فصل: باب تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ

مساءً 10 :5
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
29
الإثنين
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب الْمَعَارِيضُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْكَذِبِ

وَقَالَ إِسْحَاقُ سَمِعْتُ أَنَساً مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ فَقَالَ كَيْفَ الْغُلَامُ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ هَدَأَ نَفَسُهُ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ وَظَنَّ أَنَّهَا صَادِقَةٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ بالتنوين ‏(‏المعاريض‏)‏ وقع عند ابن التين المعارض بغير ياء وصوابه بإثبات الياء قال‏:‏ وثبت كذلك في رواية أبي ذر وهو من التعريض خلاف التصريح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مندوحة‏)‏ بوزن مفعولة بنون ومهملة أي فسحة ومتسع، ندحت الشيء وسعته وانتدح فلان بكذا اتسع وانتدحت الغنم في مرابضها إذا اتسعت من البطنة، والمعنى أن في المعاريض ما يغني عن الكذب‏.‏

وهذا الترجمة لفظ حديث أخرجه المصنف في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ من طريق قتادة عن مطرف بن عبد الله قال‏:‏ صحبت عمران بن حصين من الكوفة إلى البصرة فما أتى عليه يوم إلا أنشدنا فيه شعرا وقال‏:‏ إن في معاريض الكلام مندوحة عن الكذب‏.‏

وأخرجه الطبري في ‏"‏ التهذيب ‏"‏ والطبراني في ‏"‏ الكبير ‏"‏ ورجاله ثقات‏.‏

وأخرجه ابن عدي من وجه آخر عن قتادة مرفوعا ووهاه، وأخرجه أبو بكر بن كامل في فوائده والبيهقي في الشعب من طريقه كذلك، وأخرجه ابن عدي أيضا من حديث علي مرفوعا بسند واه أيضا، وللمصنف في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ من طريق أبي عثمان النهدي عن عمر قال‏:‏ أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب‏؟‏ والمعاريض والمعارض بإثبات الياء أو بحذفها من التعريض بالقول، قال الجوهري‏:‏ هو خلاف التصريح، وهو التورية بالشيء عن الشيء‏.‏

وقال الراغب‏:‏ التعريض كلام له وجهان في صدق وكذب، أو باطن وظاهر‏.‏

قلت‏:‏ والأولى أن يقال‏:‏ كلام له وجهان يطلق أحدهما والمراد لازمه‏.‏

ومما يكثر السؤال عنه الفرق بين التعريض والكناية وللشيخ تقي الدين السبكي جزء جمعه في ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال إسحاق‏)‏ هو ابن أبي طلحة التابعي المشهور، وهذا التعليق سقط من رواية النسفي، وهو طرف من حديث طويل أخرجه المصنف في الجنائز، وشاهد الترجمة منه قول أم سليم ‏"‏ هدأ نفسه؛ وأرجو أن قد استراح ‏"‏ فإن أبا طلحة فهم من ذلك أن الصبي المريض تعافى، لأن قولها ‏"‏ هدأ ‏"‏ مهموز بوزن سكن ومعناه، والنفس بفتح الفاء مشعر بالنوم، والعليل إذا نام أشعر بزوال مرضه أو خفته، وأرادت هي أنه انقطع بالكلية بالموت، وذلك قولها ‏"‏ وأرجو أنه استراح ‏"‏ فهم منه أنه استراح من المرض بالعافية، ومرادها أنه استراح من نكد الدنيا وألم المرض، فهي صادقة باعتبار مرادها، وخبرها بذلك غير مطابق للأمر الذي فهمه أبو طلحة، فمن ثم قال الراوي ‏"‏ وظن أنها صادقة ‏"‏ أي باعتبار ما فهم هو‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ لَهُ فَحَدَا الْحَادِي

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْفُقْ يَا أَنْجَشَةُ وَيْحَكَ بِالْقَوَارِيرِ

الشرح‏:‏

حديث أنس في قصة أنجشة وقد تقدم شرحه في ‏"‏ باب ما يجوز من الشعر ‏"‏ والمراد منه قوله ‏"‏ رفقا بالقوارير ‏"‏ فأنه كنى بذلك عن النساء كما تقدم تقريره هناك، وحديث أنس في فرس أبي طلحة والمراد منه ‏"‏ إنا وجدناه لبحرا ‏"‏ أي لسرعة جريه، وقد تقدم شرحه في كتاب الجهاد، وكأنه استشهد بحديثي أنس لجواز التعريض، والجامع بين التعريض وبين ما دل عليه اللفظ في غير ما وضع له لمعنى جامع بينهما‏.‏

قال ابن المنير‏:‏ حديث القوارير والفرس ليسا من المعاريض بل من المجاز، فكأنه لما رأى ذلك جائزا قال‏:‏ فالمعاريض التي هي حقيقة أولى بالجواز‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ شبه جري الفرس بالبحر إشارة إلى أنه لا ينقطع، يعني ثم أطلق صفة الجري على نفس الفرس مجازا، قال‏:‏ وهذا أصل في جواز استعمال المعاريض، ومحل الجواز فيما يخلص من الظلم أو يحصل الحق، وأما استعمالها في عكس ذلك من إبطال الحق أو تحصيل الباطل فلا يجوز‏.‏

وأخرج الطبري من طريق محمد بن سيرين قال ‏"‏ كان رجل من باهلة عيونا - أي كثير الإصابة بالعين - فرأى بغلة لشريح فأعجب بها، فخشي شريح عليها فقال‏:‏ إنها إذا ربضت لا تقوم حتى تقام، فقال‏:‏ أف أف، فسلمت منه ‏"‏ وإنما أراد شريح بقوله ‏"‏ حتى تقام ‏"‏ أي حتى يقيمها الله تعالى‏.‏

*3*باب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّيْءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للْقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ بِلَا كَبِيرٍ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الرجل للشيء‏:‏ ليس بشيء، وهو ينوي أنه ليس بحق‏)‏ ذكر فيه حديثين‏:‏ الأول‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم للقبرين‏:‏ يعذبان بلا كبير، وأنه لكبير‏)‏ وهذا طرف من حديث تقدم في كتاب الطهارة، وتقدم شرحه أيضا، وتقدم أيضا في ‏"‏ باب النميمة من الكبائر ‏"‏ من كتاب الأدب بلفظ ‏"‏ وما يعذبان في كبير، وإنه لكبير‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكُهَّانِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسُوا بِشَيْءٍ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَاناً بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقّاً

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ

الشرح‏:‏

حديث عائشة في الكهان ليسوا بشيء، وقد تقدم شرحه في أواخر كتاب الطب، قال الخطابي‏:‏ معني قوله ‏"‏ ليسوا بشيء ‏"‏ فيما يتعاطونه من علم الغيب، أي ليس قولهم بشيء صحيح يعتمد كما يعتمد قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يخبر عن الوحي، وهو كما يقال لمن عمل عملا غير متقن أو قال قولا غير سديد‏:‏ ما عملت أو ما قلت شيئا‏.‏

قال ابن بطال نحوه وزاد‏:‏ إنهم يريدون بذلك المبالغة في النفي، وليس ذلك كذبا‏.‏

وقال كثير من المفسرين في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا‏)‏ والمراد بالذكر هنا القدر والشرف أي كان موجودا، ولكن لم يكن له قدر يذكر به، إما وهو مصور من طين على قول من مال المراد به آدم أو في بطن أمه على قول من قال إن المراد به الجنس‏.‏

*3*باب رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ

وَقَوْلِهِ تَعَالَى أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب رفع البصر إلى السماء، وقوله تعالى‏:‏ ‏(‏أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت‏)‏ كذا لأبي ذر، وزاد الأصيلي وغيره ‏(‏وإلى السماء كيف رفعت‏)‏ وهذا القدر هو المراد من الترجمة، وكأن المصنف أشار إلى ما جاء في النهي عن ذلك‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ غرض البخاري الرد على من كره أن يرفع بصره إلى السماء كما أخرجه الطبري عن إبراهيم التيمي وعن عطاء السلمي أنه مكث أربعين سنة لا ينظر إلى السماء تخشعا‏.‏

نعم صح النهي عن رفع البصر إلى السماء في حالة الصلاة كما تقدم في الصلاة عن أنس رفعه ‏"‏ ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال‏:‏ لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم ‏"‏ ولمسلم عن جابر بن سمرة نحوه، ولابن ماجه عن ابن عمر نحوه وقال‏:‏ ‏"‏ أن تلتمع ‏"‏ وصححه ابن حبان‏.‏

وحاصل طريق الجمع بين الحديثين أن النهي خاص بحالة الصلاة، وقد تكلم أهل التفسير في تخصيص الإبل بالذكر دون غيرها من الدواب بأشياء امتازت به، وذكر بعضهم أنه اسم السحاب، فإن ثبت فمناسبتها للسماء والأرض ظاهرة، فكأنه ذكر شيئين من الأفق العلوي وشيئين من الأفق السفلي في كل منهما ما يعتبر به من وفقه الله تعالى إلى الحق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أيوب‏)‏ هو السختياني ‏(‏عن ابن أبي مليكة عن عائشة‏:‏ رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء‏)‏ ، وقع هذا التعليق لأبي ذر عن المستملي والكشميهني فقط وسقط للباقين، وهو طرف من حديث أوله ‏"‏ مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ويومي وبين سحري ونحري ‏"‏ الحديث وفيه ‏"‏ فرفع بصره إلى السماء وقال‏:‏ الرفيق الأعلى ‏"‏ أخرجه هكذا أحمد عن إسماعيل بن علية عن أيوب، وأخرجه ابن حبان من وجه آخر عن إسماعيل، وقد تقدم للمصنف في الوفاة النبوية من طريق حماد بن زيد عن أيوب بتمامه لكن فيه ‏"‏ فرفع رأسه إلى السماء ‏"‏ وقد تقدم شرحه مستوفى هناك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الْوَحْيُ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ

الشرح‏:‏

حديث جابر في فترة الوحي والغرض منه قوله ‏"‏ فرفعت بصري إلى السماء ‏"‏ وقد تقدم شرحه في أول الكتاب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ أَوْ بَعْضُهُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَرَأَ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس ‏"‏ بت في بيت ميمونة ‏"‏ والغرض منه قوله ‏"‏ فنظر إلى السماء ‏"‏ وقد تقدم بتمامه مشروحا في ‏"‏ باب التهجد ‏"‏ في أواخر كتاب الصلاة وفي الباب حديث أبي موسى ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يرفع بصره إلى السماء ‏"‏ الحديث أخرجه مسلم، وحديث عبد الله بن سلام ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع بصره إلى السماء ‏"‏ أخرجه أبو داود‏.‏

فحاصل طريق الجمع أن النهي خاص بحالة الصلاة، والله أعلم‏.‏

*3*باب نَكْتِ الْعُودِ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب من نكت العود في الماء والطين‏)‏ النكت بالنون والمثناة الضرب المؤثر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ وَفِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَذَهَبْتُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا عُمَرُ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ وَكَانَ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ فَقَالَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ أَوْ تَكُونُ فَذَهَبْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى في قصة القف وقد تقدم شرحه في المناقب وهو ظاهر فيما ترجم له، وأورده هنا بلفظ عود يضرب به بين الماء والطين‏.‏

وفي رواية الكشميهني في الماء والطين وأورده بلفظ ‏"‏ ينكت ‏"‏ في مناقب أبي بكر الصديق، وعثمان بن غياث المذكور في السند بكسر الغين المعجمة ثم تحتانية خفيفة وآخره مثلثة، وحكى الكرماني أنه وقع في بعض النسخ يحيى بن عثمان وهو غلط، قال ابن بطال‏:‏ من عادة العرب إمساك العصا والاعتماد عليها عند الكلام وغيره وقد عاب ذلك عليهم بعض من يتعصب للعجم، وفي استعمال النبي صلى الله عليه وسلم له الحجة البالغة، وكأن المراد بالعود هنا المخصرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوكأ عليها وليس مصرحا به في هذا الحديث‏.‏

قلت‏:‏ وفقه الترجمة أن ذلك لا يعد من العبث المذموم لأن ذلك إنما يقع من العاقل عند التفكر في الشيء ثم لا يستعمله فيما لا يضر تأثيره فيه، بخلاف من يتفكر وفي يده سكين فيستعملها في خشبة تكون في البناء الذي فيها‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

فسادا، فذاك هو العبث المذموم‏.‏

*3*باب الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ فِي الْأَرْضِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض‏)‏ ذكر فيه حديث علي بن أبي طالب ‏"‏ اعملوا فكل ميسر لما خلق له ‏"‏ وسيأتي شرحه في كتاب القدر، ومضى الحديث بأتم من هذا السياق في تفسير سورة والليل، والغرض منه قوله ‏"‏ ينكت في الأرض بعود‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَمَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ فَجَعَلَ يَنْكُتُ الْأَرْضَ بِعُودٍ فَقَالَ لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ فُرِغَ مِنْ مَقْعَدِهِ مِنْ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَقَالُوا أَفَلَا نَتَّكِلُ قَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى الْآيَةَ

الشرح‏:‏

حديث علي بن أبي طالب ‏"‏ اعملوا فكل ميسر لما خلق له ‏"‏ وسيأتي شرحه في كتاب القدر، ومضى الحديث بأتم من هذا السياق في تفسير سورة والليل، والغرض منه قوله ‏"‏ ينكت في الأرض بعود ‏"‏ وقوله في السند ‏"‏ شعبة عن سليمان ‏"‏ هو الأعمش ومنصور هو ابن المعتمر، وقد أخرجه الإسماعيلي عن عمران بن موسى عن محمد بن بشار شيخ البخاري فيه فقال ‏"‏ عن الأعمش ‏"‏ وذهل الكرماني حيث زعم أن سليمان هو التيمي‏.‏

*3*باب التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التكبير والتسبيح عند التعجب‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ التسبيح والتكبير معناه تعظيم الله وتنزيهه من السوء، واستعمال ذلك عند التعجب واستعظام الأمر حسن، وفيه تمرين اللسان على ذكر الله تعالى، وهذا توجيه حيد، كأن البخاري رمز إلى الرد على من منع من ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْفِتَنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجَرِ يُرِيدُ بِهِ أَزْوَاجَهُ حَتَّى يُصَلِّينَ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ فِي الْآخِرَةِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ لَا قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن أبي ثور‏)‏ هو عبيد الله بن عبد الله فذكر حديث عمر حيث قال ‏"‏ أطلقت نساءك‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

قلت الله أكبر ‏"‏ وهو طرف من حديث طويل تقدم موصولا في كتاب العلم، وتقدم شرحه في كتاب النكاح، وقد وردت عدة أحاديث صحيحة في قول ‏"‏ سبحان الله ‏"‏ عند التعجب كحديث أبي هريرة ‏"‏ لقيني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جنب ‏"‏ وفيه فقال ‏"‏ سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس ‏"‏ متفق عليه‏.‏

وحديث عائشة ‏"‏ أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض ‏"‏ وفيه ‏"‏ قال تطهري بها، قالت‏.‏

كيف‏؟‏ قال‏:‏ سبحان الله ‏"‏ الحديث متفق عليه‏.‏

وعند مسلم من حديث عمران بن حصين في قصة المرأة التي نذرت أن تنحر ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فقال سبحان الله بئسما جزيتها ‏"‏ وكلاهما من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصحيحين أيضا من قول جماعة من الصحابة كحديث عبد الله بن سلام لما قيل له إنك من أهل الجنة قال‏:‏ سبحان الله‏.‏

ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح و حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً مِنْ الْعِشَاءِ ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ مَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْلِبُهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ مَسْكَنِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِمَا رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَفَذَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا مَا قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَبْلَغَ الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا

الشرح‏:‏

حديث صفية بنت حيي في قصة الرجلين اللذين قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ على رسلكما إنها صفية، فقالا‏:‏ سبحان الله ‏"‏ أورده من طريق شعيب بن أبي حمزة ومن طريق ابن أبي عتيق، وساقه على لفظ ابن أبي عتيق، وقد تقدم شرحه في الاعتكاف، وقوله ‏"‏العشر الغوابر ‏"‏ بالغين المعجمة ثم الموحدة المراد بها هنا البواقي، وقد تطلق أيضا على المواضي وهو من الأضداد، وهو مطابق لما ترجم له لأن الظاهر أن مرادهما بقولهما ‏"‏ سبحان الله ‏"‏ التعجب من القول المذكور بقرينة قوله ‏"‏ وكبر عليهما ‏"‏ أي عظم وشق‏.‏

وقوله ‏"‏يقذف في قلوبكما ‏"‏ كذا هنا بحذف المفعول، وقد سبق في الاعتكاف بلفظ ‏"‏ في قلوبكما شرا ‏"‏ وحديث أم سلمة ‏"‏ استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ماذا أنزل من الفتن ‏"‏ وقد تقدم بعض شرحه في العلم‏.‏

وتأتي بقيته في الفتن، وقوله من الخزائن قيل عبر بها عن الرحمة كقوله ‏"‏ خزائن رحمة ربي ‏"‏ كما عبر بالفتن عن العذاب لأنها أسباب مؤدية إليه، أن المراد بالخزائن إعلامه بما سيفتح على أمته من الأموال بالغنائم من البلاد التي يفتحونها وأن الفتن تنشأ عن ذلك، فهو من جملة ما أخبر به مما وقع قبل وقوعه‏.‏

وقد تعرض له البيهقي في ‏"‏ دلائل النبوة‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع في حديث صفية في رواية غير أبي ذر مؤخرا آخر هذا الباب والخطب فيه سهل، ووقع في شرح ابن بطال إيراد حديث صفية المذكور عقب حديث علي في الباب الذي قبله متصلا به، ثم استشكل مطابقته للترجمة وقال‏:‏ سألت المهلب عنه فقال إنما أورده لحديث علي حيث قال فيه ‏"‏ ليس منكم أحد إلا وقد فرغ من مقعده من الجنة والنار ‏"‏ فقواه بحديث أم سلمة، أشار إلى أن أقوى أسباب النار الفتن والعصبية فيها والتقاتل على المال وما يفتح من الخزائن ا هـ‏.‏

ولم أقف في شيء من نسخ البخاري على وفق ما نقل ابن بطال، وإنما وقع حديث أم سلمة في باب التسبيح والتكبير للتعجب وهو ظاهر فيما ترجم له مستغن عن التكلف، والجواب المذكور لا يفيد مطابقة الحديث للترجمة، وإنما هو مطابق لحديث الترجمة فيما لا يتعلق بالترجمة‏.‏

*3*باب النَّهْيِ عَنْ الْخَذْفِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب النهي عن الخذف‏)‏ بفتح المعجمة وسكون الدال المهملة بعدها فاء، تقدم بيانه في كتاب الصيد والذبائح‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ صُهْبَانَ الْأَزْدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَذْفِ وَقَالَ إِنَّهُ لَا يَقْتُلُ الصَّيْدَ وَلَا يَنْكَأُ الْعَدُوَّ وَإِنَّهُ يَفْقَأُ الْعَيْنَ وَيَكْسِرُ السِّنَّ

الشرح‏:‏

شرح الحديث تقدم في كتاب الصيد والذبائح‏.‏

*3*باب الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الحمد للعاطس‏)‏ أي مشروعيته‏.‏

وظاهر الحديث يقتضي وجوبه لثبوت الأمر الصريح به، ولكن نقل النووي الاتفاق على استحبابه، وأما لفظه فنقل ابن بطال وغيره عن طائفة أنه لا يزيد على الحمد لله كما في حديث أبي هريرة الآتي بعد بابين، وعن طائفة يقول الحمد لله على كل حال‏.‏

قال وقد جاء النهي عن ابن عمر وقال فيه‏:‏ هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه البزار والطبراني، وأصله عند الترمذي وعند الطبراني من حديث أبي مالك الأشعري رفعه ‏"‏ إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال ‏"‏ ومثله عند أبي داود من حديث أبي هريرة كما سيأتي التنبيه عليه، وللنسائي من حديث علي رفعه ‏"‏ يقول العاطس الحمد لله على كل حال ‏"‏ ولابن السني من حديث أبي أيوب مثله، ولأحمد والنسائي من حديث سالم بن عبيد رفعه ‏"‏ إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال، أو الحمد لله رب العالمين ‏"‏ وعن طائفة ‏"‏ يقول الحمد لله رب العالمين‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ ورد ذلك في حديث لابن مسعود أخرجه المصنف في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ والطبراني، وورد الجمع بين اللفظين فعنده في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ عن علي قال ‏"‏ من قال عند عطسة سمعها‏:‏ الحمد لله رب العالمين على كل حال ما كان لم يجد وجع الضرس ولا الأذن أبدا ‏"‏ وهذا موقوف رجاله ثقات، ومثله لا يقال من قبل الرأي فله حكم الرفع، وقد أخرجه الطبراني من وجه آخر عن علي مرفوعا بلفظ ‏"‏ من بادر العاطس بالحمد عوفي من وجع الخاصرة ولم يشتك ضرسه أبدا ‏"‏ وسنده ضعيف، وللمصنف أيضا في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ والطبراني بسند لا بأس به عن ابن عباس قال ‏"‏ إذا عطس الرجل فقال‏:‏ الحمد لله قال الملك‏:‏ رب العالمين، فإن قال رب العالمين قال الملك‏:‏ يرحمك الله ‏"‏ وعن طائفة ما زاد من الثناء فيما يتعلق بالحمد كان حسنا، فقد أخرج أبو جعفر الطبري في ‏"‏ التهذيب ‏"‏ بسند لا بأس به عن أم سلمة قالت ‏"‏ عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحمد لله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يرحمك الله‏.‏

وعطس آخر فقال‏:‏ الحمد لله رب العالمين حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه، فقال‏:‏ ارتفع هذا على هذا تسع عشرة درجة ‏"‏ ويؤيده ما أخرجه الترمذي وغيره من حديث رفاعة بن رافع قال ‏"‏ صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت‏:‏ الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى، فلما انصرف قال‏.‏

من المتكلم‏؟‏ ثلاثا‏.‏

فقلت‏:‏ أنا فقال‏:‏ والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها ‏"‏ وأخرجه الطبراني وبين أن الصلاة المذكورة المغرب، وسنده لا بأس به‏.‏

وأصله في صحيح البخاري لكن ليس فيه ذكر العطاس وإنما فيه ‏"‏ كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال‏:‏ سمع الله لمن حمده، فقال رجل وراءه ربنا لك الحمد الخ بنحوه، وقد تقدم في صفة الصلاة بشرحه‏.‏

ولمسلم وغيره من حديث أنس ‏"‏ جاء رجل فدخل في الصف وقد حفزه النفس فقال‏:‏ الله أكبر، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ‏"‏ الحديث وفيه ‏"‏ لقد رأيت اثني عر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها ‏"‏ وأخرج الطبراني وابن السني من حديث عامر بن ربيعة نحوه بسند لا بأس به، وأخرجه ابن السني بسند ضعيف عن أبي رافع قال ‏"‏ كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس، فخلى يدي ثم قام فقال شيئا لم أفهمه، فسألته فقال‏:‏ أتاني جبريل فقال إذا أنت عطست فقل‏:‏ الحمد لله لكرمه الحمد لله لعز جلاله، فإن الله عز وجل يقول‏:‏ صدق عبدي ثلاثا مغفورا له ‏"‏ وأما الثناء الخارج عن الحمد فورد فيه ما أخرجه البيهقي في ‏"‏ الشعب ‏"‏ من طريق الضحاك بن قيس اليشكري قال ‏"‏ عطس رجل عند ابن عمر فقال‏:‏ الحمد لله رب العالمين، فقال ابن عمر لو تممتها‏:‏ والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وأخرجه من وجه آخر عن ابن عمر نحوه، ويعارضه ما أخرجه الترمذي قال ‏"‏ عطس رجل فقال‏:‏ الحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

فقال ابن عمر‏:‏ الحمد لله والصلاة على رسول الله، ولكن ليس هكذا علمنا رسول الله ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ غريب لا نعرفه إلا من رواية زياد بن الربيع‏.‏

قلت‏:‏ وهو صدوق‏.‏

قال البخاري‏:‏ وفيه نظر‏.‏

وقال ابن عدي‏:‏ لا أرى به بأسا ورجح البيهقي ما تقدم على رواية زياد والله أعلم‏.‏

ولا أصل لما اعتاده كثير من الناس من استكمال قراءة الفاتحة بعد قوله الحمد لله رب العالمين، وكذا العدول من الحمد إلى أشهد أن لا إله إلا الله أو تقديمها على الحمد فمكروه، وقد أخرج المصنف في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ بسند صحيح عن مجاهد ‏"‏ أن ابن عمر سمع ابنه عطس فقال أب، فقال‏:‏ وما أب‏؟‏ إن الشيطان جعلها بين العطسة والحمد ‏"‏ وأخرجه ابن أبي شيبة بلفظ اش بدل أب‏.‏

ونقل ابن بطال عن الطبراني أن العاطس يتخير بين أن يقول الحمد لله أو يزيد رب العالمين أو على كل حال، والذي يتحرر من الأدلة أن كل ذلك مجزئ، لكن ما كان أكثر ثناء أفضل بشرط أن يكون مأثورا‏.‏

وقال النووي في ‏"‏ الأذكار ‏"‏ اتفق العلماء على أنه يستحب للعاطس أن يقول عقب عطاسه الحمد لله، ولو قال الحمد لله رب العالمين لكان أحسن، فلو قال الحمد لله على كل حال كان أفضل، كذا قال، والأخبار التي ذكرتها تقتضي التخيير ثم الأولوية كما تقدم والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتْ الْآخَرَ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ وَهَذَا لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو الثوري وسليمان هو التيمي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أنس‏)‏ في رواية شعبة عن سليمان التيمي سمعت أنسا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عطس‏)‏ بفتح الطاء في الماضي وبكسرها وضمها في المضارع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رجلان‏)‏ في حديث أبي هريرة عند المصنف في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ وصححه ابن حبان أحدهما أشرف من الآخر وأن الشريف لم يحمد، وللطبراني من حديث سهل بن سعد أنهما عامر بن الطفيل وابن أخيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فشمت‏)‏ بالمعجمة وللسرخسي بالمهملة، ووقع في رواية أحمد عن يحيى القطان عن سليمان التيمي ‏"‏ فشمت أو سمت ‏"‏ بالشك في المعجمة أو المهملة وهو من التشميت، قال الخليل وأبو عبيد وغيرهما‏:‏ يقال بالمعجمة وبالمهملة‏.‏

وقال ابن الأنباري كل داع بالخير مشمت بالمعجمة وبالمهملة، والعرب تجعل الشين والسين في اللفظ الواحد بمعنى ا هـ‏.‏

وهذا ليس مطردا بل هو في مواضع معدودة وقد جمعها شيخنا شمس الدين الشيرازي صاحب القاموس في جزء لطيف‏.‏

قال أبو عبيد‏:‏ التشميت بالمعجمة أعلى وأكثر‏.‏

وقال عياض‏:‏ هو كذلك للأكثر من أهل العربية وفي الرواية‏.‏

وقال ثعلب‏:‏ الاختيار بالمهملة لأنه مأخوذ من السمت وهو القصد والطريق القويم‏.‏

وأشار ابن دقيق العيد في ‏"‏ شرح الإلمام ‏"‏ إلى ترجيحه‏.‏

وقال القزاز‏:‏ التشميت التبريك والعرب تقول شمته إذا دعا له بالبركة، وشمت عليه إذا برك عليه‏.‏

وفي الحديث في قصة تزويج علي بفاطمة ‏"‏ شمت عليهما ‏"‏ إذا دعا لهما بالبركة‏.‏

ونقل ابن التين عن أبي عبد الملك قال‏:‏ التسميت بالمهملة أفصح وهو من سمت الإبل في المرعى إذا جمعت، فمعناه على هذا جمع الله شملك‏.‏

وتعقبه بأن سمت الإبل إنما هو بالمعجمة وكذا نقله غير واحد أنه بالمعجمة فيكون معنى سمته دعا له بأن يجمع شمله، وقيل هو بالمعجمة من الشماتة وهو فرح الشخص بما يسوء عدوه فكأنه دعا له أن يكون في حال من يشمت به، أو أنه إذا حمد الله أدخل على الشيطان ما يسوءه فشمت هو بالشيطان، وقيل هو من الشوامت جمع شامتة وهي القائمة، يقال لا ترك الله له شامتة أي قائمة‏.‏

وقال ابن العربي في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ تكلم أهل اللغة على اشتقاق اللفظين ولم يبينوا المعنى فيه وهو بديع، وذلك أن العاطس ينحل كل عضو في رأسه وما يتصل به من العنق ونحوه، فكأنه إذا قيل رحمك الله كان معناه أعطاه الله رحمة يرجع بها بذلك إلى حاله قبل العطاس ويقيم على حاله من غير تغيير، فإن كان التسميت بالمهملة فمعناه رجع كل عضو إلى سمته الذي كان عليه، وإن كان بالمعجمة فمعناه صان الله شوامته أي قوائمه التي بها قوام بدنه عن خروجها عن الاعتدال، قال‏:‏ وشوامت كل شيء قوامه؛ فقوام الدابة بسلامة قوائمها التي ينتفع بها إذا سلمت، وقوام الآدمي بسلامة قوائمه التي بها قوامه وهي رأسه وما يتصل به من عنق وصدر ا هـ‏.‏

ملخصا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقيل له‏)‏ السائل عن ذلك هو العاطس الذي لم يحمد، وقع كذلك في حديث أبي هريرة المشار إليه بلفظ ‏"‏ فسأله الشريف ‏"‏ وكذا في رواية شعبة الآتية بعد بابين بلفظ ‏"‏ فقال الرجل‏:‏ يا رسول الله شمت هذا ولم تشمتني ‏"‏ وهذا قد يعكر على ما في حديث سهل بن سعد أن الشريف المذكور هو عامر بن الطفيل فإنه كان كافرا ومات على كفره، فيبعد أن يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله يا رسول الله، ويحتمل أن يكون قالها غير معتقد بل باعتبار ما يخاطبه المسلمون، ويحتمل أن تكون القصة لعامر بن الطفيل المذكور، ففي الصحابة عامر بن الطفيل الأسلمي له ذكر في الصحابة وحديث رواه عنه عبد الله بن بريدة الأسلمي ‏"‏ حدثني عمي عامر بن الطفيل‏"‏، وفي الصحابة أيضا عامر بن الطفيل الأزدي ذكره وثيمة في ‏"‏ كتاب الردة ‏"‏ وورد له مرثية في النبي صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن في سياق حديث سهل بن سعد ما يدل على أنه عامر المشهور احتمل أن يكون أحد هذين‏.‏

ثم راجعت ‏"‏ معجم الطبراني ‏"‏ فوجدت في سياق حديث سهل بن سعد الدلالة الظاهرة على أنه عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب الفارس المشهور، وكان قدم المدينة وجرى بينه وبين ثابت بن قيس بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم كلام ‏"‏ ثم عطس ابن أخيه فحمد فشمته النبي صلى الله عليه وسلم ثم عطس عامر فلم يحمد فلم يشمته، فسأله ‏"‏ الحديث، وفيه قصة غزوة بئر معونة وكان هو السبب فيها، ومات عامر بن الطفيل بعد ذلك كافرا في قصة له مشهورة في موته ذكرها ابن إسحاق وغيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذا حمد الله وهذا لم يحمد‏)‏ في حديث أبي هريرة ‏"‏ إن هذا ذكر الله فذكرته، وأنت نسيت الله فنسيتك ‏"‏ وقد يقدم أن النسيان يطلق ويراد به الترك‏.‏

قال الحليمي‏:‏ الحكمة في مشروعية الحمد للعاطس أن العطاس يدفع الأذى من الدماغ الذي فيه قوة الفكر، ومنه منشأ الأعصاب التي هي معدن الحس وبسلامته تسلم الأعضاء، فيظهر بهذا أنها نعمة جليلة فناسب أن تقابل بالحمد لله لما فيه من الإقرار بالله بالخلق والقدرة وإضافة الخلق إليه لا إلى الطبائع ا هـ‏.‏

وهذا بعض ما ادعى ابن العربي أنه انفرد به فيحتمل أنه لم يطلع عليه، وفي الحديث أن التشميت إنما يشرع لمن حمد الله، قال ابن العربي‏:‏ وهو مجمع عليه، وسيأتي تقريره في الباب الذي بعده، وفيه جواز السؤال عن علة الحكم وبيانها للسائل ولا سيما إذ كان له في ذلك منفعة، وفيه أن العاطس إذا لم يحمد الله لا يلقن الحمد ليحمد فيشمت، كذا استدل به بعضهم وفيه نظر، وسيأتي البحث فيه بعد ثالث باب‏.‏

ومن آداب العاطس أن يخفض بالعطس صوته ويرفعه بالحمد، وأن يغطي وجهه لئلا يبدو من فيه أو أنفه ما يؤذي جليسه، ولا يلوي عنقه يمينا ولا شمالا لئلا يتضرر بذلك‏.‏

قال ابن العربي‏:‏ الحكمة في خفض الصوت بالعطاس أن في رفعه إزعاجا للأعضاء، وفي تغطية الوجه أنه لو بدر منه شيء آذى جليسه، ولو لوى عنقه صيانة لجليسه لم يأمن من الالتواء، وقد شاهدنا من وقع له ذلك‏.‏

وقد أخرج أبو داود والترمذي بسند جيد عن أبي هريرة قال ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده على فيه وخفض صوته ‏"‏ وله شاهد من حديث ابن عمر بنحوه عند الطبراني، قال ابن دقيق العيد‏:‏ ومن فوائد التشميت تحصيل المودة والتأليف بين المسلمين، وتأديب العاطس بكسر النفس عن الكبر، والحمل على التواضع، لما في ذكر الرحمة من الإشعار بالذنب الذي لا يعرى عنه أكثر المكلفين‏.‏

*3*باب تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ

فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب تشميت العاطس إذا حمد الله‏)‏ أي مشروعية التشميت بالشرط المذكور ولم يعين الحكم، وقد ثبت الأمر بذلك كما في حديث الباب، قال ابن دقيق العيد‏:‏ ظاهر الأمر الوجوب، ويؤيده قوله في حديث أبي هريرة الذي في الباب الذي يليه ‏"‏ فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته ‏"‏ وفي حديث أبي هريرة عند مسلم ‏"‏ حق المسلم على المسلم ست ‏"‏ فذكر فيها ‏"‏ وإذا عطس فحمد الله فشمته ‏"‏ وللبخاري من وجه آخر عن أبي هريرة ‏"‏ خمس تجب للمسلم على المسلم ‏"‏ فذكر منها التشميت، وهو عند مسلم أيضا‏.‏

وفي حديث عائشة عند أحمد وأبي يعلى ‏"‏ إذا عطس أحدكم فليقل‏:‏ الحمد الله، وليقل من عنده‏:‏ يرحمك الله ‏"‏ ونحوه عند الطبراني من حديث أبي مالك، وقد أخذ بظاهرها ابن مزين من المالكية‏.‏

وقال به جمهور أهل الظاهر‏.‏

وقال ابن أبي جمرة‏:‏ قال جماعة من علمائنا إنه فرض عين، وقواه ابن القيم في حواشي السنن فقال‏:‏ جاء بلفظ الوجوب الصريح، وبلفظ ‏"‏ الحق ‏"‏ الدال عليه، وبلفظ ‏"‏ على ‏"‏ الظاهرة فيه، وبصيغة الأمر التي هي حقيقة فيه، وبقول الصحابي ‏"‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ولا ريب أن الفقهاء أثبتوا وجوب أشياء كثيرة بدون مجموع هذه الأشياء‏.‏

وذهب آخرون إلى أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ورجحه أبو الوليد بن رشيد وأبو بكر بن العربي وقال به الحنفية وجمهور الحنابلة وذهب عبد الوهاب وجماعة من المالكية إلى أنه مستحب، ويجزئ الواحد عن الجماعة وهو قول الشافعية، والراجح من حيث الدليل القول الثاني، والأحاديث الصحيحة الدالة على الوجوب لا تنافي كونه على الكفاية، فإن الأمر بتشميت العاطس وإن ورد في عموم المكلفين ففرض الكفاية يخاطب به الجميع على الأصح ويسقط بفعل البعض، وأما من قال إنه فرض على مبهم فإنه ينافي كونه فرض عين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فيه أبو هريرة‏)‏ يحتمل أن يريد به حديث أبي هريرة المذكور في الباب الذي بعده، ويحتمل أن يريد به حديث أبي هريرة الذي أوله ‏"‏ حق المسلم على المسلم ست ‏"‏ وقد أشرت إليه قبل وأن مسلما أخرجه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَرَدِّ السَّلَامِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالسُّنْدُسِ وَالْمَيَاثِرِ

الشرح‏:‏

حديث البراء ‏"‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع‏:‏ أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس ‏"‏ الحديث، وقد تقدم شرح معظمه في كتاب اللباس‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ ليس في حديث البراء التفصيل الذي في الترجمة، وإنما ظاهره أن كل عاطس يشمت على التعميم، قال‏:‏ وإنما التفصيل في حديث أبي هريرة الآتي قال‏:‏ وكان ينبغي له أن يذكره بلفظه في هذا الباب ويذكر بعده حديث البراء ليدل على أن حديث البراء وإن كان ظاهره العموم لكن المراد به الخصوص ببعض العاطسين وهم الحامدون، قال‏:‏ وهذا من الأبواب التي أعجلته المنية عن تهذيبها‏.‏

كذا قال‏.‏

والواقع أن هذا الصنيع لا يختصن بهذه الترجمة بل قد أكمل منه البخاري في الصحيح، فطالما ترجم بالتقييد والتخصيص كما في حديث الباب من إطلاق أو تعميم، ويكتفي من دليل التقييد والتخصيص بالإشارة إما لما وقع في بعض طرق الحديث الذي يورده أو في حديث آخر كما صنع في هذا الباب، فإنه أشار بقوله ‏"‏ فيه أبو هريرة ‏"‏ إلى ما ورد في حديثه من تقييد الأمر بتشميت العاطس، بما إذا حمد، وهذا أدق التصرفين، ودل إكثاره من ذلك على أنه عن عمد منه لا أنه مات قبل تهذيبه، بل عد العلماء ذلك من دقيق فهمه وحسن تصرفه، في إيثار الأخفى عل الأجلى شحذا للذهن وبعثا للطالب على تتبع طرق الحديث، إلى غير ذلك من الفوائد‏.‏

وقد خص من عموم الأمر بتشميت العاطس جماعة‏:‏ الأول من لم يحمد كما تقدم، وسيأتي في باب مفرد‏.‏

الثاني الكافر فقد أخرج أبو داود وصححه الحاكم من حديث أبي موسى الأشعري قال ‏"‏ كانت اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم ‏"‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ إذا نظرنا إلى قول من قال من أهل اللغة إن التشميت الدعاء بالخير دخل الكفار في عموم الأمر بالتشميت، وإذا نظرنا إلى من خص التشميت بالرحمة لم يدخلوا قال‏:‏ ولعل من خص التشميت بالدعاء بالرحمة بناه على الغالب لأنه تقييد لوضع اللفظ في اللغة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا البحث أنشأه من حيث اللغة، وأما من حيث الشرع فحديث أبي موسى دال على أنهم يدخلون في مطلق الأمر بالتشميت، لكن لهم تشميت مخصوص وهو الدعاء لهم بالهداية وإصلاح البال وهو الشأن ولا مانع من ذلك، بخلاف تشميت المسلمين فإنهم أهل الدعاء بالرحمة بخلاف الكفار‏.‏

الثالث المزكوم إذا تكرر منه العطاس فزاد على الثلاث فإن ظاهر الأمر بالتشميت يشمل من عطس واحدة أو أكثر لكن أخرج البخاري في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ من طريق محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال ‏"‏ يشمته واحدة وثنتين وثلاثا، وما كان بعد ذلك فهو زكام ‏"‏ هكذا أخرجه موقوفا من رواية سفيان بن عيينة عنه، وأخرجه أبو داود من طريق يحيى القطان عن ابن عجلان كذلك ولفظه ‏"‏ شمت أخاك ‏"‏ وأخرجه من رواية الليث عن ابن عجلان وقال فيه ‏"‏ لا أعلمه إلا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ قال أبو داود‏:‏ ورفعه موسى بن قيس عن ابن عجلان أيضا‏.‏

وفي الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه رفعه‏:‏ ‏"‏ إن عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، ثم إن عطس فقل إنك مضنوك ‏"‏ قال ابن أبي بكر‏:‏ لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة، وهذا مرسل جيد، وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال ‏"‏ فشمته ثلاثا، فما كان بعد ذلك فهو زكام ‏"‏ وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عمرو بن العاص ‏"‏ شمتوه ثلاثا، فإن زاد فهو داء يخرج من رأسه ‏"‏ موقوف أيضا، ومن طريق عبد الله بن الزبير‏:‏ إن رجلا عطس عنده فشمته ثم عطس فقال له في الرابعة أنت مضنوك، موقوف أيضا‏.‏

ومن طريق عبد الله بن عمر مثله لكن قال ‏"‏ في الثالثة‏"‏، ومن طريق علي بن أبي طالب ‏"‏ شمته ما بينك وبينه ثلاث، فإن زاد فهو ريح ‏"‏ وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة يشمت العاطس إذا تتابع عليه العطاس ثلاثا، قال النووي في ‏"‏ الأذكار ‏"‏ إذا تكرر العطاس متتابعا فالسنة أن يشمته لكل مرة إلى أن يبلغ ثلاث مرات، رويناه في صحيح مسلم وأبي داود والترمذي عن سلمة بن الأكوع أنه ‏"‏ سمع النبي صلى الله عليه وسلم وعطس عنده رجل فقال له يرحمك الله، ثم عطس أخرى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ الرجل مزكوم ‏"‏ هذا لفظ رواية مسلم، وأما أبو داود والترمذي فقالا قال سلمة ‏"‏ عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم وأنا شاهد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يرحمك الله، ثم عطس الثانية أو الثالثة فقال رسول الله‏:‏ يرحمك الله، هذا رجل مزكوم ‏"‏ ا هـ كلامه ونقلت من نسخة عليها خطه بالسماع عليه، والذي نسبه إلى أبي داود والترمذي من إعادة قوله صلى الله عليه وسلم للعاطس يرحمك الله ليس في شيء من نسخها كما سأبينه، فقد أخرجه أيضا أبو عوانة وأبو نعيم في مستخرجيهما والنسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد وابن أبي شيبة وابن السني وأبو نعيم أيضا في ‏"‏ عمل اليوم والليلة ‏"‏ وابن حبان في صحيحه والبيهقي في ‏"‏ الشعب ‏"‏ كلهم من رواية عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه وهو الوجه الذي أخرجه منه مسلم وألفاظهم متفاوتة، وليس عند أحد منهم إعادة يرحمك الله في الحديث، وكذلك ما نسبه إلى أبي داود والترمذي أن عندهما ‏"‏ ثم عطس الثانية أو الثالثة ‏"‏ فيه نظر، فإن لفظ أبي داود ‏"‏ أن رجلا عطس ‏"‏ والباقي مثل سياق مسلم سواء إلا أنه لم يقل أخرى، ولفظ الترمذي مثل ما ذكره النووي إلى قوله ‏"‏ ثم عطس ‏"‏ فإنه ذكره بعده مثل أبي داود سواء، وهذه رواية ابن المبارك عنده وأخرجه من رواية يحيى القطان فأحال به على رواية ابن المبارك فقال نحوه إلا أنه قال له في الثانية أنت مزكوم‏.‏

وفي رواية شعبة قال يحيى القطان‏.‏

وفي رواية عبد الرحمن بن مهدي ‏"‏ قال له في الثالثة أنت مزكوم ‏"‏ وهؤلاء الأربعة رووه عن عكرمة بن عمار وأكثر الروايات المذكورة ليس فيها تعرض للثالثة، ورجح الترمذي من قال ‏"‏ في الثالثة ‏"‏ على رواية من قال ‏"‏ في الثانية ‏"‏ وقد وجدت الحديث من رواية يحيى القطان يوافق ما ذكره النووي، وهو ما أخرجه قاسم بن أصبغ في مصنفه وابن عبد البر من طريقه قال حدثنا محمد بن عبد السلام حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى القطان حدثنا عكرمة فذكره بلفظ ‏"‏ عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمته، ثم عطس فشمته، ثم عطس فقال له في الثالثة‏:‏ أنت مزكوم ‏"‏ هكذا رأيت فيه ‏"‏ ثم عطس فشمته ‏"‏ وقد أخرجه الإمام أحد عن يحيى القطان ولفظه ‏"‏ ثم عطس الثانية والثالثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ الرجل مزكوم ‏"‏ وهذا اختلاف شديد في لفظ هذا الحديث لكن الأكثر على ترك ذكر التشميت بعد الأولى، وأخرجه ابن ماجه من طريق وكيع عن عكرمة بلفظ آخر قال ‏"‏ يشمت العاطس ثلاثا؛ فما زاد فهو مزكوم ‏"‏ وجعل الحديث كله من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وأفاد تكرير التشميت، وهي رواية شاذة لمخالفة جميع أصحاب عكرمة في سياقه، ولعل ذلك من عكرمة المذكور لما حدث به وكيعا فإن في حفظه مقالا، فإن كانت محفوظة فهو شاهد قوي لحديث أبو هريرة، ويستفاد منه مشروعية تشميت العاطس ما لم يزد على ثلاث إذا حمد الله سواء تتابع عطاسه أم لا، فلو تتابع ولم يحمد لغلبة العطاس عليه ثم كرر الحمد بعدد العطاس فهل يشمت بعدد الحمد‏؟‏ فيه نظر‏.‏

وظاهر الخبر نعم‏.‏

وقد أخرج أبو يعلى وابن السني من وجه آخر عن أبي هريرة النهي عن التشميت بعد ثلاث، ولفظه ‏"‏ إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه، فإن زاد على ثلاث فهو مزكوم، ولا يشمته بعد ثلاث ‏"‏ قال النووي‏:‏ فيه رجل لم أتحقق حاله، وباقي إسناده صحيح، قلت‏:‏ الرجل المذكور هو سليمان بن أبي داود الحراني، والحديث عندهما من رواية محمد بن سليمان عن أبيه، ومحمد موثق وأبوه يقال له الحراني ضعيف، قال فيه النسائي‏:‏ ليس بثقة ولا مأمون‏.‏

قال النووي‏:‏ وأما الذي رويناه في سنن أبي داود والترمذي عن عبيد بن رفاعة الصحابي قال ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يشمت العاطس ثلاثا فإن زاد فإن شئت فشمته وإن شئت فلا ‏"‏ فهو حديث ضعيف قال فيه الترمذي‏:‏ هذا الحديث غريب، وإسناده مجهول‏.‏

قلت‏:‏ إطلاقه عليه الضعف ليس بجيد، إذا لا يلزم من الغرابة الضعف، وأما وصف الترمذي إسناده بكونه مجهولا فلم يرد جميع رجال الإسناد فإن معظمهم موثقون، وإنما وقع في روايته تغيير اسم بعض رواته وإبهام اثنين منهم، وذلك أن أبا داود والترمذي أخرجاه معا من طريق عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن، ثم اختلفا‏:‏ فأما رواية أبي داود ففيها عن يحيى بن إسحاق بن أبي طلحة عن أمه حميدة - أو عبيدة - بنت عبيد بن رفاعة عن أبيها، وهذا إسناد حسن، والحديث مع ذلك مرسل كما سأبين وعبد السلام بن حرب من رجال الصحيح، ويزيد هو أبو خالد الدالاني وهو صدوق في حفظه شيء، ويحيى بن إسحاق وثقه يحيى بن معين وأمه حميدة روى عنها أيضا زوجها إسحاق بن أبي طلحة، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين، وأبوها عبيد بن رفاعة ذكروه في الصحابة لكونه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وله رؤية، قاله ابن السكن، قال‏:‏ ولم يصح سماعه‏.‏

وقال البغوي‏:‏ روايته مرسلة وحديثه عن أبيه عند الترمذي والنسائي وغيرهما، وأما رواية الترمذي ففيها عن عمر بن إسحاق بن أبي طلحة عن أمه عن أبيها كذا سماه عمر ولم يسم أمه ولا أباها، وكأنه لم يمعن النظر فين ثم قال إنه إسناد مجهول وقد تبين أنه ليس بمجهول، وأن الصواب يحيى بن إسحاق لا عمر، فقد أخرجه الحسن بن سفيان وابن السني وأبو نعيم وغيرهم من طريق عبد السلام بن حرب فقالوا يحيى بن إسحاق‏.‏

وقالوا‏:‏ حميدة بغير شك وهو المعتمد‏.‏

وقال ابن العربي هذا الحديث وإن كان فيه مجهول لكن يستحب العمل به لأنه دعاء بخير وصلة وتودد للجليس، فالأولى العمل به والله أعلم‏.‏

وقال ابن عبد البر‏:‏ دل حديث عبيد بن رفاعة على أنه يشمت ثلاثا ويقال أنت مزكوم بعد ذلك، وهي زيادة يجب قبولها فالعمل بها أولى‏.‏

ثم حكى النووي عن ابن العربي أن العلماء اختلفوا هل يقول لمن تتابع عطاسه أنت مزكوم في الثانية أو الثالثة أو الرابعة‏؟‏ على أقوال، والصحيح في الثالثة قال‏:‏ ومعناه إنك لست ممن يشمت بعدها لأن الذي بك مرض وليس من العطاس المحمود الناشئ عن خفة البدن كما سيأتي تقريره في الباب الذي يليه، قال‏:‏ فإن قيل فإذا كان مرضا فينبغي أن يشمت بطريق الأولى لأنه أحوج إلى الدعاء من غيره، قلنا نعم لكن يدعى له بدعاء يلائمه لا بالدعاء المشروع للعاطس بل من جنس دعاء المسلم للمسلم بالعافية، وذكر ابن دقيق العيد عن بعض الشافعية أنه قال‏:‏ يكرر التشميت إذا تكرر العطاس إلا أن يعرف أنه مزكوم فيدعو له بالشفاء، قال‏:‏ وتقريره أن العموم يقتضي التكرار إلا في موضع العلة وهو الزكام، قال وعند هذا يسقط الأمر بالتشميت عند العلم بالزكام لأن التعليل به يقتضي أن لا يشمت من علم أن به زكاما أصلا، وتعقبه بأن المذكور هو العلة دون التعليل وليس المعلل هو مطلق الترك ليعم الحكم عليه بعموم علته، بل المعلل هو الترك بعد التكرير، فكأنه قيل لا يلزم تكرر التشميت لأنه مزكوم، قال ويتأيد بمناسبة المشقة الناشئة عن التكرار‏.‏

الرابع ممن يخص من عموم العاطسين من يكره التشميت، قال ابن دقيق العيد‏:‏ ذهب بعض أهل العلم إلى أن من عرف من حاله أنه يكره التشميت أنه لا يشمت إجلالا للتشميت أن يؤهل له من يكرهه فإن قيل‏:‏ كيف يترك السنة لذلك‏؟‏ قلنا‏:‏ هي سنة لمن أحبها، فأما من كرهها ورغب عنها فلا‏.‏

قال‏:‏ ويطرد ذلك في السلام والعيادة‏.‏

قال ابن دقيق العيد‏:‏ والذي عندي أنه لا يمتنع من ذلك إلا من خاف منه ضررا، فأما غيره فيشمت امتثالا للأمر ومناقضة للمتكبر في مراده وكسرا لسورته في ذلك، وهو أولى من إجلال التشميت‏.‏

قلت‏:‏ ويؤيده أن لفظ التشميت دعاء بالرحمة فهو يناسب المسلم كائنا من كان والله أعلم‏.‏

الخامس قال ابن دقيق العيد يستثنى أيضا من عطس والإمام يخطب، فإنه يتعارض الأمر بتشميت من سمع العاطس والأمر بالإنصات لمن سمع الخطيب، والراجح الإنصات لإمكان تدارك التشميت بعد فراغ الخطيب ولا سيما إن قيل بتحريم الكلام والإمام يخطب، وعلى هذا فهل يتعين تأخير التشميت حتى يفرغ الخطيب أو يشرع له التشميت بالإشارة‏؟‏ فلو كان العاطس الخطيب فحمد واستمر في خطبته فالحكم كذلك وإن حمد فوقف قليلا ليشمت فلا يمتنع أن يشرع تشميته‏.‏

السادس ممن يمكن أن يستثنى من كان عند عطاسه في حالة يمتنع عليه فيها ذكر الله، كما إذا كان على الخلاء أو في الجماعة فيؤخر ثم يحمد الله فيشمت، فلو خالف فحمد في تلك الحالة هل يستحق التشميت‏؟‏ فيه نظر‏.‏