الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: غايـة البيـان شرح زبد ابن رسـلان ***
449 - أصنافُهُ إِن وُجِدَتْ ثمانِيَهْ *** مَن يُفْقَدِ ارْدُدْ سَهمَهُ للباقِيَهْ 450 - فقيرٌ العادِمُ والمسكينُ لَهْ *** ما يقَعُ المَوْقِعَ دونَ تَكمِلَهْ 451 - وعامِلٌ كحاشِرِ الأنعامِ *** مُؤَلَّفٌ يَضْعُفُ في الإسلامْ 452 - رِقَابُهُم مُكَاتَبٌ والغارِمُ *** مَنْ للمُبَاحِ ادَّانَ وهْوَ عادِمُ 453 - في سبيلِ اللهِ غازٍ احْتَسَبْ *** ووابنُ السبيلِ ذو افتِقَارٍ اغتَرَبْ 454 - ثلاثَةٌ أقَلُّ كُلِّ صِنْفِ *** في غير عامِلٍ وليس يَكْفِي 455 - دَفْعٌ لكافِرٍ ولا مَمْسُوسِ رِقْ *** ولا نَصِيبَيْنِ لِوَصْفَيْ مُسْتَحِقْ 456 - ولا بَنِي هاشِمِ والمُطَّلِبِ *** ولا الغنِي بمالٍ أو تَكَسُّبِ 457 - ومَنْ بإنفاقٍ مِن الزوجِ ومَنْ *** حَتما مِنَ القريبِ مَكْفِيُّ المُؤَنْ 458 - والنَّقْلُ مِن مَوْضِعِ رَبِّ المِلْكِ *** في فِطْرَةٍ والمالِ مِمَّا زُكِّي 459 - لا يُسْقِطُ الفَرْضَ وفي التكفيرِ *** يُسْقِطُ والإيصَاءِ والمَنْذُورِ 460 - وصَدَقَاتُ النَّفْلِ في الإِسرارِ *** أَوْلى وللقَرِيبِ ثم الجارِ 461 - ووَقْتِ حاجَةٍ وفي شهرِ الصِّيَامْ *** وهْوَ بما احتاجُ عيالُهُ حَرَامْ 462 - وفاضِلُ الحاجَةِ فيهِ أَجْرُ *** بِمَن لهُ على اضطِرَارٍ صَبْرُ باب قسم الصدقات: أي الزكوات على مستحقيها وسميت بذلك لإشعارها بصدق باذلها والأصل في الباب آية إنما الصدقات للفقراء وأضاف فيها الصدقات إلى الأصناف الأربعة الأولى بلام الملك وإلى الأربعة الأخيرة بفى الظرفية للاشعار بإطلاق الملك في الأربعة الأولى وتقييده في الأخيرة حتى إذا لم يحصل الصرف في مصارفها استرجع بخلافه في الأولى على ما يأتى. وقد ذكر الناظم آخر الباب صدقة النفل أصنافه أن وجدت ثمانية للآية فيجب استيعابهم بها عند وجودهم حتى في زكاة المال لإضافة الصدقات إليهم باللام وفي كالإقرار والوصية فإن فرقها المالك بنفسه أو الأمام ولا عامل فالقسمة على سبعة وإذا قسم الإمام لزمه أن يستوعب من الزكاة الحاصلة عنده آحاد كل صنف لقدرته عليه لا من زكاة كل واحد وله أن يخص بعضهم بنوع وآخرين بنوع وكذا يلزم المالك استيعابهم إن انحصر المستحقون في البلد ووفي بهم المال وإلا فيجب إعطاء ثلاثة من كل صنف كما سيأتى إلا العامل فإنه يجوز أن يكون واحدا كما سيأتى فلو صرف ما عليه لإثنين مع وجود ثالث غرم له أقل متمول وتجب التسوية بين الأصناف وإن كان بعضهم أحوج لكن لا يزاد العامل على أجرة عمله ويسن التسوية بين آحاد الصنف عند تساوى الحاجات إلا أن يقسم الإمام فيحرم عليه التفضيل مع تساوى الحاجات لأنه نائبهم فلا يفاوت بينهم عند تساوى حاجاتهم من يفقد أردد سهمه للباقية أي من يفقد من الأصناف غير العامل أو من آحاد صنف بأن لم يوجد منه إلا واحد أو أثنان اردد سهمه وجوبا لبقية الأصناف في الأولى ومن الصنف في الثانية فلا ينقل إلى غيرهم لانحصار الاستحقاق فيهم ولأن عدم الشيء بموضعه كالعدم المطلق كما في عدم الماء المبيح للتيمم وليس هذا كما لو أوصى لإثنين فرد أحدهما حيث يكون المردود للورثة لا للآخر لأن المال للورثة لولا الوصية وهي تبرع فإذا لم تتم أخذ الورثة المال والزكاة حق لزمه فلا يرد إليه ولهذا لو لم توجد المستحقون لم تسقط الزكاة بل توقف حتى يوجدوا أو يوجد بعضهم ولو فضل نصيب بعضهم عن كفايته ونقص نصيب بعضهم ببعض عنها لم ينقل الفاضل إلى ذلك الصنف بل يرد إلى من نقص سهمه كما اقتضاه كلام الروضة وأصلها فلو أستغنى بعضهم ببعض المردود قسم الباقي بين الأخيرين بالسوية ولو زاد نصيب جميعهم على الكفاية أو نصيب بعضهم ولم ينقص البعض الآخر نقل الفاضل إلى ذلك الصنف ولما ذكر أن أصناف الزكاة ثمانية شرع في تفصيلها فقال فقير العادم أي الفقير هو العادم للمال والكسب الذي يقع موقعا من حاجته كمن يحتاج إلى عشرة ولا يملك أو يكتسب إلا درهمين أو ثلاثة ولا يشترط فيه الزمانة ولا التعفف عن المسئلة على الجديد ولا يمنع الفقر مسكنه وثيابه ولو للتجمل ورقيقه المحتاج له لخدمته وماله الغائب في مرحلتين والمؤجل فيأخذ عفايته إلى حاوله وكسب مباح لا يليق به ولو كان له مال يستغرقه الدين لم يعط كما قاله البغوي حتى يصرفه في الدين فلو اعتاد السكنة بالأجرة أو في المدرسة فالظاهر كما قاله السبكى خروجه عن أسم الفقر بثمن المسكن ولو اشتغل بعلم شرعى والكسب يمنعه ففقير أو بالنوافل فلا وكذا المعطل المعتكف في مدرسة ومن لا يتأتى منه تحصيله مع القدرة على الكسب والمسكين له ما يقع الموقع دون تكملة أي مال أو كسب مباح لائق يقع موقعا من كفايته ولا يكفيه كمن يملك أو يكسب سبعة أو ثمانية ولا يكفيه إلا عشرة فهو أحسن حالا من الفقير دل على ذلك قوله تعالى {أما السفينة فكانت لمساكين} وقوله صلى الله عليه وسلم اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا مع انه كان يتعوذ من الفقر وسواء أكان ما يملكه نصابا ام أقل أم أكثر والمعتبر فيما يقع موقعا من حاجته المطعم والملبس والمسكن وسائر ما لا بد منه على ما يليق بالحال من غير أسراف ولا تقتير للشخص ولمن هو في نفقته والعبرة عند الجمهور في عدم كفايته بالعمر الغالب بناء على انه يعطى ذلك وأما ما جزم به البغوى وصححه ابن الصلاح في فتاويه وأفتى به النووى في فتاويه غير المشهورة واستنبطه الأسنوى من كلامهم من أن العبرة بعدم كفايته بالسنة فإنما يأتى على قول من قال كالبغوى أنه إنما يعطى كفاية سنة قال في الروضة قال الغزالى في الأحياء لو كان له كتب فقه لم يخرجه عن المسكنة ولا تلزمه زكاة الفطر كأثاث البيت لأنه محتاج إليها والكتاب يطلب غالبا أما للتفرج بالمطالعة ككتب الشعر والتواريخ ونحوهما مما لا ينفع في الدارين فهذا يمنع المسكنة وأما للاستفادة كطب يعالج به نفسه أو وعظ يتعظ به فإن لم يكن في البلد طبيب وواعظ فكذلك وإلا فمستغن عنه فإن كان له من كتاب نسختان فهو مستغن عن إحداهما فإن كانت إحداهما أصح والأخرى احسن باع الأحسن وأن كانتا من علم وإحداهما وجيزة فإن كان مقصوده الاستفادة فليكتف بالبسيطة أو التدريس احتاج إليهما هذا كلام الغزالى والمختار في الوعظ أنه لا أثر لوجوده وعامل كحاشر الأنعام أي العامل في الزكاة ساع وكاتب وقاسم وحاشر بجمع ذوى الأموال أو ذوى السهمان وعريف وحاسب وحافظ للمال وجندى الا الإمام والقاضى ويجب على الإمام بعث السعاة لأخذ الزكوات فإذا لم يكف زيد قدر الحاجة وأجرة الكيال والوزان وعاد النعم على المالك إن كان يميز الزكاة عن المال فإن كان يميز بين الأصناف فمن سهم العامل وأجرة الراعى والحافظ بعد قبضها في جملة الزكاة لا من سهم العامل وأجرة الناقل والمخزن في الجملة ومؤنة إحضار الماشية للعد على المالك مؤلف يضعف في الأسلام أي المؤلفة من أسلم ونيته ضعيفة أو له شرف يرجى بإعطائه إسلام غيره أو من يقاتل من وراءه من الكفار أو مانعى الزكاة ويعتبر في الصنفين الأخيرين الذكورة والحاجة بأن يكون ما يعطاه أقل من تجهيز جيش لهم أما مؤلفة الكفار كمن يرجى إسلامه بإعطائه أو يخاف شره فلا يعطون من الزكاة ولا غيرها رقابهم مكاتب 9 أي الرقاب هم المكاتبون فيدفع لهم ما يعينهم على العتق بشرط أن لا يكون معهم ما يوفى بالنجوم وصحت الكتابة لا إذن السيد والأحوط الصرف إليه بإذن المكاتب ولا يجزئ بغير إذنه لكن يسقط عنه بقدره ويجوز الصرف له قبل حلول النجم وليس له الصرف لمكاتبه ولا لمن كوتب بعضه ولو استغنى عن المعطى بإعتاق أو ابراء أو أداء عن الغير أو أدانه من مال آخر استرد ويجزئ في غارم استغنى وإن تلف بعد العتق غرمه أو قبله فلا قال الغزالى وكذا لو أتلفه ولو عجز استرد منه وإن كان تالفا غرمه ويتعلق بذمته لا برقبته ولو دفعه إلى السيد وعجز ببقية النجوم أتى فيه ما مر ولو افترض وأدى فعتق لم يعط من سهم الرقاب بل الغارمين كما لو قال لعبده أنت حر على ألف فقبل والغارم من للمباح ادان وهو عادم للغارم أنواع ثلاثة غارم استدان لنفسه لمباح أي غير معصية من مؤنته ومؤنة عياله كأكل وشرب وتزوج وهو عادم للمال أي عاجز عن وفاء دينه بما يزيد على كفايته فإن لم يعجز عن وفائه بما يزيد عليها لم يعط لأنه يأخذ لحاجته إلينا فاعتبر عجزه كالمكاتب وابن السبيل بخلاف الغارم للاصلاح كما يأتى فإنه يأخذ لحاجتنا إليه للاصلاح لتسكين الفتنة فعلم أنه يعطى مع قدرته على وفاء دينه ببيع ملبوسه أو فراشه أو مركوبه أو خادمه المحتاج إليه وأنه لو لم يملك شيئا لكن يقدر على كسب يفى بدينه أعطى أيضا كالمكاتب ويفارق الفقير والمسكين بأن حاجتهما إنما تتحقق بالتدريج والكسوب يحصلها كل يوم وحاجة المكاتب والغارم ناجزة لثبوت الدين في ذمتهما والكسب لا يدفعها إلا بالتدريج غالبا وخرج بقوله من المباح ادان من استدان لمعصية كأن اشترى خمرا وصرفه في زنا أو قمار فلا يعطى إلا إن تاب وغلب على الظن صدق توبته وإن قصرت المدة كالخارج لمعصية إذا تاب واراد الرجوع فإنه يعطى من سهم ابن السبيل قال الأمام ولو استدان لمعصية ثم صرفه في مباح اعطى وعكسه كذلك إن عرف قصد الإباحة أولا لكنا لا نصدقه فيه ولو كان الدين مؤجلا لم يعط لأنه غير محتاج إلى وفائه حينئذ والفرق بينه وبين المكاتب اعتناء الشارع بالحرص على تعجيل العتق وربما يعجز السيد مكاتبه عند الحلول وغارم استدان لاصلاح ذات البين كتحمل دية قتيل أو قيمة متلف تخاصم فيه قبيلتان أو شخصان فسكن الفتنة بذلك فيعطى مع الغنى ولو بالنقد لعموم الآية ولأنا لو أعتبرنا فيه الفقر لقلت الرغبة في هذه المكرمة وحكم من استدان لعمارة مسجد أو قرى صيف كالمستدين لمصلحة نفسه كما قاله السرخسى وحكى الرويانى أنه يعطى مع الغنى بالعقار قال و هو الاختيار ونقل الشيخان ذلك وأقراه وجزم صاحب الأنوار بالأول وصاحب الروض بالثانى وغارم للضمان لدين على غيره فيعطى مع بقائه عليه ما يقضيه به أن اعسرا وهو والأصيل أو وحده وكان متبرعا لعدم زجوعه حينئذ على الأصيل فإن أيسرا او الضامن لم يعط او بالعكس أعطى الأصيل لا الضامن فإن أدي الغارم الدين من ماله أو بذل ماله ابتداء لم يعط واذا وفي الضمامن من سهم الغارمين لم يرجع على الأصيل وان ضمنه بإذنه وانما يرجع اذا غرم من عنده قال الماوردى فلو أخذ سهمه فلم يصرفه في دينه حتى أبرئ منه او قضى عنه من غير ما اخذه استرجع إلا أن يقضيه من قرض فلا يسترجع إذ لم يسقط عنه دينه وإنما صار لآخر كالحوالة عليه فلو أبرئ منه أو قضاه من غير قرض فلم يسترجع منه ما أخذه حتى لزمه دين صار به غارما فوجهان أحدهما لا يسترجع منه لأنه لا يجوز دفعه إليه والثاني يسترجع لأنه صار له كالمستلف له قبل غرمه وفي سبيل الله غاز احتسب أي في سبيل الله غاز محتسب بغزوه بأن لا يأخذ شيئا من الفئ فيعطى مع الغنى لعموم الآية أما المرتزقة فلا يعطى شيئا من الزكاة وإن لم يوجد ما يصرف له من الفئ وتجب على اغنياء المسلمين إعانته حينئذ وابن السبيل ذو افتقار اغترب أي ابن السبيل وهو معسر بما يوصله مقصده أو موضع ما له غريب مجتاز بمحل الزكاة أي أو منشئ سفر منه فيعطى ولو كسوبا إذا كان سفره مباحا بخلاف مالو كان معصية ومن طلب زكاة وعلم الإمام استحقاقه الزكاة أو عدمه عمل بعلمه ويصدق مدعى فقر أو مسكنة أو ضعف نيته في الإسلام ومن عرف له مال وادعى تلفه أو عبالا كلف البينة ويعطى غاز وابن سبيل بقولهما فإن لم يخرجهما استرد يطالب عامل ومكاتب وغارم ببينة وكذا مؤلف ادعى أنه شريف مطاع والمراد بالبينة إخبار عدلين ويعنى عنها استفاضة وتصديق المولى ورب الدين ويعطى مكاتب وغارم قدر دينهما أو ما عجزا عنه وفقير ومسكين كفايتهما فيعطى المحترف ما يشترى به آلة حرفته قلت أو كثرت والتاجر رأس مال يفى ربحه بكفايته غالبا ومن لا يحسن الكسب كفاية العمر الغالب لا سنة في الأصح فيعطى ما يشترى به عقارا تكفيه غلته وابن السبيل ما يوصله مقصده أو موضع ماله من نفقة أو كسوة يحتاجها لشتاء أو صيف ومركوب إن كان ضعيفا عن المشى أو سفره طويلا وما ينقل ذاته ومتاعه إلا أن اعتاد مثله حمله بنفسه فإن ضاق المال أعطى أجرة للمركوب وإلا اشترى له وإذا تم سفره استرد على الصحيح ويعطى كذلك لرجوعه إن أراده ولا مال له بمقصده ولا يعطى لمدة الأقامة إلا أقامة المسافرين ويعطى الغازى نفقته وكسوته ونفقته عياله ذهابا ورجوعا وإقامة في السفر وإن طالت ويعطى وهو وابن السبيل جميع المؤنة وما يشترى به السلاح وآله القتال وكذا الفرس إن كان يقاتل فارسا ويصير ملكا له ان يستأجر له ويختلف الحال بكثرة المال وقلته وأما ما يحمل عليه الزاد ومتاعه ويركبه في الطريق فكابن السبيل وإنما يعطى إذا حضر وقت الخروج ليهئ به أسباب سفره وإن مات في الطريق أو أمتنع استرد ما بقى وإن غزا ورجع وبقى معه بقية صالحة ولم يقتر على نفسه استردت أو يسيرة أو قتر فلا في مثله في مثل وفي أبن السبيل يسترد مطلقا ويتخير الأمام بين دفع الفرس والسلاح إلى الغازى ملكا وبين أن يستأجر له مركوبا وبين أن يشترى خيلا من السهم ويقفها في سبيل الله تعالى ويعيرهم إياها عند الحاجة فإذا انقضت استردت ويعطى المؤلف ما يراه الإمام والعامل أجرة مثل عمله فإن زاد سهم العاملين عليها رد الفاضل على بقية الأصناف أو نقص عنها كمل من مال الزكاة ويجوز من سهم المصالح بل للامام جعل الأجرة كلها من بيت المال وتقسم الزكاة على بقية الأصناف ثلاثة أقل كل صنف أي أقل ما يجزئ من الزكاة إعطاء ثلاثة من كل صنف إن وجدهم عملا بأقل الجمع في غير الأخيرين في الآية وبالقياس عليه فيهما ومحله كما علم مما مر إذا قسم الإمام أو المالك ولم ينحصر المستحقون في البلد أو أنحصروا ولم يوف بهم المال أما إذا قسم الإمام أو المالك وانحصر المستحقون في البلد ووفي بهم المال فيجب استيعاب الآحاد ومحل أعتبار الثلاثة في غير عامل أما هو فيجوز أن يكون واحدا اذا حصلت به الكفاية لحصول المقصود به ويجوز الاستغناء عنه بأن يقسم المالك أو الأمام ولا عامل بأن حمل أصحاب الأموال زكاة أموالهم إلى الأمام وليس يكفى دفع أي دفع شيء من الزكاة لكافر لخبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم لكن يجوز أن يكون الكيال والحمال والحافظ ونحوهم كفارا مستأجرين من سهم العاملين لأن ذلك أجرة لا زكاة ذكره الاذرعي والزركشى وغيرهما ولا ممسوس رق ولو مبعضا إلا المكاتب كما مر ولا دفع نصيبين من زكاة واحدة لو صفى مستحق اجتمعا فيه من أوصاف الاستحقاق كفقير غاز بل يدفع اليه بما يختاره منهما الاقتضاء العطف في الآية المغايرة ومحل منع اعطائه بوصفين كما يؤخذ من الروضة عن الشيخ نصر المقدسى إذا أعطى بهما دفعة واحدة أو مرتبا ولم يتصرف فيما أخذه أولا ولا يكفى دفع شئ منها لبنى هاشم غير منون للوزن و بنى المطلب ولو انقطع عنهما خمس الخمس لخلو بيت المال عن الفئ والغنيمة أو استيلاء الظلمة عليهما لخبر إن هذه الصدقات إنما هى أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد لا لآل محمد رواه مسلم وخبر لا أحل لكم أهل البيت من الصدقات شيئا ولا غسالة الأيدى إن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم أو يغنيكم ومثلهم مولاهم لخبر مولى القوم منهم صححه الترمذى وغيره نعم لو استعملهم الإمام في الحفظ أو النقل وقد استؤجروا لذلك فلهم أجرتهم ولا الغنى بسكون الياء إجراء للوصل مجرى الوقف بمال أو تكسب بإسقاط الهمزة للوزن حلال لائق به فلا يكفي دفع شئ منها له من سهم الفقراء أو المساكين ومن بإنفاق من الزوج أي لا تعطى المكفية بنفقة زوجها ولو كانت ناشزه لتقصيرها وللزوج إعطاؤها من سهم مكاتب أو غارم أو مؤلفة لا من سهم ابن السبيل إن سافرت معه وإن سافرت وحدها بغير إذنه لم تعط منه وتعطى هي والعاصي بسفره من سهم الفقراء أو المساكين بخلاف الناشزة المقيمة فأنها قادرة على الغنى بالطاعة فأشبهت القادر على الكسب والمسافر لا يقدر على العود في الحال فان تركت السفر وعزمت على العود إليه أعطت من سهم ابن السبيل أو بإذنه أعطيت منه مؤنه السفر فقط إن سافرت لحاجته وإلا فكفايتها ولا تكون عاملة ولا غازية ومن حتما من القريب مكفي المؤن أي ولا المكفى بنفقة قريب تلزمه نفقته لا يعطيه غيره من سهم الفقراء والمساكين لأستغنائه بالنفقة ويجوز من غيرهما ولا يعطيه المنفق منهما ويجوز من غيرهما لا من سهم المؤلفة وإن كان فقيرا ويعطيه من سهم ابن السبيل مؤنة السفر فقط والنقل من موضع رب الملك في فطرة والمال مما زكى لا يسقط الفرض أي نقل الزكاة من موضع رب الملك في الفطرة حال وجوبها ومن موضع رب المال حال وجوبها فيما زكى منه مع وجود الأصناف أو بعضهم فيه إلى غيره وإن قربت المسافة لا يسقط فرضها لأنه حرام لخبر معاذ ولأن نقلها يوحش أصناف البلد بعد امتداد أطماعهم إليها ولو كان له من تلزمه فطرته فالعبرة ببلد المؤدى عنه لأن الوجوب بسببه لأنها صدقة البدن هذا إن نقلها المزكي فان نقلها الإمام ولو بنائبه سقط الفرض لأن له النقل ولو كان له مال ببلدين وكان في تفرقة زكاة كل طائفة ببلدها تشقيص كأن ملك أربعين شاة بكل بلد عشرون فالأصح جواز إخراج شاة في إحداهما حذرا من التشقيص وأهل الخيام الذين لا قرار لهم يصرفون زكاتهم لمن معهم فإن لم يكن معهم مستحق فلاقرب بلد إليهم عند تمام الحول وإن كان لهم مسكن وربما ارتحلوا عنه منتجعين ثم عادوا فإن لم يتميز بعضهم عن بعض في الماء والمرعى صرفوه إلى من دون مرحلتين من موضع المال والصرف الى من معهم في الإقامة والظعن افضل وان تميز فالأصح ان كل حلة كقرية و النقل من بلد المال في التكفير في التكفير يسقط الفرض و كذا في الإيصاء والمنذور إذ الأطماع لا تمتد إليها امتدادها إلى الزكاة وكذا الوقف على صنف ومحله فيها وفي اللتين قبلها إذا لم ينص رب المال على بلد ثم شرع في صدقة التطوع فقال وصدقات النفل سنة لقوله تعالى {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} الاية ولخبر ما تصدق احد من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه فيربيها كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون أعظم من الجبل وخبر ليتصدق الرجل من ديناره ليتصدق من درهمه وليتصدق من صاع بره رواهما مسلم وخبر كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس رواه ابن حبان والحاكم وصححاه وهى في الإسرار بكسر الهمزة أي السر أولى منها في الجهر لقوله تعالى {أن تبدوا الصدقات} الآية ولما في الصحيحين في خبر السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه من قوله صلى الله عليه وسلم ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تدرى شماله ما أنفقت يمينه وهذا بخلاف الزكاة فإن إظهارها أفضل و الصدقة في قريبه وأن لزمته نفقته أولى منها في غيره لخبر الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذى الرحم ثنتان صدقة وصلة رواه الترمذى وحسنه والحاكم وصححه و الصدقة في الجار أولى منها في غيره لخبر البخاري عن عائشة قلت يا رسول الله أن لى جارين فإلى ايهما أهدى قال إلى أقربهما منك بابا و الصدقة وقت حاجة أي أمامها أولى من غيره لأنه أقرب إلى قضائها وإلى الإجابة و الصدقة في شهر رمضان أي رمضان أولى منها في غيره لخبر البخاري أنه صلى الله عليه وسلم كان أجود ما يكون في رمضان وخبر الترمذى سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل قال صدقة في رمضان ولأن الناس فيه مشغولون بالطاعات فلا يتفرغون لمكاسبهم وتتأكد الصدقة أيضا عند الأمور المهمة وفي الغزو والحج والكسوف والمرض والسفر وسائر الأوقات الفاضلة كعشر ذي الحجة وأيام العيد وفي الأماكن الشريفة كمكة والمدينة وبيت المقدس والأولى أن يبدأ بذى رحم محرم الأقرب فالأقرب والحق بهم الزوجات ثم بذى رحم غير محرم كأولاد العم والخال ثم بمجرم الرضاع ثم المصاهرة ثم المولى من أعلى ثم المولى من أسفل الأقرب فالأقرب ثم جار أقرب ثم أبعد ويقدم قريب بعدت داره على جار أجنبي إلا أن يكون خارج البلد فيقدم الأجنبي ويقصد بصدقته من أقاربه أشدهم له عداوة لخبر الدارقطنى أفضل الصدقة الصدقة على ذى الرحم الكاشح إذ المراد بالكاشح العدو كما جزم به الهروى وليتالف قلبه ولما فيه من سقوط الرياء وكسر النفس ويكره التصديق بالردئ وبما فيه شبهة وينبغي أن لا يمتنع من الصدقة بالقليل أحتقارا له ويسن أن يدفعها بطيب نفس وأن يتصدق بما يحبه وتتأكد بالمال ويحرم المن بها ويبطل به ثوابها وتحل لغنى وكافر ويندب للغنى التنزه عنها ويكره له التعرض لها ويحرم عليه أخذها مظهرا للفاقة وعليه حمل قوله صلى عليه وسلم في الذى مات من أهل الصفة فوجدوا له دينارين كيتان من نار وأما سؤالهما فإن كان محتاجا لم يحرم وإن كان غنيا بمال أو صنعة فحرام وما ياخذه حرام ويكره لمن تصدق بشيء أن يتملكه من جهة المدفوع له بمعاوضة أو هبة ولا بأس بملكه منه بالأرث ولا بتملكه من غيره وهو أي التصدق بما أحتاج إليه عياله الذين تلزمه مؤنتهم حرام وكذا يحرم عليه التصدق بما يحتاجه لدين لا يرجو له وفاء لأن كلا منهما حق واجب فلا يترك لسنة فإن رجا وفاءه من جهة أخرى واستند ذلك إلى سبب ظاهر فلا بأس بالتصدق أما التصدق بما يحتاجه لمؤنة نفسه فصحح في الروضة عدم استحبابه وفي المجموع تحريمه وفاضل الحاجة أي حاجة دينه ومؤنة نفسه وممونه فيه أي في التصدق به أجر لمن له على اضطرار صبر بلا مشقة لقضية الصديق في التصدق بجميع ماله وقبول رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك منه صححه الترمذى فإن شق عليه الصبر على الأضطرار والفاقة فليس له في التصدق أجر لأنه غير مستحب حينئذ بل هو مكروه وأما قوله صلى الله عليه وسلم ط خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى فالمراد به غنى النفس وصبرها على الفقر قال بعض المتأخرين والظاهر أن المراد بما يحتاجه ما يلزمه من نفقة ليومه وكسوة لفصله لا ما يلزمه في الحال فقط ولا ما يلزمه في سنة بأن يدخر قوتها ويتصدق بالفاضل
463 - يَجِبُ صَوْمُ رمضانَ بأحَدْ *** أمْرَيْنِ باستكْمَالِ شعبانَ العَدَدْ 464 - أو رُؤْيَةِ العَدْلِ هلالَ الشهرِ *** في حَقِّ مَن دونَ مَسِيرِ القَصْرِ 465 - وإنما الفَرْضُ على شخصٍ قَدَرْ *** عليه مسلِمٍ مكلفٍ طَهَرْ 466 - وشَرْطُ نَفْلٍ نية للصَّوْمِ *** قبلَ زوالِهَا لكلِّ يومِ 467 - وإِن يَكُنْ فَرْضَا شَرَطْنَا نِيَّتَهْ *** قد عُيِّنَتْ مِن ليلهِ مُبَيَّتَهْ 468 - وبانتِفَاءِ مُفْطِرِ الصيامِ *** حَيْضٍ نِفَاسٍ رِدَّةِ الإسلامِ 469 - جُنُونِ كُلَّ اليومِ لَكِن مَن ينامْ *** جميعَ يومِهِ فصَحِّحِ الصيامْ 470 - وإِنْ يُفِقْ مُغْمَىً عليه بعضَ يَومْ *** ولو لُحَيْظَةً يَصِحُّ منه صَوْمْ 471 - وكُلِّ عَيْنٍ وَصَلَتْ مُسَمَّى *** جَوفٍ بِمَنْفَذٍ وذِكْرِ صَوْمَا 472 - كالبَطْنِ والدِّمَاغِ ثم المُثُنِ *** ودُبُرٍ وباطِنٍ مِن أُذُنِ 473 - والعَمْدِ لِلْوَطْءِ وباستِقَاءِ *** أو أخرَجَ المَنِيَّ باستِمْنَاءِ 474 - وسُنَّ مَعْ عِلم الغروبِ يُفطِرُ *** بسُرعَةٍ وعكْسُهُ التَسَحُّرُ 475 - والفِطرُ بالماء لِفَقْدِ التَّمرِ *** وغُسْلُ مَن أَجنَبَ قبلَ الفجرِ 476 - ويُكْرَهُ العَلْكُ وذَوْقٌ واحتِجَامْ *** ومَجُّ ماء عند فِطرٍ مِن صيام 477 - أما استِياكُ صائمٍ بعد الزَّوَالْ *** فاختيرَ لم يُكْرَهْ ويَحْرُمُ الوِصَالْ 478 - وسنَّة صيامُ يومِ عَرَفَهْ *** إلا لِمَن في الحج حيث أضعَفَهْ 479 - وسِتِّ شوالٍ وبالْوِلاءِ *** أَوْلَى وعاشورا وتاسوعاءِ 480 - وصَوْمُ الاثنينِ كذا الخميسُ مَعْ *** أيامِ بِيْضٍ وأَجِزْ لمَن شَرَعْ 481 - في النَّفلِ أن يقطَعَهُ بلا قَضَا *** ولم يَجُزْ قَطْعٌ لما قد فُرِضَا 482 - ولا يصِحُّ صَوْمُ يومِ العيدِ *** ويوم تشريقٍ ولا ترديدِ 483 - لا إِن يُوَافِق عادَةً أو نَذرَا *** أو وَصَل الصومَ بصَوْمٍ مَرَّا 484 - يُكَفِّرُ المُفسِدُ صَوْمَ يَومِ *** من رمضانَ إن يَطَأْ مَعْ إثْمِ 485 - كمِثْلِ مَن ظاهَرَ لا على المَرَهْ *** وكُرِّرَتْ إنِ الفسادَ كَرَّرَهْ 486 - وواجِبٌ بالموت دونَ صَوْمِ *** بعدَ تَمَكُّنٍ لكلِّ يَوْمِ 487 - مُدُّ طعامٍ غالِبٍ في القُوْتِ *** وجَوِّزِ الفِطْرَ لخَوْفِ مَوْتِ 488 - ومَرَضٍ وسَفَرٍ إِنْ يَطُلِ *** وخَوْفِ مُرضِعٍ وذاتِ حَمْلِ 489 - مِنْهُ على نفْسِهمَا ضُرَّاً بَدَا *** ويُوجِبُ القَضَاءَ دونَ الافتِدَا 490 - ومُفْطِرٌ لهَرَمٍ لكُلِّ يَوْمْ *** مُدٌّ كما مَرَّ بلا قضاءِ صَوْمْ 491 - والمُدُّ والقَضَا لذاتِ الحَمْلِ *** أو مُرْضِعٍ إِنْ خافتا للطِّفلِ كتاب الصيام: هو في اللغة الإمساك قال تعالى {فقولى إنى نذرت للرحمن صوما} أي أمساكا عن الكلام وفي الشرع إمساك مسلم عاقل مميز عن المفطرات سالم عن الحيض والولادة والنفاس في جميعه وعن الأغماء والسكر في بعضه والأصل في وجوبه قبل الأجماع مع ما يأتى آية كتب عليكم الصيام وخبر بنى الإسلام على خمس وفرض في شعبان في السنة الثانية من اللهجرة. وقد ذكر الناظم ما يجب به صوم رمضان فقال يجب صوم رمضان بأحد أمرين باستكمال شعبان العدد وهو ثلاثون يوما لخبر صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم عدة فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما أو رؤية العدل الواحد هلال الشهر المذكور لقول ابن عمر أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنى رأيت الهلال فصام وأمر الناس بصيامه والمعنى في ثبوته بواحد الاحتياط للصوم والمراد بالعدل عدل الشهادة لا الرواية ولا بد من الأداء عند القاضى ومن لفظ الشهادة نعم يكتفى بظاهر العدالة كما في المجموع وهو من لم يزك عند الحاكم ويجب العدد في الشهادة على الشهادة به وأن لم تتوقف على دعوى لكونها شهادة حسبة هذا كله بالنسبة للوجوب العام فلا ينافيه وجوب الصوم على انفرد برؤيته ولو فاسقا ولا من عرفه بحسابه أو تنجيمه ولا من أخبره من يثق برؤيته واعتقا صدقة ويكفى الشاهد أن يقول أشهد أنى رأيت الهلال وإن كانت شهادة على فعل نفسه وخرج برمضان غيره فلا يثبت بواحد والصوم غيره كوقوع ما علق من طلاق ونحوه بالهلال وحلول الدين به فلا يثبت بواحد في حق غير الرائى وقول الرافعى لو قيل هلا يثبت ضمنا كما يثبت شوال بثبوت رمضان بواحد والنسب والإرث ويثبت الولادة بالنساء لأحوج إلى الفرق يقال عليه قد فرق وهو في الشهادات بأن الضمنى في هذه الأمور لازم للمشهود به بخلاف الطلاق ونحوه والأمارة الظاهرة الدالة في حكم الرؤية مثل أن يرى أهل القرى القناديل المعلقة بمنابر المصر ليلة الثلاثين من شعبان كما هو العادة وسماع الطبول الجارى بها عادة تلك البلدة أو إيقاد النار على رءوس الجبال وخرج به أيضا ما لو أخبر به صلى الله عليه وسلم شخصا في المنام فلا يصح الصوم به بالإجماع لاختلاط ضبط الرائى لا للشك في الرؤية وشمل ثبوته بعدل أو عدلين ما لو قال الحساب لا تمكن رؤيته لأنه صلى الله عليه وسلم ألغى قولهم بقوله إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا ولا يكره ذكر رمضان بغير شهر كما صوبه في المجموع وإذا ثبت رمضان برؤية الهلال بمكان ثبت في حق من قرب منه دون من بعد وقد نبه على القريب بقوله في حق من دون مسير القصر أي مسافته من محل الرؤية لأن من بدونها كالحاضر بدليل القصر والفطر وغيرهما بخلاف من فوقه وهذا ما صححه الرافعي في المحرر والشرح الصغير والنووي في شرح مسلم وصحح في بقية كتبه اعتبار المطالع إذ لا تعلق للرؤية بمسافة القصر فيثبت حكمه في حق من بمكان اتحد مطلعه بمطلع مكان الرؤية دون غيره فان شك في اتحاده فلا وجوب لأن الأصل عدمه نعم يلزم من رؤيته بالمشرق رؤيته بالمغرب بخلاف العكس فرؤيته بالشام لكونها غربية بالنسبة للمدينة لا تستلزم رؤيته بالمدينة وإذا صمنا بعدل ولم نر الهلال بعد ثلاثين افطرنا وإن كانت السماء مصحبة لكمال العدة اذ الشيء يثبت ضمنا بما لا يثبت ره أصلا بدليل ثبوت النسب والإرث ضمنا للولادة بشهادة النساء عليها كما مر ومن سافر من بلد الرؤية إلى البلد البعيد فالأصح أنه يوافقهم في الصوم آخرا لأنه صار منهم ومن سافر من البلد الآخر إلى بلد الرؤية عيد معهم وقضى يوما إن صام ثمانية وعشرين يوما وإلا فلا قضاء عليه ومن أصبح معيدا فسارت سفينته إلى بلدة بعيدة أهلها صيام فالأصح أنه يمسك بقية اليوم وتتصور المسألة بأن يكون ذلك اليوم يوم الثلاثين من صوم أهل البلدين لكن المتنقل إليهم لم يروه وبأن يكون التاسع والعشرين من صومهم لتأخر ابتدائه بيوم ورؤية الهلال نهارا لا أثر لها ومن انفرد برؤية هلال شوال لزمه مقتضاها وأخفى فطره لئلايتهم ولا تقبل شهادته بعده لتهمة دفع تعزيره بخلاف ما لو شهد فردت شهادته ثم أكل لا يعزز لعدم التمهة حالة الشهادة ثم شرع في ذكر من يجب عليه صوم رمضان فقال وإنما الفرض أي فرض صوم رمضان على شخص قدر عليه مسلم مكلف أي بالغ عاقل طهر عن حيض ونفاس بخلاف العاجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى له برؤه فلا يجب عليه وتجب عليه الفدية كما سيأتى وبخلاف الكافر فلا يجب عليه وجوب مطالبة به في الدنيا لعدم صحته منه ان وجب عليه وجوب عقاب في الآخرة لتمكنه من فعله بالإسلام ولا قضاء عليه إذا أسلم ترغيبا له في الأسلام ويلزم المرتد إذا عاد إلى الأسلام قضاء ما فاته في زمن الردة حتى زمن جنونه او أغمائه فيها لالتزامه بالإسلام ويلزم القضاء من تعدى بسكره و بخلاف الصبي والمجنون لعدم تكليفهما ويؤمر به الطفل لسبع إذا أطاقه وميز ويضرب على تركه لعشر كالصلاة بحلاف الحائض والنفساء لعدم صحة الصوم منهما ويجب عليهما قضاء ما فاتهما في زمن الردة والسكر وشرط صوم نفل ومراده بالشرط ما لا بد منه فيشمل الركن كما هنا نية للصوم بالقلب كالصلاة ولخبر إنما الأعمال بالنيات قبل زوالها أي الشمس وأعاد الضمير عليها وإن لم يتقدم لها ذكر للعلم بها لكل يوم وأن لم ينو ليلا لأنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله تعالى عنها يوما هل عندكم من غداء قالت لا قال فإنى إذا أصوم قالت وقال لي يوما آخر أعندكم شئ قلت نعم قال إذا أفطر وإن كنت فرضت الصوم رواه الدارقطني وصحح إسناده واختص بما قبل الزوال للخبر إذ الغداء بفتح الغين اسم لما يؤكل قبل الزوال والعشاء اسم لما يؤكل بعده ولأنه ضبوط بين ولإدراك معظم النهار به كما في ركعة المسبوق وهذا جرى على الغالب ممن يريد صوم النفل وإلا فلو نوى قبل الزوال وقد مضى معظم النهار صح صومه والأصح ان صومه من اول النهار حتى يثاب على جميعيه اذ صوم اليوم لا يمكن تبعيضه كما في الركعة بإدراك الركوع فلا بد من إجتماع الشرائط أوله ولو تمضمض ولم يبالغ فسبق الماء جوفه صحت نيته بعده وإنما اشترطت النية لكل يوم لأنه عبادة لتخلل البومين بما يناقض الصوم كالصلاتين يتخللهما السلام وإن يكن صومه فرضا رمضان أو غيره شرطنا نيته أي الفرض حالة كونها قد عينت كقوله من رمضان كما في الصلاة وكمال التعيين فيه ان ينوى صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى وفي الأداء والفرضية في رمضان والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة لكن صحح في المجموع عدم اشتراط نيه الفرضية في رمضان فلو أطلق النية كما لو اقتصر على نية صوم الغد لم يصح وكذا لو أخطأ في التعيين فنوى في رمضان قضاء أو كفارة ولا يشترط تقييد رمضان بالسنة والشهر لإغناء التبييت عنه بل لو أخطأ في صفة المعين فنوى الغد وهو الأحد بظن الأثنين أو رمضان سنته وهى سنة اثنين بظن سنة ثلاث صح بخلاف ما لو نوى الحد ليلة الثنين أو رمضان سنة اثنتين في سنة ثلاث لأنه لم يعين الوقت ولا يشترط التعيين في النفل المؤقت وماله سبب بخلاف الصلاة لأن الصوم في الأيام المتأكد صومها منصرف إليها بل لو نوى به غيرها حصلت كتحية المسجد لأن المقصود وجود صوم فيها ولو كان عليه قضاء رمضانين فنوى صوم غد عن قضاء رمضان جاز وإن لم يعين كونه عن قضاء أيهما لأنه كله جنس واحد وكذا إذا كان عليه صوم نذر من جهات مختلفة فنوى صوم النذر جاز وإن لم يعين نوعه وكذا الكفارات من ليلة أي شرطنا نية الفرض مبينة من ليلة كل يوم وإن كان الناوى صبيا لخبر من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له رواه الدارقطنى وغيره وصححوه وهو محمول على الفرض بقرينة خبر عائشة المار فلا تجزئ النية مع طلوع الفجر لظاهر الخبر ولا تختص بالنصف الثاني من الليل لإطلاقه ولا يضر الأكل أو الجماع ولا يجب تجديدها إذا نام ثم تنبه قبل الفجر ولو شك في تقدمها على الفجر لم يصح صومه لأن الأصل عدم التقدم نعم إن تذكرها بعد ذلك صح وكذا لو نوى ثم شك أطلع الفجر أم لا ولو علم أن عليه صوما وجهل عينه فنوى صوما واجبا صح للضرورة كنظيره من الصلاة وعلم من قوله من ليلة عدم الاكتفاء بنية واحدة من أول الشهر ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد عن رمضان إن كان منه فكان منه وصامه لم يقع عنه للشك في انه منه حال النية فلم تكن جازمة إلا إن اعتقد كونه منه بقول من يثق به ولو عبدا أو أمرأة فإنه يقع عنه عملا بظنه حال نيته وللظن في مثل هذا حكم اليقين فتصبح النية المبنية عليه ولو نوى ليلة ثلاثى رمضان صوم غد منه وإن كان منه أجزأه إن كان منه لأن الأصل بقاؤه ولو اشتبه رمضان على نحو محبوس صام شهرا بالاجتهاد ولا يكفيه صوم شهر بدون اجتهاد وإن وافق رمضان فإن ما فق صومه بالاجتهاد رمضان فذاك واضح وإن وافق ما بعده أجزأه وهو القضاء على الأصح لأنه بعد الوقت فلو نقص وكان رمضان تاما لزمه يوم آخر ولو كان الأمر بالعكس فله إفطار اليوم الأخير إذا عرف الحال ولو وافق صومه شو الاحصل منه تسعة وعشرون إن كمل وثمانية وعشرون إن نقص فإن كان رمضان ناقصا فلا شئ عليه على التقدير الأول ويقضى يوما على التقدير الثانى وإن كان كاملا قضى يوما على التقدير الأول ويومين على التقدير الثاني ولو وافق صومه ذا الحجة حصل منه ستة وعشرون يوما إن كمل وخمسة وعشرون إن نقص فإن كان رمضان ناقصا قضى ثلاثة أيام على التقدير الأول وأربعة على التقدير الثانى وإن كان كاملا قضى أربعة على التقدير الأول وخمسة على التقدير الثانى ولو غلط بالتقديم وادرك رمضان بعد بيان الحال لزمه صومه ولو أدرك بعضه لزمه صومه فإن لم يتبين له الحال إلا بعد رمضان وجب عليه قضاؤه ولو نوت الحائض صوم غد قبل انقطاع دمها ثم انقطع ليلا صح صومها بهذه النية إن تم لها في الليل أكثر الحيض مبتدأة كانت أو معتادة وكذا إن تم لها قدر عادتها التى هى دون أكثر الحيض فإنه يصح صومها بتلك النية لأن الظاهر استمرار عادتها وإن لم يتم لها ما ذكر لم يصح صومها بتلك النية لعدم بنائها على أصل وكذا لو كانت لها عادات مختلفة وبانتفاء مفطر الصوم أي وشرط الصوم كائن بانتفاء مفطر الصيام حيض نفاس ردة الإسلام جنون كل اليوم فعلم أن شرط الصوم من حيث الفاعل النقاء عن الحيض والنفاس والولادة ولو بلا بلل فلا يصح صوم الحائض والنفساء ومن ولدت والإسلام فلا يصح صوم الكافر أصليا أكان أو مرتدا والعقل أي التمييز فلا يصح صوم غير المميز من صبي ومجنون كل اليوم أي يوم الصوم فلو حاضت أو نفست أو ولدت او ارتدا أو جن في أثناء اليوم بطل صومه كالصلاة لكن من ينام جميع يومه فصحح يصح كونه فعل أمر أو ماضيا مبنيا للمفعول الصيام لبقاء أهليته للخطاب بخلاف المغمى عليه إذ النائم يتنبه إذا نبه ولهذا يجب قضاء الصلاة الفائتة به دون الفائتة بالإغماء وإن يفق مغمى عليه بعض يوم الجمعةولو لحيظة تصغير لحظة يصح منه صوم ات لزمن الإغماء زمن الإفاقة فجعلوا الإغماء لقصوره عن الجنون وزيادته على النوم بينهما في الحكم فإن لم يفق لم يصح صومه ولو شرب دواء ليلا فزال عقله نهارا لم يصح صومه لأنه يفعله ولو شرب المسكر ليلا وصحا في بعض النهار ولم يزل عقله صح كالإغماء وكل عين عطف على قوله حيض أي وشرط الصوم من حيث الفعل كائن بانتفاء كل عين وصلت من الظاهر وإن لم تؤكل عادة كحصاة مسمى جوف وإن لم يحل الغذاء أو الدواء بمنفذ بفتح الفاء مفتوح والباء بمعنى في أومن أو سببية فلا يضر وصول الدهن إلى الجوف بتشرب المسام كما لو طلى رأسه أو بطنه به كما لا يضر اغتساله بالماء وإن وجد له أثرا في باطنه ولا يضر الاكتحال وإن وجد طعم الكحل بحلقه لأنه لا منفذ من العين إلى الحلق وإنما الواصل إليه من المسام وذكر صوما فلا يفطر بالأكل ناسيا وإن كثر ويشترط أيضا كونه مختارا فلا يبطل بالأكل مكرها عليه وإن كثر كالناسي وقصده وصول العين جوفه فلا يضر الإيجار والطعن في الجوف بلا اختيار وإن تمكن من دفع الطاعن إذ لا فعل له ولا وصول ذباب وغربلة دقيق وغبار طريق لعسر تجنبها بل لو تعمد فتح فيه للغبار حتى وصل جوفه لم يضر لأنه معفو عن جنسه ولو خرجت مقعدة المبسور ثم عادت لم يفطر وكذا إن أعادها لاضطراره إليه كما لا يبطل طهر المستحاضة بخروج الدم والجوف المذكور كالبطن والدماغ ثم المثن بضم الميم والثاء المثلثة جمع مثانةالمثلثة وهي مجمع البو ودبر وباطن من أذن ووصول العين إلى الأول يحصل بأكل أو شرب أو جائفة وإلى الثاني باستعاط أو مأمومة أو دامغة وإلى الثالث بتقطير في إحليل وإن لم يجاوز الحشفة وإلى الرابع بحقنة أو نحوها وإلى الخامس بنحو التقطير ولا بد أيضا من كونه عالما بالتحريم فلا يفطر بأكل مع جهل تحريمه لقرب عهده بالإسلام أو نشئه ببادية بعيدة عن العلماء ولا ببلع ريقه من معدنه لأنه لا يمكن الاحتراز عنه فلو خرج عن فمه لأعلى لسانه ثم رده إليه وابتلعه أو بل خيطا بريقه ورده إلى فمه كما يعتاد عند الفتل أو الغزل وعليه رطوبة تنفصل وابتلعها أو ابتلع ريقه مخلوطا بغيره أو متنجسا أفطر ولو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى جوفه من باطن أو دماغ فإن بالغ أفطر وإلا فلا لأنه متولد من مأمور به بغير اختيار فلو سبق من نحو رابعة أفطر وغسل الفم من النجاسة كالمضمضة بلا مبالغة والعمد للوطء أي وشرط الصوم انتفاء الوطء عمدا فيفطر بالوطء عمدا ولو بغير إنزال فلا يفطر بالوطء ناسيا أو مكرها أو جاهلا تحريمه بشرطه المار وباستقياء أي تكلف القيء فيفطر بعمده وإن لم يعد منه شيء إلى جوفه فهو مفطر لعينه لا لعود شيء منه بخلاف سهوه كالأكل سهوا وبخلاف غلبة القيء ولو اقتلع نخامة ولفظها لم يفطر لأن الحاجة إليه مما يتكرر فيرخص فيه فلو نزلت من دماغه وحصلت في حد الظاهر من الفم فليقطعها من مجراها وليمجها فإن تركها مع القدرة على ذلك فوصلت الجوف أفطر لتقصيره ولو لم تحصل في حد الظاهر من الفم أو حصلت فيه ولم يقدر على مجها وقطعها لم يضر قال الغزالي ومخرج الحاء المهملة من الباطن والخاء المعجمة من الظاهر قال الرافعي وهو ظاهر لأن المهملة تخرج من الحلق والحلق باطن والمعجمة تخرج مما يلي الغلصمة قال ويشبه أن يكون قدره مما بعد مخرج الحاء من الظاهر أيضا قال النووي والمختار أن المهملة أيضا من الظاهر وعجيب ضبطه بها وهي من وسط الحلق لا بالهاء والهمزة التي كل منهما من أقصاه وأما المعجمة فمن أدناه انتهى أو أخرج المنى باستمناء أي وهو تعمد إخراج المنى بغير جماع فيفطر به إذا كان مختارا عالما بتحريمه عامدا ولو كان بنحو قبلة ولمس ومباشرة فيما دون الفرج لأنه إذا أفطر بالوطء بلا إنزال فبالإنزال بمباشرة فيها نوع شهوة أولى بخلاف خروج المنى بنظر أو فكر أو ضم المرأة إلى نفسه بحائل وإن تكررت الثلاثة بشهوة إذ لا مباشرة كالاحتلام مع أنه يحرم تكريرها وإن لم ينزل ولو لمس شعرها فأنزل لم يفطر وكذا لو حك ذكره لعارض فأنزل لتولده من مباشرة مباحة ولو قبلها وفارقها ساعة ثم أنزل فإن كانت الشهوة مستصحبة والذكر قائما أفطر وإلا فلا ولو أنزل بلمس عضوها المبان لم يفطر هذا كله في الواضح أما المشكل فلا يضر وطؤه وإمناؤه بأحد فرجيه لاحتمال زيادته وسن لصائم فرضا أو نفلا مع علم الغروب للشمس يفطر تقديره أن يفطر كما في تسمع بالمعيدي خير من أن تراه بسرعة بتناول المأكول أو المشروب وإلا فقد أفطر بالغروب لخبر لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وخرج بعلم الغروب ظنه فلا يسن إسراع الفطر به ولكنه يجوز وفي الشك فيه فيحرم به وعكسه التسحر أي يسن له تأخير السحور مع علمه ببقاء الليل لخبر لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور ويسن للصائم السحور لخبر تسحروا فإن في السحور بركة والسحور بفتح السين المأكول في السحر وبضمها الأكل حينئذ ويدخل وقته بنصف الليل ويحصل بقليل المطعوم وكثيره ولو بجرعة ماء وخرج بعلم بقاء الليل ظنه والشك فيه فالأفضل تركه والفطر بالماء لفقد التمر أي يسن له أيضا الفطر بالتمر ويقدم عليه الرطب ويحصل أصل السنة بتمرة وكمالها بجمع فإن لم يجد ذلك فبالماء والقصد بذلك أن لا يدخل جوفه أو لا ما مسته النار و يسن غسل من أجنب أو انقطع حيضها أو نفاسها قبل الفجر ليلا ليؤدي العبادة من أولها على الطهارة ولا يفسد بتأخيره الصوم وأن يقول عند فطره اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت وأن يصون لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة والمشاتمة ونحوها وترك الشهوات التي لا تبطل الصوم كشم الرياحين والنظر إليها ولمسها لما في ذلك من الترفه الذي لا يناسب حكمة الصوم وأن يحترز عن القبلة إن لم تحرك شهوته وإلا فهي في صوم الفرض حرام وأن يكثر الصدقة وتلاوة القرآن في رمضان والاعتكاف فيه لا سيما في العشر الأخير منه ويكره العلك بفتح العين أي مضغه لأنه يجمع الريق فإن ابتلعه أفطر في وجه ضعيف وإن ألقاه عطشه ويكره أيضا مضغ الخبز وغيره إلا إن دعت له حاجة لنحو طفل ليس له من يقوم به أو يمضغ التمر لتحنيكه وذوق للطعام أو غيره خوف وصوله إلى جوفه واحتجام وفصد لأنهما يضعفانه وللخروج من الخلاف في الفطر بهما وما تقرر من كراهتهما هو ما جزم به في الروضة وأصلها لكن جزم في المجموع بأنهما خلاف الأولى قال الأسنوي وهو المنصوص وقول الأكثرين فلتكن الفتوى عليه وهو مقتضى كلام المنهاج وأصله ويكره أن يحجم غيره أيضا كما جزم به المحاملي ومج ماء عند فطر من صيام أي يكره له أن يتمضمض بماء ويمجه عند فطره وأن يشربه ويتقايأه إلا لضرورة وكره بعضهم أن يتمضمض بماء ويمجه أما استياك صائم فرضا أو نفلا بعد الزوال فمكروه على المشهور ومقابله قومه فاختير لم يكره ونقله الترمذي عن الشافعي وبه قال المزني واختاره جماعة منهم النووي وابن عبد السلام وأبو شامة ويحرم الوصال في الصوم نفلا كان أو فرضا وهو أن يصوم يومين أو أكثر ولا يتناول في الليل مطعوما عمدا بلا عذر ذكره في المجموع ومقتضاه أن الجماع ونحوه لا يمنع الوصال وهو ظاهر المعنى لأن تحريم الوصال للضعف وترك الجماع ونحوه لا يضعف بل يقوى لكن قال في البحر هو أن يستديم جميع أوصاف الصائمين وذكر الجرجاني وابن الصلاح نحوه قال وتعبير الرافعي بأن يصوم يومين يقتضى أن المأمور بالإمساك كتارك النية لا يكون امتناعه ليلا من تعاطي المفطر وصالا لأنه ليس بين صومين إلا أن الظاهر أنه جرى على الغالب 1هـ وسنة صيام يوم عرفة لغير الحاج وهو التاسع من ذي الحجة لخبر صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده رواه مسلم وفيه تأويلان أحدهما أن الله يغفر له ذنوب سنتين وثانيهما أن الله يعصمه في هاتين السنتين عن المعصية والمعنى في تكفير هذا سنتين أن الله اختص بصيامه هذه الأمة فأكرموا بتكفير سنتين أن الله اختص بصيامه هذه الأمة فأكرموا بتكفير سنتين بخلاف عاشوراء فإنه شاركهم فيه الأمم قبلهم والمكفر الصغائر كما قاله الإمام ويوم عرفة أفضل أيام السنة أما الحاج فلا يسن له صيامه بل يسن له فطره إلا لمن في الحج حيث أضعفه بخلاف ما إذا يضعفه صومه عن الدعاء وأعمال الحج فيسن له صومه وهذا وجه والأصح أنه يسن له فطره وإن كان قويا ليقوى على الدعاء فصومه له خلاف الأولى وفي نكت التنبيه للنووي أنه يسن صومه لحاج لم يصل عرفة إلا ليلا لفقد العلة وهو محمول على غير المسافر أما هو فيسن له فطره مطلقا ويسن صوم ثامن الحجة احتياطا لعرفة بل يسن صوم عشر ذي الحجة غير العيد وست شوال بعد يوم العيد لخبر من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر رواه مسلم وروى النسائي خبر صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام من شوال بشهرين فذلك صيام السنة وخص شوال بذلك لمشقة الصيام مع تشوف النفس إلى الأكل وصبرها على طول الصوم وحذف تاء التأنيث عند حذف المعدود جائز كما سلكه الناظم تبعا للخبر وبالولاء أولى من تفريقها ومتصلة بيوم العيد أولى من صومها غير متصلة به مبادرة للعبادة و يسن صوم عاشورا ممدود وقصره في النظم وهو عاشر المحرم وتاسوعاء وهو تاسعة لخبر صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله وقال لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع فمات قبله رواهما مسلم ويسن صوم الحادي عشر أيضا وحكمة صوم تاسوعاء مع عاشوراء الاحتياط لعاشوراء ولمخالفة اليهود و يسن صوم الاثنين و كذا يوم الخميس لأنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صومهما وقال تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم والمراد عرضها على الله تعالى وأما رفع الملائكة لها فإنه الليل مرة وبالنهار مرة ولا ينافي ذلك رفعها في شعبان لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة وأعمال العام جملة مع أيام بيض أي يسن صومها أيضا وهي الثالث عشر من غير ذي الحجة وتالياه أما منه فيصوم بدله السادس عشر والمعنى أن الحسنة بعشرة أمثالها فصومها كصوم الشهر ومن ثم سن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ولو غير أيام البيض والحاصل أنه يسن صوم ثلاثة أيام وأن تكون أيام البيض فإن صامها أتى بالسنتين ويسن صوم أيام السود الثامن والعشرين وتالييه فإن نقص الشهر عوض بأول الشهر لأن ليلته كلها سوداء وخصت أيام البيض وأيام السود بذلك لتعميم ليالي الأولى بالنور والثانية بالسواد فناسب صوم الأولى شكرا والثانية لطلب كشف السواد ولأن الشهر ضيف قد أشرف على الرحيل فناسب تزويده بذلك والاحتياط صوم الثاني عشر مع أيام البيض وصوم السابع والعشرين مع أيام السود ويكره إفراد الجمعة وإفراد السبت وإفراد الأحد بالصوم وأما صوم الدهر غير العيدين والتشريق فمكروه لمن خاف به ضررا أو فوات حق ومستحب لغيره وعلى الحالة الأولى حمل خبر مسلم لا صام من صام الأبد وأجزا أي جوز لمن شرع في صوم النفل أو غيره أو في فرض كفاية أن يقطعه بلا قضا لئلا يغير حكم المشروع فيه ولخبر الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ويقاس بالصوم غيره ويكره له قطع ذلك بلا عذر وإذا قطعه أثيب على ما مضى إن كان بعذر وإلا فلا وإنما وجب إتمام الحج والعمرة لأن نفلهما كفرضهما نية وكفارة وغيرهما وإتمام صلاة الميت والجهاد لئلا تنتهك حرمة الميت ويحصل الخلل بكسر قلوب الجند ولم يجز قطع لما قد فرضا وألف فرضا للإطلاق عينا سواء أكان صوما أم صلاة أم غيرهما أداء كان أم قضاء ولو موسعا لأنه شرع في الفرض ولا عذر له في الخروج منه ومن شرط صوم أيضا قبول اليوم لذلك الصوم وقد أشار إلى ذلك فقال ولا يصح صوم يوم العيد الفطر أو الأضحى لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى ويوم تشريق أي ولا أيام التشريق الثلاثة ولو للمتمتع العادم للهدى لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيامها ولأنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ولا ترديد أي ولا يوم شك في أنه من رمضان لأنه غير قابل للصوم بلا سبب كما سيأتي لقول عمار بن ياسر من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أصحاب السنن الأربعة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم وعلقه البخاري وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤية الهلال ليلته ولم يثبت أو شهد به عدد من النساء أو العبيد أو الفساق أو الصبيان وظن صدقهم والسماء مصحية بخلاف ما إذا أطبق الغيم فليس بشك وإن تحدث الناس برؤيته أو شهد بها من ذكر ولا أثر لظننا الرؤيا لولا الغيم نعم من اعتقد صدق من قال إنه رآه ممن ذكر يجب عليه الصوم كما تقدم أول الباب وصحة نية المعتقد لذلك الباب ومحل عدم قبوله للصوم إذا كان بغير سبب وإلا فيصح صومه كما أشار إليه بقوله لا أن يوافق عادة له كمن يسرد الصوم أو يصوم يوما معينا كالاثنين والخميس فوافق أحدهما فيصح صومه نظرا للعادة ولخبر لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه وتقدموا أصله تتقدموا بتاءين حذفت منه إحداهما تخفيفا أو نذرا أي إلا أن يوافق نذرا بأن صامه عن نذر أي أو قضاء أو كفارة فإنه يصح صومه قياسا على الورد ولا يشكل الخبر بخبر إذا انتصف شعبان فلا تصوموا لتقدم النص على الظاهر وسواء في القضاء الفرض والنفل ولا كراهة في صومه لورد وكذا الفرض فلو أخر صوما ليوقعه يوم الشك فقياس كلامهم في الأوقات المكروهة تحريمه وعدم انعقاده ولا خلاف في أنه لا يجوز صومه احتياطا لرمضان أو وصل الصوم بصوم مرا والألف للإطلاق أي يصح صومه إذا وصله بما قبل نصف شعبان بخلاف ما إذا وصله بما بعده فلا يصح صومه لأنه إذا انتصف شعبان حرم الصوم بلا سبب إن لم يصله بما قبله ولا يصح صوم شيء من رمضان عن غيره ولو في سفر أو مرض لتعين الوقت له فلو لم يبيت النية فيه ثم أراد أن يصومه نفلا لم يصح بل يلزمه الإمساك والقضاء ولو نذر صوم يوم معين قبل غير النذر يكفر وجوبا المفسد صوم يوم من رمضان وإن انفرد برؤية هلاله إن يطأ بإدخال الحشفة ولو بحائل في قبل أو دبر أو بهيمة وإن لم ينزل مع إثم أي أثم به بسبب الصوم لخبر جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت قال وما أهلكك قال واقعت امرأتي في رمضان قال هل تجد ما تعتق رقبة قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا قال لا ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر والعرق بالفتح مكتل ينسج من خوص النخل فقال تصدق بهذا فقال على أفقر منا يا رسول الله فوا الله لأبتيها أهل بيت أحوج إليه منا فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال اذهب فأطعمه أهلك ويؤخذ منه أن محل عدم أكل المكفر من كفارته إذا كفر عن نفسه فإن كفر عنه غيره وأذن المكفر في إطعام أهله منه جاز وخرج بالمفسد غيره كمن جامع ناسيا أو مكرها أو جاهلا بشرطه وبالصوم غيره من سائر العبادات وبرمضان غيره كقضاء ونذر وكفارة لورود النص في رمضان وهو مختص بفضائل لا يشاركه فيها غيره إذ هو سيد الشهور وبالجماع غيره كاستمناء وأكل لورود النص في الجماع وهو أغلظ من غيره وبقوله مع إثم ما إذا لم يأثم به كجماع المسافر والمريض بنية الترخص والصبي ومن ظن الليل وقت جماعه فبان نهارا فبان نهارا أو من جامع عامدا بعد أكله ناسيا وظن أنه أفطر به وإن كان الأصح بطلان صومه بالجماع وبقولنا بسبب صومه ما لو أفسد المسافر والمريض صومهما بالزنا أو بغيره لكن بغير نية الترخص فإن إثمهما ليس للصوم بل له مع عدم نية الترخص في الثانية وللزنا في الأول فلا تجب الكفارة لأن الإفطار مباح فيصير شبهة في درئها والكفارة الواجبة بالجماع المذكور مرتبة كمثل كفارة من ظاهر كما سيأتي الكلام عليها في باب الظهار وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا والكفارة على الواطئ لا على المرة لغة في المرأة وإن كانت صائمة وبطل صومها إذ لم يؤمر بها إلا الرجل المواقع مع الحاجة إلى البيان ولنقصان صومها بتعرضه للبطلان بعروض الحيض أو نحوه فلم تكمل حرمته حتى تتعلق به الكفارة ولأنها غرم مالى يتعلق بالجماع فيختص بالرجل الواطئ كالمهر فلا تجب على االموطوءة ولا على الرجل الموطوء في دبره وأورد على الضابط ما لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام فإنه تلزمه الكفارة مع انه لا إفساد إذ هو فرع الانعقاد ولم ينعقد و ما لو جامع معذور امرأته فإنه لا كفارة بإفساد صومها كما مر وما لو جامع شاكا في الغروب فإنه لا كفارة وإن بان له الحال للشبهة كما في التهذيب وأجيب عن الأولى لأنها مفهومة من الضابط بالمساواة وعن الثانية بمنع صدق الضابط إذ محله في إفساد صومه ولأن المفسد لصومها هي بتمكينها لا الوطء مع أنها إذا مكنت ابتداء إنما يبطل صومها بدخول بعض الحشفة باطنها لا بالجماع وعن الثالثة بأن الكلام تعريفه السياق فيما إذا علم حالة الجماع بأنه وطئ وهو صائم وكررت وجوبا لكفارة إن الفساد كرره بأن جامع في يومين ولو من رمضان واحد وإن لم يكفر عن الأول إذ كل يوم عبادة برأسها فلا تتداخل كفارتهما كالحجتين إذا جامع فيهما بخلاف الحدود المبنية على التساقط وبخلاف ما إذا تكرر الجماع في يوم واحد لعدم تكرر الفساد وحدوث السفر بعد الجماع لا يسقط الكفارة وكذا المرض لأنهما لا ينافيان الصوم فتتحقق هتك حرمته ويجب معها قضاء يوم الإفساد وتستقر في ذمة العاجز عنها كجزاء الصيد لأن حقوق الله المالية إذا عجز عنها وقت وجوبها فإن كانت بغير سبب من العبد كزكاة الفطر لم تستقر في ذمته وإن كانت بسبب منه استقرت في ذمته سواء أكانت على وجه البدل كجزاء الصيد وفدية الحلق أم لا ككفارة الظهار والقتل والجماع واليمين ودم التمتع والقران ولازم بالموت دون صوم بعد تمكن من قضاء رمضان أو صوم الكفارة أو النذر ولم يصم في تركته لكل يوم مد طعام غالب في القوت من أرض وجوبه وجنسه جنس الفطرة سواء أترك الأداء بعذر أم بغيره لخبر من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا وأفهم كلامه عدم الصوم عنه وهو الجديد لأنه عبادة بدنية لا تدخلها النيابة في الحياة فكذلك بعد الموت كالصلاة وفي القديم يجوز لوليه أن يصوم عنه وصححه النووي وصوبه بل قال يسن له ذلك لخبر الصحيحين من مات وعليه صيام صام عنه وليه والمراد بالولي مطلق القرابة لخبر مسلم إن امرأة قالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها قال صومي عن أمك وهو يبطل اعتبار ولاية المال والعصوبة ولو صام عنه ثلاثون بالإذن في يوم واحد أجزأ كما قاله الحسن البصري وكالولي في ذلك مأذونه ومأذون الميت أما من مات قبل تمكنه من قضاء الصوم كأن مات عقب رمضان أو استمر به العذر إلى موته فلا فدية عليه إن فاته الصوم بعذر وإلا فكمن مات بعد تمكنه منه ومصرف المدهنا وفيما يأتي الفقراء أو المساكين لأن المسكين ذكر في الآية والخبر والفقير أسوأ حالا منه أو داخل فيه على ما هو المعروف من أن كلا منهما منفردا يشمل الآخر وله صرف إمداد إلى شخص واحد ولا يجوز صرف مد منها إلى شخصين لأن كل مد كفارة ومد الكفارة لا يعطي أكثر من واحد ومن أخر قضاء رمضان مع تمكنه حتى دخل رمضان آخر لزمه مع القضاء لكل يوم مد بمجرد دخول رمضان والأصح تكرر بتكرر السنين وأنه لو أخر مع تمكنه منه فمات أخرج من تركته لكل يوم مد للفوات ومد للتأخر وجوز يصح كونه أمرا وماضيا مبنيا للفاعل أو للمغعول الفطر من الصوم الواجب لخوف موت على نفسه أو غيره كأن رأى غريقا لا يتمكن من إنقاده إلا بفطرة والتعبير بالجواز لا ينافيه تصريح الغزالى وغيره بوجوب الفطر بذلك لأنه يجامعه أو خوف مرض وهو ما مر بيانه في التيمم لقوله تعالى {فمن كان مريضا أو على سفر} أي فأفطر فعدة من أيام أخر ثم أن أطبق المرض كان له ترك النية وإن كان يحن تارة وينقطع أخرى فإن كان ذلك وقت الشروع فله تركها وإلا فعليه أن ينوى فإن عادو احتاج إلى الإفطار ومن غلبه الجوع أو العطش فحكمه حكم المريض وسفر أي يجوز الفطر أيضا من الصوم الواجب لسفر إن يطل وهو سفر القصر وكان مباحا ثم إن تضرر به فالفطر أفضل وإلا فالصوم أفضل لقوله تعالى {وان تصوموا خير لكم} ولبراءة الذمة وفضيلة الوقت نعم إن شك في جواز الفطر به أو كره الأخذ به أو كان ممن يقتدى به فالفطر أفضل وخرج بالسفر المذكور السفر القصير وسفر المعصية ولو أصبح المقيم صائما فمرض أفطر وإن سافر فلا تغليبا للحضر ولو أصبح المريض والمسافر صائمين ثم أراد الفطر جاز لهما لدوام عذرهما ولم يكره فلو أقام المسافر وشفي المريض حرم عليكما الفطر لزوال عذرهما وكل من أفطر بعذر أو غيره لزمه القضاء سوى صبى ومجنون وكافر أصلى فيقضى المريض والمسافر والحائض والنفساء ومن ولدت ولدا جافا وذو إغماء وسكر استغرقا والمجنون زمن سكره ويقضى المرتد زمن جنونه ويندب للمرتد حتى زمن التتابع في القضاء ولو بلغ الصبي بالنهار مفطرا أو أفاق المجنون فيه أسلم الكافر فيه فلا قضاء عليهم لأن ما أدركوه منه لا يمكن صومه ولم يؤمروا بالقضاء ولا يلزمهم إمساك بقية النهار ويلزم الإمساك من تعدى بالفطر أو نسى النية لأن نسيانه يشعر بترك اهتمامه بالعبادة فهو ضرب تقصير وكذا من أكل يوم الشك ثم ثبت كونه من رمضان بخلاف مسافر أو مريض زال عذره بعد الفطر او قبله ول ينو ليلا وإمساك بقية اليوم من خواص رمضان بخلاف النذر والقضاء والكفارة وخوف مرضع على الرضيع وإن لم يكن ولدها وذات حمل منه على نفسها وخدهما أو مع ولديهما يبيح الفطر من الصوم الواجب ضرا بدا أي ظهر بأن يبيح التيمم ويوجب فطرهما القضاء عليهما دون الافتدا أي الفدية كالمريض ومفطر لهرم أي كبر لا يطيق معه الصوم أو تلحقه به مشقة شديدة يجب عليه لكل يوم مد طعام وكذا من لا يطيقه لمرض لا يرجى برؤه كما مر بلا قضاء صوم والمد واجب ابتداء فلو قدر بعد الصوم لم يلزمه القضاء ولا ينعقد نذره الصوم و لو عسر بالفدية استقرت في ذمته كما مر أما استقرارها كالقضاء في حق المريض والمسافر فمقتضى النظم كأصله والروضة وأصلها الاستقرار لكن قال في المجموع ينبغي تصحيح سقوطها لأنها ليست في مقابلة جناية بخلاف الكفارة والمد والقضا بالقصر لازم لذات الحمل او مرضع أي لكل منهما إن خافتا للطفل واللام في للطفل تعليليه أو بمعنى على والضر المخوف هنا معلوم من المرض نعم المتحيرة لا فدية عليها لاحتمال كونها حائضا ويؤخذ من العلة أن محله إذا أفطرت ستة عشر يوما فأقل أما إذا زادت عليها فيلزمها الفداء عن الزائد لأنه المتيقن فيه طهرها بدليل أنه لا يصح لها من رمضان التام إلا أربعة عشر يوما ولا تتعدد الفدية بتعدد الولد ويلحق بالمرضع في لزوم الفدية مع القضاء من أفطر لانقاد مشرف على هلاك بغرق أو غيره لأنه فطر ارتفق به شخصان فيتعلق به بدلان القضاء والفدية كما في الحامل والمرضع ولو أفطر لانقاد مال محترم غير حيوان فلا فدية ومراد الرافعى في المحتاج إلى الفطر لانقاد المذكور بأن له ذلك أنه واجب عليه.
492 - سُنَّ وإنما يَصِحُّ إِنْ نَوَى *** بالمسجد المُسلمُ بعد أن ثَوَى 493 - لو لحظَةً وسُنَّ يوما يَكْمُلُ *** وجامِعٌ وبالصيامِ أفضَلُ 494 - وأبطَلُوا إِن نَذَرَ التَّوالِي *** بالوَطْءِ والَّلمْسِ مَعَ الإِنزَالِ 495 - لا بِخُروجٍ مِنهُ بالنِّسيانِ *** أو لقَضَاءِ حاجَةِ الإنسانِ 496 - أو مَرَضٍ شَقَّ مَعَ المُقَامِ *** والحَيضِ والغُسْلِ مِنَ احتِلامِ 497 - والأكلِ والشُّربِ أو الأذانِ *** من راتِبٍ والخَوْفِ مِن سُلطانِ باب الاعتكاف: هو لغة اللبث والحبس والملازمة على الشئ خيرا كان أو شرا وشرعا لبث شخص مخصوص في مسجد بنية والأصل فيه الاجماع والأخبار وهو من الشرائع القديمة وأركانه لبث ونية ومعتكف ومعتكف فيه كما يعلم من كلامه سن الاعتكاف كل وقت لا يجب إلا بالنذر وهو في العشر الأخيرة من رمضان أفضل منه في غيره طلبا لليلة القدر التى هي خير من الف شهر وميل الشافعى إلى أنها ليلة الحادى أو الثالث والعشرين وتلزم ليلة بعينها وهى باقية إلى يوم القيامة وعلاماتها انها ليلة طلقة لا حارة ولا باردة وتطلع الشمس صبيحتها بيضاء ليس لها شعاع ويسن لمن رآها كتمها وأن يكثر فيها من قول اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى وأن يجتهد في يومها كليلتها ويحصل أصل فضلها لمن صلى العشاء والصبح في جماعة وإن لم يعلمها وإنما يصح الاعتكاف إن نوى في ابتدائه كالصلاة لأنها تميز العبادة عن العادة وإن في كلامه شرطية أو مصدرية اي بأن نوى ويتعرض في نذره للفرضية أو النذر ليمتاز عن النفل وإذا أطلق الاعتكاف كفت نيته وإن طال مكثه نعم لو خرج من المسجد ولو لقضاء الحاجة ولم يكن قدر زمنا لاعتكافه احتاج إلى أستئناف النية لأن ما مضى عبادة تامة والثانى اعتكاف جديد إلا أن يعزم عند خروجه على العود فلا يجب تجديدها وأن طال زمن خروجه ووجد منه منا في الاعتكاف لا منافى النية ويصير كنية المدتين ابتداء كما في زيادة عدد ركعات النافلة ولو نوى مدة كيوم أو شهر فخرج فيها وعاد فإن خرج لغير قضاء الحاجة لزمه استئناف النية وإن لم يطل الزمان لقطعه الاعتكاف أولها فلا يلزمه وأن طال الزمان لأنها لا بد منها فهى كالمستثنى عند النية ولو نذر مدة متتابعة فخرج لعذر لا يقطع التتابع وعاد لم يجب استئناف النية لشمولها جميع المدة أو لعذر يقطع التتابع كعيادة المريض وجب استئنافها عند العود بالمسجد متعلق بقوله نوى أي إنما يصح الاعتكاف في المسجد للاتباع وللاجماع ولقوله تعالى {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} إذ ذكر المساجد لا جائز أن يكون لجعلها شرطا في منع مباشرة المعتكف لمنعه منها وإن كان خارج المسجد ولمنع غيره أيضا منها في المسجد فتعين كونها شرطا لصحة الاعتكاف وليس لنا عبادة تتوقف صحتها على مسجد إلا التحية والاعتكاف والطواف ولو عين المسجد الحرام في نذره الاعتكاف تعين وكذا مسجد المدينة والمسجد الأقصى إذا عينهما في نذره تعينا فلا يقوم غيرها مقامها لمزيد فضلها فقد قال صلى الله عليه وسلم لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدى هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ويقوم المسجد الحرام مقامها ولا عكس لمزيد فضله عليهما ويقوم مسجد المدينة مقام الأقصى ولا عكس لأن مسجد المدينة أفضل من المسجد الأقصى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدى هذا أفضل من الف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا رواه أحمد وصححه ابن ماجه ولو عين زمن الاعتكاف في نذرة تعين على الصحيح فلا يجوز التقديم عليه ولو تأخر كان قضاء المسلم فاعل نوى أي شرط المعتكف الإسلام أي والعقل والنقاء عن حيض ونفاس وجنابة ولو صبيا ورقيقا وزوجة لكن يحرم بغير إذن السيد والزوج فلهما إخراجهما منه وكذا من تطوع أذنا فيه نعم للمكاتب أن يعتكف بغير إذن سيده إذ لا حق له في منفعته كالحر وكذا للرقيق إذا اشتراه سيده بعد نذره اعتكاف زمن معين بإذن بائعه وقياسه في الزوجة كذلك والمبعض إن لم يكن بينه وبين سيده مهايأة فكالرقيق وإلا فهو في نوبته كالحر وفي نوبة سيده كالرقيق وخرج بالمسلم الكافر وبالعاقل المجنون والسكران والمغمى عليه والصبي غير المميز فلا يصح اعتكافهم إذ لا نية لهم وبالنقاء عما ذكر الحائض والنفساء والجنب فلا يصح اعتكافهم لحرمة المكث في المسجد عليهم بعد أن ثوى بالمثلثة أي أقام يقال ثوى يثوى مثل مضى يمضى إذ لا بد لصحة الاعتكاف من لبث في مسجد لو لحظة ومترددا قدر ما يسمى عكوفا أي إقامة لإشعار لفظه به وذلك بأن يزيد على قدر طمأنينة الصلاة فلا يكفى مجرد عبوره ولا أقل ما يكفى في طمأنينة الصلاة وسن يوما يكمل خروجا من خلاف القائل بأن الصوم شرط في صحته وجامع أفضل من بقية المساجد للخلاف ولكثرة الجماعة وللاستغناء عن الخروج للجمعة بل يتعين فيما لو نذر اعتكاف مدة متتابعة تتخللها جمعة وهو من أهلها لأن الخروج لها يقطع التتابع و الاعتكاف بالصيام أفضل منه بدونه لما مر وإذا نذر مدة متتابعة لزمه التتابع لأنه وصف مقصود ويلزمه اعتكاف الليالي المتخللة بينها ولا يجب بدون شرط وفارق ما لو حلف لا يكلم زيدا شهرا بأن المقصود في اليمين الهجران ولا يتحقق بدون التوالي ولو نوى التتابع ولم يتلفظ به لم يلزمه كما لو نذر أصل الاعتكاف بقلبه ويخرج من عهدة التفريق بالتتابع لأنه أفضل لو ونذر يوما لم يجز تفريق ساعاته لأنه المفهوم من لفظ اليوم المتصل ولو نذر مدة متتابعة وفاتت لزمه التتابع في قضائها وإذا ذكر التتابع وشرط الخروج لعارض مباح مقصود غير مناف صح الشرط فإن عين العارض خرج لما عينه دون غيره وإن كان أهم وإن أطلق فقال لا أخرج إلا لعارض أو شغل خرج لكل شغل ديني كالعبادة أو دنيوي مباح كلقاء السلطان وليست النزهة من الشغل ولو نذر اعتكافا وقال إن اخترت جامعت أو إن اتفق لي جماع لم ينعقد نذره ويلزمه العود بعد قضاء الشغل ولا يجب قضاء الزمن المصروف لعارض إن عين المدة كهذا الشهر لأن النذر في الحقيقة لما عداه وإلا فيجب تداركه لتتم المدة وتكون فائدة الشرط تنزيل ذلك العارض منزلة قضاء الحاجة في أن التتابع لا ينقطع به وأبطلوا أي العلماء الاعتكاف إن نذر التوالي فيه بالوطء وإن لم ينزل إن كان ذكرا عالما بتحريم الجماع فيه مختارا سواء أجامع في المسجد أم عند الخروج منه لقضاء الحاجة لانسحاب حكم الاعتكاف عليه حينئذ وبالمباشرة بشهوة كالوطء فيما دون الفرج واللمس والقبلة مع الإنزال لزوال الأهلية بمحرم كالصوم فإن لم ينزل أو أنزل بنظر أو فكر أو لمس بلا شهوة أو احتلام لم يبطل اعتكافه ومحل ذلك في الواضح أما المشكل فلا يضر وطؤه وإمناؤه بأحد فرجيه لاحتمال زيادته كالصوم ويبطل أيضا بالخروج من المسجد من غير عذر وإن قل زمنه لمنافاته اللبث حيث كان عامدا عالما مختارا لا بخروج منه بالنسيان وإن طال زمن خروجه أو الإكراه ولا يضر إخراج بعض أعضائه كرأسه أو يده أو إحدى رجليه أو كلتيهما وهو قاعد ماد لهما لأنه لا يسمى خارجا فإن أخرج إحداهما واعتمد عليها وحدها ضر بخلاف ما لو اعتمد عليهما أو لقضاء حاجة الإنسان من بول أو غائط لأنه لابد منه فهو كالمستثنى أولا ولا يضر بعد داره عن المسجد مالم يفحش بعدها منه فيضر إذ قد يأتيه البول إلى أن يرجع فيبقى طول يومه في الذهاب والرجوع ويستثنى ما إذا لم يجد في طريقه موضعا لقضاء حاجته أو كان لا يليق به قضاؤها في غير داره فلا ينقطع حينئذ ولا يكلف فعلها في سقاية المسجد لما فيه من خرم المروءة ولا بدار صديقه بجوار المسجد للمنة والظاهر كما قاله الأذرعي أن من لا يحتشم السقاية لا يجوز له مجاوزتها إلى منزله ولو كان له منزلان لم يفحش بعدهما تعين أقربهما لاستغنائه عن أبعدهما ولو عاد مريضا أو صلى على جنازة في طريقه لقضاء الحاجة لم ينقطع ما لم يطل وقوفه أو يعدل عن طريقه ولو كثر خروجه لقضاء الحاجة لعارض اقتضاه لم ينقطع التتابع نظرا إلى جنسه ولا يكلف في الخروج الإسراع بل يمشي على سجيته المعهودة وإذا فرغ منها واستنجى فله أن يتوضأ خارج المسجد لأنه تبع لها بخلاف ما لو خرج له مع إمكانه في المسجد فإنه يقطع في الأصح أو مرض شق مع المقام بضم الميم الإقامة أي لا ينقطع التتابع للخروج لمرض شق معه المقام أي الإقامة في المسجد سواء أكان ذلك للحاجة إلى الفراش والخادم وتردد الطبيب أم لخوف تلويث المسجد منه كالإسهال وإدرار البول بخلاف الحمى الخفيفة والصداع ونحوهما وفي معنى المرض الجنون والإغماء اللذان يشق معهما المقام فيه والحيض أي لا ينقطع التتابع بخروج المرأة لحيض وقد طالت مدة الاعتكاف بأن كانت لا تخلو عنه غالبا كشهر لكونها معذورة فتبنى على المدة الماضية إذا طهرت كما لو حاضت في صوم الشهرين عن الكفارة فإن كانت بحيث تخلو عنه انقطع لأنها بسبيل من أن تشرع في الاعتكاف عقب طهرها منه فتأتي به زمن الطهر والنفاس كالحيض وفي حكمهما كل ما لا يمكن معه اللبث في المسجد من النجاسات كدم وقيح والغسل من احتلام أي لا ينقطع التتابع بخروجه للغسل من الاحتلام وإن أمكن اغتساله في المسجد من غير لبث لأن الخروج أقرب إلى المروءة والصيانة للمسجد لحرمته ويلزمه أن يبادر به لئلا يبطل تتابع اعتكافه والأكل أي لا ينقطع أيضا بخروجه للأكل لأنه يستحيا منه في المسجد والشرب عند العطش ولم يجد الماء في المسجد أو لم يمكنه الشرب فيه فإن أمكنه الشرب فيه لم يجز الخروج له فإن خرج له التتابع لأنه لا يستحيا منه فيه ولا يخل بالمروءة أو الأذان من راتب بمنارة للمسجد منفصلة عنه وعن رحبته قريبة منهما لإلفه صعودها للأذان وإلف الناس صوته بخلاف خروج غير الراتب للأذان وخروج الراتب لغير الأذان أو للأذان لكن بمنارة ليست للمسجد أو له لكن بعيدة عنه وعن رحبته أما التي بابها في المسجد أو في رحبته فلا يضر صعودها للأذان ولا لغيره كسطح المسجد وسواء أكانت في نفس المسجد أم الرحبة أم خارجة عن سمت البناء وتربيعه والخوف من سلطان أي لا ينقطع الاعتكاف بالخروج للخوف من سلطان ظالم أو نحوه وإن طال استتاره وفهم من كلامه أنه لا ينقطع التتابع بالخروج مكرها وهو كذلك نعم إن خرج مكرها بحق مطل به قطع لتقصيره بعدم الوفاء.
498 - الحَجُّ فَرْضٌ وكذاكَ العُمرَهْ *** لم يَجِبَا في العُمْرِ غيرَ مَرَّهْ 499 - وإنما يَلْزَمُ حُرَّاً مُسلِمَا *** كُلِّفَ ذا استِطَاعَةٍ لكُلِّ مَا 500 - يَحتاجُ مِن مأكُولٍ اوْ مَشرُوبِ *** إلى رُجُوعِهِ ومِنْ مَركُوبِ 501 - لاقَ بِهِ بشَرطِ أَمْنِ الطُّرُقِ *** ويُمكِنُ المَسِيرُ في وقتٍ بَقِي 502 - أركانُهُ الإحرامُ بالنِّيَّةِ قِفِ *** بعد زوالِ التِّسعِ إذ تُعَرِّفِ 503 - وطافَ بالكعبةِ سَبْعَاً وسَعَى *** مِنَ الصَّفَا لمَرْوَةٍ مُسَبِّعَا 504 - ثُم أَزِلْ شَعْرَاً ثلاثَاً نَزْرَهْ *** وما سِوَى الوُقُوفِ رُكنُ العُمْرَهْ 505 - والدَّمُ جابِرٌ لواجِبَاتِ *** أَوَّلُها الإحرامُ مِن ميقَاتِ 506 - والجَمعُ بين الليل والنَّهَارِ *** بِعَرَفَهْ والرَّمْيُ للجِمَارِ 507 - ثم المَبِيتُ بمِنَىً والجَمْعِ *** وآخِرُ السِّتِ طَوَافُ الوَدْعِ 508 - وسُنَّ بَدْءُ الحَجّ ثم يَعْتَمِرْ *** ولْيَتَجَرَّدْ مُحْرِمٌ ويَتَّزِرْ 509 - ويَرْتَدِ البَيَاضَ ثم التَّلبِيَهْ *** وأَنْ يَطُوفَ قادِمٌ والأَدْعِيَهْ 510 - يَرْمُلُ في ثلاثَةٍ مُهَرْوِلا *** والمَشْيُ باقي سَبْعَةٍ تَمَهُّلا 511 - والاضْطِبَاعُ في طَوَافٍ يَرْمُلُ *** فيهِ وفي سَعيٍ بِهِ يُهَرْوِلُ 512 - ورَكْعَتَا الطَّوَافِ مِن وَرَاالمَقَامْ *** فالحِجْرِ فالمسجِدِ إِن يَكُن زِحَامْ 513 - وباتَ في مِنَىً بِلَيْلِ عَرَفَهْ *** وجَمْعُهُ بها وبالمُزْدَلِفَهْ 514 - بِتْ وارتَحِلْ فَجْرَا وقِفْ بالمَشْعَرِ *** تَدعُووأسْرِعْ وادِيَ المُحَسِّرِ 515 - وفي مِنَىً للجَمْرَةِ الأُولَى رَمَيْتْ *** بِسَبعِ رَمياتِ الحَصَى حينَ انتَهَيْتْ 516 - مُكَبِّرَا للكُلِّ واقْطَعْ تَلْبِيَهْ *** ثُمَّ اذْبَحِ الهَدْيَ بِهَا كالأُضْحِيهْ 517 - واحلِقْ بها أو قَصِّرَنْ مَعْ دَفْنِ *** شَعْرٍ وبعدَهُ طَوَافُ الرُّكْنِ 518 - وبعدَ يومِ العيدِ للزَّوَالِ *** تَرمِي الجِمَارَ الكُلَّ بالتَّوَالِي 519 - باثنَيْنِ مِن حَلْقٍ ورَمْيِ النَّحْرِ *** أوِ الطَّوَافِ حَلَّ قَلْمُ الظُّفْرِ 520 - والحَلْقُ والُّلبْسُ وصَيْدٌ ويُبَاحْ *** بثالِثٍ وَطْءٌ وعَقْدٌ ونِكَاحْ 521 - واشْرَبْ لِمَا تُحِبُّ ماءَ زَمْزَمِ *** وطُفْ وَدَاعَاً وادْعُ بالمُلْتَزَمِ 522 - ولازِمٌ لمُتَمَتِّعٍ دَمُ *** أو قارِنٍ إِن كان عنه الحَرَمُ 523 - مسافَةَ القَصْرِ وعند العَجْزِ صَامْ *** مِن قَبلِ نَحْرِهِ ثلاثَ أيامْ 524 - وسَبْعَةً في دارِهِ ولْيَحْتَلِلْ *** لِفَوْتِ وَقْفَةٍ بِعُمْرَةٍ عَمَلْ 525 - ولْيَقْضِ مَعْ دَمٍ ومُحْصَرٍ أَحَلْ *** بِنِيَّةٍ والحَلْقُ مَعْ دَمِ حَصَلْ كتاب الحج والعمرة: وهو بفتح الحاء وكسرها لغة القصد وشرعا قصد الكعبة للنسك الآتي بيانه والعمرة لغة الزيارة وشرعا قصد الكعبة للنسك الآتي بيانه الحج فرض على المستطيع للإجماع ولقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} ولقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} أي ائتوا بهما تامين ولخبر بني الإسلام على خمس وخبر مسلم عن أبي هريرة خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل يا رسول الله أكل عام فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت ذلك لوجبت ولما استطعتم والحج مطلقا إما فرض عين وهو ما هنا أو فرض كفاية وقد ذكر في السير أو تطوع وأشكل تصويره وأجيب بأنه يتصور في العبيد والصبيان لأن الفرضين لا يتوجهان عليهم وبأن في حج من ليس عليه فرض عين جهتين جهة تطوع من حيث إنه ليس عليه فرض عين وجهة فرض كفاية من حيث إحياء الكعبة وفيه كما قاله الزركشي التزام السؤال إذ لم يخلص لنا حج تطوع على حدته وكذاك العمرة فرض على المستطيع لقوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} أي ائتوا بهما تامين ولا يغنى عنها الحج وإن اشتمل عليها ويفارق الغسل حيث يغنى عن الوضوء بأن الغسل أصل إذ هو الأصل في حق المحدث وإنما حط إلى الأعضاء الأربعة تخفيفا فأغنى عن بدله والحج والعمرة أصلان لم يجبا في العمر غير مرة واحدة ووجوبهما أكثر من مرة بنذر أو قضاء عارض ووجوبهما على التراخي وتضيقهما بنذر أو بخوف عضب أو بقضاء لزمه عارض ثم جواز تأخيرهما وكل واجب موسع مشروط بالعزم على الفعل في المستقبل وشرط صحه كل منهما الإسلام فقط فللولي في المال أن يحرم عن الصبي أو المجنون ويصح إحرام المميز بإذن وليه وإنما تصح مباشرته من مسلم مميز وإنما يقع عن فرض الإسلام بالمباشرة إذا باشره المكلف الحر فيجزئ من الفقير دون الصبي والرقيق إذا كملا بعده وإنما يلزم حرا دون الرقيق مدبرا أو مكاتبا أو مبعضا أو أم ولد لنقصه مسلما فلا يجبان على كافر وجوب مطالبة في الدنيا وإن وجب عليه وجوب عقاب في الآخرة حتى لو استطاع حالة كفره ثم أسلم وهو معسر لم يجب عليه إلا أن يكون مرتدا فيستقر في ذمته باستطاعته في الردة كلف فلا يجبان على صبي لرفع القلم عنه ذا استطاعة أي يعتبر في لزومهما الاستطاعة لقوله تعالى {من استطاع إليه سبيلا} وهي نوعان استطاعة مباشرة واستطاعة تحصيلهما بغيره. وقد ذكر الناظم الأولى بقوله لكل ما يحتاج من مأكول أو مشروب بدرج الهمزة للوزن أي وملبوس وأوعيتهما حتى السفرة التي يأكل عليها في ذهابه وإيابه إلى رجوعه إلى وطنه وإن لم يكن له به أهل وعشيرة لما في الغربة من الوحشة وانتزاع النفوس إلى الأوطان فلو لم يجد ما ذكر لكن كان يكسب في سفره ما يفي بمؤنته وسفره طويل أي مرحلتان فأكثر لم يكلف الحج لأنه قد ينقطع عن الكسب لعارض وبتقدير أن لا ينقطع عنه فالجمع بين تعب السفر والكسب تعظم فيه المشقة وإن قصر سفره وهو يكسب في يوم كفاية ستة أيام كلف الحج بأن يخرج له لقلة المشقة فيه بخلاف ما إذا كان لا يكسب في يوم إلا كفاية يومه فلا يلزمه لأنه قد ينقطع عن كسبه في أيام الحج فيتضرر ومن مركوب لاق به بأن يصلح لمثله ويثبت عليه ويكون شراؤه بثمن مثله أو استئجاره بأجرة مثله هذا إن كان بينه وبين مكة مرحلتان أو دونهما وضعف عن المشي وسواء أقدر الأول على المشي أم لا وركوبه أفضل من مشيه لكن يندب له الركوب على القتب والرحل دون المحمل والهودج فإن لحقه بالركوب مشقة شديدة اشترط وجود محمل وشريك يجلس في الشق الآخر فإن فقد الشريك لم يلزمه الحج وإن وجد مؤنة المحمل بتمامه ولو لحقه مشقة عظيمة في ركوب المحمل اعتبر في حقه الكنيسة أما المرأة فيعتبر في حقها المحمل مطلقا لأنه أستر لها وأما من بينه وبين مكة دون مرحلتين وهو قوي على المشي فيلزمه الحج ولا يعتبر في حقه وجود المركوب ولا بد فيما مر من كونه فاضلا عن دينه ومؤنة ممونه مدة ذهابه وإيابه وسواء أكان الدين حالا أم مؤجلا إذ وفاء الأول ناجز والحج على التراخي وأما الثاني فلأنه إذا صرف ما معه للحج فقد لا يجد ما يقتضيه منه بعد حلوله وقد تخترمه المنية فتبقى ذمته مرتهنة ولو كان ماله في ذمة إنسان فإن أمكنه تحصيله في الحال فكالحاصل وإلا فكالمعدوم ولا بد من كونه فاضلا عن مسكنه ورقيق يحتاج إليه لخدمته لزمانته أو منصبه ومحل ذلك إذا كانت الدار مستغرقة لحاجته وكانت سكنى مثله والرقيق رقيق مثله وأما إذا أمكن بيع بعض الدار والرقيق ووفى ثمنه بمؤنة الحج أو كانا نفيسين لا يليقان بمثله ولو أبدلهما لو في التفاوت بمؤنة الحج فإنه يلزمه ذلك جزما ولا يلزم أن تأتى في النفيسين المألوفين الخلاف فيهما في الكفارة لأن لها بدلا ويلزمه صرف مال تجارته فيما ذكر وفارق المسكن والرقيق باحتياجه لهما حالا وهذا يتخذ ذخيرة للمستقبل ولو كان له مستغلات يحصل له منها نفقته لزمه بيعها وصرفها فيما ذكر نعم الفقيه لا يلزمه بيع كتبه في الحج إلا أن يكون له بكل كتاب نسختان فيلزمه بيع إحداهما فإن كانت وجيزة والأخرى مبسوطة أبقى الثانية وباع الأولى إن كان متعلما فإن كان معلما أ أبقاهما ولو خاف العنت إن لم ينكح وملك ما يمكنه صرفه له أو للحج كان صرف المال إلى النكاح أهم ويجب عليه الحج لأن النكاح من الملاذ فلا يمنع وجوبه وخيل الجندي وسلاحه ككتب الفقيه بشرط أمن الطرق ظنا بحسب ما يليق به فلو خاف في طريقه على نفسه أو ماله سبعا أو عدوا او رصديا وهو من يأخذ مالا على المراصد ولا طريق له سواه لم يجب عليه الحج وأن كان ما يأخذه يسيرا ويكره بذل المال لهم لأنه يحرضهم على التعرض للناس نعم إن كان الباذل الأمام او نائبه وجب الحج وسواء أكان من يخافهم مسلمين أم كفارا لكن إن كانوا كفارا وأطاقوا مقاومتهم استحب لهم الخروج للحج ويقاتلونهم لينالوا ثواب الحج والجهاد وإن كانوا مسلمين لم يستحب الخروج والقتال ولو كان له طريق آخر آمن لزمه سلوكه وإن كان أبعد من الأول إذا وجد ما يقطعه به وكما يعتبر الأمن يعتبر الخاص حتى لو كان الخوف في حقه وحده لم يقض من تركته خلافا للسبكى ومن تبعه ويجب ركوب البحر إن تعين طريقا وغلبت السلامة كسلوك طريق البر عند غلبتها فإن غلب الهلاك أو استوى الأمر إن حرم ركوبه ولا يلحق به الأنهار العظيمة كجيحون لأن القيام فيه لا يطول وخطره لا يعظم وتلزمه أجرة الخفارة لأنها من أهبته فلا بد من قدرته عليها ويشترط وجود الزاد والماء في المواضع المعتاد حمله منها بثمن المثل وهو القدر اللائق به في ذلك المكان والزمان فلو لم يوجد بها لخلوها من أهلها وانقطاع الماء أو كان يوجد بها بأكثر من ثمن المثل لم يجب الحج ويشترط وجود علف الدابة في كل مرحلة لأن المؤنة تعظم بحمله لكثرته نعم يعتبر في ذلك العادة كالماء كما بحثه في المجموع ويشترط في حق المرأة خروج زوج معها أو محرم أو نسوة ثقات أو عبدها الأمين لتأمين على نفسها ولا يشترط وجود محرم أو زواج لإحداهن لأن الأطماع تنقطع بجماعتهن وتلزمها أجرة المحرم إن لم يخرج إلا بها لأنه من أهبة سفرها فيشترط في وجوب الحج عليها قدرتها على أجرته وأجرة الزوج كأجرة المحرم والمتجه كما في المهمات الاكتفاء باجتماع امرأتين معها ثم اعتبار العدد إنما هو بالنسبة للوجوب وإلا فلها الخروج مع الواحد لفرض الحج والخنثى المشكل يعتبر في حقه من المحرم ما يعتبر في المرأة وسيأتى جواز خلوة رجل بنسوة ثقات لا محرم له فيهن فالخنثى أولى ويشترط في حق الأعمى مع ما مر وجود قائد له وهو كالمحرم في حق المرأة والمحجور عليه بسفة كغيره لكن لا يدفع المال إليه لتبذيره بل يخرج معه الوالى أو ينصب له شخصا ينفق عليه في الطريق المعروف واجرته كأجرة المحرم ويدخل في شرط أمن الطريق وجود رفقة يخرج معهم على العادة فإن كانت الطريق بحيث لا يخاف الواحد منها فلا حاجة إلى الرفقة ويمكن المسير في وقت بقى أي بشرط إمكان السير وهو أن يبقى بعد لاستطاعة زمن يمكن فيه السير إلى الحج السير المعهود فلو أحتاج إلى أن يقطع كل يوم أو في بعض الأيام أكثر من مرحلة لم يلزمه فإمكان السير شرط لوجوب الحج وقال ابن الصلاح إنما هو شرط لاستقراره في ذمته فيجب قضاؤه من تركته ولو مات قبل الحج إنما وجبت الصلاة بأول الوقت قبل مضى زمن يسعها وتستقر في الذمة بمضى زمن التمكن من فعلها لإمكان تتميمها خارج الوقت النوع الثانى استطاعة تحصيله بغيره فالعاجز عن الحج بالموت أو عن الركوب إلا بمشقة شديدة لكبر أو زمانه يحج عنه ويجب على المعضوب أن يستأجر من يحج عنه ولو أجبرا ما شيا بأجرة المثل حيث وجدها فاضلة عن دينه ومسكنه وخادمه وكسوته ونفقته لكن اليوم الاستئجار فقط ولو وجد دون الأجرة رضى بها لزمه ويشترط لاستنابة المعضوب أن يكون بينه وبين مكة مر حلتان ولو بذل ولده أو اجنبي ما لا للأجرة لم يجب قبوله للمنة الثقيلة ولو بذل ولده الطاعة في الحج وجب قبوله بالإذن له وكذا الأجنبي والمنة في ذلك ليست كالمنة في المال ألا ترى أن الأنسان يستنكف عن الأستعانة بمال الغير ولا يستنكف عن الأستعانة ببدنه في الأشغال ويشترط لوجوب قبول الطاعة كون المطيع موثوقا به مؤديا لفرضه ولو نذرا غير معضوب وكذا كونه راكبا وغير معول على الكسب أو السؤال إن كان أصلا أو فرعا غير معول بنفسه مطلقا ويجب التماس الحج من ولده توسم طاعته أركانه أي الحج خمسة الإحرام وهو الدخول في النسك بالنية بالقلب ويندب التلفظ بما نواه وأن يلبى فيقول بقلبه ولسانه نويت الحج وأحرمت به لله تعالى لبيك اللهم لبيك إلى آخره وسمى بذلك لاقتضائه دخول الحرم أو تحريم الأنواع الآتية وينعقد معينا بأن ينوى حجة أو عمرة أو كليهما أو مطلقا بأن لا يزيد في النية على نفس الإحرام و التعين أفضل ليعرف ما يدخل فيه فإن أحرم مطلقا في أشهر الحج صرفه بالنية لما شاء من النسكين أو كليهما ثم اشتغل بالأعمال ولا يجزئه العمل قبل النية وإن أطلق في غير أشهره انعقد عمرة فلا يصرفه إلى الحج في أشهره ويجوز أن يحرم كإحرام زيد فإن كان زيد محرما انعقد إحرامه كإحرامه إن كان حجا فحج وإن كان عمرة فعمرة وأن كان قرانا فقران وأن كان مطلقا فمطلق ويتخير كما يتخير زيد ولا يلزمه الصرف إلى ما يصرفه زيد إلا إذا أراد إحراما كإحرامه بعد تعينيه ولا التمتع إن كان زيد متمتعا فلو كان إحرام زيد فاسدا انعقد إحرام عمرو مطلقا وكذا لو أحرم زيد مطلقا ثم عينه قبل إحرام عمرو ولو أحرم زيد بعمرة ثم أدخل عليها الحج كان معتمرا ولو أخبره زيد بما إحرم به ووقع في نفسه خلافه عمل بخبره لو قال أحرمت بعمرة فعمل بقوله فبان حجا تبين إحرام عمرو بحج فإن فات الوقت تحلل وأراق دما من ماله وإن لم يكن زيد محرما أو كان كافرا انعقد إحرامه مطلقا وإن علم عدم إحرام زيد فإن تعذر معرفة إحرامه بموته أو جنونه أو غيبته جعل نفسه قارنا وعمل أعمال النسكين ليتحقق الخروج مما شرع فيه ولكل من الحج والعمرة ميقاتان زمانى ومكانى فالزمانى في الحج شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذى الحجة فإن أحرم به في غير أشهره انعقد عمرة كما مر أو أحرم بحجتين أو عمرتين أو بنصف حجة أو عمرة انعقدت واحدة ولا تلزمه الأخرى ووقت العمرة جميع السنة إلا لمحرم بالحج أو عاكف بمنى للمبيت والرمى ويندب الأكثار منها ولا تكره في وقت ويكره تأخيرها عن سنة الحج والميقات المكانى للحج في حق من بمكة نفس مكة ومن باب داره أفضل وياتى المسجد محرما ولو جاوز البنيان وأحرم أساء وعليه دم إن لم يعد أو في الحل فمسئ وعليه دم إلا أن يعود قبل الوقوف إلى مكة وأما غيره فميقات المتوجه من المدينة ذو الحليفة ومن الشام ومصر والمغرب الجحفة ومن تهامة اليمن يلملم ومن نجد الحجاز ونجد اليمن قرن ومن المشرق ذات عرق ومن العتقيق أفضل والعبرة بمواضعها ومن مسكنه بين مكة والميقات فميقاته مسكنه والأفضل أن يحرم من أوله ويجوز من آخره ومن سلك البحر أو طريقا لا ميقات به فان حاذى ميقاتا أحرم من محاذاته فإن اشتبه تحرى ولا يخفى الاحتياط أو ميقاتين أحرم من محاذاتهما إن تساوت مسافتهما إلى مكة وإن تفاوتا أو تساويا في المسافة إلى طريقه احرم من محاذاة أبعدهما وإن تقاوتا في المسافة إلى مكة وإلى طريقه فالعبرة بالقرب إليه وإن لم يحاد ميقاتا أحرم على مرحلتين من مكة إذ ليس شئ من المواقيت أقل مسافة من هذا القدر ومن مر بميقات غير مريد نسكا ثم أراده فميقاته موضعه أو مريده لم تجز مجاوزته بغير إحرام والأفضل أن يحرم من الميقات لا من دويرة أهله وميقات العمرة لمن هو خارج الحرم ميقات الحج ومن بالحرم يلزمه الخروج إلى أدنى الحل ولو يسيرا من اي جهة شاء فإن لم يخرج وأتى بأعمال العمرة أجزائه وعليه دم ولو خرج إلى الحل بعد إحرامه ثم اتى بأفعالها اعتد بها قطعا ولا دم على المذهب وأفضل بقاع الحل الجعرانة ثم التنعيم ثم الحديبية الثانى من الأركان ما ذكره بقوله قف بعد زوال التسع إذ تعرف فواجب الوقوف بعرفة أن يحضر بجزء من ارضها وإن كان مارا في طلب آبق أو نحوه وأول وقته بعد زوال الشمس يوم عرفة وهو اليوم التاسع حين يعرف بها ويمتد وقته إلى فجر يوم النحر ويشترط أهليته للعبادة فلو حضرها ولم يعلم أنها عرفة أو كان نائما أو قبل الزوال ونام حتى خرج الوقت أجزاه ولا يصح وقوف المغمى عليه وحج المجنون يقع نفلا كحج الصبى غير المميز إذ الجنون لا ينافى الوقوع نفلا فإنه إذا جاز للولى أن يحرم عنه أبتداء ففي الدوام أولى أن يتم حجته فيقع نفلا بخلاف المغمى عليه إذ ليس له ولى يحرم عنه ابتداء فليس له أن يتم حجه ولو اقتصر على الوقوف ليلا صح على المذهب أو نهارا وأفاض قبل الغروب صح قطعا نعم إن لم يعد أراق دما استحبابا لا وجوبا وإن عاد فكان بها عند الغروب فلا دم ولو غلطوا فواقفوا اليوم العاشر أجزأهم إلا أن يقلوا على خلاف العادة أو تأتى شرذمة يوم النحر على ظن أنه عرفه فيقضون وليس من الغلط المراد لهم ما إذا وقع ذلك بسبب الحساب أو وقفوا الحادى عشر أو في غير عرفه فلا يجزئهم أو في الثامن فكذلك ثم أن علموا قبل فوات الوقت وجب الوقوف فيه أو بعده وجب القضاء ولو قامت بينة برؤية الهلال ليلة العاشر وهم بمكة ولو يتمكنوا من الوقوف ليلا وقفوا من الغد ومن ردت شهادت في هلال ذى الحجة لزمة أن يقف في التاسع عنده الثالث من الأركان ما ذكره بقوله وطاف بالكعبة سبعا من المرات ولو متفرقة وفي الأوقات المنهى عن الصلاة فيها ماشيا كان أو راكبا بعذر أو غيره فلو اقتصر على ست لم يجزه ويدخل وقته بانتصاف ليلة النحر بعد الوقوف ثم للطواف بأنواعه واجبات وسنن أما الواجبات فيشترط ستر العورة وطهارة الحدث والنجس حتى ما يطؤه في المطاف بخلاف السعى والوقوف وباقى الأعمال فلو طاف عاريا مع القدرة أو محدثا أو على بدنه أو ثوبه نجاسة غير معفو عنها لم يصح طوافه وكذا لو كان يطأ في مطافه النجاسة نعم لو عمت النجاسة المطاف وشق الأحتراز عنها ولم يتعمد المشى عليها ولا رطوبة صح طوافه ولو أحدث فيه تطهر وبنى بخلاف الصلاة لأنه يحتمل فيه مالا يحتمل في الصلاة كالفعل الكثير والسلام وأن يجعل البيت عن يساره ويمر تلقاء وجهه مبتدئا في ذلم بالحجر الأسود محاذيا له في مروره عليه ابتداء بجميع بد نه بأن لا يقدم جزءا من بدنه على جزء من الحجر ويندب استقباله ويجوز جعله عن يساره والمراد بجميع بدنه جميع الشق الأيسر فلو بدأ بغير الحجر لم يحسب فإذا انتهى إليه أبتدأ منه ولو حاذاه ببعض بدنه وبعضه مجاور إلى جانب الباب فالجديد أنه لا يعتد بهذه الطوفه ولو حاذى بجميع بدنه بعض الحجر دون بعض أجزأه إن أمكن ذلك وظاهر أن المراد بمحاذاته الحجر في المسئلتين استقباله وأن عدم الصحة في الأولى لعدم المرور بجميع البدن فلا بد من أستقباله المعتد به كما تقدم وهو أن لا يقدم جزاء من بدنه على جزء من الحجر المذكور ولو استقبل البيت أو استدبره أو جعله عن يمينه ومشى نحو الركن اليمانى أو نحو الباب أو عن يساره ومشى القهقرى نحو الركن اليمانى لم يصح طوافه ولو مشى على الشاذروان وهو الجدار البارز عن علوه بين ركن الباب والركن الشامى أو كان يضع رجلا عليه أحيانا ويقفز بالأخرى او دخل من إحدى فتحى الحجر وخرج من الأخرى لم تصح طوفته أو مس جزء من البيت في محاذاته فكذا على الصحيح والحجر قبل كله من البيت والصحيح قدرسته أذرع فقط وأن يطوف داخل المسجد وإن زيد فيه حتى بلغ طرف الحل سبعا ولو في أخرياته ولا بأس بالحائل فيه كالسقاية والسوارى ولا تجب له نيةلشمول نية الحج أو العمرة له وأنه لا بد أن لا يصرفه لغيره وأنه لو نام فيه على هيئة لا تنقض الوضوء صح ولو حمل حلال محرما أو محرمين وطاف حسب للمحمول بشرطه وكذا لو حمل محرم طاف عن نفسه أو لم يدخل وقت طوافه وإلا فالأصح أنه إن قصده للمحمول فله أو لنفسه أو لهما او لا قصد فللحامل فقط ولو طاف المحرم بالحج معتقدا أنه في عمره أجزاه عن الحج كما لو طاف عن غيره وعليه طواف وأما السنن فأن يطوف ماشيا إلا لعذر كمرض ونحوه أو يحتاج لظهوره ليستفتى فإن ركب بلا عذر لم يكره وأن يستلم الحجر الأسودبيده أول طوافه ويقبله ويضع جبهته عليه عجز استلمه فإن عجز أشار إليه بيده لا بفمه ولا يقبل الركنين الشاميين ولا يستلمهما ولا يقبل اليمانى بل يستلمه ثم يقبل يده وكذا إذا اقتصر على استلام الحجر الأسود لزحمه أو استلم بخشبة للعجز ويراعى ذلك كل طوفه الأوتار آكد لأنهما أفضل ولا يسن للنساء استلام ولا تقبيل إلا عند خلو المطاف وأن يقول أول على طوافه بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وبين الركنين اليمانيين اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار ويدعو بما شاء ومأثور الدعاء أفضل من القراءة وهى أفضل من غير المأثور وأن يرمل في الأشواط الثلاثة الأول بأن يسرع مشيه مع تقارب خطاه والمشهور استيعاب الثلاث بالرمل ويمشى في الأخيرة على هينته ويختص الرمل بطواف يعقبه سعى ولا رمل ولا طواف الوداع ويرمل المعتمر والحاج الآفاقى الذى لم يدخل مكة إلا بعد الوقوف وكذا قبله إن سعى عقب طواف القدوم وإلا فلا وإذا رمل فيه وسعى بعده لم يقضه في طواف الإفاضة أو طاف ورمل ولم يسع رمل في طواف الإفاضة ويرمل مكى أنشأ حجه من مكة ولو ترك الرمل في الثلاثة الأولى لم يقضه في الأربعة الأخيرة وليقل اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وأن يقرب من البيت فلو تعذر الرمل مع القرب لزحمه فإن رجا فرجه وقف ليرمل وإلا فالرمل مع البعد أفضل إلا أن يخاف صدم النساء فالقرب بلا رمل أولى ولو خافه مع القرب أيضا وتعذر في جميع المطاف فتركه أولى ويسن أن يتحرك في مشيته ويرى أنه لو أمكنه لرمل ولو طاف محمولا أو راكبا فالأظهر أنه يرمل به الحامل ويحرك الدابة وأن يضطبع في كل طراف يرمل فيه وكذا في السعى على المذهب لافي ركعتى الطواف وهو جعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على الأيسر ولا ترمل المرأة ولا تضطبع وكذا الخنثى وأن يصلى بعد الطواف ركعتين يقرأ في الأولى قل ياأيها الكافرون وفي الثانية الأخلاص خلف المقام وإلا ففى الحجر وإلا ففى المسجد وإلا ففى الحرم وإلا ففى أي موضع شاء من جهره ويجهر ليلا ويسر نهارا وأن يوالى بين الطوفات فلو فرق كثيرا لو يبطل ويكره قطع طواف واجب لجنازة أو راتبة وسيأتى بعض هذه السنن في كلام الناظم ويسن أن يستلم الحجر بعد الطواف وصلاته ثم يخرج من باب الصفا للسعى وهو الركن الرابع المذكور في قوله وسعى من الصفا ولمروة مسبعا ولو متفرقة ذهابه من الصفا إلى المروة مرة وعوده منها إليه أخرى ويشترط أن يلصق عقبه بأصل ما يذهب منه ورءوس أصابع رجليه بما يذهب إليه والراكب يلصق حافر دابته وأن يسعى بعد طواف ركن أو قدوم بحيث لا يتخلل بينهما الوقوف بعرفه ومن سعى بعد قدوم لم يعده ولو شك في عدد السعى أو الطواف أخذ بالأقل ولو اعتقد التمام فأخبره ثقة ببقاء شئ لم يلزمه لكن يسن ويندب أن يرقى الذكر على الصفا والمروة قدر قامه فإذا رقى استقبل البيت وقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قدير لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ثم يدعو بما احب دينا ودنبا ويعيد الذكر والدعاء ثانيا وثالثا وأن يمشى أول السعى وآخره ويعدو في الوسط وموضع النوعين معروف هناك فيمشى حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره قدر ست أذرع فيعدو حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بجدار العباس فيمشى حتى ينتهى إلى المروة وإذا عاد منها إلى الصفا مشى في موضع مشيه وسعى في موضع سعيه أولا ولا ترقى المرأة والخنثى على الصفا والمروة ولا يعدو كل منهما في وسط المسعى ويقول في سعيه رب أغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز وأن يسعى ماشيا ويجوز راكبا وأن يوالى بين مرات السعى وبين الطواف والسعى فلو تخلل فصل طويل لم يضر بشرط أن لا يتخلل ركن فلو طاف للقدوم ثم وقف بعرفه ثم سعى لم يصح السعى وأن يتحرى لسعيه وقت خلوة وإذا عجز عن العدو لزحمه فليتشبه وأشار إلى الركن الخامس بقوله ثم أزل شعرا ثلاثا نزره من شعر الرأس وهو أقل ما يجزئ حلقا أو تقصيرا أو نتفا أو أحراقا أو قصا أو بنورة ولو في دفعات كما في المجموع والإيضاح والحلق للذكر أفضل وتقصر المرأة والخنثى بقدر انملة من جميع جوانب الرأس ويندب أن يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر وأن يستقبل القبلة وأن يدفن شعره ومن لا شعر برأسه لا شئ عليه ويسن إمرار الموسى علىرأسه وإن أخذ من شاربه أو شعر لحيته شيئا كان أحب ومن برأسه علة تمنعه من التعرض لشعره لزمه الصبر إلى الأمكان ولا يفدى إذ الركن لا يجبر به ولأن الماهية لا تحصل إلا بجميع أركانها ومن نذر الحلق في وقت لزمه ووقت حلق المعتمر إذا فرغ من السعى وما سوى الوقوف ركن العمرة لشمول الأدلة لها وينبغى كما وينبغى كما قال الشيخان عد ترتيب الأركان ركنا لأنه معتبر في معظمها فيقدم الإحرام والوقوف على الطواف والحلق يؤخر السعى عن الطواف والدم جابر لواجبات النسك لا لأركانه وإن كان الواجب والفرض مترادفين كما في المقدمة أولها الإحرام من ميقات لأن من بلغه مريدا للنسك لم تجز مجاوزته بغير أحرام فإن فعل ولو ناسيا أو جاهلا لزمه العود ليحرم منه إلا لعذر كخوف الطريق أو أنقطاع عن الرفقة أو ضيق الوقت فإن لم يعد لزمه دم وهو شاة أضحية فإن عجز فهو كالمتمتع يصوم ثلاثة أيام في أيام الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وإن عاد ثم أحرم منه لم يلزمه دم وكذا إن أحرم ثم عاد قبل تلبسه بنسك ثانيها ما ذكرة بقوله والجمع بين الليل والنهار بعرفة بسكون الهاء إجراء للوصل مجرى الوقف لأنه ترك نسكا والأصل في ترك النسك إيجاب الدم إلا ما خرج بدليل وما ذكره من لزوم الدم بترك الجمع بين الليل والنهار بعرفه قول مرجوح صححه جماعة منهم ابن الصلاح والأظهر أن الجمع بينهما سنة وأن الدم لتركه مندوب ثالثها ما ذكره بقوله والرمى للجمار 9 اي رمى جمرة العقبة بسبع حصيات ورمى الجمار الثلاث إذا عاد إلى منى وبات بها ليالى التشريق الثلاث وهى الحادى عشرة وتالياه كل جمرة بسبع حصيات فمجموع الرمى سبعون جمرة حصارة برمي جمرة العقبة ويدخل وقت رميها بنصف ليلة النحر لمن الوقف قبل ذلك والأفضل أن يرمى بعد طلوع الشمس ويبقى وقت الأختيار إلى أخر يوم النحر ويدخل رمى التشريق بزوال الشمس ويخرج وقت الأختيار بغروبها وإذا ترك رمى يوم أو يومين عمدا أو سهوا تداركه في باقى الأيام ولا دم فيتدارك الأول في الثانى أو الثالث والثانى أو الأولين في الثالث ويكون اداء ويخرج وقت الأختيار رمى كل يوم بغروب شمسه وجملة الأيام كاليوم الواحد فإن لم يتدارك وجب الدم كما مر فإن ترك رمى يوم النحر أو يوم من أيام التشريق فدم وكذا لو ترك الكل ويكمل الدم في ثلاث حصيات كحلق ثلاث شعرات وفي حصاه مد وحصتاتين مدان ويشترط رمى السبع واحدة واحدة وترتيب الجمرات بأن يرمى أولا إلى الجمرة التى تلى مسجد الخيف ثم إلى الوسطى ثم إلى جمرة العقبة وكون المرمى حجرا فيجزى بأنواعه ككدان وبرام ومرمر وكذا ما يتخذ منه الفصوص كيا قوت وعقيق لا لؤلؤ وما ليس بحجر من طبقات الأرض كإثمد وزرنيخ وجص وما ينطبع كذهب وفضة وأن يسمى رميا فلا يكفى الوضع في المرمى ولا بمقلاع وأن يقصد المرمى فلو رمى في الهواء فوقع في المرمى لم يكف ولو رمى إلى العلم المنصوب ثم سقط في المرمى أجزأه في أوجه احتمالين والسنة أن يرمى بقدر حصا الخذف ولا يشترط بقاء الحجر في المرمى فلو تدحرج وخرج منه لم يضر ولا كون الرامى خارجا عن الجمرة فلو وقف بطرفها ورمى إلى الطرف الآخر جاز وسيأتى هذا مع زيادة بسط ومن عجز عن الرمى لعله لا يرجى زوالها قبل خروج وقت الرمى استناب ولا يمنع زوالها بعده ولا يصح رمى النائب حتى يرمى جميع ما عليه عن نفسه فلو خالف وقع عن نفسه ولو زال عذر المستنيب بعد رمى النائب والوقت باق فليس عليه إعادة الرمى ثم المبيت بمنى في لياليها ويحصل بمعظم الليل وإنما يلزم مبيت الليلة الثالثة لمن غربت عليه الشمس وهو مقيم بمنى وحينئذ يلزمه رمى اليوم الثالث فمن ترك المبيت في الليالي الثلاث لزمه دم أو في ليلة فمد أو ليلتين فمدان نعم يجوز للمعذور تركه ولا دم عليه كرعاة الإبل وأهل السقاية ولو من غير بنى هاشم فللصفين ان يدعوا رمى يوم ويقضوه في تاليه قبل رميه لا رمى يومين متوالين فلو نفروا يوم النحر بعد رميه عادوا في ثانى التشريق ولهم النفر مع الناس ولأهل السقاية فقط وإن احدثت للحاج إذا كانوا بمنى عند الغروب النفر بعده وترك المبيت ورمى الغد ومن العذر خوفه ضياع ماله لو بات أوله مريضا يحتاج إلى تعهده أو طلب آبق أو أمر يخاف منه فوته فلا شئ عليه ولهم النفر بعد الغروب وشرط جوازه لغير المعذور قبل غروب شمس اليوم الثانى أن يكون بات الليلتين قبله أو تركه لعذر والتأخر إلى اليوم الثالث أفضل وللإمام آكد ولو نفر فغربت قبل انفصاله من منى أو عاد لشغل قبل الغروب أو بعده لم يلزمه المبيت فلو تبرع به لم يلزمه الرمى في الغد ولو غربت وهو في شغل الارتحال جاز النفر على ما في الروضة معولا فيه على ما ذكره الرافعى في الشرح واعترض بأنه تبع فيه النسخ السقيمة والذى في النسخ الصحيحة عدمه والجمع أي المبيت بالمزدلفة للاتباع ومن دفع منها قيل نصف الليل وعاد قبل الفجر فلا دم عليه وإن لم يعد أو ترك المبيت أصلا لزمه دم وشرط مبيتها أن يكون بها ساعة من النصف الثانى نعم يستثنى المعذور بما مر في المبيت بمنى ومن جاء عرفة ليلا فاشغل بالوقوف عنه ومن أفاض من عرفة إلى مكة وطاف ففاته المبيت وآخر الست طواف الودع اي الوداع لمن أراد الخروج من مكة أو الأنصراف من منى سواء أكان حاجا أم آفاقيا يقصد الرجوع إلى وطنه او مكيا يسافر لحاجة ثم يعود وسواء أكان سفره طويلا أم قصيرا لخبر أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض أي ومثلها النفساء فمن تركه لزمه دم فم لم يرد الخروج من مكة لا يسوغ له طواف الوداع ومن خرج بلا وداع وعاد قبل مسافر القصر وطاف سقط الدم او بعدها فلا ويجب العود في الحالة الأولى لا الثانية وللحائض والنفساء النفر بلا وداع فلو طهرت قبل مفارقتها خطة مكة لزمها العود والطواف أو بعد مسافة القصر فلا وكذا قبلها وعليه فالمسقط للعود مفارقة مكة لا الحرم وينبغى وقوعه بعد فراغ الأشتغال ولا يمكث بعده فإن مكث لغير عذر أو لشغل غير أسباب الخروج أعاده أو لأسبابه كشراء زاد وشد رحل فلا ولو أقيمت الصلاة فصلاها لم يعده والأصح أنه ليس من المناسك وسن بدء الحج أي يسن أن يبتدئ بالحج ثم يعتمر بعد فراغه وهذا هو المسمى بالإفراد وهو أفضل من التمتع والقران إن اعتمر في سنته أما إذا لم يعتمر في سنته فكلاهما أفضل منه لأن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه والتمتع كأن يحرم بالعمرة ويفرغ منها ثم ينشئ حجا من مكة والقران كان يحرم بهما معا من الميقات ويعمل عمل الحج فيحصلان أو يحرم بعمرة ثم يحج قبل الطواف ولا يصح عكسه وقد قام الإجماع على جواز هذه الكيفيات الثلاث والتمتع افضل من القران لأنه بعملين كاملين بخلاف القران وليتجرد محرم أي يتجرد المحرم الذكر وجوبا لإحرامه عن مخيط الثياب والجفاف والنعال لينتفى عنه لبسها في الإحرام الذي هم محرم عليه كما يأتى ويتزر استحبابا ويرتد البياض أي يسن أن يلبس إزارا ورداء ابيضين جديدين وإلا فمغسولين ونعلين ويصلى ركعتين لإحرام ويغنى عنهما الفريضة والنافلة ويسن أن يطيب بدنه لإحرامه ويجوز تطييب ثوبه ولا بأس باستدامته بعد الإحرام ولا بطيب له جرم نعم لو نزع ثوبه المطيب ثم لبسه لزمته الفدية كما لو أخذ الطيب من بدنه ثم رده إليه ويسن للمرأة خضب يديها تعميما إلى الكوع وأن تمسح وجهها بشئ من الحناء ثم الأفضل أن يحرم إذا استوت راحلته قائما أو توجه لطريقه ماشيا ثم التلبية ويندب إكثارها وان يرفع الرجل صوته بها بحيث لا يضر نفسه ما دام محرما في جميع أحواله خصوصا عند تغاير أحواله كركوب ونزول وصعود وهبوط واختلاط رفقة وفراغ صلاة وإقبال ليل ونهار ووقت سحر فالاستحباب في ذلك متأكدا أما المراة ومثلها الخنثى فلا يرفعان صوتهما بل يقتصران عن إسماع أنفسهما فإن رفعاه كره ولا يستحب في الطواف والسعى وتستحب في المساجد ويرفع الصوت فيها ولفظها لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وإذا راى ما يعجبه أو يكرهه قال لبيك إن العيش عيش الآخرة وإذا فرغ من تلبيته صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الله تعالى الجنة ورضوانه واستعاذ به من النار وأن يطوف قادم حلال أو محرم دخل مكة قبل الوقوف ويبدأ به قبل اكتراء منزله وتغيير ثيابه نعم لو دخل والناس في مكتوبة صلاها معهم أولا ولو أقيمت الجماعة وهو في أثناء الطواف قدم الصلاة وكذا لو خاف فوت فريضة أو سنة مؤكدة ولو قدمت المرأة نهارا وأمنت فجأة الحيض وهى جميلة أو شريفة أخرته إلى الليل ولو كان له عذر بدأ بإزالته كما في الكفاية عن الماوردى وهو تحية البقعة وفي فواته بالتأخير وجهان أوجههما عدم فواته إلا بالوقوف أما الداخل مكة بعد الوقوف والمعتمر فلا يطلب منهما طواف قدوم لدخول وقت طواف الفرض عليهما فلا يصح تطوعهما بطواف قبل ادائه قياسا على اصل الحج والعمرة ويسن لمن قصد مكة لا لنسك كان دخل لتجارة او رسالة أو زيارة أن يحرم بحج أو عمرة كتحية المسجد لداخله و تسن الأدعية المأثورة لدخول المسجد والطواف بالبيت وغير ذلك فيقول أول طوافه بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وقوله إيمانا مفعول له لأطوف مقدرا ويقول إذا وصل إلى الجهة التى تقابل باب الكعبة اللهم البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك وهذا مقام العائذ بك من النار ويشير بلفظ هذا إلى مقام إبراهيم عليه السلام ويقول عند الانتهاء إلى الركن العراقى اللهم إنى أعوذ بك من الشك والشرك والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق وسوء المنظر في الأهل والمال والولد وعند الأنتهاء إلى تحت الميزاب اللهم أظلنى في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك وسقنى بكأس محمد صلى الله عليه وسلم شرابا هنيئا لا أظمأ بعده أبدا يا ذا الجلال والكرام وبين الركن الشامى واليمانى اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وعملا مقبولا وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور والمناسب للمعتمر أن يقول عمرة مبرورة ويحتمل استحباب التعبير بالحج مراعاة للخبر ويقصد المعنى اللغوى وهو القصد فإن لم يكن في نسك لم يبعد أن يقول طوافا مبرورا الخ ويقول بين الركنين اليمانين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار ويدعو بما شاء في جميع طوافه ومأثور الدعاء أفضل من القراءة وهى أفضل من غير المأثور يرمل في ثلاثة مهرولا أي يسن للذكر أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأول مهرولا أي مسرعا في مشيه مع تقارب خطاه ويسمى الخبب والمشى في باقى سبعة تمهلا أي ويمشى في الأربعة الباقية على الهينة والاضطباع في طواف يرمل فيه وفى سعى بأن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر ويكشف الأيمن كدأب أهل الشطارة به يهرول للاتباع وركعتا الطواف بعده من ورا المقام لإبراهيم ويتأديان بالفريضة والنافلة ويقرأ في الأولى بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون وفي الثانية الإخلاص فإن لم يصلهما خلف المقام فالحجر تحت الميزاب فالمسجد الحرام أن يكن زحام اي ثم في الحرام ثم في غيره متى شاء ولا تفوت إلا بمو وبات ندبا في منى بليل يوم عرفه لأنه يندب له الخروج من مكة في ثامن ذى الحجة إلى منى وجمعه بها بين الظهر والعصر فإذا طلعت الشمس على ثبير سار إلى نمره بقرب عرفات حتى تزول الشمس فإذا زالت اغتسل للوقوف ولو أغتسل من الفجر كفى ثم يقصد مسجد إبراهيم ويصلى به الظهر والعصر ويسمع خطبة الإمام ثم يبادر للوقوف ويستحب أن يسيروا ميلين ذاكرين الله تعالى وأن يسيروا على طريق ضب ويعودوا على طريق المأزمين للاتباع ولا يدخل عرفه إلا في وقت الوقوف بعد الزوال وأما ما يفعله الناس في هذا الزمان من دخولهم أرض عرفات في اليوم الثامن فمخالف للسنة ويفوتهم بسببه سنن كثيرة منها الصلوات بمنى والمبيت بها والتوجه منها إلى نمرة والنزول بها والخطبة والصلاة قبل دخول عرفات مع الإمام الظهر ثم العصر جامعا بينهما فإذا فرغ من الصلاة سار إلى الموقف بعرفات وكلها موقف ففي أي محل منها وقف أجزأه لكن أفضلها موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصخرات الكبار المفروشة في اسفل جبل الرحمة الذى بوسط عرفه وليس منها مسجد إبراهيم الذي يصلى فيه الإمام وبين هذا المسجد وجبل الرحمة قدر ميل ويندب كما مر للأمام إذا غربت الشمس يقينا أن يفيض من عرفات ويفيض معه الناس إلى المزدلفه ويؤخروا صلاة المغرب بنية الجمع إلى العشاء ليصليهما جمعا بمزدلفة ليلة العيد والجمع هنا للسفر لا للنسك وإذا سار إلى المزدلفة سار ملبيا مكثرا منها على هينة ووقار فإذا وجد فرجه أسرع فإذا وصل إلى المزدلفة ندب له أن يصلى قبل حط رحله وبالمزدلفة بت وجوبا للاتباع وارتحل فجرا يعنى يندب لغير النساء والضعفة الارتحال منها في الفجر بعد صلاة الصبح يغلس إلى منى ويتأكد التغليس هنا على باقى الأيام ليتسع الوقت لما بين أيديهم من أعمال يوم النحر أما النساء والضعفة فيندب تقديمهم إليها بعد نصف الليل ليرموا قبل الزحمه ويسن لهم أخذ ما يرمون به يوم النحر من مزدلفة ليلا وياخذوا بقية ما يرمى به من وادى محسر أو غيره وقف ندبا بالمشعر الحرام هو كما قال ابن الصلاح والنووى جبل صغير بآخر المزدلفة يقال له قزح وهو منها لأنها ما بين مازمى عرفة ووادى محسر وقد استبدل الناس الوقوف به على بناء محدث هناك يظنونه المشعر الحرام وليس كما يظنون لكن يحصل بالوقوف عنده أصل السنة وكذا بغيره من مزدلفة وقال المحب الطري هو بأوسط المزدلفة وقد بنى عليه بناء ثم حكى الأول ثم قال الظاهر أن البناء أنما هو على الجبل والمشاهدة تشهد له قال ولم أر ما ذكره ابن الصلاح لغيره ويحصل أصل السنة بالمرور وإن لم يقف كما في عرفه والمشعر بفتح الميم ويجوز كسرها ومعنى الحرام الذي يحرم فيه الصيد وغيره فإنه من الحرم ويجوز أن يكون معناه ذا الحرمة تدعو أي تذكر الله تعالى فيه مستقبل البيت إلى الإسفار وتقول اللهم كما وقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق فإذا أفضتم من عرفات إلى قوله غفور رحيم ويكثر من قوله ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار ويدعو بما أحب ويصعد الجبل إن امكن وإلا وقف تحته ثم يسير بعد الإسفار بسكينة ومن وجد فرجه أسرع كالدفع من عرفة وأسرع وادى المحسر أي يسرع في مشيه إن كان ماشيا ومشى ومشى دابته إن كان راكبا حتى يقطع عرض وادى محسر وهو قدر رميه بحجر للاتباع ولنزول العذاب فيه على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت ولأن النصارى كانت تقف فيه فأمرنا بمخالفتهم ووادى محسر بكسر السين موضع فاصل بين مزدلفة ومنى سمى به لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه اي أعيا ونقل في المجموع عن الأزرقى أن وادى محسر خمسمائة ذراع وخمس وأربعون ذراعا انتهى والإضافة للبيان كما في جبل أحد وشجرا أراك وفي منى للجمرة الأولى وهى جمرة العقبة التى تلى مسجد مكة رميت بسبع رميات الحصا أي بالحجر حين انتهت أي وصلت إلى منى بعد طلوع الشمس ولو بنحو ياقوت وزمرد وزبرجد وبلور وعقيق ورخام وبرام وحجر حديد وذهب وفضة وخرج بالحجر غيره كاثمد ولؤلؤ وزرنيخ ومدر وجص ونوره وآجر وخزف وملح وجواهر منطبعة من ذهب أو فضة أو نحاس أو رصاص فلا يكفى الرمى به وكذا ما ليس من طبقات الأرض ويكفى حجر النورة قبل الطبخ ويسن أن يرمى بقدر حصا الخزف وهو قدر الباقلا ويكره أن يرمى بأصغر من ذلك أو أكثر وبالمتنجس وبالمأخوذ من الحل أو المسجد إن لم يكن جزء منه وإلا حرم وبالمرمى به لما قيل إن المقبول يرفع والمردود يترك فإن رمى بشئ منها جاز ويعتبر تعدد الرمى كما أفهمه تعبيره بسبع رميات فلو رمى عددا معا فرمية واحدة سواء وقع معا أم مرتبا ولو رمى بسبعة دفعة واحدة ثم أخذها ثم رماها سبع مرات أجزأه وكذا لو رمى واحدة ثم أخذها ورماها وهكذا سبعا ولو رمى حصاه ثم اتبعها أخرى حسبتنا له معا وإن وقعتا معا أو وقعت الثانية قبل الأولى ولو رمى ثنتين معا إحداهما باليمنى والأخرى باليسرى حسبت واحدة اتفاقا وفهم من تعبيره بالرمى عدم الأكتفاء بوضع الحجر في المرمى ولا بد من قصد المرمى فلو رمى في الهواء فوقع فيه لم يكف وكذا تحقق وقوع الحجر فيه فلو شك لم يكف ولا يشترط بقاؤه فلو تدحرج وخرج منه لم يضر ولاكون الرامي خارجا عن الجمرة فلو وقف في طرف منها ورمى إلى طرف آخر اجزأه ويجب كون الرمى باليد فلا يجزئ بقوس أو مقلاع أو رجل ولو انصدم الحجر بمحمل أو بعير أو ثوب إنسان فحرك المحمل أو الثوت صاحبه أو تحرك البعير فدفعه فوقع في المرمى لم يعتد به وكذا لو وقع على المحل أو العير فتدحرج إلى المرمى لاحتمال تأثره به بخلاف مالو انصدم الحجر بذلك أو بأرض خارج الحرم ثم رجع فوقع في المرمي وكذا لو وقع في غير المرمى ثم تدحرج إليه أورده الريح إليه لحصوله فيه لا بفعل غيره ويندب غسل الحصا وأن لا يكسرها مكبرا للكل أي لكل حصاة للاتباع واقطع تلبية أي عند ابتداء الرمى لأخذه في اسباب التحلل حيث سلك الأفضل من تقديم الرمى فلو قدم الطواف أو الحلق قطع التلبية من حينئذ ثم أذبح الهدى أي ثم بعد الرمى اذبح الهدى بها أي بمنى إن كان معك هدى كالأضحية في صفاتها وفي ذبحها فيها واحلق بها أو قصر ن أي احلق أيها الذكر بمنى أو قصرن للاتباع والحلق أفضل التقصير وتقصير المرأة بقدر أنملة من جميع جوانب رأسها اسها ولا تؤمر بالحلق والخنثى كالأنثى في ذلك مع دفن شعر استحبابا وبعده أي بعد الحلق أو التقصير طواف الركن المسمى أيضا بطواف الإفاضة والزيارة والفرض والصدر بفتح الدال ويسعى بعده إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم والأفضل أن يكون قبل الزوال ويسن له بعد فراغ طوافه الشرب من سقاية العباس وبعد يوم العيد للزوال ترمى الجمار الكل بالتوال أي يدخل رمي كل يوم من أيام التشريق الثلاثة بزوال شمسه وتندب الموالاة في رمي الجمار وأما ترتيب الجمرات فشرط من حلق أو تقصير ورمي يوم النحر أو الطواف المتبوع بالسعي إن لم يفعل قبل حصول التحلل الأول من تحللى الحج و حل قلم الظفر والحلق إن لم يفعل واللبس أي وستر رأس الرجل ووجه المحرمة وصيد وطيب بل يندب التطييب لحله بين التحللين ويباح بثالث وطء وعقد ونكاح عطف تفسير لحصول التحلل الثاني ولو فات الرمي توقف التحلل على بدله ولو صوما ويفارق المحصر إذا عدم الهدى حيث كان الأصح عدم توقف تحلله على بدله وهو الصوم بأن التحلل إنما أبيح للمحصر تخفيفا عليه حتى لا يتضرر ببقائه على إحرامه إذ لو أمرناه بالصبر إلى أن يأتى بالبدل لتضرر والحكمة في أن للحج تحللين طول زمنه وكثرة أفعاله فأبيح بعض محرماته في وقت دون آخر كالحيض لما طال زمنه جعل له تحللان انقطاع الدم والغسل بخلاف العمرة ليس لها إلا تحلل واحد لقصر زمنها كالجنابة واشرب ندبا لما تحب من مطلوبات الدنيا والآخرة ماء زمزم للإتباع وطف وداعا وجوبا كما مر وادع بالملتزم أي بعد فراغك من طواف الوداع وهو بين الركن والباب سمى بذلك لأن الداعين يلتزمونه عند الدعاء وهو من الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء ويسن للحاج وغيره ويتأكد له بعد فراغ حجه زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وليكثر المتوجه لها في طريقه من الصلاة والتسليم عليه ويزيد منهما إذا أبصر أشجارها مثلا ويغتسل ندبا قبل دخوله ويلبس أنظف ثيابه فإذا دخل المسجد قصد الروضة وهي ما بين القبر الشريف والمنبر فيصلى تحية المسجد بجنب المنبر ثم يأتي القبر الشريف فيستقبل رأسه ويستدبر القبلة ويبعد منه نحو أربعة أذرع ونصف ناظرا إلى أسفل ما يستقبله في مقام الهيبة والإجلال فارغ القلب من علق الدنيا ويسلم من غير رفع صوت فيقول السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليك وسلم وهذا أقله ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع فيسلم على أبي بكر رضي الله عنه عند منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يتأخر قدر ذراع فيسلم على عمر رضي الله عنه ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه جل وعلا ثم يستقبل القبلة ويدعو لنفسه ومن شاء من المسلمين ولازم لمتمتع دم لقوله تعالى {فمن تمتع بالعمرة} أي بسببها إلى الحج فما استيسر من الهدي إذ التمتع بما كان حراما عليه بعد تحلله من العمرة أو قارن قياسا على المتمتع لأنه صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه البقر يوم النحر قالت عائشة وكن قارنات ووجوب الدم فيه أولى من وجوبه في المتمتع وإنما يلزم كلا منهما الدم إن كان عنه أي عن مسكنه الحرم مسافة القصر لقوله تعالى في المتمتع {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} وقيس عليه القارن فعلم أنه لا دم على حاضريه ومن جاوز الميقات غير مريد نسكا ثم بدا له فأحرم بالعمرة قرب دخوله مكة أو عقب دخولها لزمه دم التمتع ولا بد في وجوب الدم عليه من وقوع عمرته في أشهر الحج من سنته فإن وقعت في غير أشهره أو فيها والحج في سنة قابلة فلا دم ولو أحرم بها قبل أشهره وأتى بجميع أفعالها في أشهره فلا دم ولا بد أيضا أن لا يعود لإحرام الحج إلى الميقات الذي أحرم بالعمرة منه فلو عاد إليه أو إلى مثل مسافته وأحرم بالحج فلا دم وكذا لو عاد إلى ميقات أقرب إلى مكة من ميقات عمرته وأحرم منه لا دم عليه لانتفاء تمتعه وترفهه ولو أحرم به من مكة ثم عاد إلى ميقات سقط عند الدم ولا تعتبر هذه الشروط في التسمية بالتمتع ولو دخل القارن مكة قبل يوم عرفة ثم عاد إلى الميقات سقط عنه الدم كما يسقط عن المتمتع إذا عاد بعد الإحرام بالحج إلى الميقات ووقت وجوب الدم إحرامه بالحج لأنه حينئذ يصير متمتعا بالعمرة إلى الحج ولا تتأقت إراقة الدم بوقت وهو شاة بصفة الأضحية ويقوم مقامها سبع بدنة أو سبع بقرة والأفضل ذبحه يوم النحر ويجوز قبل الإحرام بالحج بعد تحلله من العمرة لا قبله وعند العجز عنه في الحرم بان لم يجده أو ما يشتريه به أو وجده بأكثر من ثمن مثله صام بدله من قبل نحره ثلاث أيام ويندب قبل يوم عرفة لأنه يندب للحاج فطره كما مر في صوم التطوع ولا يجوز صوم شيء منها في يوم النحر ولا في أيام التشريق وسبعة في داره إذا رجع إليها للآية الشريفة ولة توطن مكة بعد فراغه من الحج صام بها وإلا امتنع صومه بها ولا يجوز صومها في الطريق إذا توجه إلى وطنه لأنه تقديم للعبادة البدنية على وقتها ويندب تتابع الثلاثة والسبعة ولو فاتته الثلاثة في الحج ورجع إلى أهله لزمه أن يفرق في قضائها بينها وبين السبعة كما في الأداء ويكون بأربعة أيام ومدة إمكان سيره إلى أهله على العادة الغالبة إذ القضاء يحكى الأداء ليتحلل أي يتحلل وجوبا لفوت وقفة أي الوقوف وبفواته يفوت الحج بعمرة عمل أي بعمل عمرة من طواف وسعى إن لم يكن سعى وحلق لأن في بقائه محرما حرجا شديدا يعسر احتماله فيحرم عليه استدامة إحرامه إلى قابل لزوال وقته كالابتداء فلو استدامه حتى حج به من قابل لم يجزه أما من سعى بعد طواف قدوم لم يحتج في تحلله إلى سعى وما تحلل به ليس بعمرة حقيقية ولهذا لم يجزه عن عمرة الإسلام لأن إحرامه انعقد لنسك فلا ينصرف إلى آخر كعكسه وبما فعله من عمل العمرة يحصل التحلل الثاني وأما الأول فيحصل بواحد من حلق وطواف متبوع بسعي لسقوط حكم الرمي بالفوات فصار كمن رمى ولا يحتاج إلى نية العمرة وليقض الحج وجوبا وإن كان تطوعا لأنه لا يخلو عن تقصير كالمفسد وبهذا فارق المحصر والقضاء على الفور والمراد به القضاء اللغوي مع دم أي مع وجوب دم في القضاء ومحصر أحل أي من أحصر عن إتمام حج أو عمرة أو قران بأن منعه عن ذلك عدو مسلم أو كافر من جميع الطرق جاز له التحلل والأفضل له تأخيره إن اتسع الوقت وإلا فتعجيله نعم لو علم انكشافه في مدة الحج بحيث يمكنه إدراكه أو في العمرة إلى ثلاثة أيام لم يجز له التحلل وكذا لو منع من غير الأركان كرمي ومبيت لإمكان الجبر بالدم والتحلل بالطواف والحلق وتجزئه عن حجة الإسلام ومن صد عن عرفة دون مكة فليدخلها ويتحلل بعمل عمرة أو عكسه وقف ثم تحلل ولا قضاء فيهما ولا فرق بين حصر الكل والبعض لأن مشقة كل واحد منهما لا تختلف بين أن يتحمل غيره مثلها أو لا ولو منعوا ولم يتمكنوا من المضي إلا ببذل مال فلهم أن يتحللوا أو لا يلزمهم بذل المال وإن قل إذ لا يجب احتمال الظلم في أداء النسك ولو منعوا من الرجوع أيضا جاز لهم التحلل بنية أي للتحلل والحق مع دم حصل أي ذبح شاة أو ما قام مقامها حيث أحصر من حل أو حرم ويفرق لحمها على مساكين ذلك الموضع ولا يلزمه إذا أحصر في الحل أن يبعث بها إلى الحرم ولا بد من مقارنة النية لكل منهما ومن تقديم الذبح على الحلق فإن فقد الدم حسا وشرعا فالأظهر أن له بدلا وأنه طعام بقيمة الشاة فإن عجز عنه صام عن كل مد يوما فإن انكسر مد صام عنه يوما وله إذا انتقل إلى الصوم التحلل في الحال بحلق ونية عنده ولا تحلل بعذر كمرض لأنه لا يفيد زواله بخلاف التحلل بالإحصار فإن شرطه تحلل به ولا يجب الهدى إلا أن شرطه ولا قضاء على المحصر المتطوع إذا تحلل لعدم وروده فإن كان فرضا مستقرا كحجة الإسلام بعد السنة الأولى من سنى الإمكان وكالقضاء والنذر بقى في ذمته أو غير مستقر كحجة الإسلام في السنة الأولى من سنى الإمكان اعتبرت الاستطاعة بعد ومتى أحرم الرقيق مدبرا أو مكاتبا أو مبعضا بلا مهايأة أو أم ولد بلا إذن سيده فله تحليله بأن يأمره به فيحلق وينوي التحلل وللزوج تحليل زوجته من نسكها ولو فرضا لم يتضيق ولم يأذن فيه لأن بقاءها يعطل حقه من الاستمتاع بها.
|