الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن
.ومن باب القيام: قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم، عَن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عَن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أن أهل قريظة لما نزلوا على حكم سعد أرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فجاء على حمار أقمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم أو إلى خيركم فجاء حتى قعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم».قال الشيخ: فيه من العلم أن قول الرجل لصاحبه يا سيدي غير محظور إذا كان صاحبه خيرًا فاضلًا وإنما جاءت الكراهة في تسويد الرجل الفاجر.وفيه أن قيام المرؤوس للرئيس الفاضل وللولي العادل، وقيام المتعلم للعالم مستحب غير مكروه، وإنما جاءت الكراهة فيمن كان بخلاف أهل هذه الصفات.ومعنى ما روي من قوله: «من أحب أن تستجم له الرجال صفوفًا» هو أن يأمرهم بذلك ويلزمه إياهم على مذهب الكبر والنخوة.وفيه دليل على أن من حكم رجلًا في حكومة بينه وبين غيره فرضيا بحكمه كان ما حكم به ماضيًا عليهما إذا وافق الحق..ومن باب في قبلة الجسد: قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عون أنبأنا خالد عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن حضير رجل من الأنصار قال: «بينما هو يحدث القوم وكان فيه مزاح بيننا يضحكهم فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعود فقال أصبرني فقال اصطبر، قال إن عليك قميصًا وليس عليّ قميص فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصه فاحتضنه وجعل يقبل كشحه وقال إنما أردت هذا يا رسول الله».قال الشيخ: قوله: «أصبرني» يريد أقدني من نفسك، وقوله: «اصطبر» معناه استقد قال هدبة بن خشرم:يريد بالصبر القود وفيه حجة لمن رأى القصاص في الضربة بالسوط واللطمة بالكف ونحو ذلك مما لا يوقف له على حد معلوم ينتهى إليه.وقد روي ذلك، عَن أبي بكر وعمر وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب كرم الله وجوههم ورضي عنهم.وممن ذهب إليه شريح والشعب وبه قال ابن شبرمة، وقال الحسن وقتادة لا قصاص في اللطمة ونحوها وإليه ذهب أصحاب الرأي وهو قول مالك والشافعي. .ومن باب الرجل يقوم للرجل يعظمه بذلك: قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حبيب بن الشهيد، عَن أبي مجلز عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحب أن يمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار».قال الشيخ: قوله: «يمثل» معناه يقوم وينتصب بين يديه وقد ذكرنا وجهه في الباب الذي قبله..ومن باب إماطة الأذى عن الطريق: قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا حماد عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر، عَن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة» وذكر الحديث.السلامي عظم فرس البعير ويجمع على السلاميات هذا أصله.قال الشيخ: وليس المراد بهذا عظام الرجل خاصة ولكنه يراد به كل عظم ومفصل يعتمد في الحركة ويقع به القبض والبسط والله أعلم..ومن باب قتل الحيات: قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر فإنهما يلتمسان البصر ويسقطان الحَبَل».قال الشيخ: فسره أبو عبيدة وحكي عن الأصمعي قال الطفية خوصة المقل وجمعها طفى، قال وأراه شبه الخطين اللذين على ظهره بخوصتين من خوص المقل قال، وقال غيره الأبتر القصير الذنب من الحيات.ومعنى قوله: «يلتمسان البصر» قيل فيه وجهان: أحدهما أنهما يخطفان البصر ويطمسانه وذلك لخاصية في طباعهما إذا وقع بصرهما على بصر الإنسان وقيل معناه أنهما يقصدان البصر باللسع والنهش.وقد روي في هذا الحديث من رواية أبي أمامة فإنهما «يخطفان البصر ويطرحان ما في بطون النساء» وهو يؤكد التفسير الأول..ومن باب قتل الذر: قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصُّرَد».قال الشيخ: يقال إن النهي إنما جاء في قتل النمل في نوع منه خاص وهو الكبار منها ذوات الأرجل الطوال وذلك أنها قليلة الأذى والضرر ونهى عن قتل النحلة لما فيها من المنفعة، فأما الهدهد والصرد فنهيه في قتلهما يدل على تحريم لحومهما، وذلك أن الحيوان إذا نهي عن قتله ولم يكن ذلك لحرمته ولا لضرر فيه كان ذلك لتحريم لحمه، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذبح الحيوان إلاّ لمأكلة، ويقال إن الهدهد منتن اللحم فصار في معنى الجلالة المنهي عنها، وأما الصرد فإن العرب تتشاءم به وتتطير بصوته وشخصه، ويقال إنهم إنما كرهوا من اسمه معنى التصريد أنشدني بعض أصحابنا عن ابن الأنباري، عَن أبي العباس:.ومن باب الختان: قال أبو داود: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا مروان، قال: حَدَّثنا محمد بن حسان حدثنا عبد الوهاب الكوفي عن عبد الملك بن عمير عن أم عطية الأنصارية أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُنْهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل».قال الشيخ: قوله: «لا تنهكي» معناه لا تبالغي في الخفض والنهك المبالغة في الضرب والقطع والشتم وغير ذلك، وقد نهكته الحمى إذا بلغت منه وأضرت به..ومن باب الرجل يسب الدهر: قال أبو داود: حدثنا محمد بن الصباح حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عَن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله عز وجل يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار».قال الشيخ: تأويل هذا الكلام أن العرب إنما كانوا يسبون الدهر على أنه هو الملم بهم في المصائب والمكاره ويضيفون الفعل فيما ينالهم منها إليه ثم يسبون فاعلها فيكون مرجع السب في ذلك إلى الله سبحانه إذ هو الفاعل لها فقيل على ذلك لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر، أي إن الله هو الفاعل لهذه الأمور التي تضيفونها إلى الدهر.وكان ابن داود ينكر رواية أصحاب الحديث هذا الحرف مضمومة ويقول لو كان كذلك لكان الدهر اسمًا معدودًا من أسماء الله عز وجل، وكان يرويه وأنا الدهر أقلب الليل والنهار مفتوحة الراء على الظرف يقول أنا طول الدهر والزمان أقلب الليل والنهار. والمعنى الأول هو وجه الحديث..كتاب القضاء: قال أبو داود: حدثنا نصر بن علي أخبرنا فضيل بن سليمان حدثنا عمرو بن أبي عمرو عن سعيد المقبري، عَن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين».قال الشيخ: معناه التحذير من طلب القضاء والحرص عليه يقول من تصدى للقضاء فقد تعرض للذبح فليحذره وليتوقه.وقوله: «بغير سكين» يحتمل وجهين: أحدهما أن الذبح إنما يكون في ظاهر العرف بالسكين فعدل به عليه السلام عن غير ظاهر العرف وصرفه عن سنن العادة إلى غيرها ليعلم أن الذي أراده بهذا القول إنما هو ما يخاف عليه من هلاك دينه دون هلاك بدنه.والوجه الآخر أن الذبح الوجيء الذي يقع به إزهاق الروح وإراحة الذبيحة وخلاصها من طول الألم وشدته إنما يكون بالسكين لأنه يجهز عليه، وإذا ذبح بغير السكين كان ذبحه خنقًا وتعذيبًا فضرب المثل في ذلك ليكون أبلغ في الحذر والوقوع فيه..ومن باب القاضي يخطئ: قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا عبد العزيز يعنى ابن محمد أخبرني يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بُسر بن سعيد، عَن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر» فحدثت به أبا بكر بن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة، عَن أبي هريرة.قال الشيخ: قوله: «إذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر» إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق لأن اجتهاده عبادة ولا يؤجر على الخطأ بل يوضع عنه الإثم فقط. وهذا فيمن كان من المجتهدين جامعًا لآلة الاجتهاد عارفًا بالأصول وبوجوه القياس. فأما من لم يكن محلًا للاجتهاد فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ في الحكم بل يخاف عليه أعظم الوزر بدليل حديث ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار، أما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ورجل عرف الحق فجار في الحكم ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار».وفيه من العلم ليس كل مجتهد مصيبًا، ولو كان كل مجتهد مصيبًا لم يكن لهذا التفسير معنى، وإنما يعطى هذا أن كل مجتهد معذور لا غير، وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة دون الأصول التي هي أركان الشريعة وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه ولا مدخل فيها للتأويل. فإن من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ وكان حكمه في ذلك مردودًا..ومن باب كراهية الرشوة: قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن، عَن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي».قال الشيخ: الراشي المعطي، والمرتشي الآخذ، وإنما يلحقهما العقوبة معًا إذا استويا في القصد والإرادة فرشا المعطي لينال به باطلًا ويتوصل به إلى ظلم، فأما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو يدفع عن نفسه ظلمًا فإنه غير داخل في هذا الوعيد.وروي أن ابن مسعود أخذ في شيء وهو بأرض الحبشة فأعطى دينارين حتى خُلي سبيله. وروي عن الحسن والشعبي وجابر بن زيد وعطاء أنهم قالوا لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم.وكذلك الآخذ إنما يستحق الوعيد إذا كان ما يأخذه إما على حق يلزمه أداؤه فلا يفعل ذلك حتى يُرشا أو عمل باطل يجب عليه تركه فلا يتركه حتى يصانع ويرشا..ومن باب كيف القضاء: قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عون قال أخبرنا شريك عن سماك عن حنش عن علي عليه السلام قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيًا فقلت يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء، فقال إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء، قال فما زلت قاضيًا أو ما أشككت في قضاء بعد».قال الشيخ: فيه دليل على أن الحاكم لا يقضي على غائب وذلك لأنه إذا منعه أن يقضي لأحد الخصمين وهما حاضران حتى يسمع كلام الآخر فقد دل على أنه في الغائب الذي لم يحضره ولم يسمع قوله أولى بالمنع، وذلك لإمكان أن يكون معه حجة تبطل دعوى الحاضر.وممن ذهب إلى أن الحاكم لا يقضي على غائب شريح وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة وابن أبي ليلى.وقال مالك والشافعي يجوز القضاء على الغائب إذا تبين للحاكم أن فراره واستخفاءه إنما هو فرار من الحق ومعاندة للخصم.واحتج لهذه الطائفة بعضهم بخبر هند، وقوله عليه السلام لها «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف؛» وقال إذا كان الخصم حاضر زمانه لا يحكم على أحدهما قبل أن يسمع من صاحبه لجواز أن يكون مع خصمه حجة يدفع بها بينته، فإذا كان الخصم غائبًا لم يجز أن يترك استماع قول خصمه الحاضر إلاّ أنه يكتب في القضية أن الغائب على حقه إذا حضر وأقام بينته أو جاء بحجته وهو إذا فعل ذلك فقد استعمل معنى الخبر في استماع قول الخصم الآخر كاستماعه قول الأول. ولو ترك الحكم على الغائب لكان ذلك ذريعة إلى إبطال الحقوق.وقد حكم أصحاب الرأي على الغائب في مواضع. منها الحكم على الميت وعلى الطفل وقال في الرجل يودع الرجل وديعة ثم يغيب فإذا ادعت امرأته النفقة وقدمت المودَع إلى الحاكم قضى لها عليه بها. وقالوا إذا ادعى للشفيع على الغائب أنه باع عقاره وسلم واستوفى الثمن فإنه يقضى له بالشفعة وكل هذا حكم على الغائب..ومن باب قضاء القاضي إذا أخطأ: قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليَّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذ منه شيئًا فإنما أقطع له قطعة من النار».قال الشيخ: قوله: «ألحن بحجته» أي أفطن لها، واللحن مفتوحة الحاء الفطنة؛ يقال لحنت الشيء ألحن له لحَنًا ولحن الرجل في كلامه لحنًا بسكون الحاء.وفيه من الفقه وجوب الحكم بالظاهر وأن حكم الحاكم لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا وأنه متى أخطأ في حكمه فمضى كان ذلك في الظاهر فأما في الباطن وفي حكم الآخرة فإنه غير ماض.وفيه أنه لا يجوز للمقضي له بالشيء أخذه إذا علم أنه لا يحل له فيما بينه وبين الله، ألا تراه يقول فلا يأخذ منه شيئًا فإنما اقطع له قطعة من النار. وقد يدخل في هذا الأموال والدماء والفروج كان ذلك كله حق أخيه وقد حرم عليه أخذه.وقد أجمع العلماء في هذا في الدماء والأموال وإنما الخلاف في أحكام الفروج فقال أبو حنيفة إذا ادعت المرأة على زوجها الطلاق وشهد لها شاهدان فقضى الحاكم بالتفرقة بينهما وقعت الفرقة فيما بينها وبين الله وإن كانا شاهدي زور، وجاز لكل واحد من الشاهدين أن ينكحها، وخالفه أصحابه في ذلك.قال: وقد تعرض في هذا الباب أمور مما يختلف فيه اعتقاد القاضي وصاحب القضية المحكوم له بها كالرجل يذهب إلى أن الطلاق قبل النكاح لازم فيتزوج المرأة فيحكم له الحاكم بجواز النكاح فلا يسعه فيما بينه وبين الله المقام عليه ويلزمه نصف المهر بالعقد إذا حكم به الحاكم عليه. ولو أن رجلًا مات ابن أبيه وخلف أخاه لأبيه وأمه وخلف مالًا فقدم إلى قاض يقول بقول أبي بكر في توريث الجد والجد يرى رأي زيد لم يسعه أن يستبد بالمال دون الأخوة ولا يبيح له القاضي شيئًا هو في علمه أنه حرام عليه. وكذلك هذا فيمن لا يرى توريث ذوي الأرحام في نحو هذا من الأمور.قال أبو داود: حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة حدثنا ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قالت: «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان يختصمان في مواريث لهما لم تكن لهما بينة إلاّ دعواهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لك، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: أما إذا فعلتما ما فعلتما فاقتسما وتوخيا الحق ثم استَهَما ثم تحالا».قال الشيخ: قوله: «استهما» معناه اقترعا والاستهام الاقتراع ومنه قوله تعالى: {فساهم فكان من المدحضين} [الصافات: 411] وفيه دليل على أن الصلح لا يصح إلاّ في الشيء المعلوم ولذلك أمرهما بالتوخي في مقدار الحق ثم لم يقنع فيه بالتوخي حتى ضم إليه القرعة، وذلك أن التوخي إنما هو أكثر الرأي وغالب الظن والقرعة نوع من البينة فهي أقوى من التوخي ثم أمرهما بعد ذلك بالتحليل ليكون تصادرهما عن تعين براءة وافتراقهما عن طيب نفس ورضى.وفيه دليل على أن التحليل إنما يصح فيما كان معلوم المقدار غير مجهول الكمية.
|