الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: غاية الوصول إلى شرح لب الأصول
.مسالك العلة: أي هذا مبحث الطرق الدالة على علية الشيء.(الأول الإجماع) كالإجماع على أن العلة في خبر الصحيحين: «لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان». تشويش الغضب للفكر فيقاس بالغضب غيره مما يشوّش الفكر نحو جوع وشبع مفرطين، وكالإجماع على أن العلة في تقديم الأخ الشقيق في الإرث على الأخ للأب اختلاط النسبين فيه فيقاس به تقديمه عليه في ولاية النكاح، وصلاة الجنازة ونحوهما.(الثاني) من مسالك العلة (النص الصريح) بأن لا يحتمل غير العلة (كلعلة كذا فلسبب) كذا (فمن أجل) كذا (فنحو كي) التعليلية (وإذن) كقوله تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل}، {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم}، {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} وفيما عطف بالفاء هنا وفيما يأتي إشارة إلى أنه دون ما قبله رتبة بخلاف ما عطف بالواو. (و) النص (الظاهر) بأن يحتمل غير العلية احتمالًا مرجوحا (كاللام ظاهرة) نحو: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} (فمقدرة) نحو؛ {ولا تطع كل حلاف} إلى قوله: {أن كان ذا مال وبنين} أي لأن (فالباء) نحو: {فبما رحمة من الله} أي لأجلها لنت لهم. (فالفاء في كلام الشارع) وتكون فيه في الحكم كقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} وفي الوصف كخبر الصحيحين في المحرم الذي وقصته ناقته: «لا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا». (فـ)ـفي كلام (الراوي الفقيه فـ)ـفي كلام الراوي (غيره) أي غير الفقيه، وتكون فيهما في الحكم فقط، وقال بعض المحققين في الوصف فقط، لأن الراوي يحكي ما في الوجود، وذلك كقول عمران بن حصين: سها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسجد. رواه أبو داود وغيره وكل من القولين صحيح، وإن كان الأوّل أظهر معنى، والثاني أدق كما بينته في الحاشية. (فإن) المكسورة المشددة كقوله تعالى: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين} الآية. وتعبيري بالفاء في الأخيرة من زيادتي. (وإذ) نحو ضربت العبد إذا أساء أي لإساءته. (وما مرّ في) مبحث (الحروف)، ما يرد للتعليل غير المذكور هنا وهو بيد وحتى وعلى وفي ومن فلتراجع، وإنما لم تكن المذكورات من الصريح لمجيئها لغير التعليل كالعاقبة في اللام والتعدية في الباء، ومجرد العطف في الفاء ومجرد التأكيد في إنّ والبدل في إذ كما مرّ في مبحث الحروف.(الثالث) من مسالك العلة (الإيماء وهو) لغة الإشارة الخفية واصطلاحا (اقتران وصف ملفوظ بحكم ولو) كان الحكم (مستنبطا) كما يكون ملفوظا (لو لم يكن للتعليل هو) أي الوصف (أو نظيره) لنظير الحكم حيث يشار بالوصف والحكم إلى نظيرهما أي لو لم يكن ذلك من حيث اقترانه بالحكم لتعليل الحكم به (كان) ذلك الاقتران (بعيدا) من الشارع لا يليق بفصاحته وإتيانه بالألفاظ في محالها والإيماء (كحكمه) أي الشارع (بعد سماع وصف) كما في خبر الأعرابيّ: «واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم أعتق رقبة». إلى آخره. رواه ابن ماجة بمعناه، وأصله في الصحيحين فأمره بالإعتاق عند ذكر الوقاع يدل على أنه علة له، وإلا لخلا السؤال عن الجواب وذلك بعيد فيقدر السؤال في الجواب فكأنه قال واقعت فأعتق. (وذكره في حكم وصفا لو لم يكن علة) له (لم يفد) ذكره كقوله صلى الله عليه وسلّم: «لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان». فتقييده المنع من الحكم بحالة الغضب المشوش للفكر يدل على أنه علة له، وإلا لخلا ذكره عن الفائدة وذلك بعيد. (وتفريقه بين حكمين بصفة) إما (مع ذكرهما) كخبر الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلّم جعل للفرس سهمين وللرجل- أي صاحبه- سهما، فتفريقه بين هذين الحكمين بهاتين الصفتين لو لم يكن لعلية كل منهما لكان بعيدا. (أو) مع (ذكر أحدهما) فقط كخبر الترمذي: «القاتل لا يرث» أي بخلاف غيره المعلوم إرثه فالتفريق بين عدم الإرث المذكور والإرث المعلوم بصفة القتل في الأول لو لم يكن لعليته له لكان بعيدا. (أو) تفريقه بين حكمين، إما (بشرط) كخبر مسلم: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبرّ بالبرّ والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلًا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد». فالتفريق بين منع البيع في هذه الأشياء متفاضلًا وجوازه عند اختلاف الجنس لو لم يكن لعلية الاختلاف للجواز لكان بعيدا. (أو غاية) كقوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتّى يطهرن} أي فإذا تطهرن فلا منع من قربانهنّ كما صرّح به عقبه بقوله: {فإذا تطهرن فأتوهن} فتفريقه بين المنع من قربانهنّ في الحيض وجوازه في الطهر لو لم يكن لعلية الطهر للجواز لكان بعيدا. (أو استثناء) كقوله تعالى: {فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون} أي الزوجات عن النصف فلا شيء لهن فتفريقه بين ثبوت النصف لهنّ وانتفائه عند عفوهنّ عنه لو لم يكن لعلية العفو للانتفاء لكان بعيدا. (أو استدراك) كقوله تعالى؛ {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} إلى آخره فتفريقه بين عدم المؤاخذة بالإيمان والمؤاخذة بها عند تعقيدها لو لم يكن لعلية التعقيد للمؤاخذة لكان بعيدا. (وترتيب حكم على وصف) كأكرم العلماء فترتيب الإكرام على العلم لو لم يكن لعلية العلم له لكان بعيدا (ومنعه) أي الشارع (مما قد يفوّت المطلوب) كقوله تعالى: {فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} فالمنع من البيع وقت نداء الجمعة الذي قد يفوّتها لو لم يكن لمظنة تفويتها لكان بعيدا.وهذه الأمثلة أسلم ما اتفق على أنه إيماء وهو أن يكون الوصف والحكم ملفوظين وخرج بالملفوظ أي فعلًا أو قوّة الوصف المستنبط فليس اقترانه بالحكم إيماء قطعا إن كان الحكم مستنبطا أيضا، وإلا فليس بإيماء في الأصح بخلاف عكسه وهو الوصف الملفوظ والحكم المستنبط له فإنه كما علم إيماء في الأصحّ تنزيلًا للمستنبط منزلة الملفوظ، وفارق ما قبله باستلزام الوصف الحكم فيه بخلاف ما قبله لجواز كون الوصف أعم مثاله قوله تعالى: {وأحلّ الله البيع} فحله مستلزم لصحته. ومثال ما قبله تعليل حكم الربويات بالطعم أو غيره والنزاع كما قال العضد لفظي مبني على تفسير الإيماء، وأما مثال النظير فكخبر الصحيحين أن امرأة قالت يا رسول الله. إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ فقال: «أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدّى ذلك عنها»؟ قالت نعم. قال: «فصومي عن أمك» أي فإنه يؤدّى عنها سألته عن دين الله على الميت وجواز قضائه عنه فذكر لها دين الآدمي عليه، وأقرها على جواز قضائه عنه وهما نظيران، فلو لم يكن جواز القضاء فيهما لعلية الدين له لكان بعيدا. (ولا تشترط) في الإيماء (مناسبة) الوصف (المومي إليه) للحكم (في الأصحّ) بناء على أن العلة بمعنى المعرف، وقيل تشترط بناء على أنها بمعنى الباعث، وقيل وهو مختار ابن الحاجب تشترط إن فهم التعليل منها كقوله صلى الله عليه وسلّم: «لا يقضي القاضي وهو غضبان». لأن عدم المناسبة فيما شرط فيه لمناسبة تناقض، بخلاف ما إذا لم يفهم منها لأن التعليل يفهم من غيرها. قال المصنف في شرح المختصر تبعا للعضد والمراد من المناسبة ظهورها، وأما نفسها فلابد منها في العلة الباعثة دون الأمارة المجردة ومرادهما بالعلة الباعثة العلة المشتملة على حكمه تبعث على الامتثال.(الرابع) من مسالك العلة (السبر) وهو لغة الاختبار (والتقسيم) وهو إظهار الشيء الواحد على وجوه مختلفة. (وهو) أي ما ذكر من السبر والتقسيم اصطلاحا (حصر أوصاف الأصل) المقيس عليه (وإبطال ما لا يصلح) منها للعلية (فيتعين الباقي) لها كأن يحصر أوصاف البرّ في قياس الذرة عليه في الطعم وغيره ويبطل ما عدا الطعم بطريقة فيتعين الطعم للعلية (ويكفي) في دفع منع المعترض حصر الأوصاف التي ذكرها المستدل. (قول المستدل) في المناظرة في حصرها (بحثت فلم أجد) غيرها لعدالته مع أهلية النظر. (والأصل عدم غيرها) فيندفع عنه بذلك منع الحصر وتعبيري بأو كما في مختصر ابن الحاجب وبعض نسخ الأصل أولى من تعبيره في أكثرها بالواو. (والناظر) لنفسه (يرجع) في حصر الأوصاف (إلى ظنه)، فيأخذ به ولا يكابر نفسه. (فإن كان الحصر والإبطال) أي كل منهما (قطعيا فـ)ـهذا المسلك (قطعي وإلا) بأن كان كل منهما ظنيا أو أحدهما قطعيا والآخر ظنيا. (فظني وهو) أي الظني (حجة) للناظر لنفسه والمناظر غيره (في الأصحّ) لوجوب العمل بالظن، وقيل ليس بحجة مطلقا لجواز بطلان الباقي، وقيل حجة لهما إن أجمع على تعليل ذلك الحكم في الأصل حذرا من أداء بطلان الباقي إلى خطأ المجمعين، وقيل حجة للناظر دون المناظر لأن ظنه لا يقوم حجة على خصمه، (فإن أبدى المعترض) على الحصر الظني (وصفا زائدا) على الأوصاف (لم يكلف ببيان صلاحيته للتعليل) لأن بطلان الحصر بإبدائه كاف في الاعتراض فعلى المستدل دفعه بإبطال التعليل به. (ولا ينقطع المستدل) بإبدائه (حتى يعجز عن إبطاله في الأصح) لأنه لم يدّع القطع في الحصر فغاية إبداء الوصف منع المقدمة من الدليل والمستدل لا ينقطع بالمنع لكن يلزمه دفعه ليتم دليله فيلزمه إبطال الوصف المبدى عن أن يكون علة، فإن عجز عن إبطاله انقطع، وقيل ينقطع بإبدائه لأنه ادعى حصرا، وقد أظهر المعترض بطلانه. قلنا لا يظهر إلا بالعجز عن دفعه وذكر الخلاف من زيادتي.(فإن اتفقا) أي المتناظران (على إبطال غير وصفين) من أوصاف لأصل واختلفا في أيهما العلة. (كفاه) أي المستدل (الترديد بينهما) من غير احتياج إلى ضم غيرهما إليهما في الترديد لاتفاقهما على إبطاله فيقول العلة إما هذا أو ذاك لا جائز أن تكون ذاك لكذا فتعين أن تكون هذا.(ومن طرق الإبطال) لعلية الوصف. (بيان أن الوصف طردي) أي من جنس ما علم من الشارع إلغاؤه إما مطلقا (كالطول) والقصر في الأشخاص، فإنهما لم يعتبرا في شيء من الأحكام فلا يعلل بهما حكم. (و) إما مقيدا بذلك الحكم (كالذكورة) والأنوثة (في العتق)، فإنهما لم يعتبرا فيه فلا يعلل بهما شيء من أحكامه الدنيوية، وإن اعتبرا في الشهادة والقضاء والإرث وغيرها. وفي العتق بالنظر لأحكامه الأخروية فقد روى الترمذي: «من أعتق عبدا مسلما أعتقه الله من النار، ومن أعتق أمتين مسلمتين أعتقه الله من النار». وتعبيري هنا وفيما يأتي في السادس بالطردي أولى من تعبيره فيهما بالطرد، لأن الطرد من مسالك العلة على رأي كما سيأتي. (و) من طرق الإبطال (أن لا تظهر مناسبة) الوصف (المحذوف) أي الذي حذفه المستدلّ عن الاعتبار للحكم بعد بحثه عنها لانتفاء مثبت العلية بخلافه في الإيماء. (ويكفي) في عدم ظهور مناسبته. (قول المستدل بحثت فلم أجد) فيه (موهم مناسبة) أي ما يوهم مناسبته لعدالته مع أهلية النظر، (فإن ادّعى المعترض أن) الوصف (المبقى) أي الذي بقاه المستدل (كذلك) أي لم تظهر مناسبته. (فليس للمستدل بيان مناسبته) لأنه انتقال من طريق السبر إلى طريق المناسبة، وذلك يؤدّي إلى الانتشار المحذور. (لكن له ترجيح سبره) على سبر المعترض النافي لعلية المبقي كغيره. (بموافقة التعدية) لسبره حيث يكون المبقى متعديا إذ تعدية الحكم محله أفيد من قصوره عليه.(الخامس) من مسالك العلة (المناسبة). وهي لغة الملايمة واصطلاحا ملاءمة الوصف المعين للحكم أو ما يعلم من تعريف المناسب الآتي، ويسمى هذا المسلك بالإحالة أيضا، كما ذكره الأصل سمي بها ذلك لأن بمناسبته الوصف يخال أي يظن أن الوصف علة ويسمى بالمصلحة وبالاستدلال وبرعاية المقاصد أيضا. (ويسمى استخراجها) أي العلة المناسبة (تخريج المناط) لأنه إبداء ما نيط به الحكم، فالمناط من النوط وهو التعليق أما تنقيح المناط وتحقيقه فسيأتيان. (وهو) أي تخريج المناط (تعيين العلة بإبداء) أي إظهار (مناسبة) بين العلة المعينة والحكم (مع الاقتران بينهما كالإسكار) في خبر مسلم: «كل مسكر حرام»، فهو لإزالته العقل المطلوب حفظه مناسب للحرمة، وقد اقترن بها وخرج بإبداء المناسبة ترتيب الحكم على الوصف الذي هو من أقسام الإيماء وغير ذلك كالمطرد والشبه وبالاقتران إبداء المناسبة في المستبقي في السبر. (ويحقق) بالبناء للمفعول (استقلال الوصف) المناسب في العلية (بعدم غيره) من الأوصاف (بالسبر) لا بقول المستدل بحثت فلم أجد غيره، والأصل عدمه بخلافه في السبر لأنه لا طريق له ثم سواه، ولأن المقصود هنا إثبات استقلال وصف صالح للعلية وثم نفي ما لا يصلح لها. (والمناسب) المأخوذ من المناسبة المتقدمة (وصف) ولو حكمة (ظاهر منضبط يحصل عقلًا من ترتيب الحكم عليه ما يصلح كونه مقصودا للشارع) في شرعية ذلك الحكم. (من حصول مصلحة أو دفع مفسدة). والوصف فيه شامل للعلة إذا كانت حكما شرعيا لأنه وصف للفعل القائم هو به وشامل للحكمة، فيكون للحكمة إذا علل بها حكمة كحفظ النفس، فإنه حكمة للانزجار الذي هو حكمة لترتب وجوب القصاص على القتل عدوانا، وإن جاز أن يكونا حكمتين له وخرج بيحصل إلخ، الوصف المبقي في السير، والمدار في الدوران وغيرهما من الأوصاف التي تصلح للعلية ولا يحصل عقلًا من ترتيب الحكم عليها ما ذكر، وقيل هو الملائم لأفعال العقلاء عادة، واختاره الأصل، وقيل هو ما يجلب نفعا أو يدفع ضررا، وقيل هو ما لو عرض على العقول لتلقته بالقبول. وهذه الأقوال مقاربة للأوّل، وإنما اخترته على ما اختاره الأصل لأنه قول المحققين، ولأنه أنسب بقولي كغيري. (فإن كان الوصف خفيا أو غير منضبط اعتبر ملازمه) الذي هو ظاهر منضبط، (وهو المظنة) له فيكون هو العلة كالوطء مظنة لشغل الرحم المرتب عليه وجوب العدّة في الأصل حفظا للنسب، لكنه لما خفي نيط وجوبها بمظنته وكالسفر مظنة للمشقة المرتب عليها الترخص في الأصل، لكنها لما لم تنضبط نيط الترخص بمظنتها. (وحصول المقصود من شرع الحكم قد يكون يقينا كالملك في البيع) لأنه المقصود من شرع البيع ويحصل منه يقينا. (و) قد يكون (ظنا كالانزجار في القصاص) لأنه المقصود من شرع القصاص ويحصل منه ظنا، فإن الممتنعين عنه أكثر من المقدمين عليه. (و) قد يكون (محتملًا) كاحتمال انتفائه إما (سواء كالانزجار في حد الخمر) على تناولها لأنه المقصود من شرع الحد عليه وحصول الانزجار منه وانتفاؤه متساويان بتساوي الممتنعين عن تناولها والمقدمين عليه فيما يظهر لنا. (أو مرجوحا) لأرجحية انتفائه. (كالتوالد في نكاح الأمة) لأنه هو المقصود من شرع النكاح وانتفاؤه في نكاحها أرجح من حصوله. (والأصح جواز التعليل بالأخيرين) من الأربعة أي بالمقصود المتساوي الحصول والانتفاء والمقصود المرجوح الحصول نظرا إلى حصولهما في الجملة وقياسا على السفر في جواز القصر للمترفه في سفره المنتفي فيه المشقة التي هي حكمة الترخص نظرا إلى حصولها في الجملة، وقيل لا يجوز التعليل بهما، لأن أولهما مشكوك الحصول، وثانيهما مرجوحه. أما أوّل الأربعة، وثانيها فيجوز التعليل بهما قطعا.(فإن فات) المقصود من شرع الحكم (قطعا) في بعض الصور (فالأصح) أنه (لا يعتبر) فيه المقصود للقطع بانتفائه. وقالت الحنفية يعتبر حتى يثبت فيه الحكم وما يترتب عليه كما سيظهر. (سواء) في الاعتبار وعدمه (ما) أي الحكم الذي (فيه تعبد كاستبراء أمة اشتراها بائعها) لرجل منه (في المجلس) أي مجلس البيع فالمقصود من استبراء الأمة المشتراة من رجل وهو معرفة براءة رحمها منه المسبوقة بالجهل بها ثابت قطعا في هذه الصورة لانتفاء الجهل فيها قطعا، وقد اعتبره الحنفية فيها تقديرا حتى يثبت فيها الاستبراء وغيرهم لم يعتبره. وقال بالاستبراء فيها تعبدا كما في المشتراة من امرأة، لأن الاستبراء فيه نوع تعبد كما علم في محله. (وما) أي والحكم الذي (لا) تعبد فيه (كلحوق نسب ولد المغربية بالمشرقي) عند الحنفية حيث قالوا من تزوج بالمشرق امرأة وهي بالمغرب، فأتت بولد يلحقه فالمقصود من التزويج وهو حصول النطفة في الرحم ليحصل العلوق فيلحق النسب فائت قطعا في هذه الصورة للقطع عادة بعدم تلاقي الزوجين، وقد اعتبره الحنفية فيها لوجود مظنته وهو التزويج حتى يثبت اللحوق وغيرهم لم يعتبره. وقال لا عبرة بمظنته مع القطع بانتفائه وعدم التعبد فيه فلا لحوق. (والمناسب) من حيث شرع الحكم له ثلاثة أقسام (ضروري فحاجي فتحسيني) قطعا مع ما يأتي في أقسام الضروري بالفاء ليفيد أن كلًّا منها دون ما قبله في الرتبة. (والضروري) وهو ما تصل الحاجة إليه إلى حد الضرورة. (حفظ الدين) المشروع له قتل الكفار. (فالنفس) أي حفظها المشروع له القود، (فالعقل) أي حفظه المشروع له حد السكر، (فالنسب) أي حفظه المشروع له حد الزنا. (فالمال) أي حفظه المشروع له حد السرقة وحد قطع الطريق. (فالعرض) أي حفظه المشروع له عقوبة القذف والسب، وهذا زاده الأصل كالطوفي على الخمسة السابقة المسماة بالمقاصد والكليات التي قالوا فيها إنها لم تبح في ملة من الملل، والمراد مجموعها، وإلا فالخمر أبيحت في صدر الإسلام، وعطفي للعرض بالفاء أولى من عطف الأصل كالطوفي له بالواو. (ومثله) أي الضروري (مكمله)، فيكون في رتبته (كالحدّ بـ)ـتناول (قليل المسكر)، إذ قليله يدعو إلى كثيره المفوّت لحفظ العقل فبولغ في حفظه بالمنع من القليل والحدّ عليه كالكثير، وكعقوبة الداعين إلى البدع لأنها تدعو إلى الكفر المفوت لحفظ الدين، وكالقود في الأطراف، لأن أزالتها تدعو إلى القتل المفوت لحفظ النفس. (والحاجي) وهو ما يحتاج إليه ولا يصل إلى حد الضرورة. (كالبيع فالإجارة) المشروعين للملك المحتاج إليه ولا يفوت بفواته لو لم يشرعا شيء من الضروريات السابقة، وعطفت الإجارة بالفاء لأن الحاجة إليها دون الحاجة إلى البيع. (وقد يكون) الحاجي (ضروريا) في بعض صوره (كالإجارة لتربية الطفل)، فإن ملك المنفعة فيها وهي تربيته يفوت بفواته لو لم تشرع الإجارة حفظ نفس الطفل. (و) مثل الحاجي (مكمله كخيار البيع) المشروع للتروي كمل به البيع ليسلم عن الغبن. (والتحسيني) وهو ما استحسن عادة من غير احتياج إليه قسمان (معارض للقواعد) الشرعية. أي لشيء منها (كالكتابة) فإنها غير محتاج إليها إذ لو منعت ما ضر لكنها مستحسنة عادة للتوسل بها إلى فك الرقبة من الرق، وهي خارمة لقاعدة امتناع بيع الشخص بعض ماله ببعض آخر إذ ما يحصله المكاتب في قوة ملك السيد له بتعجيزه نفسه. (وغيره) أي وغير المعارض لشيء من القواعد. (كسلب العبد أهلية الشهادة)، فإنه غير محتاج إليه إذ لو ثبت للعبد الأهلية ما ضر لكنه مستحسن عادة لنقص الرقيق عن هذا المنصب الشريف الملزم للحقوق بخلاف الرواية.(ثم المناسب) من حيث اعتباره وجودا وعدما أربعة أقسام مؤثر وملائم وغريب ومرسل، لأنه (إن اعتبر عينه في عين الحكم بنص أو إجماع فالمؤثر). لظهور تأثيره بما اعتبر به، والمراد بالعين النوع لا الشخص منه فالاعتبار بالنص كتعليل نقض الوضوء بمس الذكر، فإنه مستفاد من خبر الترمذي وغيره: «من مس ذكره فليتوضأ». والاعتبار بالإجماع كتعليل ولاية المال على الصغير بالصغر فإنه مجمع عليه. (أو) اعتبر عينه في عين الحكم (بترتيب الحكم على وقفه) حيث ثبت الحكم معه بأن أورده الشرع على وقفه، لا بأن نص على العلة أو أومئ إليها وإلا لم تكن العلة مستفادة من المناسبة. (فإن اعتبر) بنص أو إجماع (العين في الجنس أو عكسه أو الجنس في الجنس) وكل منهما أعلى مما بعده. (فالملائم) لملايمته للحمم (وإلا) أي وإن لم يعتبر بما ذكر شيء من ذلك. (فالغريب). وهذا من زيادتي تبعا لابن الحاجب، ومثل له بتعليل توريث المبتوتة في مرض الموت بالفعل المحرم لغرض فاسد وهو الطلاق البائن لغرض عدم الإرث قياسا على قاتل مورثه حيث لم يرثه بجامع ارتكاب فعل محرم، وفي ترتيب الحكم عليه تحصيل مصلحة وهو نهيهما عن الفعل الحرام، لكن لم يشهد له أصل بالاعتبار بنص أو إجماع، ومثال الأول من أقسام الملائم تعليل ولاية النكاح بالصغر حيث تثبت معه، وإن اختلف في أنها له أو للبكارة أو لهما، وقد اعتبر في جنس الولاية حيث اعتبر في ولاية المال بالإجماع كما مر، ومثال الثاني تعليل جواز الجمع حالة المطر في الحضر بالحرج حيث اعتبر معه، وقد اعتبر جنسه في جوازه في السفر بالنص إذ الحرج جامع لحرج السفر والمطر، ومثال الثالث تعليل القود في القتل بمثقل بالقتل العمد العدوان حيث ثبت معه، وقد اعتبر جنسه في جنس القود حيث اعتبر في القتل بمحدد بالإجماع إذ القتل العمد العدوان جامع للقتل بمثقل، وبمحدد والقود جامع للقود بالمثقل وبالمحدد، (وإن لم يعتبر) أي المناسب (فإن دل دليل على إلغائه)،فهو ملغى (فلا يعلل به) قطعا كما في جماع ملك نهار رمضان، فإن حاله يناسب التكفير ابتداء بالصوم ليرتدع به دون الإعتاق، إذ يسهل عليه بذل المال في شهوة الفرج، وقد أفتى يحيى بن يحيى بن كثير الليثي المغربي المالكي ملكا بالمغرب جامع في نهار رمضان بصوم شهرين متتابعين نظرا إلى ذلك لكن الشارع ألغاه بإيجابه الإعتاق ابتداء من غير تفرقة بين ملك وغيره، وفي الحاشية زيادة على ذلك، ويسمى هذا القسم بالغريب لبعده عن الاعتبار. (وإلا) أي وإن لم يدل دليل على إلغائه كما لم يدل على اعتباره (فالمرسل) لإرساله أي إطلاقه عما يدل على اعتباره أو إلغائه، ويعبر عنه بالمصالح المرسلة وبالاستصلاح وبالمناسب المرسل (وردّه الأكثر) من العلماء مطلقا لعدم ما يدل على اعتباره وقبله الإمام مالك مطلقا رعاية للمصلحة حتى جوّز ضرب المتهم بالسرقة ليقرّ، وعورض بأنه قد يكون بريئا وترك الضرب لمذنب أهون من ضرب بريء، وردّه قوم في العبادات إذ لا نظر فيها للمصلحة، بخلاف غيرها كالبيع والنكاح والحد، ومحل الخلاف المذكور إذا علم اعتبار العين في الجنس أو عكسه أو الجنس في الجنس، وإلا فهو مردود قطعا كما ذكره العضد تبعا لابن الحاجب. (وليس منه) أي من المناسب الرسل. (مصلحة ضرورية كلية) أي متعلقة بكل الأمة (قطعية أو ظنية قريبة منها) لدلالة الدليل على اعتبارها، (فهي حق كلي قطعا) واشترطها الغزالي للقطع بالقول بالمناسب المرسل، لا لأصل القول به فجعلها منه مع القطع بقبولها مثالها رمي الكفار المتترسين بأسرانا في الحرب المؤدي إلى قتل الترس معهم إذا قطع أو ظن ظنا قريبا من القطع بأنهم إن لم يرموا استأصلونا بالقتل الترس وغيره، وبأنهم إن رموا سلم غير الترس فيجوز رميهم لحفظ باقي الأمة بخلاف رمي أهل قلعة تترسوا بمسلمين، لأن فتحها ليس ضروريا ورمى بعضنا من سفينة في بحر لنجاة الباقين، لأن نجاتهم ليست كليا ورمى المتترسين في الحرب إذا لم يقطع أو لم يظن ظنا قريبا من القطع باستئصالهم لنا، فلا يجوز الرمي في شيء من الثلاث، وإن أقرع في الثانية لأن القرعة لا أصل لها شرعا في ذلك. (والمناسبة تنخرم) أي تبطل (بمفسدة تلزم) الحكم (راجحة) على مصلحته (أو مساوية لها في الأصح)، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وقال الإمام الرازي ومتابعوه لا تنخرم بها مع موافقتهم على انتفاء الحكم فهو عندهم لوجود المانع وعلى الأول لانتفاء المقتضى فالخلف لفظي.(السادس) من مسالك العلة، (الشبه وهو مشابهة وصف للمناسب والطردي) وهذا التفسير من زيادتي. (ويسمى الوصف بالشبه أيضا وهو منزلة) أي ذو منزلة (بين منزلتيهما) أي منزلتي المناسب والطردي. (في الأصح) لأنه يشبه الطردي من حيث إنه غير مناسب بالذات، ويشبه المناسب بالذات من حيث التفات الشرع إليه في الجملة كالذكورة والأنوثة في القضاء والشهادة، وقيل هو المناسب بالتبع كالطهارة لاشتراط النية، فإنها إنما تناسبه بواسطة أنها عبادة بخلاف المناسب بالذات كالإسكار لحرمة الخمر. (ولا يصار إليه) بأن يصار إلى قياسه، (إن أمكن قياس العلة) المشتمل على المناسب بالذات. (وإلا) بأن تعذرت العلة بتعذر المناسب بالذات بأن لم يوجد غير قياس الشبه. (فهو حجة في غير) الشبه (الصوري في الأصح)، نظرا لشبهه بالمناسب وقد احتج به الشافعي في مواضع منها. قوله في إيجاب النية في الوضوء كالتيمم طهارتان أنى تفترقان، وقيل مردود نظرا لشبهه بالطردي. (وأعلاه) أي قياس الشبه (قياس ما) أي شبه (له أصل واحد) كأن يقول في إزالة الخبث هي طهارة للصلاة فيتعين الماء كطهارة الحدث، فطهارة الخبث تشبه الطردي من حيث ظهور المناسبة بينها وبين تعين الماء، وتشبه المناسب بالذات من حيث إن الشرع اعتبر طهارة الحدث بالماء في الصلاة وغيرها. (فـ)ـقياس (غلبة الأشباه في الحكم والصفة) وهو إلحاق فرع متردد بين أصلين بأحدهما الغالب شبهه به في الحكم والصفة على شبهه بالآخر فيهما، كإلحاق العبد بالماء في إيجاب القيمة بقتله بالغة ما بلغت، لأن شبهه بالمال في الحكم والصفة أكثر من شبهه بالحرّ فيهما، أما الحكم فلكونه يباع ويؤجر ويعار ويودع ويثبت عليه اليد. وأما الصفة فلتفاوت قيمته بحسب تفاوت أوصافه جودة ورداءة وتعلق الزكاة بقيمته إذا اتجر فيه. (فـ)ـقياس غلبة الأشباه في (الحكم فـ)ـقياس غلبتها في (الصفة). وهذان مع الأول ومع الترجيح والتقييد بغير الصوري من زيادتي، أما الصوري كقياس الخيل على البغال والحمير في عدم وجوب الزكاة للشبه الصوري بينهما، فليس بحجة في الأصح.(السابع) من مسالك العلة (الدوران بأن يوجد الحكم) أي تعلقه. (عند وجود وصف ويعدم) هو أولى من قوله وينعدم. (عند عدمه) والوصف يسمى مدارا والحكم دائرا. (وهو) أي الدوران (يفيد) العلية (ظنا في الأصح). وقيل لا يفيدها لجواز أن يكون الوصف ملازما لها لا نفسها كرائحة المسكر المخصوصة، فإنها دائرة مع الإسكار وجودا وعدما بأن يصير المسكر خلًّا وليست علة، وقيل يفيدها قطعا وكأن قائل ذلك قاله عند مناسبة الوصف كالإسكار لحرمة الخمر. (ولا يلزم المستدل به بيان انتفاء ما هو أولى منه) بإفادة العلية بل يصح الاستدلال به مع إمكان الاستدلال بما هو أولى منه بخلاف ما مرّ في الشبه. (ويترجح جانبه) أي المستدل (بالتعدية) لوصفه على جانب المعترض حيث يكون وصفه قاصرا (إن أبدى المعترض وصفا آخر) أي غير المدار. (والأصح) أنه (إن تعدّى وصفه) أي المعترض (إلى الفرع) المتنازع فيه بقيد زدته بقولي (واتحد مقتضى وصفيهما) أي المستدل والمعترض، (أو إلى فرع آخر لم يطلب ترجيح) بناء على جواز تعدد العلل، وقيل يطلب الترجيح بناء على منعه، وبه جزم الأصل في الثاني بناء على ما رجحه من منع تعدد العلل، أما إذا اختلف مقتضى وصفيهما كأن اقتضى أحدهما الحل والآخر الحرمة فيطلب الترجيح.(الثامن) من مسلك العلة (الطرد بأن يقارن الحكم الوصف بلا مناسبة) لا بالذات ولا بالتبع كقول بعضهم في الخل مائع لا تبنى القنطرة على جنسه فلا تزال به النجاسة كالدهن أي بخلاف الماء فبناء القنطرة وعدمه لا مناسبة فيهما للحكم، وإن كان مطردا لا نقض عليه، وقولي بلا مناسبة من زيادتي وخرج به بقية المسالك (وردّه الأكثر) من العلماء لانتفاء المناسبة عنه. قال علماؤنا قياس المعنى مناسب لاشتماله على الوصف المناسب، وقياس الشبه تقريب، وقياس الطرد تحكم فلا يفيد، وقيل يفيد المناظر دون الناظر لنفسه لأن الأول دافع، والثاني مثبت. وقيل إن قارنه فيما عدا صورة النزاع أفاد العلية فيفيد الحكم في صورة النزاع، وقيل تكفي مقارنته له في صورة واحدة غير صورة النزاع.(التاسع) من مسالك العلة (تنقيح المناط بأن يدل نص ظاهر على التعليل) لحكم (بوصف فيحذف خصوصه عن الاعتبار بالاجتهاد ويناط) الحكم (بالأعم)، كما حذف أبو حنيفة ومالك من خبر الأعرابيّ الذي واقع زوجته في نهار رمضان خصوص الوقاع عن الاعتبار، وأناطا الكفارة بمطلق الإفطار. (أو) بأن (تكون) في محل الحكم (أوصاف فيحذف بعضها) عن الاعتبار بالاجتهاد (ويناط) الحكم (بباقيها)، كما حذف الشافعي في الخبر المذكور غير الوقاع من أوصاف المحل ككون الواطئ أعرابيا، وكون الموطوءة زوجة، وكون الوطء في القبل عن الاعتبار، وأناط الكفارة بالوقاع، ولا ينافي التمثيل بالخبر لما هنا التمثيل به فيما مرّ للإيماء، لاختلاف الجهة، إذ التمثيل للإيماء بالنظر لاقتران الوصف بالحكم، ولما هنا بالنظر للاجتهاد في الحذف. (وتحقيق المناط إثبات العلة في صورة) خفي وجودها فيها. (كإثبات أن النباش) وهو من ينبش القبور ويأخذ الأكفان. (سارق) بأنه وجد منه أخذ المال خفية من حرز مثله وهو السرقة فيقطع خلافا للحنفية. (وتخريجه) أي المناط (مرّ) بيانه في مبحث المناسبة وقرنت كالأصل بين الثلاثة كعادة الجدليين ويعرف من تعاريفها الفرق بينها.(العاشر) من مسالك العلة (إلغاء الفارق) بأن يبين عدم تأثيره في الفرق بين الأصل والفرع، فيثبت الحكم لما اشتركا فيه سواء أكان الإلغاء قطعيا كإلحاق صبّ البول في الماء الراكد بالبول فيه في الكراهة الثابتة بخبر: «لا يبولنّ أحدكم في الماء الراكد». أم ظنيا (كإلحاق الأمة بالعبد في السراية) الثابتة بخبر: «من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوّم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق عليه ما عتق». فالفارق في الأول الصب من غير فرج، وفي الثاني الأنوثة، ولا تأثير لهما في منع الكراهة والسراية فتثبتان لما يشارك فيه الأصل والفرع، وإنما كان الثاني ظنيا لأنه قد يتخيل فيه احتمال اعتبار الشارع في عتق العبد استقلاله في جهاد وجمعة وغيرهما مما لا دخل للأنثى فيه، وقوله في الخبر ثمن العبد أي ثمن ما لا يملكه العتق منه. (وهو) أي إلغاء الفارق (والدوران والطرد) على القول به (ترجع) ثلاثتها (إلى ضرب شبه) للعلة لا علة حقيقة لأنها تحصل الظنّ في الجملة. ولا تعين جهة المصلحة المقصودة من شرع الحكم، لأنها لا تدرك بواحد منها بخلاف بقية المسالك.(خاتمة) في نفي مسلكين ضعيفين. (ليس تأتي القياس بعلية وصف ولا العجز عن إفساده دليلها في الأصحّ) فيهما. وقيل نعم فيهما، أما الأول فلأن القياس مأمور به بقوله تعالى: {فاعتبروا} وبتقدير علية الوصف يخرج بقياسه عن عهدة الأمر فيكون الوصف علة. قلنا إنما يتعين عليته لو لم يخرج عن عهدة الأمر إلا بقياسه وليس كذلك، وأما الثاني فكما في المعجزة فإنها إنما دلت على صدق الرسول للعجز عن معارضتها. قلنا الفرق أن العجز ثم من الخلق وهنا من الخصم.
|