّذِي أَعْطَى الْأَوَّلَ ثُلُثَ نَصِيبِهِ وَثُلُثُ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْمَالِ نِصْفَيْنِ فَعَمِلَا وَرَبِحَا فَنِصْفُ الرِّبْحِ بَيْنَ الْمُضَارِبَيْنِ عَلَى مَا اُشْتُرِطَ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْمَالِ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لِلَّذِي شَرَطَ لِلْمُضَارِبِ ثُلْثَيْ النِّصْفِ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
دَفَعَ أَلْفًا عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ عَلَى أَنْ يَخْلِطَ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ فَيَعْمَلَ بِهِمَا فَخَلَطَهُمَا وَعَمِلَ وَرَبِحَ فَهُوَ عَلَى الشَّرْطِ رِبْحُ أَلْفِ الْمُضَارِبِ لَهُ خَاصَّةً وَالثُّلُثَانِ لَهُ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ بِحُكْمِ عَمَلِهِ فِي مَالِ الدَّافِعِ وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ وَلِلْعَامِلِ ثُلُثُهُ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا لِأَنَّ الدَّافِعَ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ رِبْحُ مَالِهِ كُلِّهِ لَهُ وَهُوَ نِصْفُ الرِّبْحِ فَيَكُونُ هَذَا إبْضَاعًا مُبْتَدَأً لَا مُضَارَبَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ بِأَلْفٍ مِنْ قِبَلِهِ وَيَعْمَلُ بِهِمَا جَمِيعًا عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ نِصْفُ ذَلِكَ مِنْ رِبْحِ أَلْفِ صَاحِبِهِ وَنِصْفُهُ مِنْ رِبْحِ أَلْفِهِ خَاصَّةً وَعَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبْحِ لِلدَّافِعِ فَهَذَا جَائِزٌ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَا الرِّبْحِ عَلَى مَا اُشْتُرِطَ وَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا بِأَلْفٍ مِنْ قِبَلِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهَذَا جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ وَلِلْعَامِلِ رُبْعَهُ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ مَالِهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَقَالَ إنْ اشْتَرَى بِهِ بُرًّا فَلَهُ النِّصْفُ وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ دَقِيقًا فَلَهُ الرُّبُعُ وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ شَعِيرًا فَلَهُ الثُّلُثُ صَحَّ وَمَا اشْتَرَى اسْتَحَقَّ الْمَشْرُوطَ فَإِنْ اشْتَرَى بُرًّا لَا يَمْلِكُ شِرَاءَ شَيْءٍ آخَرَ لِوُقُوعِ الشَّرِكَةِ وَالْعَقْدِ عَلَيْهِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَى أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُضَارِبِ إذَا خَرَجَ إلَى السَّفَرِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَجَازَتْ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْمُنْتَقَى.
وَلَوْ قَالَ إنْ عَمِلْتَ فِي الْمِصْرِ فَلَكَ الثُّلُثُ وَإِنْ سَافَرْتَ فَلَكَ النِّصْفُ فَاشْتَرَى فِي الْمِصْرِ وَبَاعَ فِي السَّفَرِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُضَارَبَةُ عَلَى الشِّرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَى فِي الْمِصْرِ فَلَهُ مَا شُرِطَ فِي الْمِصْرِ سَوَاءٌ بَاعَهُ فِي الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ عَمِلَ بِبَعْضِ الْمَالِ فِي السَّفَرِ وَبِالْبَعْضِ فِي الْحَضَرِ فَرِبْحُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا شُرِطَ.
دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ وَالْبَاقِيَ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْآخَرِ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ دُونَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ وَهُوَ عَدَمُ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ وُجِدَ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّصَرُّفِ لَهُمَا قَائِمٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ الْمَالَ بَعْضَهُ مُضَارَبَةً وَبَعْضَهُ لَا):

إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ نِصْفُهُ قَرْضٌ عَلَيْك وَنِصْفُهُ مَعَك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَأَخَذَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا سَمَّى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِنِصْفِهِ وَلَوْ عَمِلَ بِهِ فَرَبِحَ كَانَ نِصْفُ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ وَنِصْفُهُ عَلَى مَا شُرِطَ فِي الْمُضَارَبَةِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ قَسَمَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ بَعْدَمَا عَمِلَ بِهِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَقِسْمَتُهُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَنْفَرِدُ بِالْقِسْمَةِ فَإِنْ هَلَكَ أَحَدُ الْمُقْتَسِمَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ رَبُّ الْمَالِ نَصِيبَهُ هَلَكَ مِنْ مَالِهِمَا جَمِيعًا وَإِنْ لَمْ يَهْلِكْ حَتَّى حَضَرَ رَبُّ الْمَالِ وَأَجَازَ الْقِسْمَةَ بِأَنْ قَبَضَ نَصِيبَهُ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ رَبُّ الْمَالِ نَصِيبَهُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ حَتَّى هَلَكَ رَجَعَ بِنِصْفِ نَصِيبِ الْمُضَارِبِ، وَلَوْ كَانَ هَلَكَ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ لَمْ يَرْجِعْ الْمُضَارِبُ فِي نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ وَإِنْ هَلَكَ النَّصِيبَانِ جَمِيعًا بَعْدَ رِضَا رَبِّ الْمَالِ بِالْقِسْمَةِ رَجَعَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ بِنِصْفِ مَا صَارَ لِلْمُضَارِبِ وَلِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ قَرْضُ خَمْسِمِائَةٍ عَلَى حَالِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ قَرْضٌ عَلَيْك وَعَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فَإِنْ عَمِلَ مَعَ هَذَا فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْأَلْفَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ قَرْضٌ عَلَيْك وَنِصْفَهُ مُضَارَبَةٌ تَعْمَلُ فِيهِ بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ.
وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ مُضَارَبَةٌ بِالنِّصْفِ وَنِصْفَهُ هِبَةٌ لِلْمُضَارِبِ وَقَبَضَهُ الْمُضَارِبُ عَلَى ذَلِكَ، غَيْرَ مَقْسُومَةٍ فَهَذِهِ الْهِبَةُ فَاسِدَةٌ وَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ أَوْ بَعْدَمَا عَمِلَ بِهِ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ نِصْفَ الْمَالِ حِصَّةَ الْهِبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا تُوجَدُ رِوَايَةٌ فِي الْكُتُبِ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ مَضْمُونَةٌ إلَّا فِي هَذَا وَلَوْ رَبِحَ فَنِصْفُ الرِّبْحِ حِصَّةُ الْهِبَةِ لِلْمُضَارِبِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى مَا شَرَطَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْوَضِيعَةِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ حِصَّةَ الْهِبَةِ مِنْ الرِّبْحِ هَلْ تَطِيبُ لِلْمُضَارِبِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَطِيبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَتَصَدَّقُ بِهَا وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْحَافِظُ تَطِيبُ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ سَمَّى نِصْفَهُ بِضَاعَةً وَنِصْفَهُ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْهَلَاكُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ رَبِحَ فَلِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ رُبُعُ الرِّبْحِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ دَفَعَهُ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ وَنِصْفَهُ مُضَارَبَةٌ بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا سَمَّى فَإِنْ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِ الْمَالِ كَانَ ضَامِنًا لِلنِّصْفِ حِصَّةِ الْوَدِيعَةِ وَرِبْحُ ذَلِكَ النِّصْفِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فَإِنْ قَسَمَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ نِصْفَيْنِ ثُمَّ عَمِلَ بِأَحَدِ النِّصْفَيْنِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَوَضَعَ فَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ نِصْفَيْنِ وَإِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إلَّا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الرِّبْحِ يَتَصَدَّقُ بِهِ الْمُضَارِبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ جِرَابًا هَرَوِيًّا فَبَاعَ نِصْفَهُ مِنْهُ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ الْبَاقِي وَيَعْمَلَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ مُضَارَبَةً فَإِنْ شَرَطَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ نِصْفَانِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قِيَاسِ قَوْلِهِمَا لِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ رُبُعُهُ وَالْوَضِيعَةُ كُلُّهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ خَلَطَ الْمَالَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الَّذِي فَسَدَتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا فَسَدَتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ.
وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثَا الرِّبْحِ وَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثُهُ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِلْمُضَارِبِ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَلِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَاهُ وَإِذَا شَرَطَا لِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ وَلِلْمُضَارِبِ ثُلُثَهُ فَعِنْدَهُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعِنْدَهُمَا لِلْمُضَارِبِ سُدُسُ الرِّبْحِ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.