الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع
.(فَصْلٌ فِي الْإِمَامَةِ): (الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ الْأَجْوَدُ قِرَاءَةً الْأَفْقَهُ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» رَوَاه مُسْلِمٌ.وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ» رَوَاه أَبُو دَاوُد (ثُمَّ الْأَجْوَدُ قِرَاءَةً الْفَقِيهُ، ثُمَّ الْأَقْرَأُ) جَوْدَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا تَقْدِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ حَيْثُ قَالَ «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَانَ أَقْرَأَ مِنْهُ وَأَحْفَظَ كَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَأَجَابَ أَحْمَدُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى مَنْ هُوَ أَقْرَأُ لِتَفْهَمَ الصَّحَابَةُ مِنْ تَقْدِيمِهِ فِي الْإِمَامَةِ الصُّغْرَى اسْتِحْقَاقَهُ لِلْإِمَامَةِ الْكُبْرَى وَتَقْدِيمَهُ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمَّا اسْتَخْلَفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ صَحَّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْرَؤُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَتَعَلَّمُونَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَعَانِيهِ وَمَا يُرَادُ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إذَا عَلِمَ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يَتَجَاوَزْهُنَّ حَتَّى يَعْلَمَ مَعَانِيَهُنَّ وَالْعَمَلَ بِهِنَّ وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْأَجْوَدَ قِرَاءَةً عَلَى الْأَكْثَرِ قُرْآنًا؛ لِأَنَّ الْمُجَوِّدَ لِقِرَاءَتِهِ أَعْظَمُ أَجْرًا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمَنْ قَرَأَهُ وَلَحَنَ فِيهِ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ حَسَنَةٌ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ إعْرَابُ الْقُرْآنْ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ حِفْظِ بَعْضِ حُرُوفِهِ.(ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِي الْجَوْدَةِ وَعَدَمِهَا فَالْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ (الْأَكْثَرُ قُرْآنًا الْأَفْقَهُ، ثُمَّ الْأَكْثَرُ قُرْآنًا الْفَقِيهُ، ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِي الْقِرَاءَةِ (فَالْقَارِئُ الْأَفْقَهُ، ثُمَّ الْقَارِئُ الْفَقِيهُ ثُمَّ الْقَارِئُ الْعَارِفُ فِقْهَ صَلَاتِهِ، ثُمَّ الْأَفْقَهُ) وَالْأَعْلَمُ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ أُمِّيًّا، إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ كَذَلِكَ، لِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءٌ فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءٌ فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءٌ فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدُ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» رَوَاه مُسْلِمٌ.(وَمِنْ شَرْطِ تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا فِقْهَ صَلَاتِهِ) وَمَا يَحْتَاجُهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يُؤْمَنَ أَنْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِيهَا (حَافِظًا لِلْفَاتِحَةِ)؛ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ إلَّا بِمِثْلِهِ (وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْفَقِيهَيْنِ) الْمُسْتَوِيَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ (أَفْقَهَ أَوْ أَعْلَمَ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ قُدِّمَ)؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ يُؤَثِّرُ فِي تَكْمِيلِ الصَّلَاةِ (وَيُقَدَّمُ قَارِئٌ لَا يَعْلَمُ فِقْهَ صَلَاتِهِ عَلَى فَقِيهٍ أُمِّيٍّ) لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ،؛ لِأَنَّهَا رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِي الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ يُقَدَّمُ (الْأَسَنُّ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ وَإِجَابَةِ الدُّعَاءِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِيمَا تَقَدَّمَ فَالْأَوْلَى (الْأَشْرَفُ وَهُوَ مَنْ كَانَ قُرَشِيًّا) إلْحَاقًا لِلْإِمَامَةِ الصُّغْرَى بِالْكُبْرَى لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَقَوْلُهُ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» وَالشَّرَفُ يَكُونُ بِعُلُوِّ النَّسَبِ.(فَتَقَدَّمَ مِنْهُمْ بَنُو هَاشِمٍ) لِقُرْبِهِمْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) كَبِنَى عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ (ثُمَّ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً بِسَبْقِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمًا) وَعُلِمَ مِنْهُ بَقَاءُ حُكْمِ الْهِجْرَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» فَالْمَعْنَى: لَا هِجْرَةَ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ دَارَ إسْلَامٍ (وَمِثْلُهُ السَّبْقُ بِالْإِسْلَامِ) فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ إذَا اسْتَوَيَا فِي عَدَمِ الْهِجْرَةِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَا بِدَارِ إسْلَامٍ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ «فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ مُسْلِمًا أَيْ إسْلَامًا»، وَلِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ كَالْهِجْرَةِ (ثُمَّ الْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} فَيُقَدَّمُ عَلَى الْأَعْمَرِ لِلْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّلَاةِ هُوَ الْخُضُوعُ، وَرَجَاءُ إجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَالْأَتْقَى وَالْأَوْرَعُ أَقْرُبُ إلَى ذَلِكَ.قَالَ الْقُشَيْرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ: الْوَرَعُ اجْتِنَابُ الشُّبُهَاتِ زَادَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ: خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى التَّقْوَى وَالزُّهْدِ فِي الْخُطْبَةِ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ أَنَّ الزُّهْدَ تَرْكُ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ، وَالْوَرَعُ تَرْكُ مَا يُخْشَى ضَرَرُهُ فِي الْآخِرَةِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي ذَلِكَ يُقَدَّمُ (مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ الْمُصَلُّونَ، أَوْ كَانَ أَعَمْرُ لِلْمَسْجِدِ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالشَّارِحِ وَالْمَذْهَبِ، كَمَا فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا يُقْرَعُ (ثُمَّ قُرْعَةٌ) مَعَ التَّشَاحِّ؛ لِأَنَّ سَعْدًا أَقْرَعَ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فِي الْآذَانِ، وَالْإِمَامَةِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.(فَإِنْ تَقَدَّمَ الْمَفْضُولُ) عَلَى الْفَاضِلِ بِلَا إذْنِهِ (جَازَ) أَيْ صَحَّتْ إمَامَتُهُ.(وَكُرِهَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ لَمْ يَزَالُوا فِي سَفَالٍ» ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِسَالَتِهِ.(وَإِذَا أَذِنَ الْأَفْضَلُ لِلْمَفْضُولِ لَمْ يُكْرَهْ) أَنْ يَتَقَدَّمَ (نَصًّا)؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي التَّقَدُّمِ لَهُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ.(وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ أَبَاهُ بِلَا كَرَاهَةٍ) إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ، أَوْ فِيهِ مَزِيَّةٌ يُقَدَّمُ بِهَا عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ الصِّدِّيقُ عَلَى أَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ (وَصَاحِبَ الْبَيْتِ وَإِمَامَ الْمَسْجِدِ وَلَوْ عَبْدًا، وَلَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ إذَا كَانَ إمَامَ مَسْجِدٍ أَوْ صَاحِبَ بَيْتٍ (بِالْأَحْرَارِ) جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَأَبَا ذَرٍّ صَلَّوْا خَلْفَ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ وَهُوَ عَبْدٌ رَوَاهُ صَالِحٌ فِي مَسَائِلِهِ (أَحَقُّ بِإِمَامَةِ مَسْجِدٍ وَبَيْتِهِ مِنْ الْكُلِّ) مِمَّنْ تَقَدَّمَ (إذَا كَانَ) إمَامَ الْمَسْجِدِ أَوْ صَاحِبَ الْبَيْتِ (مِمَّنْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا أَفْضَلَ مِنْهُمَا).قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتَى أَرْضًا لَهُ عِنْدَهَا مَسْجِدٌ يُصَلِّي فِيهِ مَوْلًى لَهُ، فَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ مَعَهُمْ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ فَأَبَى وَقَالَ صَاحِبُ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ وَلِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ غَيْرِهِ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ وَكَسْرًا لِقَلْبِهِ (فَيَحْرُمُ تَقْدِيمُ غَيْرِهِمَا عَلَيْهِمَا بِدُونِ إذْنٍ)؛ لِأَنَّهُ افْتِيَاتٌ عَلَيْهِمَا (وَلَهُمَا تَقْدِيمُ غَيْرِهِمَا وَلَا يُكْرَهُ) لَهُمَا أَنْ يُقَدِّمَا غَيْرَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا (بَلْ يُسْتَحَبُّ) تَقْدِيمُهُمَا لِغَيْرِهِمَا (إنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُمَا) مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْفَضْلِ.(وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ (ذُو سُلْطَانٍ وَهُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، ثُمَّ نُوَّابُهُ كَالْقَاضِي، وَكُلُّ ذِي سُلْطَانٍ أَوْلَى مِنْ) جَمِيعِ (نُوَّابِهِ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَأَنَسًا فِي بُيُوتِهِمَا وَلِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَامَّةً وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» (وَسَيِّدٌ فِي بَيْتِ عَبْدِهِ أَوْلَى) بِإِمَامَةٍ (مِنْهُ) لِوِلَايَتِهِ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ (وَحُرٌّ أَوْلَى مِنْ عَبْدٍ وَمِنْ مُبَعَّضٍ)؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي أَحْكَامِهِ وَأَشْرَفُ وَيَصْلُحُ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ (وَمُكَاتَبٌ وَمُبَعَّضٌ أَوْلَى مِنْ عَبْدٍ) لِحُصُولِ بَعْضِ الْأَكْمَلِيَّةِ وَالْأَشْرَفِيَّةِ فِيهِمَا (وَحَاضِرٌ) أَيْ مُقِيمٌ أَوْلَى مِنْ مُسَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَرَ، فَيَفُوتُ الْمَأْمُومِينَ بَعْضُ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ (وَبَصِيرٌ) أَوْلَى مِنْ أَعْمَى؛ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِاجْتِهَادِهِ (وَحَضَرِيٌّ) وَهُوَ النَّاشِئُ فِي الْمُدُنِ وَالْقُرَى أَوْلَى مِنْ بَدْوِيٍّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْجَفَاءُ وَقِلَّةُ الْمَعْرِفَةِ بِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، لِبُعْدِهِمْ عَمَّنْ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ.قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْأَعْرَابِ {وَأَجْدَرُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} (وَمُتَوَضِّئٌ) أَوْلَى مِنْ مُتَيَمِّمٍ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ مُبِيحٌ (وَمُعِيرٌ) فِي الْبَيْتِ الْمُعَارِ أَوْلَى مِنْ مُسْتَعِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ (وَمُسْتَأْجِرٌ أَوْلَى مِنْ ضِدِّهِمْ) كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ وَقَادِرٌ عَلَى مَنْعِ الْمُؤَجِّرِ مِنْ دُخُولِهِ.(فَإِنْ قَصَرَ إمَامٌ مُسَافِرٌ قَضَى) أَيْ أَتَمَّ (الْمُقِيمُ كَمَسْبُوقٍ) مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ (وَلَمْ تُكْرَهْ إمَامَتُهُ إذَنْ كَالْعَكْسِ) أَيْ كَإِمَامَةِ الْمُقِيمِ لِلْمُسَافِرِ.(وَإِنْ أَتَمَّ) الْمُسَافِرُ (كُرِهَتْ) إمَامَتُهُ بِالْمُقِيمِ، خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ نَفْلٌ فَيَلْزَمُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَجَوَابُهُ: الْمَنْعُ، وَأَنَّ الْكُلَّ فَرْضٌ فَلِذَلِكَ قَالَ.(وَإِنْ تَابَعَهُ) أَيْ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ (الْمُقِيمَ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا نَوَى الِائْتِمَامَ لَزِمَهُ، فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ فَرْضًا.(وَلَوْ كَانَ الْأَعْمَى أَصَمَّ صَحَّتْ إمَامَتُهُ)؛ لِأَنَّ الْعَمَى وَالصَّمَمَ فَقْدُ حَاسَّتَيْنِ لَا يُخِلَّانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَلَا بِشُرُوطِهَا، فَصَحَّتْ مَعَ ذَلِكَ الْإِمَامَةِ كَمَا لَوْ كَانَ أَعْمَى فَاقِدَ الشَّمِّ (وَكُرِهَتْ) إمَامَتُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.(وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ فَاسِقٍ بِفِعْلٍ) كَزَانٍ وَسَارِقٍ وَشَارِبِ خَمْرٍ وَنَمَّامٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ اعْتِقَادٍ) كَخَارِجِيٍّ وَرَافِضِيٍّ (وَلَوْ كَانَ مَسْتُورًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} وَلِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا وَلَا أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا وَلَا فَاجِرٌ مُؤْمِنًا، إلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَوْطَهُ وَسَيْفَهُ» وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «اجْعَلُوا أَئِمَّتَكُمْ خِيَارَكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ هَذَا: إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ لِمَعْنًى فِي دِينِهِ فَأَشْبَهَ الْكَافِرَ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَى شَرَائِطِ الصَّلَاةِ (وَلَوْ بِمِثْلِهِ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ فَاسِقٌ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَفْعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ النَّقْصِ بِالتَّوْبَةِ (عُلِمَ فِسْقُهُ ابْتِدَاءً أَوَّلًا، فَيُعِيدُ) الْمَأْمُومُ (إذَا عَلِمَ) فِسْقَ إمَامِهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ أَنَّ الْبُطْلَانَ مُخْتَصٌّ بِظَاهِرِ الْفِسْقِ، دُونَ خَفِيِّهِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ لَا تَصِحُّ خَلْفَ الْفَاسِقِ الْمَشْهُورِ فِسْقُهُ لَكِنَّ ظَاهَرَ كَلَامِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعُ.(وَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ) خَلْفَ فَاسِقٍ (بِلَا إعَادَةٍ إنْ تَعَذَّرَتْ خَلْفَ غَيْرِهِ)؛ لِأَنَّهُمَا يَخْتَصَّانِ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ فَالْمَنْعُ مِنْهُمَا خَلْفَهُ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِهَا دُونَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتَا فِي مَوْضِعَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا عَدْلٌ فَعَلَهُمَا وَرَاءَهُ وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا (وَإِنْ خَافَ أَذًى) بِتَرْكِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ (صَلَّى خَلْفَهُ) أَيْ الْفَاسِقِ، دَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ (وَأَعَادَ، نَصًّا) لِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ.(وَإِنْ نَوَى مَأْمُومٌ الِانْفِرَادَ) أَيْ نَوَى الْمُصَلِّي خَلْفَ الْفَاسِقِ صُورَةَ عَدَمِ الِائْتِمَامِ بِهِ (وَوَافَقَهُ فِي أَفْعَالِهَا) أَيْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (صَحَّ) مَا صَلَّاهُ.(وَلَمْ يُعِدْ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمَّ بِهِ (حَتَّى وَلَوْ) كَانُوا (جَمَاعَةً صَلَّوْا خَلْفَهُ بِإِمَامٍ) عَدْلٍ وَوَافَقَهُ الْإِمَامُ فِي أَفْعَالِهَا فَلَا إعَادَةَ لِعَدَمِ الِاقْتِدَاءِ بِفَاسِقٍ.(وَتَصِحُّ إمَامَةُ الْعَدْلِ إذَا كَانَ تَائِبًا لِفَاسِقٍ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ إنَّمَا تَرْتَبِطُ بِصَلَاةِ إمَامِهِ فَلَا يَضُرُّ وُجُودُ مَعْنًى فِي غَيْرِهِ كَالْحَدَثِ (كَصَلَاةِ فَاسِقٍ خَلْفَ عَدْلٍ).(وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ إمَامٍ لَا يَعْرِفُهُ) أَيْ يَجْهَلُ عَدَالَتَهُ وَفِسْقَهُ، إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يَمْنَعُ الِائْتِمَامَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُسْلِمِينَ السَّلَامَةُ.(وَالِاسْتِحْبَابُ) أَنْ يُصَلِّيَ (خَلْفَ مَنْ يَعْرِفُهُ) عَدْلًا، لِيَتَحَقَّقَ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ (وَالْفَاسِقُ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً) وَهِيَ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ (أَوْ دَاوَمَ عَلَى صَغِيرَةٍ وَتَأْتِي لَهُ تَتِمَّةٌ فِي) بَابِ (شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ)،.(وَمَنْ صَحَّ اعْتِقَادُهُمْ فِي الْأُصُولِ) كَأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (فَلَا بَأْسَ بِصَلَاةِ بَعْضِهِمْ خَلْفَ بَعْضٍ وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي الْفُرُوعِ) كَأَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، لِصَلَاةِ الصَّحَابَةِ خَلْفَ بَعْضِهِمْ مَعَ مَا بَيْنَهُمْ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْفُرُوعِ (وَيَأْتِي قَرِيبًا).(وَمَنْ صَلَّى بِأُجْرَةٍ لَمْ يُصَلَّ خَلْفَهُ، قَالَهُ) مُحَمَّدُ بْنُ تَمِيمٍ.قَالَ أَبُو دَاوُد سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَسْأَلُ عَنْ إمَامٍ قَالَ أُصَلِّي بِكُمْ رَمَضَانَ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا؟ قَالَ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ، مَنْ يُصَلِّي خَلْفَ هَذَا؟ (فَإِنْ دُفِعَ إلَيْهِ) أَيْ الْإِمَامِ (شَيْءٌ بِغَيْرِ شَرْطٍ، فَلَا بَأْسَ نَصًّا) وَكَذَا لَوْ كَانَ يُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ وَقْفٍ.(وَلَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (خَلْفَ كَافِرٍ، وَلَوْ) كَانَ كُفْرُهُ (بِبِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ) عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأُصُولُ، وَيَأْتِي بَعْضُهُ فِي شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.(وَلَوْ أَسَرَّهُ) أَيْ الْكُفْرَ، فَجَهِلَ الْمَأْمُومُ كُفْرَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ،؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَصِحُّ لِنَفْسِهِ فَلَا تَصِحُّ لِغَيْرِهِ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَؤُمَّنَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا» وَالْكُفْرُ لَا يَخْفَى غَالِبًا فَالْجَهْلُ بِهِ مُفْرِطٌ.(وَلَوْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَعْلَمُهُ مُسْلِمًا فَقَالَ بَعْدَ الصَّلَاةِ: هُوَ كَافِرٌ، لَمْ يُؤَثِّرْ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ)؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهَا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ.(وَلَوْ قَالَ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ) لِمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ (بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ الصَّلَاةِ: هُوَ كَافِرٌ وَإِنَّمَا صَلَّى تَهَزُّؤًا، أَعَادَ مَأْمُومٌ فَقَطْ) نَصَّ عَلَيْهِ (كَمَنْ ظُنَّ كُفْرُهُ أَوْ حَدَثُهُ فَبَانَ بِخِلَافِهِ، أَوْ) ظُنَّ (أَنَّهُ خُنْثَى مُشْكِلٌ فَبَانَ رَجُلًا) فَيُعِيدُ الْمَأْمُومُ لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ.(وَلَوْ عَلِمَ مِنْ إنْسَانٍ حَالَ رِدَّةٍ وَحَالَ إسْلَامٍ) وَصَلَّى خَلْفَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فِي أَيِّ الْحَالَيْنِ هُوَ؟ أَعَادَ (وَ) لَوْ عَلِمَ لِإِنْسَانٍ (حَالَ إفَاقَةٍ وَحَالَ جُنُونٍ كُرِهَ تَقْدِيمُهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ فِيهَا (فَإِنْ صَلَّى خَلْفَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فِي أَيِّ الْحَالَيْنِ هُوَ أَعَادَ) مَا صَلَّاهُ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِالْوُجُوبِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَا يَبْرَأُ بِهِ، فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ فِي الْمَسْأَلَةِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعِيدُ وَصَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ إنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ قَبْلَ الصَّلَاةِ إسْلَامَهُ أَوْ إفَاقَتَهُ وَشَكَّ فِي رِدَّتِهِ وَجُنُونِهِ فَلَا إعَادَةَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ رِدَّتَهُ أَوْ جُنُونَهُ وَشَكَّ فِي إسْلَامِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ أَعَادَ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، جُزِمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى، وَقُطِعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.(وَإِنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَافِرٌ فَقَالَ بَعْدَ صَلَاتِهِ: كُنْتُ أَسْلَمْتُ وَفَعَلْتُ مَا يَجِبُ لِلصَّلَاةِ، فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ) لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ.(وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ (سَكْرَانٍ)؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَصِحُّ لِنَفْسِهِ، فَلَا تَصِحُّ لِغَيْرِهِ (وَإِنْ سَكِرَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ، لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ.(وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ (خَلْفَ أَخْرَسِ وَلَوْ بِ) أَخْرَسَ (مِثْلِهِ نَصًّا)؛ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ رُكْنًا، وَهُوَ الْقِرَاءَةُ وَالتَّحْرِيمَةُ وَغَيْرُهُمَا فَلَا يَأْتِي بِهِ وَلَا بِبَدَلِهِ، بِخِلَافِ الْأُمِّيِّ وَنَحْوِهِ قَالَهُ يَأْتِي بِالْبَدَلِ.(وَلَا) تَصِحَّ الصَّلَاةُ (خَلْفَ مَنْ بِهِ سَلَسٌ مِنْ بَوْلٍ وَنَحْوُهُ) كَنَجْوٍ وَرِيحٍ وَرُعَافٍ لَا يَرْقَأُ دَمُهُ، وَجُرُوحٍ سَيَّالَةٍ إلَّا بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ فِي صَلَاتِهِ خَلَلًا غَيْرَ مَجْبُورٍ بِبَدَلٍ لِكَوْنِهِ يُصَلِّي مَعَ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْحَدَثُ مِنْ غَيْرِ طَهَارَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ ائْتَمَّ بِمُحْدِثٍ يَعْلَمُ حَدَثَهُ وَإِنَّمَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ (أَوْ عَاجِزٍ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ رَفْعٍ مِنْهُ كَأَحْدَبَ، أَوْ) عَاجِزٍ عَنْ (سُجُودٍ أَوْ قُعُودٍ أَوْ عَنْ اسْتِقْبَالٍ أَوْ اجْتِنَابِ نَجَاسَةٍ أَوْ) عَاجِزٍ (عَنْ الْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَرْكَانِ أَوْ الشُّرُوطِ إلَّا بِمِثْلِهِ)؛ لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ فَلَمْ يُجْزَ كَالْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَصِحُّ إمَامَتُهُمْ بِمِثْلِهِمْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْمَطَرِ بِالْإِيمَاءِ» ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ.(وَلَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ (خَلْفَ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ)؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْقِرَاءَة إلَّا بِمِثْلِهِ (إلَّا إمَامَ الْحَيِّ وَهُوَ كُلُّ إمَامِ مَسْجِدٍ رَاتِبٍ) لِمَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٌّ، فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ إلَى قَوْلِهِ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ وَلِأَنَّ إمَامَ الْحَيِّ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيمِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالْقِيَامُ أَخَفُّ بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ فِي النَّفْلِ (الْمَرْجُوِّ زَوَالُ عِلَّتِهِ) الَّتِي مَنَعَتْهُ الْقِيَامَ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَرْكِ الْقِيَامِ عَلَى الدَّوَامِ، أَوْ مُخَالَفَةِ الْخَبَرِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ: فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُرْجَى زَوَالُ عِلَّتِهِ.(وَيُصَلُّونَ وَرَاءَهُ) جُلُوسًا (وَ) يُصَلُّونَ أَيْضًا (وَرَاءَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ) إذَا مَرِضَ وَرُجِيَ زَوَالُ عِلَّتِهِ (جُلُوسًا) لِلْخَبَرِ.قَالَ فِي الْخِلَافِ: هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَجَابَ أَحْمَدُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ابْتَدَأَ بِهِمْ قَائِمًا فَيُتِمُّهَا كَذَلِكَ وَالْجَمْعُ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ هُوَ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ، فِي ثَوْبٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ» وَرَوَاهُ أَنَسٌ أَيْضًا وَصَحَّحَهُمَا التِّرْمِذِيُّ قَالَ وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.قَالَ مَالِكٌ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا لَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ إمَامًا لَكَانَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ قِيلَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ خَلْفَهُ صَفٌّ، وَنَقَلَ مِثْلَ قَوْلِنَا أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَجَابِرٌ وَقَيْسُ بْنُ فَهْدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ (فَإِنْ صَلَّوْا قِيَامًا) خَلْفَ إمَامِ الْحَيِّ الْمَرْجُوِّ زَوَالُ عِلَّتِهِ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ قَائِمًا بِالْإِعَادَةِ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ الْأَصْلُ.(وَالْأَفْضَلُ لَهُ) أَيْ لِإِمَامِ الْحَيِّ (أَنْ يَسْتَخْلِفَ إذَا مَرِضَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ أَنَّهُ يُرْجَى زَوَالُ عِلَّتِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ، مَعَ أَنَّ صَلَاةَ الْقَائِمِ أَكْمَلُ وَكَمَالُهَا مَطْلُوبٌ.(وَإِنْ ابْتَدَأَ بِهِمْ) الْإِمَامُ (الصَّلَاةَ قَائِمًا ثُمَّ اعْتَلَّ) أَيْ حَصَلَ لَهُ عِلَّةٌ (فَجَلَسَ) عَجْزًا (أَتَمُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا وَلَمْ يَجُزْ الْجُلُوسُ نَصًّا) لِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَلِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ الْأَصْلُ فَإِذَا بَدَأَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ لَزِمَهُ فِي جَمِيعِهَا إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ كَمَنْ أَحْرَمَ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.(وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ رُكْنًا) عِنْدَهُ وَحْدَهُ كَالطُّمَأْنِينَةِ (أَوْ) تَرَكَ الْإِمَامُ (وَاجِبًا) عِنْدَهُ وَحْدَهُ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (أَوْ) تَرَكَ الْإِمَامُ (شَرْطًا عِنْدَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْمَأْمُومِ كَسَتْرِهِ أَحَدَ الْعَاتِقَيْنِ فِي الْفَرْضِ، بِأَنْ كَانَ الْمَأْمُومُ لَا يَرَى الْمَتْرُوكَ رُكْنًا، وَلَا وَاجِبًا، وَلَا شَرْطًا (أَوْ) كَانَ الْمَتْرُوكُ رُكْنًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ شَرْطًا (عِنْدَهُ، وَعِنْدَ الْمَأْمُومِ) حَالَ كَوْنِ الْإِمَامِ (عَالِمًا) بِمَا تَرَكَهُ (أَعَادَ) لِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِتَرْكِهِ الشَّرْطَ أَوْ الرُّكْنَ أَوْ الْوَاجِبَ عَمْدًا، وَبُطْلَانُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ، وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ سَهْوًا فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ وَاجِبًا صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا وَلَا إعَادَةَ وَإِنْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ صَحَّتْ لِمَأْمُومٍ وَحْدَهُ، عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنْ كَانَ رُكْنًا وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ قَرِيبًا فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا غَيْرَ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ لَمْ تَنْعَقِدْ لَهُمَا وَأَعَادَا (وَإِنْ كَانَ) الْمَتْرُوكُ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا أَوْ وَاجِبًا (عِنْدَ الْمَأْمُومِ وَحْدَهُ) كَالْحَنْبَلِيِّ اقْتَدَى بِمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، أَوْ تَرْكَ سَتْرَ أَحَدِ الْعَاتِقَيْنِ أَوْ الطُّمَأْنِينَةَ فِي الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ، أَوْ تَكْبِيرَةَ الِانْتِقَالِ وَنَحْوِهِ، مُتَأَوِّلًا أَوْ مُقَلِّدًا مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ مُفْسِدًا (فَلَا) إعَادَةَ عَلَى الْإِمَامِ، وَلَا عَلَى الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ فَجَازَتْ خَلْفَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَمِثْلُهُ لَوْ صَلَّى شَافِعِيٌّ قَبْلَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ الْحَنْبَلِيِّ خَلْفَهُ.(وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا مُخْتَلَفًا فِيهِ بِلَا تَأْوِيلٍ وَلَا تَقْلِيدٍ) أَعَادَ، ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ إجْمَاعًا كَتَرْكِهِ فَرْضَهُ، وَلِهَذَا أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ بِالْإِعَادَةِ وَجَعَلَ فِي الْمُبْدِعِ تَرْكَ الْوَاجِبِ كَذَلِكَ وَمُرَادُهُ: إذَا شَكَّ فِي وُجُوبِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ أَنَّ عَالِمًا قَالَ بِوُجُوبِهِ فَيَسْقُطُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَيُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، إنْ عَلِمَ فِيهَا أَوْ قَرِيبًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.(وَتَصِحَّ) الصَّلَاةُ (خَلْفَ مَنْ خَالَفَ فِي فَرْعٍ لَمْ يُفَسَّقْ بِهِ) أَيْ بِمُخَالَفَتِهِ فِيهِ، كَالصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يَرَى النِّكَاحَ بِلَا وَلِيٍّ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَعَ شِدَّةِ الْخِلَافِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَنْ خَالَفَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.(وَمَنْ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ، كَنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَشُرْبِ نَبِيذٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ دَاوَمَ عَلَيْهِ فُسِّقَ) بِالْمُدَاوَمَةِ.(وَلَمْ يُصَلَّ خَلْفَهُ) لِفِسْقِهِ (وَإِنْ لَمْ يُدَاوِمْ) عَلَيْهِ (فَقَالَ الْمُوَفَّقُ) وَالشَّارِحُ (هُوَ مِنْ الصَّغَائِرِ وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ)؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَحْصُلُ بِالصَّغِيرَةِ بَلْ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي قَالَ تَعَالَى {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَوْ فَعَلَ الْإِمَامُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْمَأْمُومِ دُونَهُ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ: صَحَّتْ صَلَاتُهُ خَلْفَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ.(وَلَا إنْكَارَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ) عَلَى مَنْ اجْتَهَدَ فِيهَا وَقَلَّدَ مُجْتَهِدًا؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إمَّا مُصِيبٌ، أَوْ كَالْمُصِيبِ فِي حَطِّ الْإِثْمِ عَنْهُ وَحُصُولِ الثَّوَابِ لَهُ.قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَبَعْضِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ ضَعُفَ الْخِلَافُ أُنْكِرَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا ا هـ.قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ رَأَيْتُ النَّاسَ لَا يَعْصِمُهُمْ مِنْ الظُّلْمِ إلَّا الْعَجْزُ وَلَا أَقُولُ الْعَوَامُّ بَلْ الْعُلَمَاءُ كَانَتْ أَيْدِي الْحَنَابِلَةِ مَبْسُوطَةً فِي أَيَّامِ ابْنِ يُونُسَ فَكَانُوا يَسْتَطِيلُونَ بِالْبَغْيِ عَلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْفُرُوعِ، حَتَّى مَا يُمَكِّنُوهُمْ مِنْ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْقُنُوتِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ فَلَمَّا جَاءَتْ أَيَّامُ النَّظَّامِ، وَمَاتَ ابْنُ يُونُسَ وَزَالَتْ شَوْكَةُ الْحَنَابِلَةِ اسْتَطَالَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ اسْتِطَالَةَ السَّلَاطِينِ الظَّلَمَةِ، فَاسْتَعْدَوْا بِالسَّجْنِ، وَآذَوْا الْعَوَامَّ بِالسِّعَايَاتِ، وَالْفُقَهَاءَ بِالنَّبْذِ بِالتَّجْسِيمِ قَالَ: فَتَدَبَّرْتُ أَمْرَ الْفَرِيقَيْنِ فَإِذَا بِهِمْ لَمْ تَعْمَلْ فِيهِمْ آدَابُ الْعِلْمِ وَهَلْ هَذِهِ إلَّا أَفْعَالُ الْأَجْنَادِ، يَصُولُونَ فِي دَوْلَتِهِمْ، وَيَلْزَمُونَ الْمَسَاجِدَ فِي بَطَالَتِهِمْ.(وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ امْرَأَةٍ) بِرِجَالٍ لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» وَلِأَنَّهَا لَا تُؤَذِّنُ لِلرِّجَالِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَؤُمَّهُمْ كَالْمَجْنُونِ، وَلَا بِخَنَاثَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمْ رِجَالًا.(وَلَا) إمَامَةُ (خُنْثَى مُشْكِلٍ بِرِجَالٍ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ امْرَأَةً.(وَلَا) إمَامَةُ الْخُنْثَى (بِخَنَاثَى) مُشْكِلِينَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً وَهُمْ رِجَالٌ وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالتَّرَاوِيحِ وَغَيْرِهَا وَعَنْهُ تَصِحُّ فِي التَّرَاوِيحِ إذَا كَانَا قَارِئَيْنِ وَالرِّجَالُ أُمِّيُّونَ، وَيَقِفُونَ خَلْفَهَا، وَذَهَبَ إلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الرَّجُلُ الْمَأْمُومُ بِكَوْنِ الْإِمَامِ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى (إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَادَ)؛ لِأَنَّهُ مُفْرِطٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى غَالِبًا.(وَتَصِحَّ) إمَامَةُ الْمَرْأَةِ بِنِسَاءٍ، لِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ «أُمِّ وَرَقَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَؤُمَّ نِسَاءَ أَهْلِ دَارِهَا» وَتَصِحُّ أَيْضًا إمَامَةُ الْخُنْثَى (بِنِسَاءٍ) لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً وَإِمَامَتُهَا بِهِنَّ صَحِيحَةٌ (وَيَقِفْنَ) أَيْ الْمَأْمُومَاتُ (خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْخُنْثَى، إذَا أَمَّهُنَّ كَالرَّجُلِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَقُومُ وَسْطَهُنَّ.(وَإِنْ صَلَّى) رَجُلٌ (خَلْفَ مَنْ يَعْلَمُهُ خُنْثَى لَكِنْ، يَجْهَلُ إشْكَالَهُ، ثُمَّ بَانَ) الْخُنْثَى (بَعْدَ الصَّلَاةِ رَجُلًا فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (الْإِعَادَةُ) كَمَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَظُنُّهُ مُحْدِثًا فَبَانَ مُتَطَهِّرًا.(وَإِنْ صَلَّى) رَجُلٌ (خَلْفَهُ) أَيْ الْخُنْثَى (وَهُوَ لَا يَعْلَمُ) أَنَّهُ خُنْثَى (فَبَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ رَجُلًا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَعَدَمِ شَكِّهِ حَالَ الْفِعْلِ فِيمَا يُفْسِدُهَا.(وَلَا) تَصِحُّ (إمَامَةُ مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي فَرْضٍ) نَصَّ عَلَيْهِ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تُقَدِّمُوا صِبْيَانَكُمْ» وَلِأَنَّهَا حَالُ كَمَالٍ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا أَشْبَهَ الْمَرْأَةَ بَلْ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَمْنَعُ التَّكْلِيفَ وَصِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَالْإِمَامُ ضَامِنٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ الْإِخْلَالُ بِالْقِرَاءَةِ حَالَ السِّرِّ.(وَتَصِحُّ) إمَامَةُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِ (فِي نَفْلٍ) كَكُسُوفٍ وَتَرَاوِيحٍ (وَ) تَصِحُّ إمَامَةُ مُمَيِّزٍ (بِمِثْلِهِ)؛ لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ يَؤُمُّ مُتَنَفِّلًا.(وَلَا) تَصِحُّ (إمَامَةُ مُحْدِثٍ) يَعْلَمُ ذَلِكَ (وَلَا) إمَامَةُ (نَجِسٍ يَعْلَمُ ذَلِكَ)؛ لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ أَشْبَهَ الْمُتَلَاعِبَ لِكَوْنِهِ لَا صَلَاةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ فَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ (وَلَوْ جَهِلَهُ) أَيْ الْحَدَثَ أَوْ النَّجَسَ (مَأْمُومٌ فَقَطْ) أَيْ وَحْدَهُ وَعَلِمَهُ الْإِمَامُ، فَيَكُونُ كُلُّهُمْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ وَلَا بَيْنَ نَجَاسَةِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْبُقْعَةِ فَإِنْ جَهِلَهُ أَيْ الْحَدَثَ أَوْ النَّجَسَ (هُوَ) أَيْ الْإِمَامُ.(وَالْمَأْمُومُونَ كُلُّهُمْ حَتَّى قَضَوْا الصَّلَاةَ صَحَّتْ صَلَاةُ مَأْمُومٍ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْإِمَامِ لِمَا رَوَى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذَا صَلَّى الْجُنُبُ بِالْقَوْمِ أَعَادَ صَلَاتَهُ وَتَمَّتْ لِلْقَوْمِ صَلَاتُهُمْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَرَّانِيُّ وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْجَرْفِ فَأَهْرَاقَ الْمَاءَ، فَوَجَدَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا فَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُعِدْ النَّاسُ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ إذَا صَلَّى الْجُنُبُ بِالْقَوْمِ فَأَتَمَّ بِهِمْ الصَّلَاةَ آمُرُهُ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيُعِيدَ، وَلَا آمُرُهُمْ أَنْ يُعِيدُوا رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ وَهَذَا فِي مَحَلِّ الشُّهْرَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْحَدَثَ مِمَّا يَخْفَى وَلَا سَبِيلَ إلَى الْمَعْرِفَةِ مِنْ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ فَكَانَ مَعْذُورًا فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ (إلَّا فِي الْجُمُعَةِ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ بِالْإِمَامِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ) إذَا كَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا أَوْ نَجِسًا.(وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمَأْمُومِينَ مُحْدِثًا) أَوْ نَجِسًا (فِيهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ وَهُمْ أَرْبَعُونَ فَقَطْ فَيُعِيدُ الْكُلُّ، لِفَقْدِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ أَوْ النَّجِسَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَإِنْ كَانُوا أَرْبَعِينَ غَيْرَ الْمُحْدِثِ أَوْ النَّجِسِ فَالْإِعَادَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ جَاهِلًا) أَوْ نَاسِيًا فِي بَابِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ.(وَلَا) تَصِحُّ (إمَامَةُ أُمِّيٍّ نِسْبَةً إلَى الْأُمِّ) كَأَنَّهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ أُمُّهُ عَلَيْهَا وَقِيلَ: إلَى أُمَّةِ الْعَرَبَ وَهُوَ لُغَةً مَنْ لَا يَكْتُبُ وَمِنْ ذَلِكَ وَصْفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأُمِّيِّ (بِقَارِئٍ) مَضَتْ السُّنَّةُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَهُ الزُّهْرِيُّ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ مَقْصُودٌ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاءُ الْقَادِرِ عَلَيْهِ بِالْعَاجِزِ عَنْهُ كَالطَّهَارَةِ وَالسُّتْرَةِ وَهُوَ يَتَحَمَّلُهَا عَنْ الْمَأْمُومِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ (وَالْأُمِّيُّ) اصْطِلَاحًا (مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ لَا يَحْفَظُهَا (أَوْ يُدْغِمُ مِنْهَا حَرْفًا لَا يُدْغَمُ) أَيْ فِي غَيْرِ مِثْلِهِ، وَغَيْرِ مَا يُقَارِبُهُ فِي الْمَخْرَجِ (وَهُوَ الْأَرَتُّ).وَفِي الْمَذْهَبِ هُوَ الَّذِي فِي لِسَانِهِ عَجَلَةٌ تُسْقِطُ بَعْضَ الْحُرُوفِ (أَوْ يَلْحَنُ) فِيهَا (لَحْنًا يُحِيلُ الْمَعْنَى، كَفَتْحِ هَمْزَةِ اهْدِنَا)؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِمَعْنَى طَلَبِ الْهَدِيَّةِ لَا الْهِدَايَةِ (وَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْتَ) وَكَسْرِهَا، وَكَسْرِ كَافِ إيَّاكَ فَإِنْ لَمْ يُحِلْ الْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ وَنُونِ نَسْتَعِينُ فَلَيْسَ أُمِّيًّا.(وَإِنْ أَتَى بِهِ) أَيْ اللَّحْنِ الْمُحِيلِ لِلْمَعْنَى (مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إصْلَاحِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ كَمَا يَأْتِي)؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا، فَهُوَ كَسَائِرِ الْكَلَامِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْكَلَامِ.(وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إصْلَاحِهِ) أَيْ اللَّحْنِ الْمُحِيلِ لِلْمَعْنَى (قَرَأَهُ فِي فَرْضِ الْقِرَاءَةِ) لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (وَمَا زَادَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْفَاتِحَةِ (تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ) أَيْ اللَّحْنِ الْمُحِيلِ لِلْمَعْنَى فِيهِ وَاللَّحْنُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إذَا لَمْ يُحِلْ الْمَعْنَى، فَإِنْ أَحَالَهُ كَانَ عَمْدُهُ كَالْكَلَامِ وَسَهْوُهُ كَالسَّهْوِ عَنْ كَلِمَةٍ وَجَهْلُهُ كَجَهْلِهَا.(وَيَكْفُرُ إنْ اعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ) أَيْ إبَاحَةَ اللَّحْنِ الْمُحِيلِ لِلْمَعْنَى، لِإِدْخَالِهِ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.(وَإِنْ كَانَ) اللَّحْنُ الْمُحِيلُ لِلْمَعْنَى (لِجَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ آفَةٍ) كَسَبْقِ لِسَانِهِ أَوْ غَفْلَتِهِ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ» (وَلَمْ تُمْنَعْ إمَامَتُهُ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأُمِّيٍّ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ تَصِحَّ إمَامَةُ الْأُمِّيِّ بِمِثْلِهِ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ.(وَإِنْ أَمَّ أُمِّيٌّ أُمِّيًّا وَقَارِئًا فَإِنْ، كَانَا) أَيْ الْمَأْمُومَانِ (عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (أَوْ) كَانَ (الْأُمِّيُّ فَقَطْ) عَنْ يَمِينِهِ وَالْقَارِئُ عَنْ يَسَارِهِ (صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ)؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْإِمَامَةَ بِمَنْ يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ.(وَ) صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ (الْأُمِّيِّ)؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ، وَوَقَفَ فِي مَوْقِفِهِ (وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَارِئِ) لِاقْتِدَائِهِ بِأُمِّيٍّ (وَإِنْ كَانَا) أَيْ الْأُمِّيُّ وَالْقَارِئُ الْمَأْمُومَانِ (خَلْفَهُ) أَيْ الْإِمَامِ الْأُمِّيَّ (أَوْ) كَانَ (الْقَارِئُ وَحْدَهُ عَنْ يَمِينِهِ) وَالْأُمِّيُّ عَنْ يَسَارِهِ (فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ) أَمَّا الْإِمَامُ فَلِأَنَّهُ نَوَى الْإِمَامَةَ بِمَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُ، وَأَمَّا الْقَارِئُ فَلِاقْتِدَائِهِ بِالْأُمِّيِّ وَأَمَّا الْأُمِّيُّ فَلِمُخَالَفَتِهِ مَوْقِفَهُ وَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ الْأُمِّيَّ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِيَسَارِ إمَامِهِ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمَا يَأْتِي فَصَحَّ اقْتِدَاؤُهُ أَوَّلًا بِالْإِمَامِ وَبُطْلَانُ صَلَاتِهِ بَعْدُ لَا يُؤَثِّرُ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ النِّيَّةِ، وَكَمَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ عَقِبَهُ، وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْحَاشِيَةِ.(وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْعَاجِزِ عَنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِالْعَاجِزِ عَنْ النِّصْفِ الْأَخِيرِ) مِنْهَا.(وَلَا بِالْعَكْسِ) أَيْ إقْصَاءُ الْعَاجِزِ عَنْ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِالْعَاجِزِ عَنْ النِّصْفِ الْأُوَلِ (وَلَا اقْتِدَاءُ مَنْ يُبَدِّلُ حَرْفًا مِنْهَا بِمَنْ يُبَدِّلُ حَرْفًا غَيْرَهُ) لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ.(وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ وَيُحْسِنَ غَيْرَهَا مِنْ الْقُرْآنِ بِقَدْرِهَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ مَنْ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ) وَجَوَّزَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ لِأَنَّهُمَا أُمِّيَّانِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يُحْسِنُ دُونَ السَّبْعِ فَوَجْهَانِ.(وَإِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ مِمَّنْ لَا يَصْلُحُ) لِلْإِمَامَةِ (فَإِنْ شَاءَ صَلَّى خَلْفَهُ وَأَعَادَ) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ قُلْتُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إنْ خَافَ فِتْنَةً أَوْ أَذًى لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَاسِقِ.(وَإِنْ شَاءَ صَلَّى وَحْدَهُ جَمَاعَةً) بِإِمَامِ يَصْلُحُ لِلْعُذْرِ (أَوْ) صَلَّى (وَحْدَهُ وَوَافَقَهُ فِي أَفْعَالِهِ، وَلَا إعَادَةَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِمَنْ لَيْسَ أَهْلًا.(وَإِنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى تَغْيِيرِ نَظْمِ الْقُرْآنِ بِمَا هُوَ مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ يُحِيلُ مَعْنَاهُ، كَقَوْلِهِ: إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ، وَنَحْوِهِ لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ، لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ» (وَلَمْ يَسْجُدْ لَهُ) إذَا كَانَ سَهْوًا عِنْدَ الْمَجْدِ، وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ يَسْجُدُ لَهُ.(وَحُكْمُ مَنْ أَبْدَلَ مِنْهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ (حَرْفًا بِحَرْفٍ، لَا يُبَدَّلُ كَالْأَلْثَغِ الَّذِي يَجْعَلُ الرَّاءَ غَيْنًا وَنَحْوِهِ، حُكْمُ مَنْ لَحَنَ فِيهَا لَحْنًا يُحِيلُ الْمَعْنَى) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ مَنْ لَا يُبَدِّلُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (إلَّا ضَادَ الْمَغْضُوبِ وَالضَّالِّينَ) إذَا أَبْدَلَهَا (بِظَاءٍ فَتَصِحُّ) إمَامَتُهُ بِمَنْ لَا يُبَدِّلُهَا ظَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ أُمِّيًّا بِهَذَا الْإِبْدَالِ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ عَلِمَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا لَفْظًا وَمَعْنَى (كـ) مَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ (بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ الضَّادِ وَالظَّاءِ (مِنْ أَطْرَافِ اللِّسَانِ، وَبَيْنَ الْأَسْنَانِ وَكَذَلِكَ مَخْرَجُ الصَّوْتِ وَاحِدٌ قَالَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى إصْلَاحِ ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إدْغَامِ حَرْفٍ فِي آخَرَ لَا يُدْغَمُ فِيهِ، أَوْ إبْدَالِ حَرْفٍ بِحَرْفٍ غَيْرِ ضَادِ الْمَغْضُوبِ وَالضَّالِّينَ بِظَاءٍ، أَوْ إصْلَاحِ اللَّحْنِ الْمُحِيلِ لِلْمَعْنَى (لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ مَا لَمْ يُصْلِحْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا.(وَتُكْرَهُ وَتَصِحُّ إمَامَةُ كَثِيرِ اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى) كَجَرِّ دَالِ الْحَمْدِ وَنَصْبِ هَاءِ اللَّهُ وَنَصْبِ بَاءِ رَبِّ وَنَحْوِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُؤْتَمُّ مِثْلَهُ أَوْ كَانَ لَا يَلْحَنُ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ بَاقٍ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْزِئٌ وَمُتَعَمِّدٌ.قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ: إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِالْيَسِيرِ لَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ مَنْ يَخْلُو مِنْ ذَلِكَ، إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ.(وَ) تُكْرَهُ وَتَصِحُّ إمَامَةُ (مَنْ يُصْرَعُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، مِنْ الصَّرْعِ، وَهُوَ دَاءٌ يُشْبِهُ الْجُنُونَ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (أَوْ تُضْحِكُ رُؤْيَتُهُ) أَوْ صُورَتُهُ، أَيْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ وَتَصِحُّ.(وَمَنْ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ) قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ فَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ إمَامَةِ الْمُوَسْوِسِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِئَلَّا يَقْتَدِي بِهِ عَامِّيٌّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يُكْرَهُ.(وَ) تُكْرَهُ وَتَصِحُّ إمَامَةُ (أَقْلَف) أَمَّا الصِّحَّةُ فَلِأَنَّهُ ذَكَرٌ مُسْلِمٌ عَدْلٌ قَارِئٌ، فَصَحَّتْ إمَامَتُهُ كَالْمَخْتُونِ، وَالنَّجَاسَةُ تَحْتَ الْقُلْفَةِ بِمَحَلٍّ لَا تُمْكِنُهُ إزَالَتُهَا مِنْهُ مَعْفُوٌّ عَنْهَا لِعَدَمِ إمْكَانِ إزَالَتِهَا، وَكُلُّ نَجَاسَةٍ مَعْفُوٌّ عَنْهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلِلِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْأَقْلَفِ الْمُرْتَفِقِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى فَتْقِ قُلْفَتِهِ وَغَسْلِ مَا تَحْتَهَا فَأَمَّا الْمَفْتُوقُ الْقُلْفَةَ فَإِنْ تَرَكَ غَسْلَ مَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ مِمَّا يُمْكِنُهُ غَسْلُهُ لَمْ تَصِحَّ إمَامَتُهُ وَلَا صَلَاتُهُ، لِحَمْلِهِ نَجَاسَةً لَا يُعْفَى عَنْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إزَالَتِهَا، قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ (وَ).تُكْرَهُ وَتَصِحُّ إمَامَةُ (أَقْطَعِ يَدَيْنِ، أَوْ) أَقْطَعِ (إحْدَاهُمَا أَوْ) أَقْطَعِ (رِجْلَيْنِ أَوْ) أَقْطَعَ (إحْدَاهُمَا).قَالَ فِي شَرْح الْمُنْتَهَى: وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ إذَا أَمْكَنَ أَقْطَعِ رِجْلَيْنِ الْقِيَامُ، بِأَنْ يَتَّخِذَ لَهُ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ إلَّا بِمِثْلِهِ.(قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ أَوْ أَنْفٍ) أَيْ تُكْرَهُ وَتَصِحُّ إمَامَةُ أَقْطَعِ أَنْفٍ.(وَ) تُكْرَهُ وَتَصِحُّ إمَامَةُ (الْفَأْفَاءِ الَّذِي يُكَرِّرُ الْفَاءَ، وَالتَّمْتَامِ: الَّذِي يُكَرِّرُ التَّاءَ، وَمَنْ لَا يُفْصِحُ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ) كَالْقَافِ وَالضَّادِ، أَمَّا صِحَّةُ إمَامَتِهِ فَلِإِتْيَانِهِ بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ تَقْدِيمِهِ فَلِزِيَادَتِهِ مَا يُكَرِّرُ، أَوْ عَدَمِ فَصَاحَتِهِ.(وَ) يُكْرَهُ (أَنْ يَؤُمَّ رَجُلٌ) أُنْثَى (أَجْنَبِيَّةً فَأَكْثَرَ، لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَطَةِ الْوَسْوَاسِ.(وَلَا بَأْسَ) أَنْ يَؤُمَّ (بِذَوَاتِ مَحَارِمِهِ) أَوْ أَجْنَبِيَّاتٍ مَعَهُنَّ رَجُلٌ فَأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَشْهَدْنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ.وَفِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ لِلشَّوَابِّ وَذَوَاتِ الْهَيْئَةِ الْخُرُوجُ لِلصَّلَاةِ، وَيُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ فَإِنْ صَلَّى بِهِنَّ رَجُلٌ مَحْرَمٌ جَازَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ.(وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ، بِحَقٍّ نَصًّا، لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ أَوْ فَضْلِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» رَوَاه التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَهُوَ لَيِّنٌ.وَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تُقْبَلُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ الْإِفْرِيقِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.قَالَ الْقَاضِي الْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ أَمَّا إنْ كَانَ ذَا دِينٍ وَسُنَّةٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ (فَإِنْ كَرِهَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (نِصْفُهُمْ لَمْ يُكْرَهْ) أَنْ يَؤُمَّهُمْ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ إزَالَةً لِذَلِكَ الِاخْتِلَافِ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ.(قَالَ الشَّيْخُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (مُعَادَاةٌ مِنْ جِنْسِ مُعَادَاةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْمَذَاهِبِ، لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ، لِعَدَمِ الِائْتِلَافِ) وَالْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً إنَّمَا يَتِمُّ بِالِائْتِلَافِ (وَلَا يُكْرَهُ الِائْتِمَامُ بِهِ) حَيٌّ صَلُحَ لِلْإِمَامَةِ (؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ) دُونَهُمْ، لِلْأَخْبَارِ (وَإِنْ كَرِهُوهُ لِدِينِهِ وَسُنَّتِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ)،.(وَلَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ وَلَدِ زِنًا وَلَقِيطٍ وَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ، وَخَصِيٍّ وَجُنْدِيٍّ) بِضَمِّ الْجِيمِ (وَأَعْرَابِيٍّ إذَا سَلِمَ دِينُهُمْ وَصَلَحُوا لَهَا) لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» وَصَلَّى الْبَاقُونَ خَلْفَ ابْنِ زِيَادٍ وَهُوَ مِمَّنْ فِي نِسْبَتِهِ نَظَرٌ قَالَتْ عَائِشَةُ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ وِزْرِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ قَالَتْ: يُقَالُ {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ حُرٌّ مَرْضِيٌّ فِي دِينِهِ، يَصْلُحُ لَهَا كَغَيْرِهِ.(وَيَصِحُّ ائْتِمَامُ مَنْ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ بِمَنْ يَقْضِيَهَا) رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَالَهُ الْخَلَّالُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْوَقْتُ.(وَعَكْسُهُ) أَيْ يَصِحُّ ائْتِمَامُ مَنْ يَقْضِي الصَّلَاةَ بِمَنْ يُؤَدِّيهَا لِمَا سَبَقَ (وَ) يَصِحُّ ائْتِمَامُ (قَاضِي ظُهْرَ يَوْمٍ بِقَاضِي ظُهْرَ يَوْمٍ آخَرَ) لِمَا تَقَدَّمَ.(وَ) يَصِحُّ ائْتِمَامُ (مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ)؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالطَّهَارَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلْزَمُهُ وَالْعَكْسُ أَوْ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَصِحُّ) ائْتِمَامُ (مَاسِحٍ عَلَى حَائِلٍ بِغَاسِلٍ) لِمَا تَحْتَ ذَلِكَ الْحَائِلِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ رَافِعٌ لِمَا تَقَدَّمَ.(وَ) يَصِحُّ ائْتِمَامُ (مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا؟ فَقَامَ رَجُلٌ فَصَلَّى مَعَهُ».(وَ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ (مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ) أَوْ بِهِ قُرُوحٌ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا مَسَّ الْبَشَرَةِ بِأَحَدِهِمَا (بِمَنْ تَطْهُرُ بِأَحَدِهِمَا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي ائْتِمَامِ الْقَادِرِ بِالْعَاجِزِ عَنْ شَرْطِ الصَّلَاةِ.(وَلَا) يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ (مُفْتَرِضٌ بِمُتَنَفِّلٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» وَلِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ لَا تُؤَدَّى بِنِيَّةِ الْإِمَامِ أَشْبَهَتْ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَهُوَ يُنْقَضُ بِالْمَسْبُوقِ إذَا أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ فَإِنَّهُ يَنْوِي الظُّهْرَ مَنْ يُصَلِّيهَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعُ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظُّهْرَ بَدَلٌ عَنْ الْجُمُعَةِ بِإِذْنٍ وَالْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَعَنْهُ يَصِحُّ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ، فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ يُقَالُ: هَذِهِ قَضِيَّةُ عَيْنٍ تَحْتَمِلُ الْخُصُوصِيَّةَ فَيَسْقُطُ بِهَا الِاسْتِدْلَال (إلَّا إذَا صَلَّى بِهِمْ فِي صَلَاةِ خَوْفٍ صَلَاتَيْنِ) فِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ أَحْمَدُ.(فَائِدَةٌ) لَوْ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا؟ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ وَلَهُ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصَّلَاةِ فِي ذِمَّتِهِ، وَوُجُوبُ فِعْلِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى أَوْ لَا؟.(وَلَا يَصِحُّ ائْتِمَامُ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِمَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ أَوْ غَيْرَهُمَا) كَالْعِشَاءِ (وَلَا عَكْسُهُ) وَمِثْلُهُ صَلَاةُ كُلِّ مُفْتَرِضٍ خَلْفَ مُفْتَرِضٍ بِفَرْضٍ غَيْرِهِ وَقْتًا وَاسْمًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّفَةِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْوَصْفِ.(تَتِمَّةٌ) إذَا صَلَّى مَرِيضٌ بِمِثْلِهِ ظُهْرًا قَبْلَ إحْرَامِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ حَضَرَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ لَمْ تَنْقَلِبْ ظُهْرُهُ نَفْلًا فِي الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
|