الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
3227 - (تابعوا بين الحج والعمرة) أي إذا حججتم فاعتمروا وإذا اعتمرتم فحجوا ونظمها في سلك واحد ليفيد وجوب العمرة كالحج وقال المحب الطبري: يجوز أن يراد التتابع المشار إليه بقوله تعالى: - (حم ت ن) في الحج (عن ابن مسعود) قال الترمذي: حسن صحيح غريب. 3228 - (تابعوا بين الحج والعمرة فإن متابعة ما بينهما تزيد في العمر والرزق وتنفي الذنوب من بني آدم كما ينفي الكير خبث الحديد) لجمعه لأنواع الرياضات كما تقرر قال ابن العربي: لكن ما مر يفيد أن المكفر من الذنوب إنما هو الصغائر لا الكبائر وإذا كانت الصلاة لا تكفرها فكيف الحج والعمرة لكن هذه الطاعات ربما أثرت في القلب فأورثت توبة تكفر كل خطيئة كما قرره ابن العربي. - (قط في الأفراد طب عن ابن عمر) بن الخطاب اقتصاره على هذين يؤذن بأنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المذكور لكنه قال وينفيان الذنوب وممن رواه أيضاً أحمد وأبو يعلى وغيرهما. 3229 - (تأكل النار) أي نار جهنم (ابن آدم إلا أثر السجود) من الأعضاء السبعة المأمور بالسجود عليها (حرم اللّه عز وجل على النار أن تأكل أثر السجود) إكراماً للمصلين وإظهاراً لفضلهم. - (ه عن أبي هريرة). 3230 - (تباً للذهب والفضة) أي هلاكاً لهما والتب الخسران والهلاك ينصب على المصدر أو بإضمار فعل أي ألزمهما اللّه الهلاك والخسران وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته كما في مسند أحمد قالوا: يا رسول اللّه فأي المال نتخذ قال: قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة صالحة. - (حم عن رجل) من الصحابة (هب عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه الطبراني وغيره عن ثوبان. 3231 - (تبسمك في وجه أخيك) أي في الإسلام (لك صدقة) يعني إظهارك له البشاشة والبشر إذا لقيته تؤجر عليه كما تؤجر على الصدقة قال بعض العارفين: التبسم والبشر من آثار أنوار القلب {وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة} قال ابن عيينة: والبشاشة مصيدة المودة والبر شيء هين وجه طليق وكلام لين وفيه رد على العالم الذي يصعر خده للناس كأنه معرض عنهم وعلى العابد الذي يعبس وجهه ويقطب جبينه كأنه منزه عن الناس مستقذر لهم أو غضبان عليهم قال الغزالي: ولا يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة حتى يقطب ولا في الوجه حتى يعفر ولا في الخد حتى يصعر ولا في الظهر حتى ينحني ولا في الذيل حتى يضم إنما الورع في القلب (وأمرك بالمعروف) أي بما عرفه الشرع وحسنه (ونهيك عن المنكر) أي ما أنكره وقبحه (صدقة) بالمعنى المقرر (وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة) بالمعنى المذكور وهكذا اقتصر عليه المؤلف وقد سقط من قلمه خصلة ثابتة في الترمذي وغيره وهي قوله [ص 227] وبصرك تبصيرك فأوقع الاسم موقع المصدر (وإماطتك) تنحيتك (الحجر والشوك والعظم عن الطريق) أي المسلوك أو المتوقع السلوك فيما يظهر (لك صدقة وإفراغك) أي صبك (من دلوك) بفتح فسكون واحد الدلاء التي يسقى منها (في دلو أخيك) أي في الإسلام (لك صدقة) يشير بذلك كله إلى أن العزلة وإن كانت فضيلة محبوبة لكن لا ينبغي قطع المسلمين بالكلية فإن لهم عليك حقاً فاعتزلهم لتسلم من شرهم لكن لا تصير وحشياً نافراً بل قم بحق الحق والخلق من البشاشة للمسلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند القدرة وإكرام الضيف وبذل السلام وصلة الرحم وإغاثة الملهوف وإرشاد الضال وإزالة الأذى ونحو ذلك لكن لا تكثر من عشرتهم وراقب اللّه وأعط كل ذي حق حقه كذا قرره البعض وقال ابن العربي: ذكر خصالاً سبعة الأولى القلب الثانية والثالثة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وذلك صدقة على المأمور والمنهي من الآمر الناهي الرابعة إرشاد الضال في أرض الضلال وهي عظمى إذ فيه خلاص من هلاك نفس كما أن في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلاص من تلف الدين الخامسة إرشادك الرجل إلخ وذلك بقود الأعمى إلى نحو ما يريد ومثله من هدى رفاقاً يعني عرف طريقاً في عمارة فهو أيضاً صدقة وإن كان أقل من الأول السادسة إماطة الأذى عن الطريق وهو أقل درجات الأعمال ومع ذلك فأعظم بها من صدقة فقد غفر اللّه لمن جر غصن شوك عن الطريق السابعة إفراغك من دلوك في دلو أخيك سيما إذا لم يكن رشاء. - (خد ت حب) وكذا البزار (عن أبي ذر) أورده في الميزان في ترجمة عكرمة عن عمار العجلي من حديثه وقال: قال أبو حاتم: ثقة ربما يهم وقال أحمد: ضعيف وقال البخاري: لم يكن له كتاب فاضطرب حديثه. 3232 - (تبلغ الحلية) بكسر الحاء أي التحلي بأساور الذهب والفضة المكلل بالدر والياقوت (من المؤمن) يوم القيامة قال الطيبي: ضمن تبلغ معنى تتمكن وعدّى بمن أي تتمكن من المؤمن الحلية مبلغاً يتمكن الوضوء منه قال الحسن: الحلي في الجنة على الرجال أحسن منه على النساء (حيث يبلغ الوضوء) بفتح الواو ماؤه وقال أبو عبيد: الحلية هنا التحجيل لأنه العلامة الفارقة بين هذه الأمة وغيرها اهـ. وجزم به الزمخشري فقال: أراد التحجيل يوم القيامة من أثر الوضوء وقد استدل بالخبر على ندب التحجيل وزعم ابن القيم أنه لا يدل لأن الحلية إنما تكون في الساعد والمعصم لا في العضد والكتف في حيز المنع لأن كل ما في الجنة مخالف لما في الدنيا من صنعة العباد كما في خبر ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء. - (م) في الطهارة (عن أبي هريرة) قال أبو حازم: كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة وكان يمد يده حتى يبلغ إبطه فقلت له: ما هذا قال: لو علمت أنكم هنا ما توضأت هذا الوضوء سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: يبلغ إلخ وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه فقد عزاه جمع منهم الصدر المناوي لهما معاً. 3233 - (تجافوا عن عقوبة ذي المروءة) على هفوة أو زلة صدرت منه فلا تعزروه عليها ندباً وقد سبق بيان ذي المروءة. - (أبو بكر بن المرزبان) بفتح الميم وسكون الراء وضم الزاي وموحدة خفيفة وآخره نون واعلم أني قد وقفت على هذا الحديث بخط الكمال بن أبي شريف عازياً للطبراني في المكارم بلفظ تجافوا عن عقوبة ذي المروءة وهو ذو الصلاح فلعل قوله وهو إلخ سقط من كلام المصنف أو ظهر له أنه مدرج (في كتاب المروءة) تأليفه (طب في) كتاب [ص 228] (مكارم الأخلاق) له (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوف قال فيه البخاري منكر الحديث وقال ابن أبي شيبة متروك. 3234 - (تجافوا عن عقوبة ذوي المروءة) أي لا تؤاخذوه بذنب ندر منه لمروءته (إلا في حد من حدود اللّه تعالى) فإنه إذا بلغ الحاكم وثبت عنده وجبت إقامته. - (طس عن زيد بن ثابت) قال الهيثمي: فيه محمد بن كثير بن مروان الفهري وهو ضعيف. 3235 - (تجاوزوا) أي سامحوا من المجاوزة مفاعلة من الجواز وهو العبور من عدوة دنيا إلى عدوة قصوى ذكره الحرالي (عن ذنب السخي) أي الكريم وفي رواية تجاوز للسخي عن ذنبه (فإن اللّه تعالى آخذ بيده كلما عثر) أي سقط وفيه بيان محبة اللّه للسخي ومعونته له في مهماته وقد جاء في محبته أحاديث كثيرة فلما سخى بالأشياء اعتماداً على ربه وتوكلا عليه شمله بعين عنايته فكلما عثر في مهلكة أنقذه منها والمعاثر المهالك التي يعثر فيها ومعنى أخذ بيده خلصه من قولهم خذ بيدي أي خلصني مما وقعت فيه. - (قط في الأفراد) عن محمد بن مخلد عن إبراهيم بن حماد الأزدي عن عبد الرحيم بن حماد البصري عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود ثم قال الدارقطني: تفرد به عبد الرحيم وقد قال العقيلي: إنه حدث عن الأعمش بما ليس من حديثه اهـ. ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وتعقبه المؤلف بأن عبد الرحيم لم ينفرد به كما تشير إليه رواية الطبراني وهي ما ذكر ههنا بقوله (طب) عن أحمد بن عبيد اللّه بن جرير بن جبلة عن أبيه عن بشر بن عبيد اللّه الدارسي عن محمد بن حميد العتكي عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة (عن ابن مسعود حل هب) من هذا الطريق بعينه (عن ابن مسعود) ثم قال البيهقي: عقبه هذا إسناد ضعيف مجهول اهـ. وقال الهيثمي: فيه جماعة لم أعرفهم وقال مرة أخرى: بشر بن عبد اللّه الدارسي وهو ضعيف وظاهر صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وأقره وهو تلبيس شنيع فإنه تعقبه بما نصه: هذا إسناد مجهول ضعيف وعبد الرحيم بن حماد أي أحد رجاله منفرد به واختلف عليه في إسناده اهـ وقال الذهبي في الضعفاء والمتروكين: عبد الرحيم له مناكير اهـ ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وتعقبه المصنف فأبرق وأرعد ولم يأت بطائل كعاداته.
|